موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(77) المكتوب السابع والسبعون إلى مولانا الحسن البركي في جواب عريضته التي اعترض فيها على كلمات الصوفية باعتراضات كثيرة وسائر استفساراته الاخر التي كتبها

 

 


نُورَنا واِغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) وصلّى الله تعالى على سيّدنا محمّد وآله وصحبه أجمعين وبارك على جميع الانبياء والمرسلين والملائكة المقرّبين أجمعين.

(٧٧) المكتوب السّابع والسّبعون إلى مولانا الحسن البركيّ في جواب عريضته الّتي اعترض فيها على كلمات الصّوفيّة باعتراضات كثيرة وسائر استفساراته الاخر الّتي كتبها.

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى قد وصلت الصّحيفة الشّريفة من أخينا الشّيخ حسن أحسن الله حاله ولمّا كانت فيها رائحة من التّشرّع والإستقامة أورثت الفرح والمسرّة وكتبتم أنّ السّلوك الذي هو مشهور ومعتقد للسّالكين بحسب فهمنا هو أنّه ينبغي للمبتدئ أن يشتغل بالذّكر إلى أن جرى القلب بالذّكر ثمّ إلى أن يتوقّف عن الذّكر ويكون محلّا للإلهامات والتّجلّيات وأن يصل السّالك إلى مقام الفناء الذي هو أوّل قدم في الولاية وقالوا: إنّ الفناء هو أن يزول عن نظر السّالك وعلمه ما هو مسمّى بالغير ولا يبقى في نظره وعلمه غير الواجب تعالى وتقدّس وقيل لهذه الحالة شهودا ومشاهدة وغيرهما.

والمقصود أنّه يرى الحقّ تعالى بزعمه ولا يرى المسمّى بالغير ويسمّون رأي الإثنين مشرك الطّريقة وكتبتم أنّ هذه المعارف وأمثالها تزعزع الفقير عن محلّه فإنّه لو كان مقصودهم أنّه يرى الحقّ جلّ وعلا في الدنيا بالبصر أو بالبصيرة فإن كان لهم شعور بهذا الشّهود والرّؤية فهم أيضا مشركو الطّريقة وإن لم يكن لهم شعور بهذا المعنى فمن أيّ شيء يخبرون ومن يخبر (وكتبتم) أنّ كلّ ما يرونه بكلّ وجه من الوجوه سواء كان تجلّيا صوريّا أو معنويّا أو نوريّا أو غير ذلك ويعتقدون ذلك المرئىّ ذات الحقّ جلّ وعلا من حيث هي ويعتقدون ما هو المسمّى بالغير ظهوره تعالى عند هذا الفقير الذي لا حاصل له بعيد عن المعاملة وخلاف نصّ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (٢) وآية لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ (٣) شاهدة لهذا المعنى فهذا القوم ماذا يرون وماذا يدركون حيث يقولون: لا نرى غير الحقّ جلّ وعلا ولا ندري وعبّروا عنها بالشّهود والمشاهدة وهذه الافكار في تدبير أنفسهم وتدبير الاهل والعيال هل هي موسومة بالغير أو لا؟ (اعلم) وتنبّه أنّ كلّ ذلك النّفي والإعتراضات الطّويلة الغير الملائمة على مشائخ الطّريقة قدّس الله تعالى أسرارهم العليّة منشؤها عدم الإطّلاع على مراد هؤلاء الاكابر. والتّوحيد الشّهوديّ الذي هو رؤية الواحد ومربوط بنسيان السّوى من ضروريّات طريقة هؤلاء الكبراء وما لم يحصل ذلك لا يتيسّر الخلاص عن

__________

(١) التحريم: ٨

(٢) الشورى: ١١

(٣) الأنعام: ١٠٣

التّعلّق بالأغيار وأنتم تسخرون بهذه الدولة وبأرباب هذه الدولة والشّهود والرّؤية اللّذان وقعا في عبارة أكابر المشائخ قدّس الله أسرارهم كنايتان عن حضوره تعالى وتقدّس اللّاكيفيّ المناسب لمرتبة التّنزيه الخارج عن حيطة الإدراك الذي هو من عالم الكيف وخصّصوا دولة هذا الحضور في الدنيا بالباطن ولا بدّ للظّاهر من رؤية الإثنين في جميع الاوقات ولهذا قالوا كما أنّ في العالم الكبير مشركا وموحّدا في العالم الصّغير أيضا المشرك مجتمع بالموحّد باطن الكامل موحّد في جميع الوقت وظاهره مشرك فيكون باطنه بالله جلّ وعلا وظاهره في تدبير الاهل والعيال ولا يلزم محذور أصلا والإعتراض من عدم الفهم وإيّاكم وأمثال هذه الكلمات واحذروا من غيره الحقّ جلّ سلطانه والظّاهر أنّ مدّعي هذا الوقت هم الذين يوردونكم على ذلك لا بدّ من ملاحظة جانب الاكابر فإنّها ضروريّة فإن تتكلّموا في محدثات المدّعين ومخترعاتهم فله مساغ وأمّا ما هو مقرّر عند القوم ولا بدّ منه فالتّكلّم فيه غير مناسب ولقد رأيتم في رسائل الفقير ومكتوباته كم كتب من التّوحيد الشّهوديّ وقرّره من ضروريّات الطّريق وكان اللّازم عليكم أن تستفسروا عن هذا المعنى وأن تسألوا بحسن الادب وهذا زهر تفتّق من مفارقة المرحوم مولانا أحمد عليه الرّحمة ولم يظهر منكم مثل هذا الكلام في حياة مولانا أصلا. وقد وقعت كتابتكم هذه موقع الحسن حيث وجدتم التّنبيه وكلّ ما يقع بعد ذلك ينبغي أن تكتبوه من غير ملاحظة صحّته وسقمه فإنّه لو كان صحيحا يكون باعثا للمسرّة وإن كان سقيما يكون سببا للانتباه وعلى كلّ حال ينبغي أن لا نتقاعد عن الكتابة وكتابكم إنّما يجيء بعد سنة من القافلة والنّصائح الضّروريّة في كلّ سنة مرّة واحدة وما لم تكتبوا من ذاك الطرف ولم تسألوا عن أشياء لا ينفتح طريق القيل والقال وسألتم أنّ القلب هل هو من جملة الظّاهر أو هو من جملة الباطن. وقد بيّنت ظاهر العارف وباطنه في مكتوب بالتّفصيل. وآمر الملّا عبد الحيّ بإرسال نقله إليكم فتراجعوا فيه وسألتم أيضا أنّ الطّريق الآخر الذي يكون من غير تجلّيات وكشفيّات ما طريق معرفة المتوسّط والمنتهي فيه.

(اعلم) أنّ هذا السّالك الذي لا علم له بأحواله إذا كان في خدمة شيخ كامل ومكمّل عالم بالطّريق وبصير به فعلم ذلك الشّيخ بحاله كاف له يعرف التّوسّط والإنتهاء بإعلامه وأيضا إذا أجازه الشّيخ بإرشاد الخلق نوع إجازة تكون أحوال مريديه مرايا كمالاته ويطالع منها نقصه وكماله وعلامة أخرى لمعرفة الإنتهاء هي أن لا يبقى في السّالك مقتضى غير الحقّ سبحانه وتعالى أصلا وأن يكون صدره خاليا وصافيا من جميع المقتضيات المتعلّقة بالسّوى وللنّهاية مراتب كثيرة بعضها فوق بعض والقدم الاوّل في النّهاية هو الذي ذكر والله سبحانه الموفّق وكتبتم أنّ المعارف الّتي تسلّى هذا الفقير القليل البضاعة هي المعارف الشّرعيّة وكأنّ كلّ حكم من الاحكام الشّرعيّة طريق موصّل إلى منزل المقصود وعلامة من الملك الذي ليست له علامة وهذا البيت نصب العين

(شعر) ما بسفر ميرويم عزم تماشاكر است ... ما بر او ميرويم كز همه عالم وراست



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!