موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(11) المكتوب الحادي عشر فى بيان بعض الكشوف وحصول مقام رؤية قصور نفسه واتهامها في جميع الاحوال وظهور معنى الكلمات الثلاث للشيخ أبي سعيد أبي الخير وسرها وبيان أحوال بعض أصحابه كتبه إلى شيخه المكرم أيضا

 

 


وحامل العريضة الشّيخ اله بخش قد حصل له نوع من الجذب والمحبّة وقد صار باعثا على كتابة كلمات إلى خدمتكم بالابرام. وحاصل المرام أنّه أظهر شوق الملازمة وتوجّه نحو تلك الحدود وقد كان أوّلا أظهر بعض الارادات ولمّا فهم من هذا الفقير تقاعدا فيه وتأخّرا عن إنجاحه رضي بمجرّد الملاقاة فكتبنا لاجل ذلك هذه الكلمات وزيادة الانبساط بعيدة عن طور الادب.

(١١) المكتوب الحادي عشر في بيان بعض الكشوف وحصول مقام رؤية قصور نفسه واتّهامها في جميع الأحوال وظهور معنى الكلمات الثّلاث للشّيخ أبي سعيد أبي الخير وسرّها وبيان أحوال بعض أصحابه كتبه إلى شيخه المكرّم أيضا

عريضة أقلّ العبيد أحمد: انّ المقام الّذي كنت رأيتني فيه سابقا وقع النّظر على عبور الخلفاء الثّلاثة منه بعد الملاحظة حسب الامر الشّريف، ولمّا لم يكن لي فيه مقام واستقرار لم أرهم فيه في أوّل وهلة كما أنّه لا استقرار فيه ولا ثبات لاحد من أئمّة أهل البيت غير الإمامين (١) والإمام زين العابدين (٢) رضي الله عنهم أجمعين ولكن وقع لهم العبور منه ويمكن إدراكه بدقّة النّظر. وأمّا وجه رؤية نفسي أوّلا غير مناسب لهذا المقام فعدم المناسبة على نوعين: أحدهما عدم ظهور طريق من الطّرق فلو أريت الطّريق لزال عدم المناسبة. وثانيهما عدم مناسبة مطلقا. وهذا لا يقبل الزّوال بوجه من الوجوه. والطّريق الموصّل لذلك المقام اثنان لا ثالث لهما، أعني أنّه لا يظهر في النّظر طريق غير هذين الطّريقين: أحدهما رؤية.

النّقص والقصور واتّهام النّيّات في الخيرات مع قوّة الجذب. وثانيهما صحبة مكمّل مجذوب قد أتمّ السّلوك.

وقد رزقني الله سبحانه الطّريق الأوّل على قدر الاستعداد بيمن عنايتكم العليّة، فإنّه لا يصدر عنّي من أعمال الخير إلّا أتّهم فيه نفسي بل لا أستريح ولا يستقرّ قلبي إلى أن أتّهم فيه نفسي، وأراني كأنّه لم

__________

(١) يعني الإمام الحسن والإمام الحسين ابني على بن أبي طالب - رضي الله عنهم جميعا.

(٢) الإمام زين العابدين علي بن الحسين: أمه اسمها غزالة، وهو علي الأصغر، وأما الأكبر فإنه قتل مع أبيه الحسين عليهما السلام، وكان علي هذا مع أبيه وهو ابن ثلاث وعشرين سنة إلا أنه كان مريضا نائما على فراش فلم يقتل، وكان يكنى أبا الحسين وقيل أبا محمد طرف من مناقب زين العابدين علي بن الحسين عن عبد الرحخمن بن حفص القرشي قال: كان علي بن الحسين إذا توضأ يصفر فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فيقول: تدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟!

وعن أبي نوح الأنصاري قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد، فجعل الناس يقولون له: يا ابن رسول الله النار، يا ابن رسول الله النار، فما رفع رأسه حتى أطفئت، فقيل له /: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: ألهتني عنها النار الأخرى.

انظر: ابن الجوزي: صفة الصفوة: ٢/ ٦٦، الشيخ عبد المجيد بن محمد بن محمد الخاني الشافعي النقشبندي: الكواكب الدرية. على الحدائق الوردية: ١١٧، الشيخ يس السنهوتي النقشبندي: الأنوار القدسية في مناقب السادة النقشبندية: ٣٢.

يصدر عنّي عمل قابل لكتابة ملك اليمين، وأعتقد أنّ صحيفة يميني خالية عن أعمال الخير كتبتها معطّلون من الكتابة فكيف أكون مستحقّا لقبول الحقّ جلّ وعلا. واعلم أنّ جميع من في العالم من كفّار الافرنج والزّنادقة والملاحدة أفضل منّي بوجوه، وشر الجميع أنا. وجهة الجذبة وإن تمّت بتمام السّير إلى الله ولكن كان بعض لوازمه وتوابعه باقيا وتمّ الآن ذلك الباقي أيضا في ضمن الفناء الّذي وقع في مركز مقام السّير في الله وكنت كتبت أحوال ذلك الفناء في العريضة السّابقة بالتّمام، ولعلّ المراد بالفناء الواقع في كلام الخواجه عبيد الله أحرار (١) قدّس سرّه حيث قال: «قال الاكابر: نهاية هذا الأمر الفناء " هو ذلك الفناء الّذي يتحقّق بعد التّجلّي الذّاتيّ والتّحقّق بالسّير في الله وفناء الإرادة من جملة شعب ذلك الفناء،

(شعر):

ومن لم يكن في حبّ مولاه فانيا ... فليس له في كبرياه سبيل

والّذين لا مناسبة لهم بهذا المقام فهم في النّظر طائفتان طائفة متوجّهون إليه وطالبون لطريق الوصول إليه. وطائفة أخرى لا التفات لهم إليه ولا توجّه فيهم نحوه. وتوجّه الحضرة يعني شيخه أشدّ ظهورا من الطّريق الثّاني من طريقي الوصول إليه وتظهر مناسبته لهذا الطّريق، وحيث كنت مأمورا من جانب حضرتكم نتجاسر بأمثال هذه الأمور امتثالا للامر وإلّا فأنا ذاك أحمد الأمس لم أتغيّر أصلا.

(والمعروض ثانيا) أنّه قد ظهر في أثناء ملاحظة ذلك المقام مرّة ثانية مقامات أخر بعضها فوق بعض ولمّا وصلت إلى المقام الّذي فوق المقام السّابق بعد التّوجّه بعد التّوجّه بالإنكسار وإظهار الإفتقار تبيّن لي أنّه مقام حضرة ذي النّورين (٢) رضي الله عنه. وللخلفاء الباقين عبور من ذلك المقام. وهذا المقام مقام التّكميل والإرشاد أيضا في هذه المرتبة،

وكذلك المقامان اللّذان يذكران بعد. ثمّ وقع النّظر على مقام فوقه ولمّا وصلت إليه تبيّن لي أنّه مقام حضرة الفاروق (٣) رضي الله عنه وللخلفاء الباقين عبور من ذلك المقام. ثمّ ظهر فوقه مقام الصّدّيق الأكبر (٤) رضي الله عنه ووصلت إليه أيضا ووجدت الخواجه بهاء الدّين النّقشبند (٥) قدّس سرّه رفيقا لي

__________

(١) الشيخ العارف بالله خواجه ناصر الدين عبيد الله بن محمود بن شهاب الدين أحمد الشاشي السمرقندي النقشبندي: الزاهد الملقب بالأحرار المتوفى في سلخ ربيع الأول من سنة ٨٩٥ هـ، في قرية كمان كشان ودفن بسمرقند، من مصنفاته: أنيس السالكين في التصوف، العروة الوثقى لأرباب الارتقا.

(٢) عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، أمير المؤمنين، ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين ولد بمكة وأسلم بعد البعثة بقليل، ولي الخلافة بعد عمر بن الخطاب سنة ٢٣ هـ، استشهد سنة ٣٥ هـ، انظر صفة الصفوة (١/ ١٢٣).

(٣) عمر بن الخطاب القرشي العدوي أبو حفص، أول من لقب بأمير المؤمنين، كان إسلامه عزا ظهر به الإسلام هاجر مع الأولين، وشهد المشاهد، ولي الخلافة بعد أبي بكر، فمصر الأمصار ودون الدواوين، توفي رضي الله عنه مقتولا سنة ٢٣ هـ، انظر الاستيعاب (+)، صفة الصفوة (١/ ١١٣١٢٣).

(٤) أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، أول من أسلم من الرجال، والصاحب في الهجرة، شهد بدرا والمشاهد، له من المناقب والفضائل الكثير، والصحابة مجمعون على أنه أفضل هذه الأمة بعد النبي، استخلف على المسلمين في

من بين المشايخ في جميع المقامات ولسائر الخلفاء عبور من هذا المقام. لا تفاوت إلّا في العبور والمقام والمرور والثّبات. ولا يرى فوقه مقام أصلا إلّا مقام خاتم النّبيّين والمرسلين عليه من الصّلوات أكملها ومن التّحيّات أتمّها وظهر في محاذاة مقام الصّدّيق الأكبر رضي الله عنه مقام آخر نورانيّ عال جدّا لم ار مثله قطّ، وكان له ارتفاع يسير من ذلك المقام كما إذا رفعوا اللّوح من الأرض وتبيّن لي أنّه مقام المحبوبيّة وكان ذلك المقام مزيّنا ومنقّشا فوجدت نفسي أيضا مزيّنا ومنقّشا من انعكاسه ثمّ وجدت نفسي بعد ذلك لطيفا في تلك الكيفيّة ورأيتني منتشرا في الآفاق مثل الهواء وقطعة السّحاب حتّى استوعبت بعض الأطراف، وحضرة الخواجه النّقشبند في مقام الصّدّيق وأجدني في المقام المحاذي له بكيفيّة معروضة.

(والمعروض ثالثا) أنّه لا يرى ترك الإشتغال بهذا العمل مرضيّا كيف والعالم على شرف الغرق في لجّة الضّلالة ومن وجد في نفسه قوّة الإخراج من تلك اللّجّة كيف يسوغ له أن يسامح نفسه وإن كان له أمر آخر أمامه، ولكنّ الإشتغال بهذا العمل ضروريّ ومرضيّ بشرط التزام الاستغفار من بعض الوساوس والهواجس الّذي يحصل في أثناء هذا العمل وبهذا الشّرط يكون داخلا تخت الرّضا وأمّا بدون ملاحظة هذا الشّرط فلا، بل يبقى أدون. وأمّا الخواجه النّقشبند والخواجه علاء الدّين العطّار (٢) قدّس سرّهما فهذا العمل مرضيّ منهما من غير ملاحظة هذا الشّرط.

وأمّا عمل هذا الفقير فأحيانا داخل في الرّضا من غير ملاحظة هذا الشّرط وأحيانا يبقى أدون.

(ورابعا) أنّه ذكر في النّفحات أنّ الشّيخ أبا سعيد أبا الخير قال: «إذا لم يبق العين فأين يبقى الأثر لا تبقى ولا تذر " وقد أشكل عليّ هذا الكلام في أوّل النّظر فإنّ الشّيخ محيي الدّين (٣) وأتباعه ذاهبون إلى أنّ زوال العين الّذي هو معلوم من معلومات الله تعالى محال، وإلّا لانقلب العلم جهلا. فإذا لم يزل العين أين

__________

= سقيفة بني ساعدة ومكث في الخلافة سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال، قضى على الردة، توفي سنة ١٣ هـ، نظر: الاستيعاب (٢/ ٢٣٤٢٤٨)، وفيات الأعيان (٣/ ٦٤)، صفة الصفوة (١/ ١٠٠١١٣).

(١) بهاء الدين النقشبندي: محمد بن خواجه أحمد الظهوري الفاروقي العارف بالله الشيخ بهاء الدين النقشبندي الصوفي ولد سنة ٧٢٨ هـ وتوفي سنة ٧٩اهــ، من تصانيفه: الأوراد البهائية، سلك الأنوار في التصوف، هدية السالكين وتحفة الطالبين في التصوف. انظر ترجمته في: إسماعيل باشا البغدادي: هدية العارفين: ٦/ ١٧٣، كحالة: معجم المؤلفين: ٣/ ٧١.

(٢) هو الشيخ محمد بن محمد علاء الدين البخاري الخوارزمي العطار: ولد ونشأ في حجر والده ن ولما توفي والده ترك ثلاثة أنجال فخرج من ميراثه لأخويه واختار التجرد لتحصيل العلوم في مدارس بخارى حتى نبغ في عديد من الفنون، وأخذ الطريق على يد الشاه نقشبند، فهو الذي تولى تربيته وزوجه ابنته - وفي ذلك قصة طريفة ينظر: الأنوار القدسية في مناقب السادة النقشبندية للشيخ يس السنهوتي ص ١٤٥،١٤٦.

(٣) محيي الدين ابن عربي: الشيخ الأكبر محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطائي الحاتمي المرسي المعروف بابن عربي، حكيم، صوفي، متكلم، فقيه، مفسر، أديب، شاعر، مشارك في علوم أخرى، ولد في مرسية بالأندلس في رمضان، وانتقل إلى إشبيلية، وسمع من ابن بشكوال، ورحل إلى مصر والحجاز وبغداد والموصل وبلاد الروم، أنكر عليه أهل مصر آراءه؛ فعمل بعضهم على إراقة دمه، وحبس فسعى في خلاصه علي بن الفتح البجائي فنجا واستقر بدمشق وتوفي بها في ٢٢ ربيع الآخر سنة [٦٣٨ هـ ١٢٤٠ م]، ودفن بسفح قاسيون.

يذهب الأثر؟! وقد كان هذا الكلام متمكّنا في الذّهن بهذا الوجه فلم ينحلّ كلام الشّيخ أبي سعيد قطّ. ثمّ كشف الله سبحانه عن وجه سرّ هذا الكلام بعد التّوجّه التّامّ وتحقّق أنّه لا يبقى العين ولا الأثر. ووجدت هذا المعنى في نفسي أيضا فلم يبق الإشكال أصلا. وقد وقع النّظر على مقام هذه المعرفة أيضا رأيته عاليا جدّا فوق المقام الّذي بيّنه الشّيخ وأتباعه ولا تنافي بين هذين المبحثين; فإنّ أحدهما من مقام والآخر من مقام آخر. وتفصيله في العريضة موجب للتّطويل والملال. (وقد ظهر) أيضا ما قاله الشّيخ يعني أبا سعيد أبا الخير من دوام هذا الحديث (١) وأنّ الحديث عبارة عن ماذا ودوامه ماذا، ووجدت هذا الحديث في نفسي دائما ولو كان من النّوادر. (وأيضا) لا يميل قلبي إلى مطالعة الكتب ولا يطيب به إلّا ما كان فيه ذكر مناقب المشايخ الكبار العالية وأحوالهم السّامية الواقعة في المقامات فيستحسن لي مطالعة أمثال ذلك. وأحوال المشايخ المتقدّمين أكثر رغبة فيها. ولا أقدر على مطالعة كتب الحقائق والمعارف خصوصا كلمات توحيد الوجود وتنزّلات المراتب، واراني في هذا الباب كثير المناسبة للشّيخ علاء الدّولة (٢) ومتّفقا معه في الذّوق والحال في هذه المسألة ولكنّ العلم السّابق لا يتركني (٣) لإنكارها والتّشديد على أربابها يعني كما صدر من الشّيخ علاء الدّولة.

(وأيضا) قد وقع التّوجّه لدفع بعض الأمراض مرّات وظهر أثره، وكذلك ظهرت أحوال بعض الموتى الّتي هي من عالم البرزخ، ووقع التّوجّه أيضا لدفع الآلام والشّدائد عنهم. ولكن لم تبق الآن قدرة التّوجّه فإنّي لا أقدر أن أجمع نفسي بشيء من الأشياء بسبب أنّه قد صدر بعض المصادرات والظّلم والجور في حقّ الفقير من بعض النّاس، وحملوا علىّ الشّدائد وظلموا جمعا كثيرا من متعلّقي هذا الجانب وجلّوهم عن الوطن بغير حقّ. ومع ذلك لم يقع الغبار على الخاطر ولم يتطرّق الكلفة والتّضجّر إلى القلب أصلا فضلا عن صدور قصد الإساءة إليهم. واكتسب بعض الأصحاب شهودا ومعرفة في مقام الجذبة ولم يضعوا إلى الآن قدما في منازل السّلوك. وأنا أذكر نبذة من أحوالهم وأعرضها على حضرتكم عسى الله سبحانه أن يشرّفهم بدولة السّلوك بعد تمام جهة الجذبة فأقول: إنّ الشّيخ نورا مربوط ومحبوس في ذلك المقام ولم يصل بعد إلى نقطة فوقانيّة من مقام الجذبة فإنّه يؤذي في الحركات والسّكنات ولا يميّز

__________

(١) وهذه القصة مذكورة في النفحات قال فيه أن الشيخ أبا سعيد أبا الخير قال لأستاذه أبي على الدقاق أن هذا الحديث يكون دائما قال الأستاذ لا فأطرق الشيخ مليا ثم رفع رأسه وقال أن هذا الحديث كان دائما فقال الأستاذ لا فأطرق الشيخ ثانيا ثم رفع رأسه وقال أيها الأستاذ إن هذا الحديث يدوم قال الأستاذان كان دائما يكون نادرا فصفق الشيخ وقال هذا من تلك النوادر أهو المراد من هذا الحديث عند الإمام الرباني قدس سره وعلى ما بينه في محل آخر التجلي الذاتى البرقى وهو دائمى عنده وإن كان برقيا بالنسبة إلى غيره كما سيبينه في بعض مكاتيبه اهـ. (محمد مراد القزاني رحمة الله عليه)

(٢) الشيخ علاء الدولة السمناني، تقدمت ترجمته.

(٣) يريد أنه مع كونه في مشرب الشيخ ركن الدولة علاء الدين السمناني في تلك المعرفة لا ينكر أهل معارف وحدة الوجود لحصولها له قبل ذلك .. (محمد مراد القزاني رحمة الله عليه)

الطّيّبات من القبائح فوقع أمره في التّوقّف بلا اختيار، وكذلك وقع التّوقّف في أمور أكثر الأصحاب بواسطة عدم رعاية الآداب. وأنا حيران في هذا الباب فإنّه لا إرادة للتّوقّف من هذا الطّرف بل الإرادة لترقّيهم، ويقع المكث في أمورهم بلا اختيار وإلّا فالطّريق أقرب. ونزل مولانا المعهود إلى النّقطة الأخيرة وأتمّ أمر الجذبة ووصل إلى برزخيّة ذلك المقام وأوصل الفرق من وجهه إلى النّهاية قد رأى الصّفات أوّلا بل النّور القائمة به الصّفات مفارقا عن نفسه، ووجد نفسه شبحا خاليا، ثمّ رأى الصّفات منفكّة عن الذّات ووصل بهذه الرّؤية من مقام الجذبة إلى الاحديّة والآن قد ذهل عن العالم وعن نفسه بحيث لا يقول بالإحاطة ولا بالمعيّة وتوجّهه إلى أبطن البطون بحيث لا حاصل له غير الحيرة والجهالة.

ووصل السّيّد شاه حسين أيضا إلى قرب النّقطة الأخيرة من مقام الجذبة على وجه وصل رأسه إلى النّقطة وكذلك وجد الصّفات منفكّة عن الذّات ولكن يجد الذّات الأحد في كلّ محلّ ويحتظّ بالظّاهر.

وكذلك ميان جعفر وصل إلى قرب النّقطة الأخيرة وكثيرا ما يظهر بالشّوق والوله وقريب من الشّاه حسين. ويظهر التّفاوت أيضا في بقيّة الأصحاب. وقد وصل ميان شيخن والشّيخ عيسى والشّيخ كمال إلى النّقطة الفوقانيّة من مقام الجذبة والشّيخ كمال أيضا متوجّه إلى النّزول ووصل الشّيخ ناكورىّ تحت النّقطة الفوقانيّة ولكنّ أمامه مسافة كثيرة وبلغ من الأصحاب الكائنين هنا ثمانية أو تسعة بل عشرة أشخاص تحت النّقطة الفوقانيّة وبلغ بعضهم النّقطة وبعضهم تهيّأ للنّزول وبعضهم قريب منها وبعضهم بعيد عنها. ويجد الشّيخ ميان مزّمّل نفسه معدوما ويرى الصّفات من الأصل ويجد المطلق في كلّ محلّ ويرى الأشياء كالسّراب عديم الإعتبار بل لا يرى شيئا. ويظهر: مولانا المعهود في هذا الباب على وجه يكون إجازته لتعليم الطّالبين من المرضيّات لكن إجازة مناسبة للجذبة، وإن بقي بعض الأمور اللازمة الإستفادة ولكنّه استعجل في الذّهاب ولم يتوقّف فإذا وصل إلى الحضور الأقدس تأمرونه بما فيه صلاح أمره. وما هو في علم الفقير فقد عرضته عليكم والحكم عندكم.

وكان الخواجه ضياء الدّين محمّد هنا أيّاما واكتسب الحضور والجمعيّة في الجملة ثمّ لم يقدر آخر الأمر أن يجمع خاطره من قلّة أسباب المعيشة فتوّجه نحو العسكر، وولد مولانا شير محمّد متوجّه نحوكم للملازمة وله حضور وجمعيّة في الجملة ولم يترقّ كما ينبغي بواسطة بعض الموانع. وزيادة الإنبساط بعيدة عن الأدب، (ع) على المرء أن لا يجهل الدّهر طوره *

ثمّ عرضت بعد تحرير العريضة كيفيّة وحالة لا يمكن بيانها بالتّحرير، وتحقّق في هذا المحلّ فناء الإرادة كما أنّ تعلّق الإرادة بالمرادات انعدم سابقا وبقي أصل الأرادة كما عرضته في العريضة. والآن انقطع عرق الأرادة بالكلّيّة فحينئذ لا مراد ولا ارادة وظهرت صورة هذا الفناء أيضا في النّظر وفاض بعض العلوم المناسب لهذا المقام



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!