موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(3) المكتوب الثالث إلى المير محب الله المانكپورى في بيان معنى الكلمة الطيبة «لا إله إلا الله»

 

 


(٣) المكتوب الثالث إلى المير محبّ الله المانكپورىّ في بيان معنى الكلمة الطّيّبة «لا إله إلّا الله»

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى لا إله إلّا الله لا أحد يستحقّ الالوهيّة والمعبوديّة الّا الله الذي لا نظير له الواجب الوجود المنزّه عن سمات النّقص المبرّأ عن صفات الحدوث فإنّ المستحقّ للعبادة الّتي هي عبارة عن كمال التّذلّل والخضوع والانكسار ثبت من له جميع الكمالات وسلب عنه جميع النّقائص واحتاج إليه جميع الاشياء في الوجود وتوابع الوجود وهو ليس بمحتاج في أمر إلى شيء وهو الضّارّ النّافع لا شيء يقدر إيصال ضرر أو نفع إلى أحد بلا إذنه والمتّصف بهذه الصّفات الكاملة ليس الّا الله تعالى ولا ينبغي أن يكون فإنّه لو تحقّق غيره تعالى بهذه الصّفات الكاملة من غير زيادة ولا نقصان لا يكون غيره تعالى لانّ الغيرين متمايزان ولا تمايز ثمّة فلو أثبتنا الغيريّة بإثبات التّمايز يلزم نقصه وهو مناف للألوهيّة والمعبوديّة وذلك لانّا لو لم نثبت له جميع الكمالات ليحصل التّمايز يلزم نقصه وكذلك لو لم نسلب عنه جميع النّقائص يلزم نقصه أيضا فإن لم تكن الاشياء محتاجة إليه فلا شيء يكون مستحقّا للعبادة فإن كان محتاجا إلى شيء من الاشياء في أمر من الامور يكون ناقصا وكذلك لو لم يكن نافعا وضارّا فيماذا يكون احتياج الاشياء إليه ولم يكون مستحقّا لعبادتهم إيّاه فإن قدر أحد على إيصال ضرّ أو نفع إلى الاشياء بلا إذنه يكون معطّلا لا يبقى مستحقّا للعبادة فلا يكون الجامع لهذه الصّفات الكاملة الّا واحد لا شريك له ولا يستحقّ للعبادة الّا هو الواحد القهّار (فإن قيل) إنّ التّمايز بهذه الصّفات وإن كان مستلزما للنّقص على ما بيّن وهو مناف للألوهيّة والمعبوديّة ولكن يمكن أن تكون لذاك الغير صفات أخر تكون باعثة على الامتياز لا يلزم نقص أصلا وإن لم تعرف تلك الصّفات أنّها ما هي (أجيب) انّ هذه المحذور المذكور وإن لم نعرف تلك الصّفات الكاملة أو من الصّفات النّاقصة وعلى كلا التّقديرين يلزم المحذور المذكور وإن لم نعرف تلك الصّفات بخصوصها أنّها ما هي ولكن نعرف أنّها ليست بخارجة من دائرة الكمال أو النّقصان وعلى كلا التّقديرين النّقص لازم كما مرّ

(ودليل آخر على عدم استحقاق غير الحقّ سبحانه وتعالى للمعبوديّة) هو أنّ الله تعالى إذا كان كافيا في جميع ضروريّات وجود الاشياء وتوابع وجودها وكان نفع الاشياء وضررها مربوطا به سبحانه يكون غيره تعالى معطّلا محضا لا يقع احتياج الاشياء إليه أصلا فمن أيّ جهة يحصل له استحقاق العبادة ولايّ شيء تتوجّه إليه الاشياء بالذّلّة والخضوع والانكسار والكفّار الاشرار يعبدون غير الحقّ سبحانه وتعالى ويجعلون الاصنام المنحوتة معبودهم بزعم أنّها تكون شفعاءهم عند الله تعالى ويتقرّبون إلى الله تعالى

بتوسّلها ما أعظم حماقتهم من أين علموا أنّ لها مرتبة الشّفاعة وأنّه تعالى يأذن لها في الشّفاعة وإشراك أحد في عبادته جلّ وعلا بمجرّد التّوهّم نهاية الخذلان والخسارة العبادة ليست بأمر سهل حتّى يعبد كلّ حجر وجماد ويتصوّر كلّ عاجز بل أعجز من العابد مستحقّا للعبادة فإنّ استحقاق العبادة لا يتصوّر بدون تحقّق معنى الألوهيّة فمن فيه صلاحية الألوهيّة فمستحقّ للعبادة ومن لا فلا وصلاحيّة الألوهيّة مربوطة بوجوب الوجود فمن ليس فيه وجوب الوجود لا يليق بالألوهيّة فلا يستحقّ للعبادة ما أشدّ سفاهة من لا يشركون بالله سبحانه شيئا في وجوب الوجود ومع ذلك يشركون به تعالى شركاء في العبادة الم يعلموا أنّ وجوب الوجود شرط استحقاق العبادة فإن لم يكن له شريك في وجوب الوجود لا يكون له تعالى أيضا شريك في استحقاق العبادة والإشراك في استحقاق العبادة مستلزم للإشراك في وجوب الوجود أيضا فينبغي أنّ ينفى بتكرار هذه الكلمة الطّيّبة شريك وجوب الوجود وشريك استحقاق العبادة بل الأهمّ والاحوج إليه والانفع في هذه الطّريق نفي شريك استحقاق العبادة المخصوص بدعوة الانبياء عليهم الصّلوات والتّسليمات فانّ المخالفين الذين ليسوا بمستلزمين ملّة نبيّ من الانبياء عليهم الصّلوات والتّسليمات أيضا ينفون شريك وجوب الوجود بدلائل عقليّة ولا يثبتون غير واحد من واجب الوجود ولكنّهم غافلون عن معاملة استحقاق العبادة وفارغون عن نفي شريك استحقاق العبادة لا يتحاشون من عبادة الغير ولا يتكاسلون من عمارة الدير الانبياء هم الذين يهدمون الدير وينهون عن عبادة الغير والمشرك في لسان هؤلاء الاكابر من يكون أسيرا لعبادة غير الحقّ سبحانه وإن كان قائلا بنفي شريك وجوب الوجود فإنّ اهتمامهم في نفي عبادة ما سوى الحقّ سبحانه المتعلّقة بالعمل والمعاملة المستلزم لنفي شريك الوجوب الوجود فمن لم يتحقّق بشرائع هؤلاء الاكابر عليهم الصّلوات والتّسليمات المنبئة عن نفي استحقاق ما سوى الله سبحانه للعبادة لا يتخلّص من الشّرك ولا ينجو من شعب شرك عبادة الآلهة الآفاقيّة والانفسيّة فإنّ المتكفّل بهذا المعنى هو شرائع الانبياء عليهم الصّلوات والتّحيّات بل المقصود من بعثتهم هو تحصيل هذه الدولة والنّجاة من هذا الشّرك غير متيسّرة في غير شرائع هؤلاء الاكابر والتّوحيد غير ممكن بدون التزام ملّتهم عليهم الصّلوات والتّحيّات قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (١) الآية المراد من الآية الكريمة ما أراد الله سبحانه ويحتمل أن يراد لا يغفر أن لا يلتزم بالشّرائع لانّ عدم التزام الشّرائع لازم للشّرك فذكر الملزوم وأراد اللّازم فيندفع ما يتوهّم من أنّ الشّرك كما لا يغفر لا يغفر إنكار سائر الشّرعيّات أيضا فما وجه التّخصيص ويحتمل أن يكون معنى أن يشرك به أن يكفر به لانّ إنكار الشّرائع كفر بالله سبحانه فلا يغفر والعلاقة بين الشّرك والكفر بالعموم والخصوص فإنّ الشّرك كفر خاصّ من مطلق الكفر فذكر الخاصّ وأراد العامّ (ينبغي أن يعلم) أنّ عدم استحقاق غير الحقّ سبحانه للعبادة بديهيّ فإن لم يكن بديهيّا فلا أقلّ من أن يكون حدسيّا فإنّ من فهم معنى العبادة كما ينبغي وتأمّل

غير الحقّ سبحانه كما هو حقّه يحكم بعدم استحقاقه للعبادة بلا توقّف والمقدّمات الّتي أوردت في بيان هذا المعنى فهي من قبيل التّنبيهات على البديهيّات لا مجال لايراد النّقض والمناقضة والمعارضة على هذه المقدّمات ولا بدّ من نور الإيمان حتّى تدرك هذه المقدّمات بالفراسة وكثير من البديهيّات بقي مخفيّا على القاصرين والاغبياء وكذلك الذين مبتلون بمرض الظّاهر وعلّة الباطن صارت البديهيّات الجليّة والخفيّة مخفية عليهم (فإن قيل) قد وقع في عبارة مشائخ الطّريقة - قدّس الله أسرارهم - أنّ كلّ ما هو مقصودك فهو معبودك فما معنى هذه العبارة وما المحمل لها من الصّدق؟ (أجيب) أنّ مقصود الشّخص هو المتوجّه إليه لذلك الشّخص فما دام ذلك الشّخص حيّا لا يفتر ولا يتقاعد عن تحصيل ذلك المقصود وكلّ ذلّ وانكسار يصيبه في تحصيله يتحمّله ويهون ذلك عليه ولا يتركه به وهذا المعنى هو مؤدّى العبادة لكونه كمال الذّلّ والانكسار فمقصوديّة الشّيء مستلزمة لمعبوديّته فنفي معبوديّة غير الحقّ سبحانه إنّما يتحقّق إذا لم يبق مقصود غير الحقّ تعالى ولم يكن مراد سواه والمناسب لحال السّالك في تحصيل هذه الدولة أن يلاحظ معنى الكلمة الطّيّبة لا إله إلّا الله بعنوان لا مقصود الّا الله وينبغي أن يكرّر هذه الكلمة إلى أن لا يبقى من مقصوديّة الغير اسم ولا رسم ولا يكون مراد غيره تعالى ليكون صادقا في نفي معبوديّة الغير ومحقّا في رفع الآلهة المتكثّرة ونفي الآلهة المتكثّرة بهذا المنوال والتّوصّل من نفي المقصوديّة إلى نفي المعبوديّة على ما سبق بيانه بالمقال من شرط كمال الايمان عند أهل الحال المربوط بالولاية المنوطة بنفي آلهة الاهواء النّفسانيّة وما لم تكن النّفس مطمئنّة لا يتوقّع هذا المعنى واطمئنان النّفس إنّما يتصوّر بعد كمال الفناء والبقاء. (وتوجيهها في ظاهر الشّريعة الغرّاء) الذي هو منبئ عن اليسر والسّهولة ومشعر برفع الخرج عن العباد الذين خلقوا على الضّعف هو أنّ من أخرج رأسه عياذا بالله سبحانه من ربقة الشّريعة في تحصيل مقصوده وتجاوز الحدود الشّرعيّة في حصوله يكون ذلك المقصود معبوده وإلهه فإن لم يكن ذلك المقصود كذلك ولم يرتكب في تحصيله وحصوله المنكرات الشّرعيّة لا يكون ذلك المقصود ممنوعا شرعيّا وكأنّ ذلك المقصود ليس من مقاصده والشّيء المطلوب ليس من مطالبه بل مقصوده في الحقيقة هو الحقّ سبحانه ومطلوبه أمره تعالى ونهيه الشّرعيّين ولم يحدث لذلك الشّيء مقصوديّة سوى ميله الطّبيعيّ إليه وهو أيضا مغلوب الاحكام الشّرعيّة وحسم مادّة مقصوديّة الغير مطلوب في حقيقة الشّريعة بإمداد استيلاء الهوى وإعانة غلبة الهوس ومعارضة لمقصوديّة الحقّ سبحانه وتعالى بل تلك المقصوديّة بإمداد استيلاء الهوى وإعانة غلبة الهوس ومعارضة لمقصوديّة الحقّ سبحانه وتعالى بل كثيرا ما يختار في حصولها على حصول مراضي الحقّ جلّ وعلا فيؤدّي إلى الخسارة الابديّة فنفي مقصوديّة الغير كان ضروريّا في كمال الإيمان مطلقا حتّى يكون مأمونا ومحفوظا من الزّوال والرّجوع عنه نعم قد يجعل بعض الأولياء صاحب إرادة واختيار بعد نفي الإرادة ورفع الاختيار ويعطى له الاختيار والإرادة الكلّيّان بعد سلب الاختيار والإرادة الجزئيّين عنه وسيجيء تحقيق هذا المعنى في مكتوب آخر إن



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!