موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(2) المكتوب الثاني إلى جامع الأسرار والعلوم حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم سلمه الله تعالى في المواعظ والإنقطاع عن الخلق والالتجاء إلى جناب الحق سبحانه وتعالى

 

 


ضروريّ ومن ههنا قالوا: إنّ الجعل ليس بثابت في نفس الماهيّة والماهيّة ليست بمجعولة والجعل إنّما هو لاتّصاف الماهيّة بالوجود ألا ترى أنّ فعل الصّبّاغ إنّما هو في اتّصاف الثوب باللّون لا أنّه يجعل الثوب ثوبا واللّون لونا فإنّه محال لكونه تحصيل الحاصل فلم يكن الجعل في نفس الشّيء بل في اتّصاف الشّيء بالوجود فثبت أنّ الشّيء إنّما يكون شيئا بماهيّته وهذا المعنى مفقود في ظلّ الشّيء وعكس الشّيء في النّظر الكشفيّ فإنّ عكس الشّيء وظلّه ليسا بظلّ وعكس بماهيّتهما الظّلّيّة والعكسيّة بل بماهيّة أصلهما فإنّ الظّلّ لا ماهيّة له والظّاهر به انّما هو ماهيّة الاصل أظهرت نفسها بالظّلّ فيكون الاصل أقرب إلى الظّلّ من نفسه فإنّ الظّلّ ظلّ بأصله لا بنفسه وحيث أنّ العالم ظلال أفعال الواجب جلّ سلطانه وعكوسها تكون الافعال الّتي هي أصولها أقرب إلى العالم من العالم بالضّرورة وكذلك الافعال ظلال صفات الواجب جلّ شأنه فتكون أقرب إلى العالم من العالم وأصوله الّتي هي الافعال لكونها أصل الاصل وحيث أنّ الصّفات ظلال حضرة الذّات الّتي هي أصل جميع الاصول فلا جرم تكون الذّات أقرب إلى العالم من العالم ومن الافعال والصّفات الواجبيّة هذا هو بيان أقربيّته تعالى الممكن إيراده في حيّز التّحرير فلو أنصف العقلاء يحتمل أنّهم يقبلون هذا المعنى فإن لم يقبلوا فلا غمّ لانّه خارج عن المبحث وحيث اندرج في هذا البيان المقدّمات المعقولة لو أشركتم السّيّد المير شمس الدين علي في مطالعة هذا المكتوب لساغ وكتبتم أنّه قد أردنا الشّروع في جمع الجلد الثالث من المكتوبات فامضوا على ما أردتم فإنّ أهل الله إذا رأوا في أمر صلاحا يحتمل أن يكون مباركا وإذا فوّضتم هذا الامر إلى المير المشار إليه فليجعل النّسخ متعدّدة وليرسل نسخة إلى سرهند وليحفظ المسوّدات ولعلّها يقع الاحتياج إليها والفقير متحيّر في سفركم وقعودكم فمن جهة أنّه حريص على ملاقاتكم لا يقدر أن يحرّك شفتيه بسفركم ولا يقدر أن يدلّكم على القعود أيضا لخوف كون القعود سببا لفوت مصالح جمع كثير ولكن إذا سافرتم أرسلوا هنا الخواجه محمّد هاشم ليكون في الصّحبة أيّاما وليأخذ بعض العلوم والمعارف فإنّه يرى شابّا قابلا وحيث انّ المشار إليه مربّاكم وعارف بمذاقكم فينبغي أن تحيلوا الاستفسارات عليه فيستمع الجواب ويؤدّيه إليكم والسّلام.

(٢) المكتوب الثاني إلى جامع الأسرار والعلوم حضرة المخدوم زاده الخواجه محمّد معصوم سلّمه الله تعالى في المواعظ والإنقطاع عن الخلق والالتجاء إلى جناب الحقّ سبحانه وتعالى

الحمد لله ربّ العالمين في السّرّاء والضّرّاء وفي اليسر والعسر وفي النّعمة والنّقمة وفي الرّحمة والزّحمة وفي الشّدّة والرّخاء وفي العطيّة والبلاء والصّلاة والسّلام على من ما أوذي نبيّ مثل إيذائه وما ابتلي رسول بنحو ابتلائه لهذا صار رحمة للعالمين وسيّد الاوّلين والآخرين. (أيّها الاولاد الكرام) إنّ

وقت الابتلاء وإن كان مرّا كريه الطّعم ولكنّ الفرصة مغتنمة وحيث أنّكم أعطيتم الفرصة في هذا الوقت ينبغي أن تؤدّوا حمد الله جلّ شأنه وأن تتوجّهوا إلى أمركم من غير أن تجوّزوا لأنفسكم فراغة لمحة ولحظة ولا ينبغي لكم الخلوّ عن أحد أمور ثلاثة: تلاوة القرآن المجيد وأداء الصّلاة بطول القراءة وتكرار الكلمة الطّيّبة لا إله الّا الله ينبغي أن ينفى بكلمة “ لا ” آلهة أهواء النّفس وأن يدفع المقاصد والمرادات فإنّ طلب الإنسان مراده دعوى منه الالوهيّة (ينبغي) أن لا يكون في ساحة الصّدر مجال مراد أصلا وأن لا يبقى هوس في المتخيّلة قطعا حتّى تتحقّق حقيقة العبوديّة طلب العبد حصول مراده مستلزم لدفع مراد مولاه ومعارضة على ربّه وهذا المعنى مستلزم لنفي مولاه وإثبات مولويّة نفسه (ينبغي) أن يدرك قبح هذا الامر وأن ينفي دعوى الالوهيّة عن نفسه إلى أن لا يبقى شيء من الاهواء والهوسات والمرادات غير مراد المولى وهذا المعنى نرجو أن يتيسّر في أيّام البلاء وأوقات الابتلاء بالسّهولة بعناية الله سبحانه وأمّا في غير هذه الايّام فكلّ واحد من هذه الاهواء والهوسات كسدّ يأجوج فينبغي الاشتغال بهذا الامر قاعدين في الزّوايا إنّ الفرصة مغتنمة القليل في أيّام الفتن يتقبّل بالكثير في غير أيّام الفتن لا بدّ من الرّياضات والمجاهدات الخبر شرط يقع الملاقاة أم لا والنّصيحة هي أن لا يبقى مراد ولا هوس أصلا وأطلعوا والدتكم أيضا على هذا المعنى ودلّوها عليه وأحوال هذه النّشأة حيث كانت ماضية ماذا نورد منها في معرض البيان ارحموا الصّغار ورغّبوهم في القراءة وأرضوا أهل الحقوق من جانبنا مهما أمكن وكونوا ممدّين ومعاونين بدعاء سلامة الإيمان ولنكتب مكرّرا ومؤكّدا أنّه لا تصرفوا هذا الوقت في أمور لا طائل فيها وينبغي أن لا تشتغلوا بشيء غير ذكر الله جلّ شأنه وإن كان مطالعة الكتب وتعليم الطّلبة فإنّ الوقت وقت الذّكر واجعلوا الاهواء النّفسانيّة داخلة تحت لا حتّى تكون منتفية بالتّمام ولا يبقى مراد ومقصود في الصّدر حتّى إن تخلّصي بالفعل الذي هو من أهمّ مقاصدكم ينبغي أن لا يكون مرادا لكم وارضوا بتقديره وفعله وإرادته تعالى وينبغي أن لا يكون في جانب الإثبات من الكلمة الطّيّبة شيء غير غيب الهويّة الذي هو وراء وراء المعلومات والمتخيّلات وهمّ الدار والقصر والبئر والبستان والكتب وأشياء أخر سهل ينبغي أن لا يكون شيء مزاحما لوقتكم ولا يكون شيء غير مرضيّات الحقّ جلّ وعلا مرضيّا ومرادا لكم فإنّا لو ذهبنا ذهبت هذه الاشياء كلّها فلتذهب في حياتنا لا تتفكّروا فيها وقد ترك الأولياء هذه الامور باختيارهم فلنتركها نحن باختياره تعالى ونشكره سبحانه فعسى أن نكون من المخلصين - بفتح اللّام - وكلّ موضع قعدتم فيه ينبغي أن تعتقدوه وطنا وفي أيّ محلّ تمرّ حياة أيّام قليلة ينبغي أن تمرّ بذكر الحقّ جلّ شأنه فإن معاملة الدنيا سهلة ينبغي التّوجّه إلى معاملة الآخرة وينبغي أن تسلّوا والدتكم وأن ترغبوها في الآخرة فإن قدّر الله سبحانه الملاقاة في الدنيا فتتيسّر والّا فينبغي الرّضاء والتّسليم بتقدير الله تعالى والدعاء لان يجمع الله سبحانه وتعالى في دار السّلام محلّا لتلافي ملاقات الدنيا بكرمه تعالى على الآخرة الحمد لله على كلّ حال.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!