موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(9) المكتوب التاسع إلى السيد محمد نعمان في بيان قوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الآية

 

 


(أيّها المحبّ) إنّ الغيب مقابل الشّهود الذي فيه شائبة الظّلّيّة والغيب مبرّأ من ذاك الشّوب فيكون أكمل من الشّهود ولكن إذا كان سيّد البشر عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام مشرّفا في ليلة المعراج بدولة الرّؤية الّتي هي ما وراء وراء سرادقات الظّلال وأقدس من الشّوب بشائبة الظّلّيّة لما يكون الغيب في حقّه صلّى الله عليه وسلّم أكمل من الرّؤية وقد كان الاكتفاء بالغيب لرفع الظّلّيّة وحيث تيسّر رفع الظّلّيّة بالكلّيّة في عين الحضور لماذا يحتاج إلى الغيب هذه دولة مخصوصة بسيّد الكونين عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ولكمّل تابعيه أيضا نصيب من هذا المقام بالتّبعيّة والوراثة كما أنّه ليس برؤية ليس بشهود ومشاهدة أيضا فالتّعبير عنه بالغيب أحسن العبارات وتفصيل ذاك المقام لا يمكن بالقول بل كلّ من يجده يجده على مقدار وجدانه وهو وراء ذلك ولا نصيب منه الّا لأقلّ القليل والسّلام.

(٩) المكتوب التّاسع إلى السّيّد محمّد نعمان في بيان قوله تعالى {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (١) الآية

بسم الله الرّحمن الرّحيم قال الله تعالى وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا واِتَّقُوا الله (٢) الآية؛ ذكر التّقوى بعد ذكر الامتثال للأوامر والانتهاء عن المناهي إشارة إلى الاهتمام بالانتهاء الذي هو حقيقة التّقوى وأنّه هو ملاك الدين قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبارك “ ملاك دينكم الورع ” وقال عليه الصّلاة والسّلام في مواضع أخر: «لا تعدل بالرّعة شيئا “ والرّعة هو الورع والوجه لهذا الاهتمام والله سبحانه أعلم بالصّواب - أنّ الانتهاء أعمّ وجودا وأكثر نفعا لما أنّه يوجد في ضمن الامتثال أيضا لانّ الإتيان بالامر انتهاء عن ضدّه وهو ظاهر وأمّا كثرة نفع الانتهاء بغير جهة عمومه فلأنّه مخالفة محضة مع النّفس لا حظّ للنّفس فيه بخلاف صور الامتثال فإنّ النّفس قد تتلذّذ فيه وكلّ ما فيه زيادة مخالفة مع النّفس لا شكّ أنّه أكثر نفعا وأقرب طرق إلى النّجاة فإنّ المقصود الاصليّ من التّكليفات الشّرعيّة قهر النّفس لأنّها انتصبت لمعاداة الله سبحانه وورد في الحديث القدسيّ ” عاد نفسك فإنّها انتصبت لمعاداتي " فكلّ طريق من طرق المشائخ تكون رعاية الاحكام الشّرعيّة فيها أكثر يكون أقرب طرق إلى الله سبحانه لوجود كثرة المخالفة مع النّفس الّا وهو طريق النّقشبنديّة ولهذا قال سيّدنا وقبلتنا الشّيخ الاجلّ بهاء الدين المشتهر بنقشبند قدّس سرّه وجدت طريقا أقرب طرق إلى الله سبحانه لوجود كثرة المخالفة مع النّفس وأمّا بيان زيادة رعاية أحكام الشّريعة في هذه الطّريقة فممّا لا يخفى على المنصف الفطن الخائض في طرق المشائخ ومع ذلك بيّنته بزيادة الإيضاح في بعض الرّسائل والله سبحانه

__________

(١) الآية: ٧ من سورة الحشر.

(٢) الآية: ٧ من سورة الحشر.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!