موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(31) المكتوب الحادي والثلاثون إلى الملا بدر الدين في تحقيق عالم الارواح وعالم المثال وعالم الاجساد

 

 


(٣١) المكتوب الحادي والثلاثون إلى الملّا بدر الدين في تحقيق عالم الارواح وعالم المثال وعالم الاجساد

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. قد كتبتم أنّ الرّوح كان قبل تعلّقه بالبدن في عالم المثال ويذهب بعد مفارقته من البدن أيضا إلى عالم المثال فيكون عذاب القبر في عالم المثال كالم يحسّ به الإنسان في المنام في عالم المثال وكتبتم أنّ هذا الكلام له تشعّبات كثيرة فإن قبلتم نفرّع عليه فروعات كثيرة (اعلم) أنّ أمثال هذه الخيالات قليلة النّصيب من الصّدق نخاف من أن تدلّكم على طريق غير متعارف فلنكتب في تحقيق هذا المبحث كلمات بالضّرورة مع وجود الموانع والله سبحانه الهادي إلى سبيل الرّشاد (أيّها الاخ) إنّ عالم الممكنات منقسمة إلى ثلاثة أقسام عالم الارواح وعالم المثال وعالم الاجساد وقالوا: إنّ عالم المثال برزخ بين عالم الارواح وعالم الاجساد وقالوا أيضا: إنّ عالم المثال كالمرآة لمعاني العالمين المذكورين وحقائقهما وتظهر معاني عالم الارواح والاجساد في عالم المثال بصور لطيفة فإنّ لكلّ معنى وحقيقة هناك صورة وهيئة أخرى مناسبة لهما وذلك العالم ليس هو في حدّ ذاته متضمّنا للصّورة والهيئات والاشكال وإنّما ظهرت فيه الصّور والأشكال منعكسة من عوالم أخر كالمرآة الّتي ليست هي متضمّنة لصورة أصلا في حدّ ذاتها فإن كانت فيها صورة فهي حاصلة من خارج فإذا علم هذا الكلام فاعلم أنّ الرّوح كان قبل تعلّقه بالبدن في عالمه الذي هو فوق عالم المثال فإنّه تنزّل بعد التّعلّق بالبدن فنازل إلى عالم الاجسام بعلاقة حبّيّة لا شغل له بعالم المثال لا قبل التّعلّق ولا بعد التّعلّق وإنّما يطالع بعض أحواله بعناية الله تعالى في مرآة ذلك العالم في بعض الاوقات ويستعلم حسن أحواله وقبحها من هناك كما أنّ هذا المعنى واضح ولائح في صور الواقعات والمنامات وربّما يحسّ هذا المعنى من غير أن يغيب عن الحسّ وبعد المفارقة عن البدن فإن كان علويّا فمتوجّه إلى فوق وإن كان سفليّا فمأسور في السّفل لا شغل له بعالم المثال وعالم المثال إنّما هو للمشاهدة والرّؤية لا للكينونة فيه ومحلّ الكينونة إمّا عالم الارواح وإمّا عالم الاجساد وعالم المثال إنّما هو مرآة لهذين العالمين كما مرّ والالم الذي يرى في المنام في عالم المثال إنّما هو صورة العقوبة وشبحها الّتي استحقّها الرّائي ظهرت له للتّنبيه وعذاب القبر ليس من هذا القبيل فإنّه حقيقة العقوبة لا صورتها وشبحها وأيضا إنّ الألم الذي يحسّ في المنام لو كان له حقيقة فرضا فهو من قبيل الآلام الدنيويّة وعذاب القبر من جملة عذاب الآخرة شتّان ما بينهما فإنّ العذاب الدنيويّ لا مقدار له ولا اعتبار بالنّسبة إلى عذاب الآخرة - أعاذنا الله سبحانه - فلو وقعت في الدنيا شرارة من نار جهنّم لأحرقت الكلّ وجعلت متلاشيا وزعم عذاب القبر كعذاب المنام من عدم الاطّلاع على صورة العذاب وحقيقة العذاب وأيضا إنّ منشأ هذا الاشتباه هو توهّم مجانسة عذاب



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!