موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(73) المكتوب الثالث والسبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد سعيد في أسرار صفة الحياة التي هي فوق العلم وبيان أن العلم كما أنه من الصفات الزائدة كذلك هي من الشئون الغير الزائدة أيضا وكذا سائر الصفات

 

 


الرّفاقة تمرّ أوقاتهم على الجمعيّة وأحوالهم في التّرقّي والتّزايد والعسكر في حقّهم خانقاه محض ونصيبهم في عين تلوينات العسكر جمعيّة وهم في عين التّعلّقات الشّتّى الّتي هي من لوازم هذا الموطن متوجّهون إلى مطلب واحد ومشغوفون به لا شغل لأحد معهم ولا ضرر عليهم من أحد ومع ذلك هم مسلوبو الاعتبار وبدولة الحبس والقيد لهم اشتهار يا له من حبس لا يشترى في عوضه الخلاص يجوز ويا له من قيد ليس للإطلاق في جنبه مقدار موز الحمد لله سبحانه والمنّة على ذلك وعلى جميع نعمائه (أيّها المخدوم) فإنّ المقصود من إرسال الكتاب إلى قرّة العين إظهار التّحسّر على فوت بعض النّعم الّتي كان حصولها متوقّعا في جوار الوطن والمجيء إلى العسكر والصّحبة فيه مربوط بصلاحهم فإنّ معرفتهم بأوضاع العسكر أكثر وإطّلاعهم على نفع هذا الموطن وضرره أزيد وأوفر واندرج فيها أنّه إن كتبت أنّه لا تصيبهم آفة يذهبون هناك الغيب عند الله تعالى ولكن حمدا لله سبحانه لم تصب أحدا من الاصحاب والرّفقاء بكرم الله سبحانه آفة التّفرقة إلى الآن مع كثرة الاختلاط بأرباب التّفرقة ولم يمتنع أحد منهم عن المطلب واندرج أيضا ما في باب قراءة المولد ما المضايقة في نفس قراءة القرآن وقراءة القصائد النّعتيّة والمناقب بصوت حسن والمنهيّ عنه هو تحريف حروف القرآن وتغييرها والتزام رعاية أوزان النّغمة وترديد الصّوت بها بطريق الالحان مع تصفيق مناسب لها غير مباح في الشّعر أيضا فإنّ قرأوا على نهج لا يقع تحريف في كلمات القرآن ولا تتحقّق الشّرائط المذكورة في قراءة القصائد وكانت قراءتها بغرض صحيح فما المانع حينئذ (أيّها المخدوم) قد يقع في خاطر الفقير أنّه لم ينسدّ هذا الباب مطلقا لا يمتنع عنه المهوّسون فلو جوّزنا في القليل لينجرّ إلى الكثير “ قليله يفضي إلى كثيره ” قول مشهور والسّلام.

(٧٣) المكتوب الثالث والسّبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمّد سعيد في أسرار صفة الحياة الّتي هي فوق العلم وبيان أنّ العلم كما أنّه من الصّفات الزّائدة كذلك هي من الشّئون الغير الزّائدة أيضا وكذا سائر الصّفات

(اعلم) أنّ حضرة الشّيخ محيى الدين بن العربيّ قدّس سرّه ومتابعيه الذين أثبتوا التّنزّلات الخمس اعتبروا التّعيّن الاوّل من إجمال حضرة العلم وقالوا له الحقيقة المحمّديّة عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام واعتقدوا انكشاف ذلك التّعيّن تجلّيا ذاتيّا واعتقدوا ما فوقه اللّاتعيّن الذى هو مرتبة الذّات البحت والاحديّة المجرّدة من جميع النّسب والاعتبارات (لا يخفى) أنّ فوق شأن العلم شأن الحياة الّتى العلم تابع لها وهى أمّ جميع الصّفات علما وغيره وسواء كان العلم حصوليّا او حضوريّا وشأن الحيوة هذا شأن عظيم الشّأن وحكم سائر الشّئون والصّفات في جنبه حكم الجداول بالنّسبة إلى البحر المحيط والعجب

انّ الشّيخ المعظّم لم يسر في هذه المملكة الوسيعة ولم يقتطف من رياضها ازهار العلوم والمعارف وهذا الشّأن وان كان إلى حضرة الذّات اقرب وللجهالة وعدم الادراك انسب ولكنّ لمّا كان فيه شائبة التّنزّل والظّلّيّة كان من مظانّ العلم والمعرفة قلّ او كثر ولمّا وقع السّير لهذا الفقير بكرم الله سبحانه في ذلك الشّأن عظيم الشّأن صار مشهودا انّ الشّيء له حجرة تحت ذلك المقام بمسافة بعيدة وانّه اختار الاقامة فيه ولعلّه نال من هذا المقام حظّا وافرا في الآخر واطلاق بعد المسافة في مثل هذه الابعاد اللّاكيفيّة يمكن باعتبارين ضيق ميدان العبارة او انّ صورة ذلك البعد المثاليّة مشهودة في عالم المثال في صورة بعد المسافة سبحانك لا علم لنا إلّا ما علّمتنا انّك انت العليم الحكيم والسّلام على من اتّبع الهدى (فصل بالخير) لزم من هذا البيان ان لا يكون العلم ثابتا في مرتبة الحياة الّتى فوقه سواء كان حصوليّا او حضوريّا فاذا لم يكن ثابتا في مرتبة الحياة كيف يكون ثابتا في مرتبة حضرة الذّات جلّ شأنها الّتى هى فوق الفوق فاذا لم يكن العلم ثابتا يكون نقيضه ثابتا تعالى الله سبحانه عن ذلك علوّا كبيرا والتّفصّى من هذا الإشكال مبنىّ على معرفة دقيقة قلّ من تكلّم بها من أولياء الله تعالى (ينبغى) ان يعلم انّ علم الواجب جلّ شأنه كما انّه من الصّفات الثمانية الحقيقيّة الزّائدة كما قال اهل الحقّ كذلك هو من الشّئون والاعتبارات الذّاتيّة الغير الزّائدة أيضا وحيث انّ القسم الاوّل من الصّفات الزّائدة على الذّات تعالت فمتعلّقه أيضا ممّا سوى الذّات المقدّسة سواء كان ذلك السّوى عالما او صفات زائدة فانّ كلّما هو متّسم بسمة الظّلّيّة وعرض له اسم الزّيادة لا يكون لائقا بجناب مرتبة حضرة الذّات المقدّسة ولا يكون له تعلّق بجناب قدسه تعالى سواء كان ذلك العلم حصوليّا او حضوريّا فان كان حضوريّا فهو أيضا متعلّق بظلّ من ظلال حضرة الذّات وان كان بين العلم والعالم والمعلوم اتّحاد فانّ هذا الاتّحاد أيضا ظلّ من ظلال المرتبة المقدّسة لا عينها وان ظنّ جمع عينيّتها والقسم الثانى الذى هو من الشّئون الذّاتيّة الغير الزّائدة متعلّقة حضرة الذّات فقط تعالت وتقدّست واعلى ممّا يتعلّق بما سوى الذّات وبالجملة انّ العلم ان كان زائدا فتعلّقه مقصور على ما سوى الذّات والعلم الذى ليس بزائد بل مجرّد اعتبار فتعلّقه مقصور على حضرة الذّات تعالت وتقدّست والعلم المنتفى في مرتبة حضرة الذّات هو العلم الزّائد الغير اللّائق بتلك المرتبة المقدّسة الذى هو ظلّ شأن العلم الغير الزّائد ولا يلزم من انتفاء ذلك العلم ثبوت نقيضه الذى هو الجهل فانّه اذا لم يكن هناك مجال للعلم الذى هو من الصّفات الكاملة كيف يكون لنقيضه الذى هو نقص من القدم إلى الرّأس مجال الثبوت في تلك الحضرة (غاية ما في الباب) انّ هذين النّقيضين كلاهما يكونان مسلوبين عن تلك الحضرة ولا يلزم محذور اصلا قال واحد من العارفين “ عرفت ربّى بجمع الاضداد ” وكأنّه لا يصل إلى ذلك المقام الاقدس بواسطة علوّه واحد من هذين النّقيضين فإذا كان جميع النّسب والاعتبارات مسلوبة عن تلك الحضرة فالعلم وعدم العلم اللّذان من جملة النّسب يكونان مسلوبين أيضا والذي لا بدّ له من النّسب والاعتبارات ولا يكون فيه رفع النّقيضين ولا جمعهما هو الممكن وخالق



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!