موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(74) المكتوب الرابع والسبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم في شرح كلام صاحب الفصوص في بيان تجلي الذات وتحقيق الرأي الخاص بحضرة شيخنا ولم يتم هذا المكتوب اتفاقا

 

 


النّسب والاعتبارات منزّه عن النّسب والاعتبارات وقياس الغائب على الشّاهد ممتنع في ذلك الموطن أو نقول إنّ انتفاء العلم الخاصّ لا يستلزم عدم العلم المطلق بل يستلزم عدم العلم الخاصّ الذى هو متضمّن لشائبة الظّلّيّة فعلى هذا التّقدير لا يلزم محذور أصلا ولا يكون إرتفاع النّقيضين فافهم. (ينبغي أن يعلم) أنّ العلم الذى هو من الشّئون الذّاتيّة لا مناسبة له أصلا بالعلم الذى هو من الصّفات الزّائدة وإن كان أصل هذا العلم هو ذاك العلم إنّ الصّفات الزّائدة ظلّ الشّأن الذّاتيّ وثمّة كلّه انكشاف في انكشاف وحصول في عين الحضور ومن علوّ درجته لا يقدر الجهل أن يقع في الطّرف المقابل له وأن يقوم بنقاضته بخلاف صفة العلم فإنّ الجهل قائم بنقاضتها وإن كان وقوعه غير جائز واحتمال النّقيض له هذا صار باعثا على انحطاطه ومنعه من التّعلّق بجناب القدس فإنّ كلّ كمال فيه احتمال النّقيض أيّ كمال كان لا مجال له في تلك الحضرة القدرة الّتي أثبتوها في تلك المرتبة المقدّسة مثلا هي القدرة الّتي لا عجز في مقابلته بخلاف صفة القدرة فإنّ فيها احتمال النّقيض وإن لم يكن واقعا وعلى هذا القياس جميع الشّئون والصّفات الواجبيّة تعالت وتقدّست فإذا لم يكن لشأن العلم مناسبة بصفة العلم أصلا كيف يكون لعلم المخلوقات مناسبة بهذا الشّأن عظيم الشّأن؟ وكيف يتصوّر له تعلّق بتلك المرتبة المقدّسة إلّا أن يكون من الحقّ سبحانه رعاية وعناية للعبد فأعطى لانكشافه النّاقص جلاء من عند انكشافه وأعطاه البقاء الاكمل من عنده بعد الفناء الاتمّ ففي هذا الوقت يمكن أن يحصل له تعلّق لا كيفيّ بتلك المرتبة المقدّسة ويبلغ مبلغا يقصر دونه الأصل ويصل إلى أصل الاصل متجاوزا مرتبة الأصل وهذه خصوصيّة امتاز بها بنو آدم وفتح لهم طريق التّرقّى حتّى يتجاوزون الاصل وأصل الأصل أيضا ويبلغون مبلغا يبقى الاصل كالظّلّ في الطّريق ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١) والسّلام.

(٧٤) المكتوب الرّابع والسّبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمّد معصوم في شرح كلام صاحب الفصوص في بيان تجلّي الذّات وتحقيق الرّأي الخاصّ بحضرة شيخنا ولم يتمّ هذا المكتوب اتّفاقا

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى قال الشّيخ ابن العربيّ قدّس سرّه والتّجلّي من الذّات لا يكون إلّا بصورة المتجلّى له فالمتجلّى له ما رأى سوى صورته في مرآة الحقّ وما رأى الحقّ ولا يمكن أن يراه والمراد من مرآة الذّات هو الشّأن الذّاتيّ الذى ظلّه الاسم الزّائد الذى هو مبدأ لتعيّن المتجلّى له فإنّ لكلّ اسم زائد هو مبدأ لتعيّن من تعيّنات المخلوقات أصلا في مرتبة الذّات وهو الشّأن الذى هو مجرّد اعتبار في الذّات كما حقّقت في غير موضع وليس المراد منه الذّات مطلقا فإنّ المطلق لا يكون مرآة

__________

(١) الآية: ٥٤ من سورة المائدة والآية: ٢١ من سورة الحديد والآية: ٤ من سورة الجمعة.

للمقيّد ولمّا كانت المرآة مقيّدة مثل الصّورة الكائنة فيها وأصلا لأصل تلك الصّورة لا جرم بتجلّي المرآة في نظر المتجلّى له بصورته الكائنة فيها من غير زيادة ولا نقصان؛ لانّ تجلّي ذلك الشّأن وظهوره في هذه المرتبة الّتي وقع التّجلّي فيها لا يكون إلّا بهذه الصّورة الّتي كان المتجلّى له عليها إلّا أنّ ظهوره بهذه الصّورة لفنائه وعدم تعلّقه بالعالم مشروط بتوسّط الاسم الظّلّيّ الذي هو مبدأ لتعيّن صورة المتجلّى له وهذه المرآة المقدّسة مباينة لسائر المرايا فإنّ ظهور الصّورة في تلك المرايا كائن في زاوية من زواياها ولا تظهر المرايا بأعيان الصّورة الحالّة فيها لمباينة بينهما بخلاف هذه المرآة المقدّسة فإنّ الصّورة غير حالّة فيها ولا حاصلة في زاوية من زواياها لعدم الحاليّة والمحلّيّة في تلك الحضرة ولو حسّا وعدم التّبعّض والتّجزّي في تلك المرتبة المقدّسة ولو وهما بل تظهر هذه المرآة المقدّسة بكلّيّتها بصورة المتجلّى له فحينئذ تكون هي مرآة وصورة فالمتجلّى له ما رأى سوى صورته في مرآة الحقّ الذى هو شأن الذّات الذى ظهر بصورة المتجلّى له وما رأى الحقّ المطلق ولا الشّأن الخاصّ على النّهج التّنزيهيّ والنّمط التّقديسيّ ولا يمكن أن يراه هذا مبنيّ على رأي الشّيخ في نفي إمكان الرّؤية التّنزيهيّة وإثبات الرّؤية في الظّهورات التّشبيهيّة الجامعة اللّطيفة بطريق التّمثّل والمثال وهو كما ترى مخالف لما اتّفق عليه علماء أهل السّنّة شكر الله تعالى سعيهم من أنّ رؤيته تعالى في الدنيا جائزة غير واقعة وفي الآخرة بلا كيف واقعة لا يكون بتمثّل ومثال.

(شعر) يراه المؤمنون بغير كيف ... وإدراك وضرب من مثال

لانّ رؤية التمثّل رؤية كيف وأيضا ليست رؤية له تعالى بل رؤية مخلوق أوجده وأظهره بطريق التّمثّل وهو تعالى وراء التّمثّل والمثال ووراء التّوهّم والخيال وكلّ ذلك مخلوق له تعالى والعجب من كبراء العرفاء أنّهم تسلّوا بالتّشبيه عن التّنزيه وبالحادث عن القديم إذا اكتفوا بالمثال وعكفوا على التّمثال وظنّي أنّ ذلك المرض حدث لهم من قولهم بالتّوحيد والاتّحاد وإصرارهم على قصور حكمهم بأنّ العالم هو الحقّ سبحانه فلا جرم تكون رؤية أيّ فرد من أفراد العالم رؤية له تعالى عندهم للاتّحاد بينهما ومن ههنا قال بعضهم بالشّعر الفارسيّ (شعر)

امروز جمال تو بى پرده ظاهر است ... در حيرتم كه وعدهء فردا برأي چيست

الّا أنّ الشّيخ خصّ من بين ذلك الأفراد فردا خاصّا جامعا حصل بطريق التّمثّل وهو لا يجدي نفعا وكأنّه قدّس سرّه بوفور علمه بالكتاب والسّنّة وأقوال العلماء تنبّه على شناعة القول بإطلاق الرّؤية والحكم بأنّ رؤيتهم مطلقا رؤية له سبحانه ومع ذلك لغلبة السّكر وقوّة حال التّوحيد ما تخلّص عن مضيق التّشبيه مطلقا وما تفرّغ لتحصيل كمالات التّنزيه مفردا بل زعم أنّ المنزّه الصّرف قاصر وناقص ومحدّد له تعالى كالمشبّه ففرّ عن التّنزيه الصّرف وجزم بأنّ الكمال في الجمع بين التّشبيه والتّنزيه والحكم بأنّ أحدهما عين الآخر ليرتفع التّحديد والتّقييد مطلقا ولا يخفى عليك أنّ التّشبيه معدوم في الخارج عنده وإنّما



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!