موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(85) المكتوب الخامس والثمانون إلى حضرة المخدوم الخواجه محمد معصوم في التحريض على حفظ الاوقات ** | ** (86) المكتوب السادس والثمانون إلى الدرويش حبيب الخادم في بيان سر كثرة ظهور الخوارق وقلتها

 

 


فإذا أتمّ الاخ الاعزّ هذا الدرس بعناية الله سبحانه يطلب درسا آخر والله سبحانه الموفّق والسَّلامُ عَلى مَنِ اِتَّبَعَ الْهُدى (١).

(٨٥) المكتوب الخامس والثمانون إلى حضرة المخدوم الخواجه محمّد معصوم في التّحريض على حفظ الاوقات

أحوال هذه الحدود وأوضاعها مستوجبة للحمد المسئول من الله سبحانه سلامتكم واستقامتكم فإذا تيسّر الوصول بمشيئة الله تعالى إلى أجمير وحصلت النّجاة من هذه العقبات الشّديدة والحرّ المفرط أكتب لكم كتابا وأطلبكم إن شاء الله تعالى عليكم بالجمعيّة وصرف الهمّة في مراضي المولى جلّ شأنه بالتّمام حذر الوقوع في الفراغ واستيفاء حظّ النّفس والمؤانسة التّامّة بالاهل والعيال فيقع الفتور في معاملة مهمّة فلا يحصل شيء غير الحرمان والنّدامة ولا يجدى النّدامة شيئا وعليكم باغتنام هذه الصّحبة وصرف الاوقات في أهمّ الامور ما عَلَى الرَّسُولِ إِلّاَ الْبَلاغُ (٢) والمعارف الجديدة الّتي حرّرت كلّها درسكم بعد درس إيّاكم وسردها بل ينبغي أن تجتهدوا في مطالعتها بالجدّ والجهد فلعلّه تنكشف روزنة من مكنوناتها فتكون رأس مال سعادتكم وقد وجدت بشارة في مادّتكم وكتبتها في مكتوب وفوّضته إلى الخواجه محمّد هاشم الكشميّ ليوصّله إليكم ولعلّ الله سبحانه لا يضيّعكم بكرمه ويقبلكم ولكن عليكم بالخوف والإشفاق وإيّاكم وصرف الاوقات في اللهو واللّعب فلا يبقى للصّحبة تأثير وكونوا ملتجئين ومتضرّعين إلى حضرة الحقّ سبحانه وعليكم الاختلاط بأهل الحقوق بقدر الضّرورة واستمالة خواطرهم وعاشروا الجماعة المستورة بالوعظ والنّصيحة ولا تبخلوا في حقّهم بالامر بالمعروف والنّهي عن المنكر ورغّبوا جميع أهل البيت في الصّلاة والصّلاح وإتيان الاحكام الشّرعيّة؛ فإنّكم مسئولون عن رعيّتكم وقد أعطاكم الله سبحانه العلم ونسأله تعالى أن يرزقكم العمل على وفقه والاستقامة عليه آمين.

(٨٦) المكتوب السّادس والثمانون إلى الدرويش حبيب الخادم في بيان سرّ كثرة ظهور الخوارق وقلّتها

__________

(١) الآية: ٤٨ من سورة طه.

(٢) الآية: ٩٩ من سورة المائدة والآية: ٥٤ من سورة النور والآية: ١٨ من سورة العنكبوت.

(اعلم) أنّ ارتكاب فضول المباحات باعث على قلّة ظهور الخوارق خصوصا إذا أفضى كثرة مباشرة الفضول إلى حدّ المشتبه وأدّت منه عياذا بالله سبحانه إلى حوالى المحرّم فأين الكرامة حينئذ؟ وأين الخوارق؟ وكلّما يضيق دائرة مباشرة المباح واكتفي منه بقدر الضّرورة يكون مجال الكشف والكرامة أوسع وطريق ظهور الخوارق أوضح وظهور الخوارق من شرائط النّبوّة لا من شرائط الولاية فإنّ إظهار النّبوّة واجب دون إظهار الولاية بل السّرّ والإخفاء في هذه المرتبة أولى فإنّ هناك دعوة الخلق وهنا قرب الحقّ جلّ شأنه ومعلوم أنّ الإظهار لازم للدّعوة والسّتر مناسب للقرب وكثرة ظهور الخوارق من وليّ لا يدلّ على أفضليّته على غيره من الذين لم يظهر منهم من الخوارق مثل ما ظهر منه بل يجوز أن يكون وليّ لا يظهر منه خارق أصلا أفضل من الأولياء الذين ظهرت منهم الخوارق كما حقّق شيخ الشّيوخ هذا المعنى في كتابه العوارف فإذا لم يكن قلّة ظهور الخوارق وكثرتها في الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام موجبة للأفضليّة والمفضوليّة مع كونها شرطا للنّبوّة كيف تكون في الولاية موجبة للتّفاضل مع كونها غير شرط فيها؟ وأظنّ أنّ المقصود الاصليّ من رياضات الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام ومجاهداتهم وتضييقهم في مباشرة المباح على أنفسهم هو تحصيل ظهور الخوارق الّتي هي واجبة عليهم وشرط نبوّتهم لا الوصول إلى درجات القرب الإلهيّ - جلّ سلطانه - فإنّ الانبياء عليهم الصّلوات والتّحيّات مجتبون فيجرّ بهم بسلسلة جذب المحبّة جرّا جرّا ويوصّل بهم إلى درجات القرب الإلهيّ جلّ شأنه بلا مشقّة منهم والطّريق الذى يحتاج فيه للوصول إلى درجات القرب الإلهيّ - جلّ سلطانه - إلى الرّياضات والمجاهدات هو طريق المريدين وطريق الإنابة والإرادة الذى هو طريق الاجتباء هو طريق المرادين والمريدون يذهبون بأرجلهم بالمشقّة والمحنة والمرادون يحملون إلى منزل المقصود بالإعزاز والإكرام ويوصّل بهم إلى درجات القرب بلا محنة منهم (ينبغي) أن يعلم أنّ الرّياضات والمجاهدات من شرائط طريق الإنابة والإرادة وأنّها ليست بشرط في طريق الاجتباء ومع ذلك هي نافعة مثلا إذا حصل حمل شخص جرّا جرّا وهو مع ذلك الجرّ يستعمل سعيه أيضا فلا شكّ أنّه أسرع ذهابا من الذى لا يستعمل سعيه وإن جاز أن يكون الجرّ وحده أحيانا أقوى وأجدى من الجرّ المركّب المذكور فالسّعي والمشقّة لا يكون شرط كمال الوصول في طريق الاجتباء كما أنّه ليس بشرط في نفس الوصول نعم فيه احتمال النّفع ولو في بعض المحالّ وفوائد الرّياضات ومنافع المجاهدات الّتي هي عبارة عن الاقتصار على ضروريّات المباح كثيرة لأرباب الاجتباء أيضا بغير المعنى المذكور مثل دوام الجهاد الاكبر وطهارة الباطن ونظافته من التّلويثات الدنيويّة فإنّ كلّ حوائج ضروريّة ليست بداخلة في الدنيا وكلّ ما هو فضول فداخل في الدنيا والنّفع الآخر في الرّياضة والاقتصار على الضّرورة قلّة المحاسبة والمؤاخذة الاخرويّتين وإنّها سبب لارتفاع الدرجات الاخرويّة فإنّ مسرّة الآخرة تكون أضعاف محنة الدنيا فظهر لرياضات الانبياء ومجاهداتهم عليهم الصّلاة والسّلام وجوه أخر غير الوجوه الذى ذكرناه آنفا فاتّضح أنّ الرّياضة



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!