موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(122) المكتوب الثاني والعشرون والمائة: إلى نور محمد التهاري في بيان ان الطريق الموصل إلى جناب قدس الحق تعالى اثنان

 

 


الفقير نزّل هذه المراتب الثلاث إلى الآيات الدالّة على ذات الواجب جلّ سلطانه وقال بالعلم والعين والحقّ في الدوالّ لا في المدلول فانّه اجلّ واعلى من العلم والعين والحقّ وفي التّمثيل اثبت العلم والعين والحقّ بالنّسبة إلى الدخان لا بالنّسبة إلى النّار فانّ العلم بالدّخان اذا حصل بالاستدلال فهو علم اليقين بالنّسبة إلى الدخان المستلزم للنّار واذا حصلت رؤية الدخان واستدل به لوجود النّار فهو عين اليقين بالنّسية إلى الدخان واذا حصل التّحقّق بالدّخان واستدلّ به على وجود النّار فهو حقّ اليقين بالنّسبة إلى الدخان وهذا الاستدلال اتمّ من الاستدلال السّابق فانّ ذاك استدلال من الآفاق وهذا استدلال من الانفس لحصول التّحقّق بالدّخان وأيضا انّ الدخان واسطة في عين اليقين وفي حقّ اليقين ليس بواسطة بل النّسبة الّتى هى كائنة للدّخان مع النّار تحصل تلك النّسبة بعينها للمستدلّ فيصل إلى اعلا مدارج القرب الذى هو ما وراء العلم والعين والحقّ (لا يقال) اذا ارتفعت الواسطة فقد تحقّقت الرّؤية الّتى هى عين اليقين (لانّا نقول) انّ ارتفاع الواسطة لا يكفى في تحقّق الرّؤية بل لا بدّ من اشياء اخر وهى مفقودة ولمّا كانت مراتب اليقين راجعة إلى الآيات ولم تبق معرفة تكون راجعة إلى المدلول لزم العجز عن المعرفة في المدلول بالضّرورة ولم تتحقّق هناك معرفة غير سلب المعرفة فلو لم تجعل هذه المراتب الثلاث لليقين راجعة إلى الآيات وكانت راجعة إلى المدلول كيف يتصوّر العجز عن المعرفة وما يكون معنى سلب المعرفة.

(١٢٢) المكتوب الثاني والعشرون والمائة: إلى نور محمّد التّهاريّ في بيان انّ الطريق الموصل إلى جناب قدس الحقّ تعالى اثنان

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى انّ الطّريق الموصل إلى جناب قدسه تعالى اثنان طريق يتعلّق بقرب النّبوّة على اربابها الصّلاة والتّحيّة وهو موصل إلى اصل الاصل والواصلون من هذا الطّريق بالاصالة هم الانبياء عليهم السّلام واصحابهم الكرام ويشرّف به أيضا من اريد له ذلك من سائر أولياء الامّة العظام وان كانوا قليلين بل اقلّ ولا توسّط في هذا الطّريق ولا حيلولة وكلّ من يأخذ الفيض من هؤلاء الواصلين يأخذه من الاصل بلا توسّط احد وليس احدهم حائلا للآخر وطريق يتعلّق بقرب الولاية والأقطاب والأوتاد والبدلاء والنّجباء وعامّة أولياء الله تعالى واصلون من هذا الطّريق وطريق السّلوك عبارة عن هذا الطّريق بل الجذبة المتعارفة أيضا داخلة فيه وفيه التّوسّط والحيلولة ومقتدى الواصلين من هذا الطّريق ورئيسهم ومنبع فيض هؤلاء الاكابر علىّ المرتضى كرّم الله تعالى وجهه الكريم وهذا المنصب العظيم الشّأن متعلّق به وكأنّ قدمى النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا المقام على فرقه المبارك كرّم الله تعالى وجهه وحضرة الفاطمة وحضرات الحسنين شركاء معه في هذا المقام واظنّ انّه كرّم الله وجهه كان ملاذ هذا

المقام قبل النّشأة العنصريّة أيضا كما انّ بعد النّشأة العنصريّة كلّ من وصل اليه الفيض والهداية من هذا الطّريق وصل بتوسّطه فانّه عند نقطة منتهى هذا الطّريق ومركز هذا المقام متعلّق به ولمّا تمّ دوره كرّم الله وجهه فوّض هذا المنصب العظيم القدر وسلّمه إلى حضرات الحسنين على التّرتيب وبعدهما إلى كلّ واحد من الائمّة الاثنى عشر على التّرتيب والتّفصيل وكلّ من وصل اليه الفيض والهداية في اعصار هؤلاء الاكابر وكذلك بعد ارتحالهم وصل بتوسّطهم وبحيلولتهم وان كان من الأقطاب ونجباء الوقت وكان ملاذ الجميع وملجأ الكلّ هؤلاء الاكابر فانّه لا بدّ للاطراف من اللّحوق بالمركز إلى ان وصلت النّوبة إلى الشّيخ عبد القادر الجيلانىّ قدّس سرّه ولمّا بلغت النّوبة اليه فوّض المنصب المذكور اليه قدّس سرّه ولا يشاهد على هذا المركز احد بين الائمّة المذكورين وبين الشّيخ قدّس سرّه ويفهم وصول الفيوض والبركات في هذا الطّريق إلى اىّ فرد كان من الأقطاب والنّجباء بتوسّطه الشّريف فانّ هذا المركز لم يتيسّر لغيره ولهذا قال (شعر) (١)

افلت شموس الاوّلين وشمسنا ... ابدا على افق العلى لا تغرب

والمراد بالشّمس شمس فيضان الهداية والإرشاد ومن افولها عدم الفيضان المذكور ولمّا تعلّقت المعاملة الّتى كانت اوّلا متعلّقة بالاوّلين بالشّيخ بعد وجوده وصار هو واسطة وصول الرّشد والهداية كما كان الاوّلون قبله ويكون وصول الفيض أيضا بتوسّطه ما دامت معاملة التّوسّط باقية صحّ قوله (شعر) افلت شموس الاوّلين وشمسنا البيت * (فان قيل) انّ هذا الحكم منتقض بمجدّد الالف الثانى فانّه قد اندرج في مكتوب من مكتوبات الجلد الثانى في بيان معنى مجدّد الالف الثانى انّ كلّما يصل إلى الامّة في تلك المدّة من انواع الفيض انّما يصل بتوسّطه سواء كانوا أقطابا او أوتادا او بدلاء او نجباء في ذلك الوقت (قلت) انّ مجدّد الالف في هذا المقام نائب مناب حضرة الشّيخ قدّس سرّه وهذه المعاملة مربوطة به نيابة عن حضرة الشّيخ كما قالوا انّ نور القمر مستفاد من نور الشّمس فلا محذور (فان قيل) انّ معنى مجدّد الالف الذى ذكر فيما سبق مشكل لانّ عيسى عليه السّلام ينزل في المدّة المذكورة والمهدىّ عليه الرّضوان أيضا يظهر في تلك المدّة ومعاملتهما اجلّ واعلى من ان تأخذا الفيوض بتوسّط احد (قلت) انّ معاملة التّوسّط مربوطة بالطّريق الثانى من الطّريقين المذكورين الذى هو عبارة عن قرب الولاية وفي الطّريق الاوّل الذى هو عبارة عن قرب النّبوّة معاملة التّوسّط مفقودة وكلّ من وصل من ذاك الطّريق ليس له حائل ومتوسّط في البين بل يأخذ الفيوض والبركات بلا توسّط احد والتّوسّط والحيلولة انّما هما في الطّريق الاخير فقط ومعاملة ذلك الموطن ممتازة عن غيره كما مرّ وعيسى عليه السّلام والمهدىّ عليه الرّضوان واصلان من الطّريق الاوّل كما انّ الشّيخين رضى الله عنهما وصلا من الطّريق الاوّل في ضمنه صلّى الله عليه وسلّم ولهما فيه شأن خاصّ على تفاوت درجاتهما (تنبيه) ينبغي ان يعلم انّه يصحّ ان يصل شخص من طريق قرب الولاية إلى قرب النّبوّة ويكون شريكا في كلتا المعاملتين ويعطى محلّا هناك أيضا بتطفّل الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام ويجعل

معاملة كلا الطّريقين مربوطة به (شعر)

ليس على الله بمستنكر ... ان يجمع العالم في واحد

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله تعالى على سيّدنا محمّد سيّد المرسلين وآله وصحبه اجمعين قد منّ الله سبحانه وتعالى على هذا العبد العاجز اللّاشى باتمام هذه التّرجمة الحقيرة بعد اتعاب الجسم والرّوح في عدّة شهور وصارت بحيث يطلق عليه اسم المسطور فلو لا ان منّ الله به علىّ لما تيسّر مدى الدهور لانّى حين الاشتغال كنت مبتلى بغاية سوء الحال وتشتّت البال وانواع الاهوال بحيث كان الاشتغال بها من اظهر المحالّ إلّا انّ ما يسّر الله سبحانه ليس بعسير وهو على كلّ شيء قدير وكان الشّروع فيها في اواسط شعبان المعظّم عام ثلاثة وثلاثمائة والف والفراغ منها في ذى القعدة من العام الثانى وكم شرّدت في تلك المدّة لاقتناص شواردها رقادى وكم فرقت لجمع فرائدها شمل فؤادى وكم فارقت لوصل خرائدها قومى وكم صبرت لقيد فوائدها على ايذاء من خاض في لومى وكم اقتحمت لاستيضاح نكتة منها مواقع السّهر في ظلماء الدياجر وكم اقدمت لتصحيح شبهة منها ظماء الهواجر فنسأل الله سبحانه ان يجعلها خالصة لوجهه الكريم وان ينفع بها اخوان الصّفاء النّفع العميم انّه لطيف بعباده رؤف رحيم وصلّى الله على سيّدنا محمّد ذى الخلق العظيم وآله وصحبه الذين تأهّبوا ليوم عظيم.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!