موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(49) المكتوب التاسع والأربعون إلى المذكور أيضا في التحريض على الجمع بين دولتي تحلية الظاهر بإتيان الأحكام الشرعية وتخلية الباطن عن علاقة ما سواه تعالى

 

 


نصركم الله سبحانه على الأعداء بحرمة سيّد الأنبياء عليه وعليهم الصّلوات والتّسليمات والتّحيّات.

قد تشرّفت بمطالعة مكتوبكم الشّريف المرسل على وجه الإلتفات إلى الفقراء وحرّر مولانا محمّد قليچ موفّق في الكتاب أنّه قد أرسل شيء من الخراج لأجل طلبة العلوم والصّوفيّة وقد حسن تقديم طلبة العلوم على الصّوفيّة في نظر الهمّة جدّا، وبحكم الظّاهر عنوان الباطن نرجو أن يحصل تقديم هؤلاء الجماعة في الباطن أيضا. (ع) وكلّ إناء بالّذي فيه ينضح * وفي تقديم طلبة العلوم ترويج الشّريعة لأنّهم حملة الشّريعة النّبويّة، والملّة المصطفويّة قائمة بهم، والنّاس إنّما يسألون يوم القيامة عن الشّريعة دون التّصوّف، وكلّ من دخول الجنّة وتجنّب النّار مربوط بإتيان الشّريعة، والأنبياء عليهم الصّلوات والتّسليمات الّذين هم أفضل الكائنات إنّما دعوا الخلق إلى الشّرائع وجعلوا مدار النّجاة عليها. والمقصود من بعثة هؤلاء الأكابر هو تبليغ الشّرائع. فأعظم الخيرات إذا هو السّعي في ترويج الشّريعة وإحياء حكم من أحكامه خصوصا في الزّمان الّذي انهدمت فيه شعائر الإسلام بحيث لو أنفق ألوفا في سبيل الله لا يساوي ذلك ترويج مسألة من المسائل الشّرعيّة فإنّ في هذا الفعل اقتداء بالأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام الّذين هم أعظم المخلوقات ومشاركة g لهؤلاء الاكابر، ومن المقرّر أنّ أكمل الحسنات مسلّم لهم وإنفاق الألوف ميسّر لغير هؤلاء الأكابر أيضا. وفي إقامة الشّريعة والعمل بأحكامها مخالفة النّفس أيضا لأنّ الشّريعة وردت على خلاف النّفس، وفي إنفاق الأموال موافقة النّفس أحيانا. نعم إن كان الإنفاق لتأييد الشّريعة وترويج الملّة فله درجة عليا وإنفاق فلس بهذه النّيّة يساوي إنفاق ألوف في سائر الأمنيّة فإن قيل: إنّ طالب علم أسير في يد نفسه فكيف يقدّم على صوفيّ تخلّص من رقّيّة نفسه؟ (أجيب) أنّ هذا القائل لم يفهم بعد حقيقة الكلام ولم يطّلع على أصل المرام، فإنّ طالب علم سبب لنجاة الخلائق مع وجود أسره في يد نفسه، فإنّ تبليغ الأحكام الشّرعيّة منوط به وإن لم ينتفع هو نفسه بها. والصّوفيّ مع وجود تخلّصه إنّما خلّص نفسه فقط لا التفات له إلى الخلائق. وأفضليّة من تعلّقت به نجاة كثير وجمّ غفير ممّن اقتصرت النّجاة عليه أمر مقرّر. نعم إذا رجع الصّوفيّ إلى العالم لدعوة الخلق بعد الفناء والبقاء والسّير عن الله وبالله وحصل له نصيب من مقام النّبوّة، فهو داخل في مبلّغي الشّريعة وله حكم العلماء الأشراف ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١).

(٤٩) المكتوب التّاسع والأربعون إلى المذكور أيضا في التّحريض على الجمع بين دولتي تحلية الظّاهر بإتيان الأحكام الشّرعيّة وتخلية الباطن عن علاقة ما سواه تعالى

__________

(١) الآية: ٢١ من سورة الحديد، والآية: ٤ من سورة الجمعة.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!