موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(71) المكتوب الحادي والسبعون إلى الميرزا داراب بن خان خانان في بيان أن شكر المنعم واجب على المنعم عليه وحصول الشكر إنما هو

 

 


وأمّا بعده فبسبب احتياجه إلى كلّ شيء من جزئيّات العالم " فإنّ له احتياجا إلى كلّ ما في العالم خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (١) فبواسطة هذا الإحتياج له تعلّق بجميع الأشياء وهذا التّعلّق هو الّذي صار سببا لبعده وضلاله، (شعر):

ومرتبة الإنسان في آخر الورى ... لذلك عن عزّ الحضور تأخّرا

فإن لم يعد من بعده واغترابه ... فلا شيء محروم كأنس من الورى

فكان الإنسان أشرف الموجودات وشرّ الكائنات أيضا إذ منه محمّد حبيب ربّ العالمين عليه وعلى آله الصّلوات والتّسليمات والتّحيّات ومنه أبو جهل اللّعين عدوّ ربّ الأرضين والسّموات، فلا جرم كان الأمر مشكلا جدّا ما لم يتيسّر النّجاة من جميع التّعلّقات الشّتّى ولم يحصل تعلّق بواحد منزّه عن الوحدة أيضا ولكن بمقتضى “ ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ” ينبغي أن يلتزم كون المعاملة والمعيشة في أيّام قليلة على وفق السّنّة واتّباع صاحب الشّريعة عليه وعلى آله الصّلاة والتّحيّة، فإنّ التّخلّص من عذاب الآخرة والفوز بالتّنعّمات السّرمديّة مربوطة بسعادة هذا الإتّباع، فينبغي أداء الزّكاة من الأموال النّامية والأنعام السّائمة كما هو حقّها وأن يجعل ذلك وسيلة لقطع التّعلّق عن الأموال والأنعام، وينبغي أن لا يكون حظّ النّفس ملحوظا ومنظورا إليه في أكل الأطعمة اللّذيذة ولبس الألبسة النّفيسة، بل اللّائق في استعمال الأطعمة والأشربة أن لا ينوي شيئا غير حصول القوّة لأداء الطّاعات. وفي لبس الثّوب النّفيس ينبغي أن ينوي التّزيّن المأمور بقوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (٢) أي عند كلّ صلاة، وأن لا يشوبه نيّة أخرى. فإن لم تتيسّر حقيقة النّيّة ينبغي أن يتكلّف فيها “ فإن لم تبكوا فتباكوا ” وأن يلتجئ ويتضرّع إلى الله سبحانه دائما لتتيسّر حقيقة النّيّة وليتخلّص من التّكلّف.

ولعلّ يقبل دمعي المتقاطر ... من كان يخلق لؤلؤا من قطرة

وعلى هذا القياس ينبغي أن يعامل في جميع الأمور بمقتضى فتاوى العلماء المتديّنين الّذين اختاروا العزيمة واجتنبوا الرّخصة، وأن يعتقد ذلك وسيلة للنّجاة الأبديّة ما يَفْعَلُ الله بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وآمَنْتُمْ (٣).

(٧١) المكتوب الحادي والسّبعون إلى الميرزا داراب بن خان خانان في بيان أنّ شكر المنعم واجب على المنعم عليه وحصول الشّكر إنّما هو

__________

(١) الآية: ٢٩ من سورة البقرة ٢.

(٢) الآية: ٣١ من سورة الأعراف.

(٣) الآية: ١٤٧ من سورة النساء.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!