موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(72) المكتوب الثاني والسبعون إلى الخواجه جهان في بيان أن جمع الدين مع الدنيا متعسر وما يناسب ذلك

 

 


بإتيان أحكام الشّريعة لا غير أيّدكم الله سبحانه ونصركم اعلم أنّ شكر المنعم واجب على المنعم عليه عقلا وشرعا ومن المعلوم أنّ وجوب الشّكر على قدر وصول النّعمة، فكلّما كان وصول النّعمة أكثر كان وجوب الشّكر أزيد وأوفر، فكان الشّكر على الأغنياء على تفاوت درجاتهم بأضعاف ما يجب على الفقراء، ولهذا ورد في الخبر " إنّ فقراء هذه الأمّة يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام» (١) والشّكر لله المنعم تعالى وتقدّس إنّما يكون بتصحيح العقائد أوّلا على مقتضى آراء الفرقة النّاجية أهل السّنّة والجماعة، وإتيان الأحكام الشّرعيّة العمليّة ثانيا على وفق بيان مجتهدي هذه الفرقة العليّة، والتّصفية والتّزكية ثالثا على طبق سلوك الصّوفيّة العليّة من هذه الفرقة النّاجية السّنيّة، ووجوب هذه الرّكن الأخير استحسانيّ بخلاف الرّكنين السّابقين. فإنّ أصل الإسلام مربوط بذينك الرّكنين وإنّما المنوط بالرّكن الأخير هو كمال الإسلام لا أصله، والعمل المخالف لهذه الأركان الثّلاثة ولو كان من جنس الرّياضات الشّاقّة والمجاهدة الشّديدة فهو داخل في المعصية والبغي والطّغيان على المنعم جلّ سلطانه. ولم يقصّر براهمة الهند وفلاسفة اليونان في الرّياضات والمجاهدات شيئا ولم يفوّتوا فيها دقيقة، ولكن لمّا لم تكن تلك الرّياضات والمجاهدات على وفق شرائع الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام كانوا مردودين وصاروا من النّصيب الأخرويّ محرومين، فعليكم بمتابعة سيّدنا ومولانا وشفيع ذنوبنا وطبيب قلوبنا محمّد رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم ومتابعة خلفائه الرّاشدين المهديّين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

(٧٢) المكتوب الثّاني والسّبعون إلى الخواجه جهان في بيان أنّ جمع الدّين مع الدّنيا متعسّر وما يناسب ذلك

سلّمكم الله سبحانه وعافاكم (ع) ما أحسن الدّين والدّنيا لو اجتمعا * والجمع بين الدّين والدّنيا من قبيل الجمع بين الأضداد، فلا بدّ إذا لطالب الآخرة من ترك الدّنيا. وحيث كان تركها حقيقة متعسّرا في هذه الأوان ينبغي أن يلتزم تركها حكما بالضّرورة. والتّرك الحكميّ عبارة عن أن يكون محكوما بمقتضى حكم الشّريعة الغرّاء في الأمور الدّينيّة، وأن يراعي حدود الشّرع في المطاعم والمشارب والمساكن غير مجوّز لمجاوزتها، وأن يؤدّي الزّكاة المفروضة في الأموال النّامية والأنعام السّائمة. فإذا

__________

(١) روى مسلم عن عبد الله ابن عمرو (وأن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا) وروى ابن ماجة عن أبي سعيد بلفظ (أن الفقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة) وما ذكره الإمام فهو في رواية الترمذي عن أبي هريرة (يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام مقدار نصف يوم) سند. (القزاني رحمة الله عليه)



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!