موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المشهد التاسع: مشهد نور الأنهار وطلوع نجم المراتب [الشرح]

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

أشهدني الحق بمشهد نور الأنهار ، وطلوع نجم المراتب .وقال لي : تأمل وقوعها . فرأيتها تقع في أربعة أبحر :النهر الواحد : يرمي في بحر الأرواح .والنهر الثاني : يرمي في بحر الخطاب .والنهر الثالث : يرمي في بحر المزمار ، والسكر .والنهر الرابع : يرمي في بحر الحب .وتتنوع من هذه الأنهار جداول تسقي زراعات الزارعين .ثم رميت بصري في الأبحر ، فرأيتها تنتهي إلى بحر واحد محيط بجميعها ترمي فيه هذه الأبحر . ورأيت الأنهار الأربعة تتفجر من ذلك البحر المحيط ، ثم ترجع إليه بعد الامتزاج بهذه الأربعة الأبحر .فقال لي : هذا البحر المحيط بحري ، وأولئك أبحري ، ولكن ادعت السواحل أنها لها . فمن رأى البحر المحيط قبل الأبحر والأنهار ، فذلك : صِدِّيق .ومن شاهدها دفعة واحدة فذلك : شهيد .ومن شاهد الأنهار ، ثم البحر المحيط ، ثم الأبحر ، فذلك : صاحب دليل . ومن شاهد الأبحر ، ثم الأنهار ، ثم البحر المحيط ، فذلك : صاحب آفات لكنه ناج .ثم قال لي : من كان من أهل عنايتي أنشأت له مركبا فجرى به في الأنهار حتى قطعها . فإذا رمت به الأنهار في الأبحر ، جرى فيها حتى تنتهي إلى البحر المحيط . فإذا انتهى إليه علم الحقائق وكاشف الأسرار . وإلى هذا البحر ينتهي المقربون . وأما من فوقهم ، فإنهم يجرون فيه ألف سنة حتى ينزلوا بساحله ، فيخرجون في صحراء قفرا لا تُدرك لها نهاية ولا غاية . فينتهون فيه ما بقيت الديمومية ، فإذا فنيت فنوا .ثم قال لي : انظر . فرأيت ثلاثة منازل :ففتح لي المنزل الأول : فرأيت فيه خزائن مفتحة ، ورأيت السهام قد تعاورتها ، ورأيت الرعاع يطوفون بأرجائها ويريدون كسرها . فخرجت من ذلك المنزل .وأدخلني المنزل الثاني : فرأيت فيها خزائن مقفلة ومفاتيحها معلقة على أبوابها ، فقال : خذ المفاتيح وافتح ، وتنزه ، واعتبر . ففتحت الأقفال ، فرأيتها مملوءة دررا ، وجواهر ، وحللا ما لو اطلع عليها أهل الدنيا لاقتتلوا عليه .ثم قال لي : خذ منها حاجتك وردها كما وجدتها .قلت : لا حاجة لي بها ، فأغلقتها .فقال : ارفع رأسك . فرأيت على أبوابها طاقات وحاجات لا يشرف عليها إلا الطوال من الناس من كان طوله مائة ذراع فصاعدا . ورأيت من دون الطوال يتعلقون بحلق تلك الأبواب ويقرعون بها . فإذا استدام الطرق وكثر الصياح تنبعث لهم من تلك الطاقات معصم تمسك سراجا يستضيئون به ويرى بعضهم بعضا ، ويتآنسوا ، وتنفر سباع كانت تؤذيهم ، ودخلت الأفاعي حجرتها ، وحصل لهم الأمن من كل ضرر كانوا يجأرون في الظلمة ورأيت في جوانب تلك الخزائن سهاما قد تعاورتها دون الأولى .ثم أخرجني الحق إلى المنزل الثالث : فأدخلني فيه . فرأيت خزائن مقفلة ليس لها مفاتيح .فقلت له : أين مفاتيح هذه الخزائن ؟قال : رميت بها في البحر المحيط .فأنشأ لي مركبا وجريت في البحر ستة آلاف سنة .فلما كان في الألف السابعة .قال لي : تجرد عن ثيابك ، فإنك في وسطه ، واغطس على تلك المفاتيح ، فهنا { مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } فتجردت عن ثيابي فأردت إزالة مئزري .فقال لي : لولا المئزر ما قدرت أن تنغمس ، فشددت مئزري ، ورميت نفسي من المركب ، حتى وصلت قعر البحر ، فأخرجت المفاتيح . فلما حصلت على ظهر البحر ، خرجت نار من المفاتيح فأحرقت المركب . فصعدت حتى وصلت إلى الخزائن ، فطارت المفاتيح من يدي وبادرت إلى فتح الأقفال . ففتحت الأبواب ، ودخلت الخزائن فرأيت بداية من غير نهاية ، ونظرت أن أرى فيها شيئاًً ، فما رأيت شيئاً إلا فارغة .فقال لي : ما رأيت ؟قلت له : ما رأيت شيئاًً .قال لي : الآن رأيت ، من هنا تكلم كل ذي سر ، وهذا عشه . أخرج . فخرجت ، فرأيت كل شيء مكتوبا على ظاهر الأبواب . ثم نظرت في جوانب الخزائن ، فلم أرى فيها من السهام إلا قليلا .ثم قال لي : كل ما رأيت فهو كون ، وكل كون ناقص . ارق حتى لا ترى كونا . فرقيت ، فرماني في بحر الحيرة ، وتركني أسبح فيه .



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!