موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المشهد الرابع عشر: مشهد نور الحجاج بطلوع نجم العدل [الشرح]

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

أشهدني الحق بمشهد نور الحجاج ، وطلوع نجم العدل . فرأيت الساهرة قد مدت ، والأرض قد ألقت ما فيها وتخلت .وقال لي : يا عبدي ، تأمل ما أصنع بأهل المِراء ، والجدال ، والأهواء ، والبدع ، وأنا القاهر . فرأيت سرادقا مضروبا ، عموده من نار ، وأرجاؤه وأطنابه من قطران .فقال لي : يا عبدي ، إذا دخل المتناظرون في هذا السرادق ، فانظر فريقك فسر معهم . فإذا نجوا نجيت ، وإن هلكوا هلكت ، ألق السمع واشهد فهذا ميزان العدل قد نُصب .وصراط الحق قد مدّ ، وجحيم الخلاف قد سُعِّر ، وجنات الموافقة قد أزلفت فإذا النداء :- أين ذوو العقول بزعمهم ؟فجيء بالفلاسفة ، ومن تابَعَهم : فأُدخلوا في السرادق فسُئلوا :- فيم صرّفتم عقولكم ؟قالوا : فيما يرضيك .قال : ومن أين علمتم بذلك ، بمجرد العقل أم بالإتباع والاقتداء ؟قالوا : بمجرد عقولنا .قال : لا عقلتم ، ولا أفلحتم ، لكنكم تحكمتم ، يا نار تحكمي فيهم . فسمعت ضجيجهم بين أطباق النيران ، بالويل .فقلت : من يعذبهم ؟قال لي : عقلهم ، فهو كان معبودهم ، ما سألهم سواهم ، وما عذبهم غيرهم .- أين الطبيعيون ؟فأُتي بهم . فرأيت أربعة أملاك غلاظ شداد ، بأيديهم مقامع .فقالت لهم : يا ملائكة الله ، ما تبغون منا ؟فقالوا نهلككم ونعذبكم .فقالوا لهم : ولأيّ شيء ؟قالوا : كنتم في الدنيا تزعمون أنا آلهتكم ، وكنتم تعبدوننا من دون الله ، وتروا الأفعال منا لا من الله . فسلطنا الله عليكم نعذبكم في نار جهنم فكُبُّوا فيها .- أين الدهرية ؟فأُتي بهم ، فقيل لهم : أنتم القائلون : { وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ } .حدثتم أنفسكم : أنكم ستردون على هذا المقام .فقالوا : لا يا ربنا .فقال : ألم تأتكم الرسل بالبينات ، فكذبتم ، وقلتم : ما نزل الله من شيء ، اخسأوا فلا حجة لكم . فكُبُّوا على وجوههم في نار جهنم .- أين المعتزلة الذين اعتزلوا عن الصراط المستقيم ؟فأُتي بهم أجمعين ، فقيل لهم : ادعيتم الربوبية تقولون : ما شئنا فعلنا . فسُحبوا على وجوههم في نار جهنم .- أين الروحانيون ؟فأُتي بهم ، فرأيتهم أقبح الناس صورا ، وأشمتهم حالا ، إلا طائفة واحدة منهم ، عُزلت عنهم في كنف النبيين والصديقين تحت سرادق الأمن .فقال لي : انتظم معهم إن أردت النجاة ، واسلك سبيلهم . لا تنتظم معهم ما دامت الميم . فإذا فني الميم ، فانتظم ما دامت المعية ، فإذا فنيت المعية ، فاحكم بما شئت ، ولا جناح عليك . وإن لم تعمل هلكت برؤيتك عاملا والسلام .ورأيت السبعة الأحزاب من الروحانيين قد سُئِلوا ، وصاروا محجوبين .قد لعبت بهم الأهواء واستهواهم الشيطان . فاستعاذ جميع الطوائف منهم ومن أعمالهم ، وحصلوا بين أطباق النيران . هذا الذي كنتم به تكذبون .- أين لاهوتكم يشفع في ناسوتكم ؟{ وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }فدخلت الجنان مع الحزب الثامن . فأزلت الميم ، كما قال لي فبقيت المعية بسبعين ألف حجاب . فلم تزل المعية تقطع الحجب وتخرقها حتى هلكت في آخر حجاب ، وما بقي حجاب ولا معية .فإذا الحزب الثامن ينادي : { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا }قال العبد الفقير إلى رحمة ربه : فتجلى لهم في صورة العلم ، فتفاضلت الرؤية ، وقال لي : هذه صورتك . ابرز لهم فيها .ثم قال لي : ادخل السرادق . تعود ناره نورا .ادخل النيران تعود جنة ، لا تدخل مكانا إلا بي ، ولا تقصد إلا إلي .قامت الحجج على أهل الحجاج ، من سلم ؟قلت : من لم يكن له حجة { قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } فصاحب الحجة يسلم .ثم قال لي : ارجع ، فخبر ، وإياي فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فطهر وفي هذا المقام فاعتبر .ثم قال لي : لا تعمل شيئاً مما ذكرت لك أن تعمله ، وإن لم تعمله لهلكت فكن على حذر ، ولا تفارق الأمر .



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!