موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


148. الموقف الثامن و الأربعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَ شَاء﴾[البقرة: 2/255].

الإحاطة هنا ليست عن أصلها من اكتناف الشيء من جميع جهاته ووجوهه، وإنما المراد بالإحاطة مطلق الإدراك، وكلّ من أدرك معلوماً، وزعم أنه أدركه على وجه الإحاطة وما بقي له منه شيء غير ما أدرك فما أدركه. فإن من المعلومات ما لا يحاط به كذاته تعالى التي هي حقيقة كلّ معلوم، وأسمائه، وهي لا تتناهى. وقوله تعالى: ﴿﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا﴾[البقرة: 2/33].

المراد أسماء مرتبة الألوهية المتوجهة على العالم، أعني كلّياتها، وأمَّ جزئياتها فإنها أيضاً لا يحاط بها. و قد قال السيد الكامل: "أسألك بكل اسم هو لك، أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك". وأمَّا قول بعض العارفين وقد سئل أيحيط العارفون بالحق تعالى "إذا حوّطهم به أحاطوا" فمعناه أنه إذا أعلمهم أنه لا يحاط به؟ فقد حوّطهم، إذ العلم إدراك للشيء على ما هو عليه. فإذا كان ذلك مما لا يحاط به فقد أحاط به من بعض وجوهه.

وقال: " من علمه" وما قال: "من معلوماته" لأن معلومات الحق تعالى عين علمه، وعلمه عين ذاته، علم ذاته تعالى ـ، فعلم العالم من علمه بذاته، فليس علمه بالعالم شيئاً آخر غير علمه بذاته، فالعالم والعلم والمعلوم حقيقة واحدة، تعدّدت بالاعتبار. والعالم الذي يظهر لنا متعدداً هو حقيقة واحدة، وروحه واحد، وهو المدّبر لجميعه، كجسد الإنسان الواحد، تعدّدت أعضاؤه وجوارحه وقواه، وروحه المدّبر له و احد. فمن نظر إلى العالم رأى شيئاً واحداً متصلاً كجسد الإنسان. وإنما قال بشيء بالنسبة إلينا، فإنه قد يكشف لنا بعض تلك الحقيقة فنعلم ما كشف منها، ويستر البعض فيبقى مجهولاً لنا: ﴿ وَمَا أُوِيْتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيْلا﴾[الإسراء: 17 / 85].

وأما بالنسبة إليه تعالى فالكل شيء واحد. وكل شيء تعلق به علمنا، أو إدراك من مداركنا إنما هو الحق تعالى لمّا نسب إلينا تقيّد ببعض الأشياء دون بعضها. كما أننا باقون في العلم، ما خرجنا من علمه تعالى من حيث حقائقن وأعياننا فيه، نعلم وما خرجنا من العلم، والناس يظنون أنهم في هذا الموطن الذي يسمّونه وجوداً خارجياً خرجوا من حضرة العلم الإلهي إلى شيء آخر، وموطن غير العلم، وهم غالطون، بل مازالوا في حضرة العلم، وما خرجوا منه، ولا يخرجون أبداً، وإنم الظاهر في هذا الموطن الذي توهموه وجوداً لهم خارج العلم هو الوجود الحق تعالى ، متلبساً بأحكام استعداداتهم، التي هي حقائقهم؛ ومن صفة نفسها أن لا تخرج من العلم،  ولا تصير إلى هذا الأمر الذي يقال فيه وجود خارجي أبداً، والأحكام إنما هي نسب وإضافات لا وجود لها إلاَّ في العقل، وهي أعدام في الخارج عند أولي الأبصار، فما مسمى ا لعالم إِلاَّ مِثْل: التجريد، عند علماء البيان. جرّد الحق تعالى من نفسه لنفسه في نفسه أشياء وقدّرها في نفسه تقديراً، وهي عين الحق تعالى في الحقيقة، وغيره في الحكم و المعاملة، فالعالم هو ذلك التجريد و التقدير المجرد في النفس المقدر فيها. فأين العالم؟ وماهو العالم؟ فانظر ماذا ترى؟ فما ترى عين ذي عين سوى عدم. فصحّ أن الوجود المدرك لله هو الأول، والآخر، و الظاهر، و الباطن، لا شيء غيره، من كلّ ما يقال فيه: أول، أو آخر، أو ظاهر، أو باطن. وقد محق تعالى بهذه الآية  الأغيار كلها:

ورفض السوى فرض علينا لأنن

 

بملّة محو الشرك والشك قد دن

ولكنه كيف السبيل لرفضه

ورافضه المرفوض نحن وما كن


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!