موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


174. الموقف الرابع والسبعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ *وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾[النحل: 16/ 52- 53].

نفي وإنكار على من يتّقى ويخاف غير الله، ويرى نعمة الله من غيره تعالى فيرجوه، وإذا مسّه الضر، جأر إلى الله كما يجأر للبعيد منه الغائب عنه فإذا كشف الضّر عنه أشرك به، ونسب الكشف إلى غيره تعالى . وفي الآية حذف من الأوائل لدلالة الأواخر، وحذف من الأواخر لدلالة الأوائل، فهي في التقدير: ﴿أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ ﴾[النحل: 16/ 52].

ومابك من خير وشرّ فمن الله، أفغير الله ترجونه منعماً فترجونه: ﴿وَمَ بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾[النحل: 16/53]

أنكر عليهم تعالى جهالتهم وكشف لهم ضلالتهم، أن يتّقوا ويخافو مخلوقاً، مع اعتقادهم أنه غير الله، فإن غير الله لا ملك ضراً فلا يُتَّقى، مع أنهم في نفس الأمر ما اتقوا إلاَّ الله. ولكن التبس عليهم الأمر، إذ لا غير أصلاً لوحدة الحقيقة، والغيران أمران وجوديان، لا اشتراك بينهما في صفة النفس، وهذا شيء لا وجود له في مشرب التحقيق، فالأغيار أوهام وتخيّلات، لأن الوهم من حقيقته أن ينزل النسب والاعتبارات والإضافات التي لا وجود لها، منزلة الحقائق المعقولة والمحسوسة، فجهلوا جهالتين، جهالتهم بالله وعدم معرفته، وجهالة اتقاء الغير مع اعتقادهم أنه غير، ولو عرفوا لاتقوا الله في مظاهر أسمائه الانتقامية، وهي مقدراته ومصوّراته، ومكوناته،  التي جعلها مَجَالاً يخلق الضر عندها وبها:

﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾[النحل: 16/53]

كما اتقيتم غيره تعالى مخافة ضره بأوهامكم العاطلة، كذلك رأيتم نعمه عليكم من غيره فرجوتموه طمعاً في نعمه، وتوهّمتهم أن النعمة الواصلة إليكم بواسطة مظاهره تعالى هي في غيره. كلا وحاشا:

﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾[النحل: 16/53]

لا من غيره، إذ غيره تعالى لا يعطي ولا يمنع، ولا يضر ولا ينفع، ثم إذا مسَّكم الضر، حيث ما نفعكم اتقاء من اتقيتموه فأوصل إليكم ضره وشره، على اعتقادكم. أو خاب رجاؤكم فيمن رجوتموه فما وصلتكم منه نعمة، جأرتم إلى الله بالتضرّع والدعاء جؤار الجهلاء ودعوتموه فما وصلتكم منه نعمة، جأرتم إلى الله بالتضرّع والدعاء جؤار الجهلاء ودعوتموه برفع أصواتكم دعوة الجفلاء، لأنكم ت وهمتم بعده منكم، وانفصاله عنكم، وهو أقرب إليكم من جلسائكم، ومن حبل وريدكم، بل أقرب إليكم من أنفسكم، فإذا أجاب جاءكم وكشف الضرّ عنكم، مع هذه الجهالات والآداب السيّئة والأوهام الباطلة، إذا فريق منكم بربّهم يشركون، فينسبون ما حصل من كشف ضرّ، ورفع شرّ، وجلب نعمة، وإفضال ورحمة، إلى الأسباب المعهودة، والوسائط المشهودة، ونسيتم الله تعالى مسبّب الأسباب، وخالق الوسائط. فحجب الأسباب أعظم بليّة، وأكبر رزيّة، على أهل الحجاب. ولا تتوهّم إذا رأيت عارفاً خاف، أو رج مخلوقاً، أو اعتبر الأسباب في ظاهره أنه مثل المحجوب في هذا هيهات!! فالعارف إنم يخاف الله في مظاهره، ويرجو الله منها، إذ هو تعالى وضع الوسائط والِأسباب وأمر بمراعاتها حكمة وعدلاً، فشرك العارف حكم لا حقيقة، إذ هو متحقق بالوحدة الحقيقية فهو موحّد، خالص التوحيد، لا غير بالذات عنده. فمراعاته للأسباب، علامة كماله، ورسوخ قدمه في المعرفة بربّه، والأدب معه تعالى.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!