موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


328. الموقف الثامن و العشرون بعد الثلاثمائة

قال تعالى في السعداء: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾[هود: 11/108].

وقال في الأشقياء: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾[هود: 11/106، و107].

اعلم أن الجنة و النار باقيتان بإبقاء الله، لا نهاية لبقائهما ول انقطاع، باتفاق الأمة من علماء الظاهر وأهل الكشف الصحيح، وقد سألني بعض الأصحاب عن قول الشيخ المحقق العارف الكامل عبد الكريم الجيلي في كتابه: «الإنسان الكامل» في باب الأبد: «لابدَّ أن تحكم بانقطاع الآباد، آباد أهل الجنة وآباد أهل النار، ولو دامت وطال الحكم ببقائه فإن بعديه الحق تلزمنا أن نحكم على ما سواه بالانقطاع، فليس للمخلوق أن يسايره في بقائه، وهذا الحكم ولو نزلناه في الكلام بعبارة مع قولة فإن قد شاهدناه كشفاً وعياناً، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، فأجبته بأنه يصحُّ أن يكون الحق تعالى قد جعل لكل أبد من آباد الجنة، والنار قدراً واحداً، فإذ انتهى جدد لهما أبداً، وهكذا إلى غي نهاية ليصح عموم قوله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾[القمر: 54/49].

وقوله: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ﴾[الرعد: 13/8]. وقوله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾[الفرقان: 25/2].

أي جعل لكل مخلوق خلقه قدراً واحداً ووقتاً لا ينقص عنه ولا يتجاوزه، فإذ أراد أن يجدّد له قدراً ووقتاً آخر جدده أيضاً إذا القدر هو التوقيت ومنه: ((كل شيء بقضاء وقدر)) . الحديث.

وأيضاً أن الجنة و النار حادثتان، وكل حادث يحكم عليه بالانقطاع وعدم البقاء جوازاً وحكماً عقلين، ولو طال بقاؤه، لولا أن الشارع أخبر أن الجنة والنار مخلوقتان للبقاء وعدم الانقطاع لكانا كسائر المحدثات عقلاً، وإن الله تعالى قد يظهر في الكشف للمكاشف ما لا يتناهى متناهياً، وقد يظهر المتناهي غير متناه إظهاراً للاقتدار الإلهي مشاهدة، إذ ما راء كمن سمعا، فإنه لا ي عجزه شيء تعالى فهو القادر بأن يجمع بين الضدين ويريك الواحد بالشخص في الآن الواحد في مكانين، فإن المستحيلات العقلية ليست بمستحيلة نسبة إلهية، وأما صورة الجنة و النار من حيث الخلق الجديد فإنها تتبدل في كل نفس كسائر صور المخلوقات، غير الصورة العلمية والعقلية، إذ الخلق الجديد لازم لجميع صور المحدثات، دنيا وبرزخاً وآخرة، وإن من الموجودات ما لا أول له ولا آخر، وليس إلا الحق تعالى وإن منه ماله أول وليس له آخر، كالجنة والنار وما خلقه الله للبقاء بإخبار الشارع، وإن منها ماله أول وآخر وهي الدنيا وما فيها.

وإياك ثم إياك أن تأخذ كلام الشيخ الجيلي على ظاهره وتقول بانقطاع الجنة والنار عيناً، وإنما ذلك كما قلنا في الآية، أو حكماً عقلياً لئلا يشارك الحق تعالى في صفة البقاء أو كشفاً لمن كوشف بذلك لحكمة يراها تعالى، وقد قال الشيخ الجيلي نفسه فيما كتبه على بعض الأسرار من الفتوحات ما نصه: «فلا تحمل كلام الشيخ (رضي الله عنه) في الفتوحات من أن عمر الجنة والنار كذا كذا سنة على ظاهره، بل ذلك من وقت مخصوص إلى وقت مخصوص». إلى أن قال: ولما كان العالم الأخروي نسخة من باطن الإنسان وروحه، إذ كل منهما نسخة من الآخر، فكنت الآخرة كالروح الإنسانية با قية ببقاء الله تعالى ـ، فلا تتوهم أن الجنة وا لنار تفنى، وما ورد أن الجنة والنار تفنى وينبت في محلها شجر الجرجير، إنما ذلك من حيث أقوال مخصوصة، ففناؤه وزوالها فناء مقيد لا فناء مطلق، لأن الآخرة محل شهود الأعيان الثابتة التي هي معلومات العلم لأن الله تعالى يظهرها يومئذ فيرى كل واحد منها على حسب حاله ومقامه عند الله، ولاشك أن النار معلوم العلم الإلهي فلا سبيل إلى زوال المعلوم من العلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!