موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


16. ارض الحقيقة

المرادفات: مسرح عيون العارفين، الأرض المخلوقة من بقية طينة آدم.

لقد افرد الشيخ الأكبر كتابا خاصا، للكلام على هذه الأرض 1 كما افرد لها بابا في الفتوحات: الباب الثامن، ننقل منه نصا طويلا يبين ماهية هذه الأرض وم تحويه من الغرائب، ومن معطيات النص نستطيع ان نستخلص تحديدا لأرض الحقيقة عند الشيخ الأكبر.

يقول:

“ اعلم أن اللّه تعالى لما خلق آدم عليه السلام الذي هو أول جسم انساني تكوّن، وجعله أصلا لوجود الأجسام الانسانية وفضلة من خميرة طينته فضلة خلق منه النخلة 2 فهي أخت لآدم عليه السلام وهي لنا عمّة 3. .. وفضل من الطينة بعد خلق النخلة قدر السمسمة في الخفاء، فمدّ اللّه في تلك الفضلة أرضا واسعة الفضاء ،

إذ جعل: العرش وما حواه والكرسي والسماوات والأرضون وما تحت الثرى والجنات كلها والنار في هذه الأرض. كان الجميع فيها كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض.

وفيها [ فضلة طينة آدم ] من العجائب والغرائب ما لا يقدر قدره. ..

وفي هذه الأرض ظهرت عظمة اللّه. وعظمت عند المشاهد لها قدرته [ تعالى ] وكثير من المحالات العقلية، التي قام الدليل الصحيح العقلي على احالتها، هي موجودة في هذه الأرض.

وهي مسرح عيون العارفين. .. وإذا دخلها العارفون انما يدخلونه بأرواحهم لا بأجسامهم فيتركون هياكلهم في هذه الأرض الدنيا ويتجردون. .. وتعطي هذه الأرض بالخاصية لكل من دخلها الفهم بجميع ما فيها من الألسنة. ..

ودخلت في هذه الأرض: أرضا من الذهب الأحمر اللين، فيها أشجار كلها ذهب. .. ودخلت فيها أرضا من فضة بيضاء في الصورة ذات شجر وانهار وثمر شهي كل ذلك فضة. .. ودخلت فيها أرضا من الكافور الا بيض. .. وكل ارض من هذه الأرضين التي هي أماكن في هذه الأرض الكبيرة لو جعلت السماء فيها لكانت حلقة في فلاة بالنسبة إليها. .. وخلقها [ سكان ارض الحقيقة ]

ينبتون فيها كسائر النباتات من غير تناسل بل يتكونون من ارضها. .. وسرعة مشيهم في البر والبحر اسرع من ادراك البصر للمبصر. .. ورأيت في هذه الأرض بحرا من تراب يجري مثل ما يجري الماء، ورأيت حجارا صغارا وكبارا يجري بعضها إلى بعض كما يجري الحديد إلى المغناطيس فتتألف هذه الحجارة. .. فإذا التأمت السفينة من تلك الحجارة رموا [ سكان ارض الحقيقة ]. .. بها في بحر التراب وركبوا فيها وسافرو حيث يشتهون. ..

ومدائنها [ مدائن ارض الحقيقة ] لا تحصى كثرة. .. وجميع من يملكها من الملوك ثمانية عشر سلطانا. .. وأهل هذه الأرض أعرف الناس باللّه، وكل ما أحاله العقل بدليله عندنا وجدناه في هذه الأرض ممكنا قد وقع. .. فعلمنا ان العقول قاصرة وان اللّه قادر على جمع الضدين، ووجود الجسم في مكانين وقيام العرض بنفسه وانتقاله. .. وكل جسد يتشكل فيه الروحاني من ملك وجن وكل صورة يرى الانسان فيه نفسه في النوم فمن أجساد هذه الأرض. .. “

( ف ج 1 ص ص 126 - 130 )

نستخلص من النص السابق ما يلي:

( 1 ) ان هذه الأرض فضلة من طينة آدم عليه السلام، وهذا يجعلها مغايرة لكل المخلوقات، لأنها اكتسبت الصفات التي منحها اللّه جسم آدم الجامع لحقائق العالم 4، ومعلوم ان نشأة جسم آدم من طين سّواه الحق عز وجل بيديه 5 فتكون هذه الأرض بتلك الصفة اكتسبت كل الاسرار والغموض والعجائب التي يتفنن في وصفه وايرادها الشيخ الأكبر ومن اتبعه 6.

( 2 ) ان هذه الأرض تجمع الاضداد حتى المحالات العقلية في واقعها: فهي من ناحية قدر السمسمة في الخفاء ومن ناحية ثانية العرش وما حواه والكرسي والسماوات والأرضون كلها فيها كحلقة في فلاة. كما أن الداخل إليها يرى الكثير من المحالات العقلية ممكنا قد وقع كوجود جسم في مكانين. ..

وهذا الجمع للاضداد هو من مظاهر قدرة 7 اللّه وعظمته. كما يظهر من جملة: “ وفي هذه الأرض ظهرت عظمة اللّه وعظمت عند المشاهد لها قدرته. .. “

( 3 ) ان هذه الأرض بايجاز هي عالم الخيال الذي ندخله بالروح، عالم الخيال كما يفهمه الشيخ ابن العربي 8، ويظهر ذلك من الجملة التي وردت في النص: “ وإذا دخلها [ ارض الحقيقة ] العارفون، انما يدخلونها بأرواحهم لا بأجسامهم “.

اذن هي ليست أرضا محسوسة، بل هي مسرح عيون العارفين، انها عالم الخيال، ويظهر ارتباطها بعالم الخيال من هذه النصوص للشيخ ابن العربي.

يقول: “ وهذا القدر كاف فيما ذهبنا اليه من علم الخيال. وقد تقدم. .. معرفة الأرض التي خلقت من بقية طينة آدم عليه السلام. .. فالعلم بتلك الأرض جزء من هذه المسئلة “. ( ف 2 / 313 ).

“ فالعالم كله في صور مثل منصوبة، فالحضرة الوجودية، انما هي حضرة الخيال ثم تقسم ما تراه من الصور إلى محسوس ومتخيل والكل متخيل. .. ومن علم م قررناه علم علم الأرض المخلوقة من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام، وعلم أن العالم بأسره لا بل الموجودات هم عمّار تلك الأرض وما خلص منها الا الحق تعالى. .. “ ( ف 3 / 525 ).

“ فلما قرعا [ الناظر بحكم العقل والمقلد التابع للرسول ] السماء الثالثة فتحت فصعدا فيها، فتلقى التابع يوسف عليه السلام، وتلقى صاحب النظر كوكب الزهرة. .. فجاء كوكب الزهرة إلى يوسف عليه السلام وعنده نزيله وهو [ نزيله ] التابع، وهو [ يوسف ] يلقي اليه ما خصه اللّه به من العلوم المتعلقة بصور التمثل والخيال. .. فاحضر اللّه بين يديه الأرض التي خلقها اللّه من بقية طينة آدم عليه السلام. .. “ ( ف 2 / 275 ).

بعد هذه الملاحظات نستطيع ان نحدد ارض الحقيقة بأنها:

أرض بقدر السمسمة تتسع لكل العوالم بقيت من طينة آدم، كل المحالات العقلية واقعة فيها ممكنة لأنها مظهر لتجلي صفة “ القدرة “ - وهي من “ عالم الخيال “ مسرح لعيون العارفين يدخلونها بأرواحهم.

..........................................................................................

( 1 ) يقول في كتابه عنقاء مغرب ص 74:

“ واما النبي محمد عليه السلام فإنه اجتمع به [ بختم الولاية ] في الأرض التي خلق منها آدم عليه السلام، وفي هذه الأرض من العجائب ما يعظم سماعه. .. وقد ذكرت هذه الأرض وما فيها من العجائب، وما تحويه من الغرائب في كتاب أفردته له سميته بكتاب الاعلام بما خلق اللّه من العجائب في الأرض التي خلقت من بقية طينة آدم عليه السلام. “

اذن الكتاب الذي افرده للكلام على ارض الحقيقة عنوانه: “ الاعلام بم خلق اللّه من العجائب في الأرض التي خلقت من بقية طينة آدم عليه السلام “.

يراجع بشأنه عثمان يحي :Hist. et class. Tl p 309 R. G. 281 a.( 2 ) يرى هنري كوربان ان “ النخلة “ هي رمز للأرض السماوية يقول:

كما يشير إلى أهمية النخلة، ويقارن بين “ نخلة مريم “ التي ولدت عيسى تحتها كما ورد في القرآن، وبين النخلة التي هي “ أخت آدم “. راجع النص الفرنسي :Terre celeste p 214

( 3 ) إشارة إلى الحديث.

“ أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم، وليس من الشجر شجرة أكرم على اللّه تعالى من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران فاطعمو نساءكم الولّد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر. “

انظر فهرس الأحاديث، حديث رقم ( 6 ).

( 4 ) يراجع كتاب الشيخ ابن العربي “ شجرة الكون “ حيث يقيم مقابلة تامة بين جسم الانسان وعالم الملك. ص ص 9 - 11 طبع مصر - مكتبة الشمرلي.

( 5 ) يقول الشيخ ابن العربي في الفتوحات السفر الثاني فقرة 348:

“ ورد في الخبر ان اللّه - عز وجل - “ خلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده “. وخلق آدم، الذي هو الانسان، بيده فقال - تعالى - لإبليس، على جهة التشريف لآدم - عليه السلام -( ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِم خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ؟ )( 38 / 75 ) راجع بشأن الحديث فهرس الأحاديث حديث رقم: ( 7 ).

( 6 ) لقد وضع هنري كوربان كتابا بعنوان :”Terre Celeste et corps de Resurrection“رجع في كتابه هذا إلى الجذور الإيرانية القديمة لفكرة الأرض السماوية، وتتابعها في النصوص الاسلامية ابتداء من شهاب الدين السهروردي. ت 587 ه. إلى الشيخ عبد القاسم ابراهيمي ولد سنة 1314 هـ.

وقد افرد القسم الثاني من الكتاب لترجمة نصوص عربية قيمة إلى اللغة الفرنسية منها:

 - الباب الثامن من الفتوحات المكية افرده الشيخ ابن العربي لأرض الحقيقةTerre

Celeste pp. 213 - 223.

 - الفصل السادس من مقدمة شرح فصوص الحكم لداود القيصري ( ت 751 هـ ) حيث يتكلم فيها على العالم المثالي :Terre Celeste pp. 227 - 231- فصل من كتاب الانسان الكامل لعبد الكريم الجيلي ( ت 805 ه ) ( ج 2 ص ص 27 -

طبعة القاهرة 1304 ه. بعنوان: “ في الخيال وانه هيولى جميع العوالم “ )Terre Celeste pp. 237 - 246.

( 7 ) يتكلم الجيلي على تجليات الصفات الإلهية في الانسان الكامل الباب الرابع عشر، وعندما يصل إلى صفة القدرة يسهب في شرح تجلياتها، ويجد ان من تجلياتها: عالم الخيال. ..

وعجائب السمسمة الباقية من طينة آدم. .. يقول:

“. .. ومن هذا التجلي [ تجلي صفة القدرة ] عالم الخيال وما يتصور فيه من غرائب عجائب المخترعات. .. ومن هذا التجلي عجائب السمسمة الباقية من طينة آدم الذي ذكرها الشيخ ابن العربي في كتابه. .. “ ( الانسان الكامل ج 1 ص 41 ).

( 8 ) راجع “ عالم الخيال “، كما يقول الجيلي في تعريفها: “ انه اللطيفة التي لا تفنى على الدوام والمحل الذي لا تمر عليه الليالي والأيام خلقه اللّه من هذه الطينة [ طينة آدم ]. .. وجعلها حاكمة على الجميع. .. يجور فيه المحال ويشهد فيها بالحس صورة الخيال. .. فقلت [ روح - الجيلي ]: وهل أجد سبيلا إلى هذا المحل العجيب [ ارض الحقيقة ] والعالم الغريب. فقال [ رجل عزيز السلطان يسمى روح الخيال ]: نعم. إذا كمل وهمك وتمّ، فاتسعت لجواز المحال وتمكنت بمشاهدة الحس لمعاني الخيال. .. “

( الانسان الكامل - الجيلي ج 2 ص 27 ).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!