موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


240.  – التخلّي

في اللغة:

“ الخاء واللام والحرف المعتل أصل واحد يدل على تعري الشيء من الشئ.

يقال هو خلو من كذا، إذا كان عروا منه. وخلت الدار وغيرها تخلو. .. والمكان الخلاء: الذي لا شيء به. .. “ ( معجم مقاييس اللغة. مادة “ خلو “ ).

في القرآن:

نلخص ورود الأصل “ خلو “ في القرآن بالنقطتين التاليتين:

( ) خلا وخلت وخالية بمعنى مضى ومضت وماضية.

قال تعالى: “ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي [ 46 / 17 ]”

قال تعالى :" كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ. [ 69 / 24 ] “

( ب ) خلا، خلوا: بمعنى انفرد وانفردوا.

قال تعالى :” وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُو تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ “[ 2 / 76 ].

قال تعالى: ” وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ “[ 3 / 119 ].

- كما أنه لم ترد في القرآن آية تشير لفظا 1 إلى الخلوة المعتمدة عند الصوفية.

عند الشيخ ابن العربي:

* التخلي هو اختيار الخلوة 2 لما فيها من تهيئة المحل للتجليات بقطع علائق الأكوان - وللخلوة شروط تنظر إلى: حال طالبها، ومكانها، ومقدماتها من عزلة ومجاهدة، دون تحديد زمنها - وهي تنتفي بحصول المراد منها ( تهيئة المحل وقطع العلائق ).

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ( 1 ) الحمد للّه الذي ألهم الصفوة من عباده اتخاذ الخلوات. .. ونصبها مثالا لاحديته من أكثر الوجوه والجهات. .. “ ( كتاب الخلوة. ورقة 149 ).

“ فالخلوة والاعتزال كل ذلك لتهيء المحل بقطع العلائق “ ( وسائل السائل ص 37 ).

“ ما من نبي الا واستعد وخلي مع ربه. .. “ ( كتاب الخلوة. ورقة 154 ).

“ ( 2 ) ومن شرط. .. الخلوة. .. ان قدرت ان لا تعرّف أحدا انك في خلوة أصلا “ ( كتاب الخلوة. ورقة 161 ).

“ صفة البيت المخصوص. .. ان يكون ارتفاعه قدر قامتك وطوله قدر سجودك وعرضه قدر جلستك 3، ولا يكون فيه ثقب ولا كوة أصلا، ولا يدخل عليك ضوء رأسا، ويكون بعيدا من أصوات الناس ويكون بابه قصيرا وثيقا في غلقه.

وليكن في دار معمورة فيها ناس وان يمكن ان يبيت أحد بقرب باب الخلوة فهو أحسن “ ( كتاب “ الخلوة “. ورقة 161 ).

“. .. توجب المجاهدة والرياضة في العزلة قبل الخلوة حتى تصير ذلك طبع وعادة، ولا تحس النفس به كما لا تحس بالعادات فتدخل الخلوة عقيب ذلك، مستريح نشيطا طيب النفس فارغا من المجاهدة خالي المحل من المكابدة مهيّا مفرّغا للذكر المذكور. .. “ ( كتاب الخلوة. ورقة 160 ).

“ ولا اجعل للخلوة حدا زمانيا معلوما. .. الا الخلوة الصمدانية 4. .. فان الأمزجة تختلف وفراغ قلوب الخلق من الأكوان ليس على مرتبة واحدة. .. فقد يفتح لواحد في يومين عين ما يفتح لآخر في شهرين ولآخر في سنتين ولا يفتح لآخر ابدا. .. فالحد الزماني في الخلوة لا يتصور. .. “ ( كتاب الخلوة. ق ق 152 - 153 ).

“ ( 3 ) قد تحصل الخلوة في الجمع 5 لكن لمن قواه لا تفتر ولا تفرق 6 “.

( شجون المشجون. ورقة 18 ب ).

“ متى حصل له [ صاحب الخلوة ] ذلك [ اي تهيئة المحل بقطع العلائق ] استغنى عن الخلوة وصارت خلوته وجلوته 7 كما انشد قائلهم :” يا مؤنسي بالليل ان هجع الورى * ومحدّثي من بينهم بنهار “( وسائل السائل ص 37 )

ينقل الشيخ ابن العربي التخلي والخلوة من موقفهما العملي، المرتكز إلى الممارسة المشحونة همة 8 التواقة للوصول إلى قطع العلائق والتهيؤ لتجلي الخالق، إلى موقف نظري علمي عقائدي فهو من ناحية ينفي امكان تحقق الخلوة في الوجود، لأنه ما من مكان يمكن ان يختلي فيه الانسان عن كل حيّ إذ لا مفر من وجود الصور حوله وكلها وجود وحياة. .. اذن لم يبق بعد استحالة الخلوة الا ممارستها في الجلوة، اي بين الخلائق والكائنات ممارسة ذاتية علمية.

ونورد الآن نصوصه على أن نشرح ما يغمض منها، يقول:

“ ( 1 ) لا خلوة في الوجود لأنه لا بد من شاهد ومشهود. .. لا بد لك من مكان تعمره فهو [ المكان ] يبصرك [ لأنه حي انظر “ حياة “ ] وان كنت لا تبصره. .. “ ( ف 4 / 340 ).

“ واما أهل السلوك. .. فآثروا الخلوة لينفردوا بالحق لما حجبتهم الكثرة

المشهودة في الوجود عن اللّه، جنحوا إلى التخلي. وهذا مما يدلك على أنهم ما تركوا الأشياء من حيث صورها فإنه لا يتمكن لهم ذلك، فإنهم في خلوتهم لا بد من أن يشاهدوا صور ما تخلو فيه من جدار وباب وسقف. .. فالصور لا يتمكن له التخلي عنها فلم يبق الا مما يطرأ من هذه الصور من الكلام المفهوم 9. .. فمن رزق الفهم من اللّه استوت عنده الخلوة والجلوة، بل ربما كانت الجلوة اتمّ في حقه وأعظم فائدة “ ( ف 2 / 484 - 485 ).

“ ( 2 ) وعندنا [ التخلي عند الشيخ ابن العربي ]: التخلي عن الوجود المستفاد لأنه في الاعتقاد، ليس الا وجود الحق والموصوف باستفادة الوجود [ - المخلوقات، نحن ] هو على أصله ما انتقل من امكانه.

فحكمه باق وعينه ثابتة 10. والحق شاهد ومشهود. .. وهو ما استفاد الوجود بل هو الموجود. .. [ والممكن قبل ] التكوين، وما هو عندنا قبوله للتكوين كما هو عندك، وانما قبوله للتكوين: ان يكون مظهرا للحق. فهذا معنى قوله: “ فيكون “ [ 2 / 117 ]، لا انه استفاد وجودا، وانما استفاد حكم المظهرية. .. فلما علمنا أن ثم في الأعيان الممكنات من هو بهذه المثابة من الجهل بالامر، تعين علينا مع كوننا على حالنا في العدم مع ثبوتنا ان نعلم من لا يعلم، انه ما استفاد وجودا بكونه مظهرا، فتخلى عن هذا الاعتقاد لا عن الوجود المستفاد لأنه ليس ثمّ. .. “ ( ف 2 / 484 ).

وهكذا ينتقل التخلي 11 من مفهوم عملي إلى موقف عقائدي علمي.

فالتخلي هو اعتقادنا اننا لا نشارك اللّه الوجود، فنحن لسنا سوى مظاهر.

وهذا ليس سلبية يفقد التخلي ممارسته العملية بل الواقع انه العلم الذي يشكل قمة العمل، لان الانسان عندنا يتخلى عن الاعتقاد بوجوده ويصنّفه مع المظاهر يتخلى في اللحظة نفسها عن كل ادعاء، بمقدرة أو فعل وكل ميل لتصرف ذاتي ويتخلى عن كل شيء، إلى اللّه. انه قمة التخلي: ان يتخلى عن كل فعل لوجوده بإضافته إلى اللّه، الفاعل الحقيقي في كل فعل.

..........................................................................................

( 1 ) هناك آيات استند الصوفية إلى معناها في اثبات الخلوة:

قال تعالى: "وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناه بِعَشْرٍ “[ 7 / 142 ]

قال تعالى: ”فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ، وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا “[ 19 / 49 ].

( 2 ) بخصوص “ خلوة “ قبل الشيخ ابن العربي فليراجع:

-Exegese coraniqueص 303

- الرسالة القشيرية ص 50 - 52 ،

- نشأة التصوف الاسلامي. د. إبراهيم بسيوني ص ص 157 - 163 ( الخلوة والذكر ).

- فوائح الجمال. نجم الدين الكبرى، فهرس الاصطلاحات الفنية. مادة خلوة.

- طبقات الأولياء. ابن الملقن فهرس الاصطلاحات الفنية. مادة خلوة.

- طبقات الصوفية. السلمي. فهرس الاصطلاحات الفنية مادة خلوة.

- المدرسة الشاذلية الحديثة. عبد الحليم محمود. ص 132 ،Le soufisme A. J. Arberry ed. Bacconniere P. 87 ( solitude etretraite )-

( 3 ) ان هذا الوصف الذي أورده الشيخ ابن العربي لا يصح على منزل أصلا، لم يبق الا انه يريد ان مكان الخلوة وبيتها هما جسد الانسان نفسه، وانه ليس للانسان الا ان يختلي في جسده. ..

وقد قال الشيخ ابن العربي في شجون المشجون ورقة 18 ب. “ ليس في هذه الدار موضع خلوة فاتخذه في نفسك “.

( 4 ) “ الخلوة الصمدانية: أيامها ثلاثون يوما لا نوم فيها البتة بليل ولا فطر فيها بنهار، وان اتفق ان يكون في رمضان فهو أولى. .. “ ( كتاب الخلوة ورقة 162 ).

( 5 ) الجمع هنا ليس حال الجمع الذي بحثناه في هذا المعجم، ولكن المقصود به: جمع من الناس.

( 6 ) انظر “ فرق “ لان كلمة تفترق هنا إشارة إلى حال “ الفرق “.

( 7 ) “ الجلوة: خروج العبد من الخلوة بالنعوت الإلهية إذ عين العبد وأعضاؤه ممحوّة عن انانية والأعضاء مضافة إلى حق بلا عبد كقوله تعالى :وَم رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى[ 8 / 17 ]. .. “ ( تعريفات الجرجاني. مادة “ جلوة “ )

كما يراجع الفتوحات ج 3 ص 491 ( الخلوة والجلوة ).

( 8 ) انظر “ همة “

( 9 ) ان العارف العالم المتحقق ينظر إلى كل كلام من المخلوقات على أنه خطاب الهي. ( راجع “ خطاب الهي “ ). لذلك الجلوة أتم من الخلوة في حقه وأكثر علما.

( 10 ) يراجع “ ثبوت “.

( 11 ) يراجع بشأن “ تخلي “ و “ خلوة “ عند الشيخ ابن العربي:

- كتاب الخلوة. ورقة 154 ( الصفات التي ينبغي ان يكون عليها صاحب الخلوة والا يكتفي بالعزلة ).

- كتاب الخلوة ورقة 157 ( يقدم قبل دخول الخلوة. العزلة والصمت وتقليل الطعام وترك الماء جملة ).

- كتاب الخلوة ق ق 162 - 163 ( خلوة الهدهد - الخلوة الصمدانية - خلوة القرين ).

- كتاب صفة جلوس المرتاض والخلوة. الشيخ ابن العربي. مخطوط الظاهرية - رقم 123 ( ق ق 69 ب - 70 ب ).

- فتوحات 3 ص 491 ( الخلوة والجلوة ).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!