موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


27. اله المعتقدات

المترادفات: الاله المخلوق - الاله المجعول - الحق الاعتقادي أو الحق المعتقد في القلب - الحق المخلوق أو الحق المخلوق في المعتقد.

اله المعتقدات هو صورة (Representation) أو فكرة اللّه التي يخلقها عقل العبد أو تقليده، فيسعها قلبه 2، انها صورة صفاتية للّه، يسعها كل انسان على قدر طاقته وعلمه.

ان فكرة “ اله المعتقدات “ ليست استنباطا جديدا وانما هي في الواقع عملية عزل وتسمية:

لقد لاحظ الشيخ ابن العربي انه لابد لكل انسان من عقيدة في ربه يرجع بها اليه ويطلبه فيها.

كما لاحظ تعدد هذه العقائد بعدد معتقديها. اذن لا يمكن ان يتعدد “ اللّه “ حقيقة بعدد عبيده.

فليس للعبد منه الا صورة. وهكذا بعد ما

عزل عملية خلق الانسان لصورة إلهه الذي يعبده. سمّي هذا “ الاله “ أو بالأحرى هذه الصورة، ب “ اله المعتقدات “.

فاللّه حقيقة لا يصل إلى اعتاب اطلاقه مخلوق، فهو المجهول 3، ولا يزيد نصيب العبد منه عن صورة مخلوقة، فالانسان في الحقيقة لم يعبد سوى نفسه لان الصورة من خلقه هو. فما ثمة الا عابد وثنا 4.

ويؤكد ما ذهب اليه بهذا الحديث الشريف الذي يردده في أكثر من نص:

“ ان الحق يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة، فيقول: انا ربكم الاعلى، فيقولون: نعوذ باللّه منك، فيتجلى في صورة عقائد هم فيسجدون له 5. “

ولكن الشيخ ابن العربي لا يترك المخلوق امام هذه النتيجة، يدور في حلقة ذاته لا يخرج منها بفعل الايمان إلى الخالق.

والا قضى على الانسان بعزلة أبدية. بل نجده بما أوتي من عبقرية في قمة البعد بين الحق والخلق يخرج من مأزق الفصل هذا بجانب من جوانب نظريته في وحدة الوجود.

إذ ان “ اله المعتقدات “ هو مخلوق من جملة المخلوقات: اذن تجل من جملة التجليات الإلهية التي رحمها اللّه أي أوجدها 6.

واذن، كل صورة أو معبود عبد، هو مجلى من المجالي الإلهية، علم العابد ذلك أم لم يعلمه، فلا يخرج شيء عن الدائرة: فما ثمة الا ذات وتجلياتها.

فكل من عبد شجرة أو نجما أو صنما فهو في الحقيقة لم يعبد سوى اللّه في مجلى من مجاليه.

وهكذا يفسر الشيخ ابن العربي الآية” وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُو إِلَّا إِيَّاهُ7 “ ( 17 / 23 )

ولكن الشيخ ابن العربي ليس من عداد الذين يكتفون بصورة أو مجلى من مجالي الألوهية يتعبدون اللّه فيه، بل يحاول من خلال تجربته الخاصة ومراقبته لم توصل اليه السالكون إلى الحق، ان يضع يده على العقبات، ويطرح حلولا مناسبة.

فأبرز خطأ وقع به عبدة الإله المخلوق هو انهم أصحاب عقل: فالعقل للحصر والتقييد ليس من طاقته ان يتقلب في أنواع الصور، اي يتقلب مع تجليات الحق.

على حين ان القلب يتقلب مع تجليات الحق 8.

وبذلك يخالف الشيخ ابن العربي كل من سبقه من المتصوفة الذين يثبتون ان: الحق يتجلى لقلب العبد بقدر طاقته واستعداده.

فالقلب عنده هو الذي يتقلب مع تجليات الحق 9.

اذن الخطوة الأولى هي في استبدال القلب بالعقل 10، والوصول به إلى مرتبة الكمال، اي “ القابلية المحضة “ كما يشير إلى ذلك قائلا:

“ لقد صار قلبي قابلا كل صورة * فمرعى لغزلان ودير لرهبان “( ترجمان الأشواق ص 43 )

وعندما يصل القلب إلى مرتبة الكمال لا يتقيد بعقد مخصوص، بل يصبح هيولي لصور المعتقدات كلها 11.

ونورد فيما يلي نصوص الشيخ ابن العربي التي تثبت تعريف “ اله المعتقدات “ الذي ابتدرنا به كلامنا:

( 1 ) “ فان الناظر في اللّه خالق في نفسه بنظره ما يعتقده، فما عبد الا إلها خلقه بنظره. وقال له كن فكان، ولهذا أمرنا الناس ان يعبدوا اللّه الذي جاء به الرسول ونطق به الكتاب، فإنك إذا عبدت ذلك الاله: عبدت ما لم تخلق بل عبدت خالقك. .. فان العلم باللّه لا يصح ان يكون علما الا عن تقليد. .. “ ( ف 4 / 143 ).

“. .. فقال كل صاحب نظر بما أداه اليه نظره، فتقرر عنده ان الاله هو الذي له هذا الحكم وما علم أن ذلك عين جعله، فما عبد الا إلها خلقه في نفسه واعتقده. .. فما ترى أحدا يعبد إلها غير مجعول فيخلق الانسان في نفسه ما يعبده وم يحكم عليه واللّه هو الحاكم. .. “. ( ف 4 / 279 ).

“ حقيق على الخلق ان لا يعبدوا الا ما اعتقدوه من الحق فما عبد ال مخلوق. .. والدليل اللّه أكبر، إلى تحوله في الصور 12 فلو لا تحقق العلامة في يوم القيامة 13 ما عرف أحد علامة. فيوم النشور هو [ اللّه ] المعروف المنكور، كل معتقد مخالف من خالفه وموافق من وافقه فما ثم الا عابد وثنا. .. “ ( ف 4 / 386 ).

“ الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده الاله المعتقد “ ( فصوص 1 / 225 ).

“ ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده، فهو عين اعتقاده.

فلا يشهد القلب ولا العين ابدا الا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته 14، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين ال الحق الاعتقادي 15 “ ( فصوص 1 / 121 ).

هذا النص الأخير يبين ان العبد لا يرى في شهوده الحق، ولكن اله المعتقدات واله معتقده هو على الأخص. فما يقوله الصوفية عن رؤية الحق ليس الا: صورة شهودهم لصور اعتقاداتهم.

( 2 ) “. .. فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها اليه ويطلبه فيها، فإذا تجلى له الحق فيها واقرّ [ اقرّ ] به، وان تجلى له في غيرها أنكره وتعوّذ منه. .. فلا يعتقد معتقد إلها الا بما جعل في نفسه، فالاله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا الا نفوسهم وما جعلوا فيها 16. .. فإياك ان تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير. .. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فان اللّه تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد. .. “ ( فصوص 1 / 113 ).

“ فكان موسى أعلم بالامر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بان اللّه قد قضى الا يعبد إلا إياه 17 وما حكم اللّه بشيء الا وقع. ..

فان العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء 18 “

( فصوص 1 / 192 ).

في النص الأخير يبين الشيخ ابن العربي ان العلم هو الفيصل الدقيق بين الكفر والايمان.

فعبادة أصحاب العجل للعجل كفر، لأنهم غير عارفين بما يعبدون. ام العارف فهو من يرى الحق في كل شيء، حتى في العجل 19.

ثم يختتم الشيخ ابن العربي فصوص الحكم بجملة يبين فيها مكانة الإله المطلق من إله المعتقدات يقول:

“ فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فان الاله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه، والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا يسعها. “ ( فصوص 1 / 226 ).

..........................................................................................

( 1 ) لن يتجلى الشيخ ابن العربي هنا مفكرا يعرض جوانب نظريته بل ناقدا. انتقد أبناء زمنه وكل من جعل الحق صورة حبيسة اعتقاده. ولهذا لا يجب ان نؤخذ بقوله كما سيمر معنا “ فما ثمة الا عابد وثنا “ فهو هنا ناقد وليس مفكرا يقرر نظرية.

( 2 ) إشارة إلى الحديث “ ما وسعني ارضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن “ فاللّه الذي وسعه قلب المؤمن هو: اله المعتقدات.

( 3 ) راجع “ اللّه “ المعنى السادس “ الفقرة 3 “.

( 4 ) اي انه يعبد الها من خلقه. ولذلك يحصر الشيخ ابن العربي العلم باللّه في طريق التقليد.

( 5 ) راجع فهرس الأحاديث حديث رقم: ( 8 ).

كما يراجع كتاب هنزي كوربان :Limagination creatrice p. 224 ، note n ? 30 et p. 256 ، note n ? 182( 6 ) راجع “ رحمة “

( 7 ) راجع “ عبادة “

( 8 ) راجع فصوص الحكم ج 1 ص ص 122 - 124.

( 9 )

( 10 ) راجع “ قلب “ كما يراجع كتاب عبد العزيز سيد الأهل. “ محي الدين بن العربي من شعره “ طبع دار العلم للملايين ص ص 242 - 243. العنوان: قلب الصوفي.

( 11 ) راجع “ دين “ وخاصة فيما يتعلق بوحدة الأديان

( 12 ) مفهوم “ اله المعتقدات “ يثبت تحول الحق في الصور، وهذه من الافكار المهمة عند الشيخ ابن العربي. راجع “ صورة “.

( 13 ) إشارة إلى الحديث الذي مرّ آنفا عن تجلي الحق يوم القيامة الذي يدعم به الشيخ الأكبر كلامه في “ اله المعتقدات “.

( 14 ) راجع فتوحات ج 4 ص 340 بخصوص الحق المعتقد في القلب.

( 15 ) راجع شرح المقطع في الفصوص ج 2 ص ص 146 - 147.

( 16 ) يراجع:

- فصوص 1 / 178 مع شرح المقطع ج 2 ص ص 249 - 250 عن الحق المخلوق.

شرح جملة الشيخ ابن العربي “ لذلك الحق اوجدني، فاعلمه فاوجده “. ( فصوص ج 2 ص ص 66 - 67 ).

- الفصوص ج 2 ص ص 345 - 346. الحق المخلوق هو الحق المنزه .-H. Corbin Limagination creatrice pp 145 - 148

( 17 ) إشارة إلى الآية” وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّ إِيَّاهُ “( 17 / 23 ).

( 18 ) راجع شرح المقطع فصوص ج 2 ص 285.

( 19 ) هذه من الافكار المهمة عند الشيخ الأكبر وتتضح في موقفه من الأحوال والمقامات التي تتعلق بالفعل. فالفاعل الحقيقي هو اللّه شئنا أم أبينا. ولذلك يفقد التوكل وغيره من المقامات المماثلة معناه، ولكن ما يميز المتوكل عن غير المتوكل ليس التوكل بل وعي الأول:

الفاعل الحقيقي ونسبة الفعل اليه. اذن الفارق الوحيد هو العلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!