موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


529.  – الفيض

في اللغة:

“ الفاء والياء والضاد أصل صحيح واحد، يدل على جريان الشيء بسهولة، ثم يقاس عليه. من ذلك فاض الماء يفيض. .. ومنه: أفاض القوم من عرفة، إذ ادفعوا وذلك كجريان السيل. .. “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ فيض “ ).

في القرآن:

ورد الأصل فيض بالمعنى اللغوي السابق.

( ) جريان الشيء بسهولة.

” تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ “( 5 / 83 ).

( ب ) أفاض القوم من عرفة: إذ اذفعوا

قال تعالى: ” ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ “( 2 / 199 ).

( ج ) أفاض القوم في الحديث: إذا اندفعوا فيه.

قال تعالى: ” إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ “( 10 / 61 ).

والجدير بالذكر ان القرآن العزيز لم يضف الفيض إلى الحق كما أنه لم يربطه بفعل الخلق مطلقا.

عند ابن العربي:

حاول ابن العربي ان يفسر فعل الخلق، ووجود المخلوقات إلى جانب الحق في الوجود، دون ان يخرج عن الوحدة الوجودية.

فأتى بمفردات وصور تحافظ على وحدة الوجود عبر اثنينيته المشهودة ( خالق - خلق ): المرايا 1، الصور 2، المجالي 3، الفيوضات. ..

فالخلق في مذهب ابن العربي ليس ايجادا من العدم 4، بل هو ظهور وتجل الهي فيما لا يحصى عدده من صور الموجودات.

فالحق يخلق المخلوقات بلغة ابن العربي: يتجلى في صورتها.

وهذا الفيض 5 الإلهي على نوعين، يشكلان مرحلتين في منطق النظام الوجودي لا في واقع الامر: الفيض الاقدس والفيض المقدس 6.

فالفيض الاقدس يسبق الفيض المقدس في منطق الوجود، على أن حقيقة الامر عند الشيخ الأكبر هو ان الفيض دائم مستمر.

وسنعرض فيما يلي هذه العبارات الثلاث باختصار:

الفيض الاقدس:

الفيض الاقدس: هو مرتبة العماء 7 - وهو تجلي الذات الأحدية لنفسها في صور جميع الممكنات التي يتصور وجودها فيها بالقوة.

فهو أول درجة من درجات التعينات في طبيعة “ الوجود المطلق “، ولكنه تعينات معقولة لا وجود لها في عالم الأعيان الحسية، بل هي مجرد قوابل للوجود.

وهذه الحقائق المعقولة، أو الصور المعقولة للممكنات هي التي يطلق عليه ابن العربي اسم “ الأعيان الثابتة “ 8 للموجودات 9.

ويضيف ابن العربي أحيانا على عبارة الفيض الاقدس كلمة “ الساري “

فيقول: “ الفيض الاقدس الساري “ وذلك لان الفيض الاقدس هو أول بالنسبة للمقدس، وكل أول سار 10.

الفيض المقدس:

وقد سبق الكلام عليه في “ التجلي الوجودي 11 “، وهو تجلي الواحد في صور الكثرة الوجودية، اي ظهور الأعيان الثابتة من العالم المعقول إلى العالم المحسوس، أو ظهور ما بالقوة في صورة ما بالفعل، وظهور الموجودات الخارجية على نحو ما هي عليه في ثبوتها الأزلي.

وكما قلنا إن الفيض الاقدس هو تجلي الحق لذاته في الصور المعقولة للكائنات، نستطيع ان نقول هنا ان الفيض المقدس هو تجلي الحق في صور أعيانها.

فهو بذلك الدرجة الثانية من درجات التعين في طبيعة الوجود المطلق 12.

الفيض الدائم:

لا يصل فعل الخلق إلى غايته بالفيض المقدس، إذ لو توقف عنده لا تصف المخلوق بالغنى عن الخالق: فالفيض المقدس يوجد أعيان المخلوقات في العالم المحسوس، ولكن طبيعة هذه المخلوقات، الفناء، فهي لا تلبث ان تفنى، من حيث أن لها الثبوت في العدم 13، اذن لا بد من خلق مستمر وفيض دائم يوجد هذه المخلوقات في كل لحظة لأنه تفنى في كل لحظة. ( خلق جديد ) 14.

فالفيض الدائم هو تجلي الحق المستمر في صور العالم المحسوس، أو بتعبير آخر هو استمرار ودوام الفيض المقدس.

فابن العربي لم يجرد فعل الخلق من فعاليته، كما يظن البعض 15، بل على العكس هو الفعل الوحيد المستمر.

فاللّه خالق على الدوام 16.

ونورد فيما يلي النصوص التي تظهر فيها هذه الفيوضات الثلاث وهي على اقتضابها معبرة.

يقول:

( ) “ ومن شأن الحكم الإلهي انه ما سوّى محلا، إلا ويقبل روحا الهيا، عبر عنه

بالنفخ فيه، وما هو الا حصول الاستعداد من تلك الصورة المسواة، لقبول الفيض التجلي الدائم الذي لم يزل ولا يزال. وما بقي الا قابل والقابل لا يكون ال من فيضه الاقدس 17. .. “ ( فصوص 1 / 49 ).

( ب ) “ فسبحان من عيّن الأعيان 18 بالفيض الاقدس. .. وكوّن الأكوان 19 بالفيض المقدس “ ( مرآة العارفين ق 1 ).

( ج ) “ والحق تعالى وهاب على الدوام، فياض 20 على الاستمرار، والمحل قابل على الدوام “ ( ف 1 / 57 ).

..........................................................................................

( 1 ) راجع “ مرآة “ ( 2 ) راجع “ صورة “

( 3 ) راجع “ تجلى “ ( 4 ) راجع “ خلق “

( 5 ) على الرغم من استعمال ابن العربي لغة الفلسفة الأفلاطونية المحدثة وأساليبها في التعبير عن الخلق باصطلاح الفيض، الا ان مذهبه في الفيض متميز عن هذه الفلسفة من حيث إن الفيوضات عنده ليست الا تجليات لحقيقة واحدة في صور مختلفة، على حين انها عند افلوطين سلسلة من الوجودات يفيض كل منها عن الوجود السابق عليه ويتصل به اتصال المعلول بعلته، فالفيوضات الافلوطينية وان كانت ترجع إلى أصل واحد فهي ليست هذا الواحد ولا مظهرا له.

انظر فصوص الحكم ج 2 ص 9 - 10، ص 151.

( 6 ) الفيض الاقدس والفيض المقدس يرادفان تجلي الغيب وتجلي الشهادة: فالتجلي الإلهي في الغيب هو تجليه لذاته في ذاته في الصور المعقولة لأعيان الممكنات، وتجليه في الشهادة هو ظهوره في صور أعيان الممكنات في العالم الخارجي.

يقول ابن العربي:

“ ان للّه تجليين: تجلي غيب وتجلي شهادة. فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب. .. فإذا حصل له. اعني القلب - هذا الاستعداد تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه، فظهر بصورة ما تجلى له. .. “ ( فصوص 1 / 120 - 121 ).

انظر شرح المقطع الفصوص ج 2 ص 145 - 146. كما يراجع “ تجلي غيب وتجلي شهادة “.

( 7 ) انظر “ عماء “

( 8 ) راجع “ عين ثابتة “

( 9 ) عفيفي فصوص الحكم ج 2 ص ص 8 - 9 ،

( 10 ) راجع “ أول “

( 11 ) راجع “ تجلي وجودي “

( 12 ) عفيفي فصوص الحكم ج 2 ص 9 ،

( 13 ) راجع “ عين ثابتة “

( 14 ) راجع “ خلق جديد “

( 15 ) لقد نظر الباحثون إلى فعل الخلق عند ابن العربي عبر الوجود الواحد. فالمخلوقات لا وجود حقيقي لها اذن لافعل خلق حقيقي للخالق وبالتالي يخسر فعل الخلق معناه. ( راجع كلام عفيفي فصوص الحكم ج 2 ص 7 - 8 ).

على حين يظن ابن العربي ان فعل الخلق يكتسب كل معناه باتصاف المخلوقات بالافتقار إلى الخالق. فالمخلوقات ان استقلت بوجودها اتصفت بالغنى عن الخالق وبالتالي يكون فعل الخلق فعلا ماضيا لا يحمل في طياته هذه الفعالية المستمرة.

( 16 ) وهذا يذكرنا بالتصور الديكارتي للّه.

( 17 ) راجع شرح المقطع. الفصوص ج 2 ص ص 8 - 10.

( 18 ) اي الأعيان الثابتة ،

( 19 ) إشارة إلى قوله” كُنْ “[ 16 / 40 ] للأعيان الثابتة فتكونت في العالم المحسوس ،

( 20 ) يراجع بخصوص “ فيض “ عند ابن العربي:

- الاتحاد الكوني ق 145 ( الفيض السامي )

- كتاب الحق ق 29 ( الفيض الاقدس الساري )

- كتاب التراجم ص 1 ( الفيض )

- كتاب المسائل ص 11 ( الفيض الذاتي - الفيض الإرادي ).

- ف ج 4 ص 62 ( الفيض الدائم ).

- فصوص الحكم ج 2 ص ص 27 - 28 - 151، 179 ( خالف الفلاسفة المشائين من المسلمين بان الكثرة قد صدرت عن الواحد )، 197 ( فيض أقدس، فيض مقدس )، 244 ( فيض )، 245 ( فيض أقدس - فيض مقدس )، 337 ( فيوضات ابن العربي وافلوطين ).

- الديوان ص 38 ( الفيض السامي ).

****


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!