موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


560.  – كرامة

في اللغة:

“ والتكريم والاكرام بمعنى، والاسم منه: الكرامة. ..

قال سيبويه: ومما جاء من المصادر على اضمار الفعل المتروك اظهاره، ولكنه في معنى التعجب قولك كرما وصلفا، كأنه يقول أكرمك اللّه وادام لك كرما.

.. . وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ان رجلا اهدى اليه راوية خمر

فقال: إن اللّه حرّمها، فقال الرجل: أفلا أكارم بها اليهود ؟

فقال: إن الذي حرّمها حرم ان يكارم بها.

والمكارمة: ان تهدي لانسان شيئا ليكافئك عليه، وهي مفاعلة من الكرم.

وأراد بقوله: أكارم بها يهود، اي اهديها إليهم ليثيبوني عليها.

.. . وقرأ بعضهم “ ومن يهن اللّه فما له من مكرم “. بفتح الراء، اي إكرام، وهو مصدر مثل مخرج ومدخل. وله عليّ كرامة، أي عزازة.

وقال اللحياني: أفعل ذلك وكرامة لك. .. ويقال: نعم وحبّا وكرامة. .. والكرامة: اسم يوضع للاكرام، كما وضعت الطاعة موضع الإطاعة، والغارة موضع الإغارة “ ( لسان العرب مادة “ كرم “ ).

في القرآن:

الأصل “ كرم “ لم يرد في القرآن بصيغة الاسم “ كرامة “.

الوارد صيغة الفعل .” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ “( 49 / 13 ) ..

عند ابن العربي

لم تختلف نصوص المؤرخين للصوفية في اقرار الكرامة للأولياء 1، مع تمييزها عن المعجزة، فالطوسي والقشيري إلى آخر من نقل عنهما، من متأخر ومعاصر، فرّق المعجزة عن الكرامة، مستمدا ذلك من دور كل منهما في النبوة والولاية 2.

ومن ابرز أخطائهم: ربط الكرامة بالولاية، مع أنهم يناقضون أنفسهم في

غير مكان، بايرادهم ان الكرامة قد تحتوي المكر والاستدراج، وان الولاية ليس من شروطها الكرامة الظاهرة 3.

ويرجع سبب هذا الخطأ إلى:

أولا: مفهوم “ الولاية “ نفسه.

فالولاية قد أطلقت جزافا في نصوص الصوفية - خاصة بعد القرن السابع الهجري - على مظاهر وافراد.

فكل من ظهر بصلاح وتقوى، أو خرق عادة وتقريب، أو تصدى لتربية المريدين، يطلق عليه: “ الولي “ وما هو “ بولي “، لأن الولاية: تعيين الهي.

يقول ابن العربي:

“ فينبغي ان لا ينطلق ذلك الاسم [ - الولي ] على العبد، وان أطلقه الحق عليه فذلك اليه - تعالى “ ( ف السفر 3 فق 357 ).

انظر “ ولاية “.

ثانيا: ان “ الكرامة “ نشأت وتر عرعت في أوساط العامة، بعيدا عن الحس النقدي الصوفي. فالكرامة في أغلب الأحيان، من “ المرويات “ التي تتناقلها مجالس المريدين. ويرجع سبب نشأتها هذه إلى أن “ الولي “ أو “ الصالح “ يكتم الكرامة 4. فبالتالي تتناقل وتتسرب بعيدا عنه، محملة بالكثير من الأساطير والخرافات، مما يجعل هذه الطائفة مجالا للنقد.

ولنبحث الآن “ الكرامة “

عند الشيخ الأكبر:

* تتعدد العوالم في تصور ابن العربي، فعالم مبني على صفة القدرة [ انظر “ ارض الحقيقة “ ] وعالم مبني على الحكمة وربط الأسباب بمسبباتها [ عالمنا الذي نعيش عليه ].

“ فالعادة “ في عالمنا هذا، هو النظام المرتب المعروف، من زمان ومكان وتوالي.

وهذا النظام هو بالوضع الإلهي.

لذلك تبقى القدرة الإلهية هي الوحيدة الحاكمة. فكما تضع النظام، تخرقه.

وخرق العوائد اقسام ثلاثة مختلفة عند ابن العربي: المعجزة، الكرامة، السحر.

المعجزة للأنبياء، الكرامة للأولياء والصالحين [ ليست محصورة بالأولياء ].

والسحر للعامة.

يقول ابن العربي:

 - السببية وعالم الحكمة:

“ فانظر في سر هذا الامر [ سريان الأحوال ]: انه ما ظهر شيء من ذلك، الا بحركة محسوسة [ مثلا: الملامسة - المعانقة - الغرف ]، ل “ اثبات الأسباب “ التي وضعها اللّه، ليعلم ان الامر الإلهي لا ينخرم، وانه، في نفسه، على هذا الحد، فيعرف العارف، من ذلك “ نسب الأسماء الإلهية “ وما ارتبط بها من وجود الكائنات، وان ذلك تقتضيه الحضرة الإلهية لذاتها.

فيعرف العالم المحقق، بهذه الأمور والتنبيهات الإلهية، على أن الحكمة فيما ظهر، وان ذلك لا يتبدل، وان “ الأسباب “ لا ترفع ابدا “ ( ف السفر 3 - فق 340 ).

لذلك يستعمل الصوفية وابن العربي جملة “ خرق العادة “ وليس “ رفع العادة “ أو ازالتها. فما هو الا خرق لهذا النظام، بتدخل سبب ظاهر، لا علاقة له بهذا النظام. كما في النص السابق، وكما سيرد في نص “ سريان الأحوال “.

يقول:

“. .. سرى الاقتدار الإلهي. .. في كل شيء: فلا شيء ينفع الا به، ول يضر الا به، ولا ينطق الا به، ولا يتحرك الا به. وحجب [ اللّه ] العالم بالصور، فنسبوا كل ذلك إلى أنفسهم، وإلى الأشياء، واللّه يقول: “ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى اللّه “ ( ف السفر 3 فق - 343 أ- 343 ).

 - خرق العوائد: المعجزة - الكرامة - السحر.

“ الثلاثة اقسام في خرق العوائد هي: المعجزات، والكرامات، والسحر. وم ثمّ خرق عادة أكثر من هذا. .. “ ( ف السفر 3 فق 383 ).

 - الكرامة ثمرة العبادة: الكرامة للعابد كذلك، ليست محصورة بالأولياء.

“ فما من عبادة شرعها اللّه تعالى لعباده، الا وهي مرتبطة باسم الهي. .. من ذلك الاسم، يعطيه اللّه في عبادته تلك، ما يعطيه في الدنيا

( 1 ) في قلبه: من منازله وعلومه ومعارفه.

( 2 ) وفي أحواله: من كراماته 5 وآياته.

وفي آخرته في جناته، في درجاته. .. “ ( ف - السفر الرابع فق 165).

* * *

* المعجزة، الكرامة، السحر:

يميز ابن العربي بين الكرامة والمعجزة من ناحية، وبين الكرامة والسحر من ناحية أخرى.

الفرق بين الكرامة والمعجزة، ان الكرامة تصدر عن قوة همة العبد وعلى علم منه، على حين ان المعجزة لا نصيب لهمة النبي فيها، فهو [ النبي ] العبد المحض الكامل العبودية. ولا يتدخل النبي مطلقا في منشأ المعجزة ولا علم له بها، ال بالتعريف الإلهي [ موسى والعصا، سيرد النص ].

اما الفرق بين الكرامة والسحر، ان للكرامة حقيقة وجودية، على حين ان السحر ليس له حقيقة وجودية. وانما يظهر على مستوى الصورة والرائي [ عصي وحبال سحرة فرعون - صور في بصر الرائي - خيال. سيرد النص ].

يقول ابن العربي، في نص طويل يبين فيه ما ذهبنا اليه أعلاه:

“ اعلم أن خرق العوائد على ثلاثة أقسام: قسم منها [ السحر ] يرجع إلى ما يدركه البصر، أو بعض القوى. .. وهو، في نفسه، على غير ما أدركته تلك القوة. ..

وهذا القسم داخل تحت قدرة البشر. وهو على قسمين: منه ما يرجع إلى قوة نفسية، ومنه ما يرجع إلى خواص أسماء، إذا تلفّظ بتلك الأسماء، ظهرت تلك الصور، في عين الرائي أو في سمعه، خيالا. .. وهو فعل الساحر.

وهو على علم أنه ما ثمّ شيء ممّا وقع في الأعين والاسماع. .. ويعلم أن ما ثمّ شيء من خارج، وانما لها سلطان على خيال الحاضرين، فتخطف ابصار الناظرين. فيرى صورا في خياله، كما يرى النائم في نومه، وما ثمّ في الخارج، شيء ممّا يدركه. .. “ ( ف السفر الثالث فق 374 ).

ثم لا يلبث ابن العربي ان يستشهد على هذا الموضوع، بمثال من السلمي في كتاب “ مقامات الأولياء “ حتى يصل إلى موسى وعصاه وسحرة فرعون، كخير مثال من القرآن على السحر والمعجزة. ..

يقول:

“ قال تعالى في عصا موسى - عليه السلام -وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ ي مُوسى ؟

قالَ: هِيَ عَصايَ “[ 20 / 17 - 18 ]

ثم قال :” أَلْقِها، يا مُوسى. فَأَلْقاها “[ 20 / 19 - 20 ]

من يده في الأرض “ فإذا هي حية تسعى “ [ نفس الآية السابقة ].

فلما خاف موسى - عليه السلام - منها، على مجرى العادة في النفوس انه تخاف من الحيات إذا

فاجأتها،. .. فقال اللّه تعالى له :” خُذْها وَلا تَخَفْ، سَنُعِيدُه سِيرَتَهَا الْأُولى “ [ نفس الآية ] اي ترجع عصا كما كانت، أو ترجع [ أنت ] تراه عصا، كما كانت، الآية محتملة. .. فلما وقع من السحرة ما وقع...

وامتلأ الوادي من حبالهم وعصيّهم، ورآها موسى. .. أوجس في نفسه خيفة

.. . ولما ظهر للسحرة خوف موسى مما رآه، وما علموا متعلق هذا الخوف، اي شيء هو ؟

علموا انه ليس عند موسى من علم السحر شيء.

فان الساحر لا يخاف مما يفعله لعلمه انه لا حقيقة له من خارج. .. فلم القى موسى عصاه، فكانت حية.

علمت السحرة بأجمعها. .. عند ذلك أنه أمر غيب من اللّه، الذي يدعوهم إلى الايمان به، وما عنده [ موسى ] من علم السحر خبر. فتلقفت تلك الحية [ - عص موسى ]. .. صور الحيات. .. فبدت حبالا وعصيا كما هي.

فان اللّه يقول” تَلْقَفْ ما صَنَعُوا “[ 20 / 69 ] [ ما صنعوا - صور الحيات ]. .. فإنه من قال. .. “ تلقف حبالهم وعصيهم “. ..

فإن موسى - عليه السلام - لو كان انفعال العصا حية، عن قوة همته أو عن أسماء أعطيها، ما” وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ “[ 27 / 10 ].

فعلمنا ان ثمّ أمورا [ الكرامات ] تختص بجانب الحق في علمه، لا يعرفه من ظهرت على يده تلك الصورة.

فهذا المنزل مجاور لمن جاءت به الأنبياء، من كونه ليس عن حيلة. ولم يكن مثل معجزات الأنبياء - عليهم السلام - لأن الأنبياء لا علم لهم بذلك. وهؤلاء ظهر ذلك عنهم بهمتهم أو قوة نفوسهم، أو صدقهم، قل كيف شئت. فلهذا اختصت باسم “ الكرامات “ ولم تسمّ “ معجزات “ ولا سميت “ سحرا “

( ف السفر 3 فق فق 376 - 380 ).

المعجزة، الكرامة، السحر “ وان “ السحر “ هو الذي يظهر فيه وجه إلى الحق، وهو، في نفس الامر، ليس حقا.

مشتق من “ السّحر “ الزماني: وهو اختلاط الضوء والظلمة.

فما هو بليل: لما خالطه من ضوء الصبح، وهو ليس بنهار: لعدم طلوع الشمس للابصار.

فكذلك هو الذي يسمّى “ سحرا “: ما هو باطل متحقّق، فيكون عدما، فان العين أدركت امرا ما. ..

وما هو حق محض، فإن له وجود في عينه، فإنه ليس [ له حقيقة ] في نفسه، كما تشهده العين ويظنه الرائي. ..

و “ كرامات الأولياء “ ليست من قبيل السّحر، فان لها حقيقة في نفسها، وجودية. وليست بمعجزة، فإنه على علم وعن قوة همة. ..

كلّ ولي ظهر عليه خرق عادة عن غير همته، فيكون إلى النبوة أقرب ممن ظهر عنه خرق العادة بهمته. والأنبياء هم العبيد على أصلهم [ راجع “ نبوة “ ] “ ( ف السفر 3 فق فق 380 - 1 - 383 - 1 ).

* * * *

يمثل “ الإرث “ مكانا بارزا في تصوف الشيخ الأكبر. فنراه يتكلم على العلم الموروث، ولا يخفى أهمية العلم لانفعال الأشياء عنه.

:”قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ، أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ “[ 40 / 27 ]

فهذا علم انفعل عنه الشيء.

وهكذا “ الكرامات “، فالولي فيها - ان جاز التعبير - مع النبي بحكم التبعية [ - القدمية. فلتراجع ]، وهي تتنوع في التابعين، بتنوع معجزات الأنبياء المتبوعين: فهناك العيسوي والموسوي والمحمدي. ..

يقول ابن العربي:

 - معجزة الأنبياء “ فإن “ المعجزة “ ما يعجز الخلق عن الاتيان بمثلها، إما صرفا وإما أن تكون ليست من مقدورات البشر. إلى عدم قوة النفس وخواص الأسماء - وتظهر على أيديهم “ ( ف السفر الثالث فق 380 - 1 ).

 - الإرث في الكرامة: ظهور الأمثال “ وليس للعيسوي، من هذه الأمة، من الكرامات، المشي في الهواء، ولكن لهم المشي على الماء، والمحمدي يمشي في الهواء. بحكم التبعية، فإن النبي [ صلى اللّه عليه وسلم ] ليلة أسري به، وكان محمولا ،

قال في عيسى عليه السلام: “ لو ازداد يقينا لمشى في الهواء “ ولا نشك [ في ] ان عيسى - عليه السلام - أقوى في اليقين منا بما لا يتقارب.

فإنه من أولي العزم من الرسل. ونحن نمشي في الهواء. ..

فعلمنا، قطعا، ان مشينا في الهواء، انما هو بحكم صدق المقام، لا من قوة اليقين. ..

فنحن مع الرسل، في خرق العوائد، التي اختصوا بها من اللّه، وظهر أمثالها علينا بحكم التبعية “ ( ف السفر الثالث فق فق 333 - 1 - 334 ).

- 3صور من خرق العادة [ على سبيل المثال لا الحصر ] تضاف إلى الصور المعروفة من طي الأرض، المشي على الماء ظهور الشيء في غير موضعه ووقته.

- سريان الحال:

“ فمنها [ الكرامات ]: انهم [ العيسويون ] إذا أرادوا ان يعطوا “ حال “ من الأحوال، التي هم عليها، وهي تحت سلطانهم، لما يرون في ذلك الشخص من الاستعداد، إما بالكشف أو بالتعريف الإلهي - فيلمسون ذلك الشخص، أو يعانقونه، أو يقبلونه، أو يعطونه ثوبا من لباسهم ،

أو يقولون لهم: “ ابسط ثوبك “ ثم يغرفون له مما يريدون ان يعطوه - والحاضر ينظر انهم يغرفون في الهواء “ ( ف السفر الثالث فق 338 - 1 ).

ب - خرق العادة في الادراك: السمعي البصري. ..

“ كما اخذ [ الحق ] بابصارنا عن ادراك حياة الجماد والنباتات، الّا لمن خرق اللّه له العادة، كرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ومن حضر من أصحابه، حين اسمعهم اللّه تسبيح الحصى. فما كان خرق العادة في تسبيح الحصى. .. وانما انخرقت العادة في تعلّق اسماعهم به. .. “ ( ف السفر الخامس - فق 585 ).

“ ومن حضر من أصحابه [ النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ] لادراك تسبيح الحصى في كفه الطاهرة الطيبة - صلى اللّه عليه وسلم - وانما قلنا “ فتح سمعه “، إذا كان الحصى ما زال، مذ خلقه اللّه، مسبحا بحمد موجده. فكان خرق العادة في الادراك السمعي. لا فيه “ ( ف السفر الثاني - فق 486 ).

ج - التصريف “. .. ولأصحاب - هذا المقام - التصريف والتصرف في العالم. فالطبقة الأولى من هؤلاء، تركت التصرف للّه في خلقه، مع التمكن وتولية الحق لهم إياه تمكنا: لا امرا لكن عرضا. فلبسوا السّتر، ودخلوا في سرادقات الغيب، واستترو بحجب العوائد، ولزموا العبودة والافتقار. وهم الفتيان، الظرفاء، الملامتية، الاخفياء، الأبرياء “ ( ف السفر الثالث - فق 225 ).

والملامية أكثر الصوفية المتشددين بالتستر بحجب العوائد فلا يظهر عنهم كرامة أو خرق عادة ابدا 6 ،

يقول ابن العربي:

“ فحبس [ تعالى ] ظواهرهم [ الملامية ] في “ خيمات العادات والعبادات “ من الاعمال الظاهرة، والمثابرة على الفرائض منها والنوافل. فلا يعرفون بخرق عادة 7، فلا يعظّمون، ولا يشار إليهم بالصلاح، الذي في عرف العامة، مع كونهم لا يكون منهم فساد. .. “ ( ف السفر الثالث - فق 125 ).

..........................................................................................

( 1 ) يجمع الصوفية على اثبات كرامات الأولياء، ويرجعون في ذلك إلى أدلة من القرآن والحديث:

- الكلاباذي في التعرف ( ص 44 ) يجد في الآيتين :” أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ “( 27 / 40 )” أَنَّى لَكِ هذا، قالَتْ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ “( 3 / 37 ).

السند القرآني للكرامة.

- مسألة “ القسم “ المتعلقة بمنزلة الصوفي عند ربه. وقد ظهرت لأول مرة عند معروف الكرخي ت 200 هـ ( انظر التصوف في مدرسة بغداد ص ص 134 - 135 ).

فقد روي عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وسلم ) أنه قال:

“ كم من ضعيف مستضعف ذي طمرين، لو اقسم على اللّه لابره منهم البراء بن مالك “ ( صفة الصفوة ابن الجوزي ج 1 ص 256 ).

فالكرامة هنا تأييد للولاية وتعريف بمنزلة الشخص عند اللّه.

( 2 ) يعدد الطوسي في اللمع الفرق بين المعجزة والكرامة من جهات شتى، نلخصها فيما يلي:

 - ان الأنبياء عليهم السلام مستعبدون باظهار المعجزة للخلق، حجة لا تقبل الكتمان.

والأولياء مستعبدون بكتمان الكرامة عن الخلق.

 - ان المعجزة حجة النبي على المشرك ( للدلالة على اللّه، والاقرار بوحدانيته )، ان الكرامة حجة الولي على نفسه حتى تطمئن وتؤمن لأنها امارة بالسوء [ تأديب للنفس وتهذيب وزيادة لها ].

 - ان المعجزات كلما زيدت للأنبياء يكون أتم لمعانيهم وفضلهم، اما الكرامات فكلما زيدت للأولياء يكون وجلهم أكثر حذر من المكر والاستدراج.

ويضيف الكلاباذي إلى هذه الفروق بين المعجزة والكرامة ان كرامات الأولياء تجري عليهم من حيث لا يعلمون [ خوف الفتنة ]، والأنبياء تكون لهم المعجزات وهم بها عالمون وباثباتها ناطقون.

( 3 ) “ قال رضي اللّه عنه [ ابن عطاء اللّه السكندري في الحكم ]: ربم رزق الكرامة من لم تكمل له الاستقامة “.

قلت [ الشيخ زروق، في شرحه للحكم ]: الكرامة امر خارق للعادة غير مقرون بالتحدي: ولا خال عن الاستقامة ولا مستند للأسباب، يظهره اللّه تعالى على يد من أراد اختصاصه من أهل طاعته في البداية، أو في النهاية، أو بينهما.

فهي تدل على اختصاص صاحبها، لا على استقامته، فيتعين تعظيمه واحترامه، لا تقديمه واتباعه، الا ان يظهر عليه كمال الاستقامة، وهي: الاستواء في اتباع الحق ظاهرا وباطنا على منهج السواد بلا علة.

فهي [ الاستقامة ] إذن توبة بلا اصرار. وعمل بلا فتور، واخلاص بل التفات، ويقين بلا تردد، وتوكل بلا وهن، ملازمتها وأصل قطعا، فهي الكرامة الحقيقية لا غيرها..

وقد قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي اللّه عنه: “ انما هما كرامتان جامعتان محيطتان:

كرامة الايمان بمزيد الايقان وشهود العيان، وكرامة العمل على الاقتداء والمتابعة ومجانبة الدعاوى والمخادعة. فمن اعطيهما ثم جعل يشتاق إلى غيرهما فهو عبد فقر كذاب مغتر. .. “ والحاصل ان ظهور الكرامة وان دل على الاستقامة فلا يدل على كمالها. .. “ [ حكم ابن عطاء اللّه، شرحه الشيخ احمد زروق ص 295 – 296].

يظهر من هذا النص مكانة “ الكرامة “ في الفكر الصوفي، وكيف انها حتى ليست دليلا على كمال الاستقامة، فكيف بالتالي: الولاية.

( 4 ) قال أبو حفص النيسابوري ( وقد سئل: من الولي ؟ ): “ من أيّد بالكرامات، وغيّب عنها “ ( طبقات الصوفية، السلمي 121 ).

- قال أحمد بن أبي الورد:

“ وصل القوم بخمس: بلزوم الباب، وترك الخلاف، والنفاذ في الخدمة، والصبر على المصائب، وصيانة الكرامات “ ( طبقات الصوفية، السلمي 250 ).

- قال أبو عمرو الدمشقي ( ت 320 هـ ).

“ كما فرض اللّه على الأنبياء اظهار الآيات والمعجزات، كذلك فرض على الأولياء كتمان الكرامات، حتى لا يفتتن الخلق بها “ ( طبقات الصوفية السلمي 277 ).

- يقول محمد بن عليان النسوي:

“ من اظهر كراماته فهو مدّع ومن ظهرت عليه الكرامات فهو ولي “ ( طبقات الصوفية، السلمي ص 418 ).

- يقول الجنيد: “ الحجب ثلاثة: حجاب النفس، وحجاب الخلق، وحجاب الدنيا، وهذه الثلاثة هي

الحجب العامة. وهناك ثلاثة حجب تسمى بالحجب الخاصة وهي: مشهد الطاعة، ومشهد الثواب، ومشهد الكرامة. وقال أيضا: زلة العارف ميله عن الكريم إلى الكرامة “ ( تذكرة الأولياء ج 2 ص ص 34 - 35 ).

( 5 ) ينقل الطوسي في اللمع قولا لسهل بن عبد اللّه “ من زهد في الدني أربعين يوما صادقا مخلصا في ذلك، تظهر له الكرامات من اللّه عز وجل، ومن لم يظهر له ذلك فلما عدم في زهده من الصدق والاخلاص “.

يظهر من النص ان الكرامة تكون ثمرة العبادة وليست بالضرورة مرتبطة بمفهوم “ الولاية “، لأن الولي لا يكون وليا بعبادته أربعين يوما أو زهد أربعين يوما بل هو تعيين الهي.

( 6 ) يراجع بشأن “ كرامة “ في الفكر الصوفي.

 - كتب التاريخ الصوفي المشبعة بقصص الكرامات مما يقف معه القارئ مدهوشا امام هذا السيل من الغرائب، في حيرة كيف يصدق !

يضاف إلى ذلك غياب الحس النقدي لدى الناقل.

من اشهر هذه الكتب:

- حلية الأولياء: أبو نعيم الأصبهاني

- صفة الصفوة: ابن الجوزي

- الرسالة القشيرية: القشيري

- طبقات الصوفية: السلمي

- نفحات الانس: الجامي

- تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي

هذا ولا تخلو الفتوحات من رواية بعض الكرامات التي استطاع الشيخ الأكبر ان يبررها ويفسرها.

 - الصلة بين التصوف والتشيع. الشيبي ص ص 391 - 397 ( حيث يقارن بين كرامات الأئمة والصوفية فيبين اتصال التصوف بالتشيع ).

 - الحضارة الاسلامية: آدم متز ج 2 ص 32 ( حيث تعرض للولاية الصوفية ).

 - تاريخ التصوف في الاسلام. قاسم غني ص ص 335 - 376 ( الكرامات وخوارق العادات ).

حيث يرى أن الكرامة وخرق العادة واحد. كما يعتبر القدرة على اتيان الكرامة وخرق العادات آية الولاية. كما يؤكد ان الكرامة تظهر عن الولي في حال الفناء.

( 7 ) فلتراجع بشأن “ كرامة “ عند ابن العربي: - الفتوحات السفر الأول:

أفلاك الكرامات فق 26 - الأحوال والكرامات فق 553 - الخلق والكرامات فق 556 - الأحوال والكرامات فق 564، الأحوال والكرامات فق 579. الأحوال والكرامات فق 585 - 595 - 600 - 602 - 604 - 607 - 684.

- الفتوحات السفر الثاني، خرق العادة فق 327، التصريف المطلق فق 113.

- الفتوحات السفر الثالث، الادراك الخارق العادة فق 281 - 282 - 283 - 1، المعجزات والكرامات والسحر فق 283 - التصريف فق 225 - 1 - كرامة فق 333 - 375 أ، 380 - 380 - خرق العوائد فق 105 - - 151 ب، 334 - 374 - 383 - 383 - أ، 385 - المعجزات والكرامات والسحر، الهمة فق 383.

- الفتوحات السفر الرابع، الكرامة للولي، المعجزة للنبي فق 131، خرق العوائد فق 307 - 308.

- الفتوحات السفر الخامس، كرامة ونعمة فق 38.

- الفتوحات السفر السادس - فق 124 - 125 ،التصريف 365.

****


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!