موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


602.  – نبوّة

في اللغة:

“ والنّبوة: الارتفاع. . والنّبوة والنّباوة والنبيّ: ما ارتفع من الأرض. ..

ومنه الحديث: لا تصلّوا على النّبي أي على الأرض المرتفعة المحدودبة. والنبيّ:

العلم من اعلام الأرض التي يهتدى بها.

قال بعضهم: ومنه اشتقاق النبي لأنه ارفع خلق اللّه، وذلك لأنه يهتدى به. .. ابن السكيت: النبي هو الذي أنبأ عن اللّه، فترك همزه ،

قال: وإن اخذت النبي من النّبوة والنّباوة، وهي الارتفاع من الأرض، لارتفاع قدره ولأنه شرّف على سائر الخلق، فأصله غير الهمز، وهو فعيل بمعنى مفعول، وتصغيره نبيّ، والجمع أنبياء،. ..

وقال الكسائي: النّبيّ الطريق، والأنبياء طرق الهدى

قال أبو معاذ النحوي: سمعت أعرابيا يقول: من يدلني على النبي اي على الطريق.

وقال الزجاج: القراءة المجتمع عليها في النبيين والأنبياء طرح الهمز، وقد همز جماعة من أهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا، ترك الهمز. .. فإذا همزت قلت نبيء ونبآء. .. فيجوز ان يكون نبي من أنبأت مما ترك همزه لكثرة الاستعمال، ويجوز ان يكون من نبا ينبو إذا ارتفع، فيكون فعيلا من الرّفعة “. ( لسان العرب مادة “ نبا “ ).

في القرآن 1:

يظهر الأنبياء في القرآن بأنهم صفوة البشر: عقليا، وخلقيا وعمليا.

خصّهم اللّه بالمحبة والرضا - وهم السبيل الوحيد لمعرفته تعالى وتوحيده..

ولمعرفة صفاته. وهذه المعرفة لا تكون الا بالتعريف الإلهي لا نتيجة ذكاء وفهم وفلسفة، لما فيها من الايمان بالغيب.

 - الأنبياء صفوة البشر:

قال تعالى: ” اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ “[ الانعام / 124 ].

قال تعالى: ” ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ، وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ “[ الأحزاب / 40 ].

” قال تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا “[ النساء / 125 ].

“ وَكانَ عِنْدَ رَبِّه ِ[ إسماعيل ] مَرْضِيًّا “[ مريم / 55 ].

” وَاصْطَنَعْتُكَ [ موسى ] لِنَفْسِي “[ طه / 41 ].

” وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ[ موسى ] مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي “[ طه / 29 ].

 - الأنبياء رسل توحيد:

” وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ.

إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ!

قالُوا: وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ. قالَ: لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ “ [ الأنبياء / 51 - 54 ].

وفي سورة العنكبوت نرى إبراهيم عليه السلام ينتقل في دعوته، من اظهار ضلال الوثنية إلى توحيد العالمين.

” وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ، ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً، إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً، فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ.. . “ ( العنكبوت / 16 - 17 )

ودعوة إبراهيم إلى التوحيد هي دعوة كل الرسل مما لا يتسع المجال لذكره [ فليراجع “ القرآن “ ]

 - دور التعريف الإلهي في معرفة اللّه:

” وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا، ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا “[ الشورى / 52 ].

” وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى “[ النجم / 3 - 4 ].

 - الأنبياء والايمان بالغيب:

” ألم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ، هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ “( البقرة / 1 - 3 ).

عند ابن العربي:

“ النبوة “ من المفردات والافكار التي جلبت للشيخ الأكبر مختلف التهم، تدرجت في ألوانها من الاستياء إلى التكفير.

فإذا أخذنا بعين الاعتبار - نظرا لصورته التي أضحت واضحة في هذا

المعجم - ان هذا الشيخ الجليل لا يقع في خطأ اسلامي شرعي فما هو مصدر الغلط ومنشأه ؟

 - ان المطالع لكتبه أخذ عبارة مثل: “ الولي أعلى من النبي “، قاطعا إياها عن سياقها الفكري.

كمن يأخذ الآية :” لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ “بمعزل عن بقيتها، جاعل منها: نصا شرعيا.

يقول:

“. .. وإذا سمعتم لفظة من عارف محقق مبهمة وهو ان يقول: الولاية هي النبوة الكبرى، والولي العارف مرتبته فوق مرتبة الرسول. . فالنبي صلّى اللّه عليه وسلم له مرتبة الولاية والمعرفة، والرسالة.

ومرتبة الولاية والمعرفة: دائمة الوجود، ومرتبة الرسالة: منقطعة. فهو صلّى اللّه عليه وسلم من كونه وليا وعارفا أعلى واشرف من كونه رسولا.

وهو الشخص بعينه واختلفت مراتبه، لا ان الولي منا ارفع من الرسول نعوذ باللّه من الخذلان. .. “ ( القربة ص 9 ).

 - ان “ النبوة “ “ والولاية “ عند ابن العربي

كلتاهما اخذت معنى له أصوله اللغوية - الدينية بعيدا عن محملاته المعهودة والمعروفة.

لذلك وانطلاقا من هاتين النقطتين، فلا بد قبل الحكم على موقفه من النبوة والولاية ان نتعرض لمضامينهما عند شيخنا الأكبر، لأن المفكر العربي الاسلامي يحكم عليه، في اطار اللغة التي وضعها وفي ضوء توافقها من اللسان العربي، والتشريع الاسلامي.

ما هي محملات “ النبوة “ و “ الولاية “ ؟

( ) ان “ النبوة “ لا تفهم عامة خارج اشخاص أنبياء الشرائع والأنبياء المرسلين.

انها “ مضمون “ و “ نمط “ اتصال بين الحق والخلق بعدي(a - posteriori). على حين انها عند ابن العربي مضمون ونمط قبلي(a priori)- ان أمكن القول - تحقق في الاشخاص ،

فهي موجودة في بنيانه الفكري:

كمرتبة وجودية وامكانية نمط وجودها في الانسان: تحقيق [ - تحققت في الأعيان ]، وبلغتنا المعاصرة، تجسيد.

لذلك يظل قبلة نظر ابن العربي هذه المرتبة الوجودية، وليس اشخاصها.

فعند ما يتكلم على “ النبوة “ فهو يقصد: “ مرتبة “ و “ مقاما “ وليس:

“ عيسى “ و “ موسى “ الخ عليهما السلام. ..

وان أطلقها على “ عيسى “ و “ موسى “ - عليهما السلام - مثلا فهي ل تحتويهما بل نسبة ووجه من وجوههما. ..

( ب ) ان “ الولاية “ تفهم عامة منسوبة إلى هذا النمط من الرجال الذين مارسوا التدين والتقوى والورع، فظهرت عليهم من الآثار ما لفت نظر العموم، فخصوهم بالألقاب ومنها: “ الولي “، التي تجد جذرها القرآني في الآية” أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ “[ 10 / 62 ] ..

ففصلت “ الولاية “ عن “ النبوة “ وحصرت بالأتقياء من البشر من غير الأنبياء.

على حين ان ابن العربي جعل “ الولاية “ كالنبوة: مرتبة وجودية له خصائص مميزة تتحقق في الأنبياء المرسلين، والأنبياء غير المرسلين، والأتقياء من عامة المسلمين.

فالولاية بهذا المضمون هي ما أشار اليه: بالنبوة العامة، فموسى وعيسى مثلا عليهما السلام هما: أولياء - في نسبة تختلف عن النسبة، التي يطلق من اجله عليهما لفظ: “ أنبياء “. وهكذا..

ولنحاول الآن ان نحصر بنقاط جملة مفهوم ابن العربي للنبوة:

* * * * أشار ابن العربي إلى “ النبوة “ بمعناها اللغوي السابق، اي: الرفعة ؛ يقول:

“. .. واما النبوة، التي هي غير مهموزة، فهي: الرفعة. ولم يطلق على اللّه منها اسم [ لا يتسمى عز وجل بالنبي ] ولها في الاله اسم: رفيع الدرجات. .. “ ( ف 2 / 253 ).

****

النبوة: هي الانباء الإلهي والانزال الرباني، أو التنزل الملكي عموما.

فالنبوة عامة، بهذه الصفة غير منقطعة تستمر في الظهور بصورتين:

 - الولاية

 - الوراثة

ومن ابرز خصائصها انها: دون تشريع، يحكمها شرع آخر الأنبياء [ محمد صلّى اللّه عليه وسلم ].

وهنا يستعمل ابن العربي جملة مفردات للإشارة إلى هذه النبوة فيسميها:

النبوة الباطنة، نبوة عموم، نبوة الاخبار، نبوة عامة، الوراثة النبوية، النبوة المطلقة، النبوة السارية، نبوة الوارث، نبوة الولي، النبوة القمرية.

ويطلق ابن العربي هذه الأسماء كلها على “ نبوة “ غير الأنبياء من: الأولياء

والورثة 2، في مقابل: نبوة الأنبياء [ لها شرع مخصوص ]. التي يطلق عليها أيضا جملة مفردات هي:

نبوة التشريع، نبوة التكليف، النبوة الخاصة، النبوة المقيدة، نبوة مكملة، نبوة رسالية، نبوة شمسية، النبوة الظاهرة.

يقول:

 - النبوة - انزال رباني - انباء الهي - تنزل ملكي ( ) “. .. فالنبوة الظاهرة [ - نبوة الأنبياء ] هي التي انقطع ظهورها، واما الباطنة [ - نبوة الأولياء والورثة ] فلا تزال في الدنيا والآخرة، لأن الوحي الإلهي، والانزال الرباني لا ينقطعان إذ كان بهما حفظ العالم “ ( ف 3 285/ ).

( ب ) “ فتلك [ النبوة ] منزلة: الانباء الإلهي المطلق، لكل من حصل في تلك المنزلة “. ( ف 2 / 90 ).

“ لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة. اي: أرفع عنك طريق الخبر، وأعطيك الأمور على التجلي. والتجلي لا يكون الا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الادراك الذوقي 3 “ ( فصوص 1 / 134 ).

( ج ) “ ثم استقاموا على طريقهم التي شرع اللّه لهم المشي عليها، تتنزّل عليهم الملائكة، وهذا التنزل، هو النبوة العامة، لا نبوة التشريع، تتنزل عليهم بالبشر،. .. اي لا تخافوا ولا تحزنوا. . “. ( ف 2 / 217 ).

 - النبوة العامة غير منقطعة، ل تشريع فيها - نبوة التشريع “. .. واما النبوة العامة: فأجزاؤها لا تنحصر، ول يضبطها عدد، فإنها غير مؤقتة، لها الاستمرار دائما دنيا وآخرة. .. “ ( ف 2 / 90 ).

“. .. اعلم أن النبوة البشرية على قسمين 4: قسم من اللّه إلى عبده من غير روح ملكي بين اللّه وبين عبده، بل اخبارات الهية يجدها في نفسه من الغيب، أو في تجليات لا يتعلق بذلك الإخبار، حكم تحليل ولا تحريم. بل تعريف الهي ومزيد علم بالاله، أو تصديق بصدق حكم مشروع ثابت..

وله [ العبد ] درجات الاتباع، وهو تابع لا متبوع، ومحكوم لا حاكم، ول بد له في طريقه من مشاهدة قدم رسوله وإمامه، لا يمكن ان يغيب عنه حتى في الكثيب

[ انظر “ كثيب “ ]. .. والقسم الثاني من النبوة البشرية: هم [ الأنبياء ] الذين يكونون مثل التلامذة بين يدي الملك، ينزل عليهم الروح الأمين بشريعة من اللّه، في حق نفوسهم يتعبدوه بها، فيحل لهم ما شاء ويحرم عليهم ما شاء، ولا يلزمهم اتباع الرسل. وهذا كله كان قبل مبعث محمد صلّى اللّه عليه وسلم فأما اليوم فما بقي لهذا المقام أثر. .. “ ( ف - 2 / 254 255- ).

“. .. والنبوة في نفسها: اختصاص الهي، يعطيه لمن يشاء من عباده، وم عنده خبر بشرع ولا غيره. .. “ ( ف 2 / 595 ).

 - النبوة العامة - الولاية “ فالولاية: الفلك المحيط الجامع للكل [ الأنبياء والأولياء ]، فهم وان اجتمعوا في منصب الولاية، فالولاة لهم مراتب. .. “ ( ف 3 / 14 ).

“. .. فقد يكون الولي: بشيرا ونذيرا، ولكن لا يكون: مشرعا.

فإن الرسالة والنبوة والتشريع قد انقطعت، فلا رسول بعده [ صلّى اللّه عليه وسلم ] ولا نبي اي: لا مشرع ولا شريعة. .. “ ( ف 2 / 376 ).

“ والولاية لها الأولية ثم تنصحب وتثبت ولا تزول، ومن درجاتها: النبوة والرسالة. فينالها بعض الناس. .. واما اليوم، فلا يصل إلى درجة النبوة، نبوة التشريع، أحد، لأن بابها مغلق، والولاية لا ترتفع دنيا ولا آخرة. ..

ومن أسمائه “ الولي “، وليس من أسمائه: نبي ولا رسول.

فلهذا انقطعت النبوة والرسالة، لأنه لا مستند لها في الأسماء الإلهية، ولم تنقطع الولاية، فإن الاسم الولي، يحفظها. . “ ( ف 3 / 101 ).

انظر “ ولاية “.

 - النبوة العامة - الوراثة “ فاعبد ربك المنعوت في الشرع حتى يأتيك اليقين، فينكشف الغطاء، ويحتد البصر، فترى ما رأى، وتسمع ما سمع، فتلحق به في درجته [ النبوة العامة ] من غير نبوة تشريع، بل وراثة محققة لنفس مصدقة متبعة “ ( ف 3 / 311 ).

“. .. فالولي لا يأخذ النبوة من النبي، الا بعد ان يرثها الحق منهم

[ الأنبياء ]، ثم يلقيها [ تعالى ] إلى الولي، ليكون ذلك اتمّ في حقه [ الولي ]، حتى ينتسب إلى اللّه لا إلى غيره. وبعض الأولياء يأخذونها وراثة عن النبي وهم: الصحابة. . “ ( ف 2 / 253 ).

“. .. فنبوة الوارث: قمرية، ونبوة النبي والرسول: شمسية. .. “ ( ف 4 / 330 ).

يتضح من النص الأخير، ان النبوة العامة التي هي: مقام يرثه الولي من النبي، تكون بالأصالة للنبي وبالتبعية للولي كنور القمر [ - مثال نبوة الوارث ] يتبع نور الشمس [ - مثال نبوة النبي ].

انظر المعنى التالي للنبوة.

 - نبوة التشريع - نبوة الأنبياء، وهي منقطعة:

“. .. لم يكتف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بانقطاع الرسالة فقط لئلا يتوهم ان النبوة باقية في الأمة، فقال عليها السلام: ان النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبي بعدي ولا رسول 5 “ ( ف 3 / 38 ).

“ الأنبياء [ - نبوة عامة ] على نوعين: أنبياء تشريع وأنبياء لا تشريع لهم.

وأنبياء التشريع على قسمين: أنبياء تشريع في خاصتهم [ غير رسل ] ،

كقوله تعالى: ” إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ" [ 3 / 93 ].

كقوله تعالى: “وأنبياء تشريع في غيرهم وهم: الرسل 6. .. “. ( ف 2 / 76 ).

“ فان تلك النبوة [ - نبوة التشريع ] ليس لنا [ - المؤمنين بعد النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلم ] فيه قدم. .. “ ( روح القدس ص 32 ).

****

النبوة مقام عند اللّه يناله الخاصة من البشر، يعطى للنبي المشرع، ويعطى إرثا للتابع لهذا النبي.

والنبوة هنا لم تعط معناها الخصوصي الذي انقطع بل حافظت على معنى: “ النبوة العامة “ السابق.

اما النبوة التي انقطعت والتي يشملها الحديث الشريف: “ فلا نبي بعدي “.

فهي: ذوق العبودية الكاملة التامة. يقول ابن العربي:

 - مقام النبوة للنبي والتابع:

“ وأعلى الخواص فيه من العباد الرسل عليهم السلام. ولهم [ الرسل ] مقام:

النبوة والولاية والايمان. فهم أركان بيت هذا النوع، والرسول أفضلهم مقاما وأعلاهم حالا. .. “ ( ف 2 / 5 ).

“ الأكابر من عباد اللّه الذين هم في زمانهم بمنزلة: الأنبياء في زمان النبوة، وهي النبوة العامة. .. “ ( ف 2 / 3 ).

“. . ونبوة عيسى عليه السلام ثابتة له محققة، فهذا نبي ورسول قد ظهر بعده صلّى اللّه عليه وسلم، وهو الصادق في قوله: انه لا نبي بعده، فعلمنا قطعا انه يريد التشريع خاصة. . فالنبوة مقام عند اللّه يناله البشر، وهو مختص بالأكابر من البشر يعطى للنبي المشرّع، ويعطى للتابع لهذا النبي المشرع الجاري على سنته.

قال تعالى :” وَوَهَبْنا لَهُ [ مِنْ رَحْمَتِنا ] أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا “[ 19 / 53 ]. .. فسددنا [ ابن العربي ] باب اطلاق لفظ النبوة على هذ المقام 7، مع تحققه، لئلا يتخيل متخيل ان المطلق لهذا اللفظ يريد: نبوة التشريع. .. “ ( ف 2 / 3 ).

 - انقطاع النبوة وبقاء مقامها:

“. .. فإن النبوة التي انقطعت بوجود رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم انما هي: نبوة التشريع، لا مقامها. . “ ( ف 2 / 3 ).

 - النبوة المنقطعة - ذوق العبودية الكاملة التامة “. .. وفي محمد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت [ نبوة التشريع ]، فلا نبي بعده. يعني مشرّعا أو مشرّعا له، ولا رسول وهو المشرع. وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة.

فلا ينطلق عليه [ العبد ] اسمها الخاص بها، فان العبد يريد الّا يشارك سيده - وهو اللّه - في اسم، واللّه لم يتسّم بنبي ولا رسول، وتسمّى بالولي، واتصف بهذا الاسم، فقال: “. . .اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا.. . “ [ 2 257/ ]

وقال :” وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ 42 / 28 ]. .. “ ( فصوص 1 135/ ).

“ فهذا الحديث. [ فلا رسول بعدي، ولا نبي ] من أشد ما جرّعت الأولياء مرارته. فإنه قاطع للوصلة بين الانسان وبين عبوديته.

وإذا انقطعت الوصلة بين الانسان وبين عبوديته من أكمل الوجوه، انقطعت الوصلة بين الانسان وبين

اللّه. فإن العبد على قدر ما يخرج به عن عبوديته، ينقصه من تقريبه من سيده، لأنه يزاحمه في أسمائه. وأصل المزاحمة، الاسمية. فأبقى [ تعالى ] علينا [ بعد انقطاع النبوة ] اسم “ الولي “. وهو من أسمائه سبحانه.

وكان هذا الاسم قد نزعه من رسوله، وخلع عليه وسماه بالعبد والرسول. ول يليق باللّه ان يسمى بالرسول.

فهذا الاسم من خصائص العبودية. .. ولما علم رسول اللّه [ صلى اللّه عليه وسلم ] أن في أمته من يجرّع مثل هذا الكأس. .. لذلك رحمهم، فجعل لهم نصيب ليكونوا، بذلك، “ عبيد العبيد “، فقال للصحابة: “ ليبلغ الشاهد الغائب “ فأمرهم بالتبليغ، كما امره اللّه بالتبليغ، لينطلق عليهم أسماء “ الرسل “ التي هي مخصوصة بالعبيد. .. فإن مقام الرسالة لا يناله أحد، بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. .. ولهذا اشتد علينا غلق هذا الباب [ النبوة والرسالة ]، وعلمنا أن اللّه قد طردن من حال العبودية الاختصاصية 8. .. “ ( ف السفر الثالث فق فق 348 351- ).

..........................................................................................

( 1 ) فليراجع بشأن النبوة والأنبياء في القرآن. كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي: النبوة والأنبياء في ضوء القرآن.

( 2 ) اطلق الغزالي على هذه النبوة العامة، اسما مماثلا: النبوة المكتسبة.

- انظر فصوص الحكم ج 2 ص 176

- معارج القدس الغزالي ص 143، 145، 151.

( 3 ) انظر شرح المقطع في الفصوص ج 2 ص 174.

( 4 ) يقول الكمشخانوي في جامع الأصول ص 72:

“ النبوة: هي الاخبار عن الحقائق الإلهية، أي عن معرفة ذات الحق، وأسمائه، وصفاته، واحكامه.

وهي على قسمين: نبوة التعريف، ونبوة التشريع.

فالأولى: هي الانباء عن معرفة الذات والصفات والأسماء، والثانية: هي جميع ذلك مع تبليغ الأحكام، والتأديب بالأخلاق، والتعليم بالحكمة، والقيام بالسياسة.

وتخص هذه [ نبوة التشريع ] بالرسالة “.

( 5 ) انظر فهرس الأحاديث حديث رقم ( 43 ).

( 6 ) يقول ابن العربي:

“. .. والرسالة في البشر لا تكون الا في الدنيا، ينقطع حكمها في الآخرة.

وكذلك تنقطع في الآخرة بعد دخول الجنة والنار نبوة التشريع ؛ لا النبوة العامة.

وأصل الرسالة في الأسماء الإلهية وحقيقة الرسالة ابلاغ كلام من متكلم إلى سامع، فهي حال لا مقام، ولا بقاء

لها بعد انقضاء التبليغ “ ( ف 2 / 257 ).

( 7 ) يتضح هنا، ان ابن العربي عندما يريد نبوة التشريع، يطلق لفظ نبوة. وعندما يريد نبوة الأولياء أو الوراثة، نراه يتبع لفظ نبوة، بإشارة إلى ذلك. فيأتي اللفظ مقيدا بالنص على حين ان الأول مطلقا.

( 8 ) يراجع بشأن “ نبوة “ عند ابن العربي:

- الفتوحات ج 2 ص 5 ( مقام النبوة )، ص 19 ( النبوة المطلقة )، ص 24 ( مقام القربة - النبوة العامة )، ص 41 ( نبوة التشريع، النبوة العامة )، ص 58 ( نبوة التشريع )، ص 90 ( النبوة منزلة )، ص 125 ( أنبياء تشريع - أنبياء علم وسلوك )، ص 252 ( النبوة )، ص 254 ( النبوة إخبار لأرواح )، ص 255 ( النبوءة )، ص 375 ( النبوة خطاب اللّه تعالى).

- الفتوحات ج 3 ص 14 ( النبوة اختصاص )، ص 38 ( النبوة والرسالة )، ص 311 ( نبوة تشريع )، ص 326 ( النبوة العامة والنبوة الخاصة )، ص 456 ( رسالة التشريع، نبوة التكليف )، ص 513 ( النبوة العامة )، ص 326 ( النبوة العامة - النبوة الخاصة ).

ص 456 ( رسالة التشريع، نبوة التكليف )، ص 513 ( النبوة العامة )، ص 326 ( النبوة العامة - النبوة الخاصة ).

- الفتوحات ج 4 ص 115 ( النبوة الأولى )، ص 116 ( النبوة بالجعل، ) ص 369 ( نبوة مكملة ).

- فصوص الحكم ج 1 ص 62 ( الرسالة والنبوة )، ج 2 ص 171 ( النبي والرسول والولي )، ص 217 ( النبوة العامة والتنزيل والتلاوة ).

- شق الجيوب ق ق 53 - 54 ( صورة النبي البشرية المثالية وحقيقته الأصلية ).

- مشاهد الاسرار القدسية ق 10 ( النبي من أصل نبا أو نبأ )، ق 11 ( مقام النبي غير المرسل - الفرق بين النبي وبين الولي والوارث ).

- رسالة الأنوار ص 15 ( اشتراك النبوة والولاية في ثلاث ).

- ترجمان الأشواق ص 16 ( الميراث النبوي - الأنبياء والأولياء ).

كما يراجع:

- شرح التائية ق 17 ( النبوة الخاصة )

- مطلع خصوص الكلم ق ق 28 - 29 ( النبوة )-Islam. Jean During. P. 213 ( la prophetie ).- - - - -


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!