موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


661.  – الهمّة

في اللغة:

“ وهمّ بالشيء يهمّ همّا: نواه واراده وعزم عليه. وسئل ثعلب عن قوله عز وجل :” وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ[ 12 / 24 ] “.

قال: همّت زليخا بالمعصية مصرّة على ذلك، وهمّ يوسف عليه السلام، بالمعصية ولم يأتها ولم يصبّر عليها، فبين الهمتين فرق.

.. . ولقد همّت به وهمّ بها ( الآية ) قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير كأنه أراد: ولقد همّت به، ولولا أن رأى برهان ربّه لّهم بها. ..

وقوله عز وجل” وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا[ 9 / 74 ]. . “ كان طائفة عزموا على أن يغتالوا سيدنا

رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، في سفر وقفوا له على طريقه، فلم بلغهم أمر بتنحيتهم عن طريقه وسمّاهم رجلا رجلا. ..

والهمّ: ما همّ به في نفسه، نقول: أهمني هذا الامر. والهمّة والهمّة. ما همّ به من أمر ليفعله.

وتقول: انه لعظيم الهمّ وإنه لصغير الهمة، وانه لبعيد الهمة والهمة، بالفتح “ ( لسان العرب مادة “ همم “ ).

في القرآن

الأصل “ هم “ لم يرد بصيغة الاسم: “ همة “.

الوارد صيغة الفعل: همّ، همّت، همّوا.

انظر “ في اللغة “.

عند ابن العربي:

* الهمة: “ قوة “ فعالة أو “ طاقة “ فعّالة في الانسان، لها مصدران فيه:

المصدر الأول: أصل الجبلة

المصدر الثاني: التربية، والاكتساب

ولم نر، قبل ابن العربي، من نبّه على مصدري الهمة. فأعطى الاستعداد حقه، والتربية حقها.

ووجود الهمة في أصل الجبلة: إمكان، لذلك تمام وجود الهمة في العبد هو: تفتح امكاناتها من خلال تعلقاتها ودور العشق فيه [ - موضوع التعلق ]

يقول:

- 1 الهمة: قوة، وطاقة

- قوة “ فقوله [ لوط، عليه السلام ] :” لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً “[ 11 / 80 ]، أي همّة فعّالة “ ( ف 4 / 53).

ب - طاقة قابلة للتحريك

“ فأريد بالمستقيمة [ يتكلم ابن العربي على حركات الحروف، وهذه:

الحركة المستقيمة ]، كل حرف حرّك الهمة 1 إلى جانب الحق خاصة. ..

و [ الحركة ] المنكوسة، كل حرف حرّك الهمة إلى الكون واسراره “ ( ف السفر الأول فق 683 )

- 2الهمة لها مصدران: الجبلة، والاكتساب “ واعلم أن وجود هذه الهمة في العبد، على نوعين، ولها مرتبتان: همة تكون في أصل خلقة العبد وجبلته. وهمة تحصل له بعد ان لم تكن. .. فإذا علمها [ الانسان ] من نفسه، صرّفها فيما أراد من الموجودات، كنطق عيسى عليه السلام في المهد، بأمر اللّه، وهمة مريم. .. انها [ الهمة ] عندنا كلها “ أسباب “ يفعل الحق سبحانه وتعالى الأشياء عندها لا بها 2. .. “ ( مواقع النجوم ص 84 )

- 3الاكتساب في الهمة يوصلها إلى تمام الوجود:

- الاكتساب والانسان “ وقد نبّه الرسول على الترقي في تأثير الهمم، بقوله: تعلموا اليقين فإني متعلم معكم 3. وبقوله، في عيسى، حيث قيل له، انه كان يمشي على الماء.

فقال: ولو ازداد يقينا لمشي في الهواء 4. .. “ ( بلغة الغواص ص 80 )

ب - الاكتساب والعشق “ اعلم أنه لما اصطحب الألف واللام [ كلام ابن العربي هنا في الحرف: لا ] صحب كل واحد منهما ميل، وهو الهوى والغرض، والميل ل يكون الا عن حركة عشقية. .. فكان اللام. في هذا الباب، أقوى من الألف لأنها اعشق:

فهمتها أكمل وجودا: وأتمّ فعلا. والألف أقل عشقا، فهمتها أقل تعلق باللام، فلم تستطع ان تقيم أودها. .. وهذا كله [ ميل الألف واللام لبعضهما ]، تعطيه حالة العشق. والصدق في العشق، يورث التوجه إلى طلب المعشوق.

وصدق التوجه يورث الوصال من المعشوق إلى العاشق “ ( ف السفر الأول فق فق 618، 620 ).

يتضح هنا، ان الهمة في الأصل: طاقة [ محضة - عامة غير موجهة ] في

الانسان تقبل التعلق. ومن قبولها للتعلق يظهر دور الاكتساب والتربية فيها، وامكانية التوجيه الموصلة لتفتح امكاناتها كافة.

ويطل من خلال النصوص “ مفهوم “ يحدد تعلقات الهمة الا وهو: إرادة الانسان.

فالانسان دائما موجود في النصوص السابقة كما لك وموجه لهذه الهمة.

اذن “ الإرادة “ توجه الهمة في تعلقاتها.

ولا يخفي علاقة الإرادة: بالمريد [ انظر “ مريد “ ]، وبالتالي دور “ التسليك “ في الوصول بالهمة إلى مقام “ الفعل “.

****

تبرز مما سبق أهمية “ تعلقات “ الهمة.

إذ هي الأساس في:

أولا: اختلاف الهمم

ثانيا: ترقي الهمم

ثالثا: اسقاط التعلقات نفسها، الواحد تلو الآخر

رابعا: الحكم على الهمم

- 1اختلاف الهمم:

الهمة طاقة فقط لذلك تتشعب باختلاف تعلقاتها، تبعا لإرادة صاحبها.

فإن علّق صاحب الهمة همته في الدنيا، نراه يحصل الأموال. . وان علقها: في العبادة، يحصّل المقامات. . وان علقها: باللّه، تسقط التعلقات وتصير همومه هم واحدا.

وهكذا في طاقة الهمة: ان تفعل، في ميدان تعلقها. . هذا ويجب الّا نقف مع حدود اللفظ، فنظن من قولنا ان الهمة: طاقة فقط، انها سلبية لا تؤثر في صاحبها. لأن الهمة في وجهها المغروس في جبلة الانسان، تؤثر فيه ان كانت قوية.

فالهمة القوية - في أصل الجبلة - تدفع صاحبها إلى الترقي والتعلق بعظائم الأمور.

كما أن إرادة صاحبها تحكم عليها فلا بد من تبادل “ الأثر “ بين الأصلين في الجبلة.

الأصل الأول الذي يمثل: حجم طاقتها نفسه.

والأصل الثاني الذي يمثل: الإرادة والسلوك.

يقول ابن العربي:

“ ان اختلاف الهمم باختلاف المطامع لأن الهمم متعلقة بها. .. ولول المطامع لا نقطعت الهمم ولولا الهمم لبطلت الاعمال. .. “ ( بلغة ص 15 ).

“. .. كما قال معاوية رضي اللّه عنه: هموا بمعالي الأمور، فإن الأمور همم.

واني هممت بالخلافة، وما كنت اهلا لها “. ( بلغة 29 )

- 2الترقي بالهمم وترقي الهمم أن الهمم من “ تعلقها “:

- بالأعلى دون الأدنى: تترقى

- بالثابت دون الفاني: تحصّل السعادة.

الهمة تتعلق بمعنى انها: تتوجه كطاقة، بحركة عشقية [ انظر النص السابق: الاكتساب والعشق ]، إلى متعلقها، من توجهها إلى الاعلى، وبالحركة العشقية السابقة، تترقى.

ففي “ توجه “ الهمة: حركة تترقى بها الهمة وبالتالي يترقى بها صاحب الهمة. فالهمة تحمل صاحبها: تترقى فيترقى.

انها علاقة جدلية بين: همة وإرادة للوصول 5.

يقول:

( ) الترقي بالهمم “ فامتطت “ همته “ متون الذاريات: براقا. .. “ ( كتاب الكتب ص 19 )

“ وكيف لا تخترق هذه المقامات، وتخص بهذه الكرامات، “ وهمة “ ذلك الشخص: براقك. .. فما مرّ البراق ببيت مشيد، الا اخترقه، وخرقه. .. “ ( كتاب الكتب ص 3).

حتى أن ابن العربي، يكنى في ديوانه “ ترجمان الأشواق “ عن كل ما يحمل:

بالهمة ( العيس - النفس ) لأن الهمة تحمل العبد، تسوسه.

يقول: “ والعيس: الهمم. .. كنى عن الهمم بالمطايا. .. “ ( الأشواق 68 )

“ هم نفسي: يريد الهمم. .. فإن انبعاثها من سويدا القلب “ ( الأشواق 69 - 70 )

“. .. اين دربوا وأين سارت بهم هممهم، التي كني عنها بالعيس ؟ “ ( الأشواق 71 )

ب - ترقي الهمم كما أن “ ترقي الهمم “ هو: السبب المباشر في تعدد التعريفات المتعلقة بالهمة.

فكل تعريف يمس “ الهمة “: في مرحلة أو مرتبة من مراحل ترقيها

وسلوكها.

يقول ابن العربي:

“ ان الهمة يطلقها القوم [ - الصوفية ] بإزاء: تجريد القلب بالمنى [ - همة تنبيه ]، ويطلق بإزاء: أول صدق المريد [ - همة إرادة ]، ويطلق بإزاء جمع الهمم لصفاء الالهام [ - همة حقيقة ] ،

فيقولون الهمة على ثلاث مراتب: همة تنبه، وهمة إرادة، وهمة حقيقة “ ( ف 2 / 526 ).

وسنورد نصوص ابن العربي في مراتب الهمم الثلاث عند القوم ،

يقول:

همة تنبه:

“ ان همة التنبه: هي تيقظ القلب لما تعطيه حقيقة الانسان، مما يتعلق به التمني سواء كان محالا أم ممكنا، فهي تجرد القلب للمنى، فتجعله هذه الهمة ان ينظر فيما يتمناه، ما حكمه. .. فإن أعطاه [ النظر ] الرجوع عن ذلك [ التمني ]، رجع، وان أعطاه العزيمة فيه، عزم “. ( ف 2 / 526 ).

همة إرادة:

“ واما همة الإرادة: وهي أول صدق المريد. فهي همة جمعية لا يقوم له شيء. .. فإن النفس إذا اجتمعت أثّرت في أجرام العالم وأحواله، ولا يعتاص عليها شيء “ ( ف 2 / 526 ).

“ فمن جمع همته على ربه: انه لا يغفر الذنب الا هو، وان رحمته وسعت كل شيء، كان مرحوما “ ( ف 2 / 526 ).

همة حقيقة:

“ واما همة الحقيقة: التي هي جمع الهمم بصفاء الالهام، فتلك همم الشيوخ الأكابر من أهل اللّه، الذين جمعوا هممهم على الحق، وصيروها واحدة لأحدية المتعلق، هربا من الكثرة، وطلبا لتوحيد الكثرة أو التوحيد “ ( ف 2 / 527 ).

- 3اسقاط التعلقات كنتيجة طبيعية لترقي الهمة: تسقط التعلقات، حتى ل يبقى تعلق للهمة، سوى: الحق. .. تصير الهموم هما واحدا. وهذا ندركه من لغة العشق

الظاهرة في هذه المرحلة. انها المرحلة الأخيرة - التي تظل “ الهمة “ فيها موجودة، تؤكد الاثنينية - قبل “ الفناء “.

وفي هذه المرحلة يظهر: الفعل والتأثير بالهمة لقيامها في مقام الجمعية.

[انظر نص: “ الاكتساب والعشق “ السابق. ونص: “ جمعية الهمة “ الذي سيرد ].

- 4الحكم على الهمم:

ان “ الهمة “ كقوة باطنة في الانسان لا تتحقق إلا بتعلقاتها. وبالتالي ظهورها لا يكون الا في مستوى “ التعلق “ بالذات. والنص الذي أوردناه للكمشخانوي في الهامش رقم “ 5 “ يؤكد ذلك: من حيث إن الهمة في البدايات لها صورة، تختلف عن صورتها في الولايات، عن صورتها في الحقائق.

واختلاف الصورة كما نلاحظ مرجعه اختلاف التعلق.

****

ان “ الهمة “ من حيث كونها طاقة لها: الفعل. وهي موجودة في كل انسان.

و “ فعلها “ في كل انجاز واضح. ولم يزد الصوفية على أنهم استفادوا من “ الهمة “ كطاقة، ونقلوا “ فعلها “ من مستوى الظاهر [ - تأثيرها بالانسان ومن خلاله بالأشياء المحسوسة ] إلى مستوى الباطن [ - الانسان يفعل بالهمة ما لا يمكن فعله الا بالأسباب ].

وعندما حقق الصوفية هذه “ النقلة “ ظهرت “ الهمة “: أداة تأثير وفعل، بكل ما “ للفعل “ من ابعاد عرفانية ووجودية عند الصوفية.

واخذت وجه: “ الكرامة “ و “ خرق العادة “ [ انظر “ كرامة “ ].

يقول ابن العربي:

- 1فعل الهمة: نقلة من الظاهر إلى الباطن “ الهمة. .. كل ما لا يتوصل اليه شخص الا بجسمه أو بسبب ظاهر، يتوصل اليه النبي والولي بهمته، وزيادة، وهي [ الزيادة ] الأمور الخارجة، عن مقدور البشر رأسا. . “ ( مواقع النجوم 83 - 84 )

- 2 تأثير الهمة:

“. . وقل للسلطان: هذه همة واحدة أثّرت في شجرة مثمرة [ ايبستها ] فكيف همم جماعة من المظلومين في قلع الظالمين !. . “ ( بلغة 69 ).

“. . فقالت [ شمس أم الفقراء ]. .: تمنيت ان يأتينا غدا أبو الحسن بن قيطون، فاكتبوا اليه. . فقال أبو محمد [ الشيخ عبد اللّه المروزي ]: هكذا تعمل العامة ،

فقالت له العجوز: فما ذا تفعل ؟ قال: اسوقه بهمتي.

فقال: أفعل. فقال: قد حركت الساعة خاطره [ تأثير الهمة في خاطر الانسان عن بعد ] بالوصول الينا غدا ان شاء اللّه تعالى. .. “ ( روح القدس ص 101 ).

- 3الفعل بالهمة - مقام الجمعية “ فصاحب الهمة، له الفعل، بالضرورة، عند المحققين. هذا حظ الصوفي ومقامه. .. “ ( ف السفر الأول فق 619 )

“ بالوهم يخلق كل انسان في قوة خياله، ما لا وجود له الا فيها، وهذا هو الامر العام. والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة 6، ولكن ل تزال الهمة تحفظه “ 7. ( فصوص 1 / 88 ).

“ والهمة “ لا تفعل الا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير م اجتمع عليه. . “ ( فصوص 1 / 129 ).

- 4الفعل بالهمة - الفعل بالحرف “. .. وهذا الفعل ب “ الحرف المستحضر “ يعبّر عنه بعض من لا علم له:

ب “ الهمة “ وب “ الصدق “. وليس كذلك: وإن كانت الهمة روحا للحرف المستحضر، لا عين الشكل المستحضر. وهذه الحضرة تعم الحروف كلّها، لفظيها ورقميها “ ( ف سفر 3 فق 174 - 1 ).

“ فمن علم، من المحققين، حقيقة “ كن ! “ فقد علم “ العلم العيسوي “.

ومن أوجد ب “ همّته “ شيئا من الكائنات، فما هو من هذا العلم [ العلم العيسوي ] “ ( ف سفر 3 فق 48 ).

“. . ويعلم ما هي خاصيتها [ الحروف المستحضرة ] حتى يستحضرها، من

اجل ذلك، فيرى اثرها. فهذا [ الفعل بالحرف ] شبيه الفعل بالهمة. . “ ( ف 1 / 191 ).

فالفعل بالحرف لا يستلزم همة الشخص الناطق بالحرف. ومن هنا الأسماء التي استحقتها الهمة: الصدق. وغيره، لأن الفعل لها.

- 5 البعد العرفاني في فعل الهمة:

وهنا تظهر الهمة: أداة معرفة عند الصوفي

“. . فالزم الخلوة، علّق الهمة باللّه الرحمن، حتى تعلم “ ( ف سفر 1. فق 622 )” وما يعرف ما قلنا * سوى عبد له همة “( فصوص 1 / 122 )

“. . فيحصل لصاحب الهّمة في الخلوة مع اللّه وبه، جلّت هبته، وعظمت منّته، من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة. بل كل صاحب نظر وبرهان ليست له هذه الحالة، فإنها وراء، النظر العقلي “ ( ف سفر 1 فق 65 ).

“. . غير أن الولي يشترك مع النبي، في: ادراك ما تدركه العامة في النوم، في حال اليقظة، سواء. وقد أثبت هذا المقام للأولياء أهل طريقنا، واتيان هذا، وهو: الفعل بالهمة، والعلم من غير معلم من المخلوقين غير اللّه. . “ ( ف 1 / 150 ).

“ ومدرك [ - معرفة ] من أين علم هذا [ أمور تتعلق بمقام الابدال ]، موقوف على الكشف. فابحث عليه بالخلوة والذكر والهمة. . “ ( ف السفر 1 فق 643 )

- 6الفعل بالهمة - خرق عادة “. .. ولست اعني بالكرامات الا ما ظهر عن قوة الهمة “ ( ف سفر 3 - فق 383 ).

“. .. فأقطاب هذا المنزل: كل وليّ ظهر عليه خرق عادة عن غير همته، فيكون إلى النبوة أقرب ممّن ظهر عنه خرق العادة بهمته.

والأنبياء هم العبيد على أصلهم “ ( ف سفر 3 - فق 383 - 1 )

انظر “ كرامة “

* * *

* ظهرت “ الهمة “ من خلال التعريفات والنصوص السابقة: أداة تأثير وفعل، يستخدمها الصوفي. “ فالصوفي “: اذن موجود، يختار ويفعل.

وهذا ينافي ما يطلبه في سلوكه إلى اللّه، اي: الفناء، وترك الاختيار.

ينتج عن ذلك ان: “ الفعل بالهمة “ و “ العرفان “ في علاقة جدلية، “ ينقص “ أحدهما “ فيزيد “ الآخر. وهكذا.

حتى نصل إلى: تمام قدرة الفعل بالهمة، وانتفاء الاختيار فيه بتأثير العرفان.

يقول ابن العربي:

“ فإن قلت [ السائل ]: وما يمنعه [ النبي، لوط عليه السلام ] من الهمة المؤثرة، وهي موجودة في السالكين من الاتباع - والرسل أولى بها ؟

قلنا [ ابن العربي ]: صدقت، ولكن نقصك علم آخر، وذلك أن المعرفة ل تترك للهمة تصرفا.

فكلما علت معرفته [ الانسان ] نقص تصرفه بالهمة “ ( فصوص 1 / 127 - 128 )

“ واما نحن [ ابن العربي وأمثاله ] فما تركناه [ التصرف ] تظرفا - وهو تركه ايثارا - وانما تركناه لكمال المعرفة: فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار. فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن امر الهي وجبر لا اختيار “ ( فصوص 1 / 129 ).

****

الهمة “ عند ممارستها كونها قوة تحريك، يعرض لها قواطع عن دورها هذا.

وتنحصر هذه القواطع بكل ما في طاقته: اضعافها، ومنبعه كله: الاحساس بالعجز. فعندما يحس صاحب الهمة بالعجز: تضعف همته.

يقول ابن العربي:

“. . فتحفظ من أسباب امراض الهمم، واعلم أن من أعظمها: نظر أهل البدايات إلى أحوال أهل النهايات، ومطالبتهم أنفسهم [ أهل البدايات ] بأحوالهم [ أهل النهايات ]، فيصعب عليهم ويستبعدون ذلك، فتضعف هممهم. .. “ ( بلغة 46 )

****

في نهاية بحثنا “ للهمة “ لا بد من التنويه إلى أنها موجودة بأسماء مختلفة عند كل طائفة.

وهذه الأسماء منبعها: خاصيتها في الفعل. فهي عند المتكلمين:

“ الاخلاص “، وعند الصوفية “ الحضور “، وعند العارفين “ الهمة “. ام ابن

عربي فيفضل ان يسميها: العناية الإلهية. وربما مرجع ذلك إلى أن امكاناتها في أصل الجبلة عناية الهية.

يقول: “ من وافق تأمينه [ يقول: آمين ] تأمين الملائكة، في الغيب المتحقّق، الذي [ الموافقة - التأمين ] يسمونه العامة من الفقهاء “ الاخلاص “.

وتسميه الصوفية “ الحضور “، ويسميه المحققون “ الهمة “ ونسميه، ان وأمثالنا: “ العناية “ [ استجيب له ] “ ( ف سفر 1 فق 494 ).

“ ثم نرجع ان هذه الانفعالات الإلهية، المختصة بالوجود على يدي هذ الشخص الانساني - على مراتبها - أصلها الذي ترجع اليه: قوى نفسية.

تسميها الصوفية: الهمة. ويسميها بعضهم: الصدق، فيقولون: فلان أحال همته على أمر، فانفعل له، ذلك. وفلان صدق في امر ما، فكان له ذلك “. ( مواقع النجوم ص 83).

“. .. لهم [ اشخاص ] القدم الراسخ في الصدق، فيقتلون بالهمة 8، وهي الصدق “ ( ف 3 / 392 )

..........................................................................................

( 1 ) في فكر يرى الانسان: كلمة. تتحول “ الحروف “ إلى رموز يقول فيه ما ينطبق على البشر. لذلك نستطيع ان نعتبر نصوص الشيخ الأكبر في “ الحروف “ نصوص في “ الانسان “.

وهنا نرى “ الحرف “ هو الذي يحرّك “ همته “. أو في عالم الانسان: الانسان يحرك همته. السؤال الذي يطرح نفسه، والذي سنلمس أهميته، عند بحث النقاط المتبقية من الهمة.

هل الهمة تحرك الانسان ؟ أم الانسان يحرك الهمة ؟

الإجابة عن ذلك ستتضح من بحث المصطلح.

( 2 ) “ الهمة “ لها الفعل، وهذا ما سنبحثه في النقاط التالية

( 3 ) انظر فهرس الأحاديث حديث رقم: ( 44 )

( 4 ) انظر فهرس الأحاديث حديث رقم: ( 45 )

( 5 ) يرسم الكمشخانوي صورة الهمة في ترقيها ما بين البدايات والنهايات. وستورد النص الذي

يسمح للقاريء، بشيء من التمعن، ان يرى جدلية علاقة الترقي بين: الهمة والإرادة.

يقول: “ الهمة: وهي التوجه إلى الحق بالكلية، مع الانفة من المبالاة، بحظوظ النفس من الاغراض والاعواض، وبالأسباب والوسائط كالعمل والامل والوثوق به، وصورتها في البدايات:

عقد الهمة بالطاعة، والوفاء بعهد التوبة.

وفي الأبواب: تعلق القلب بالنعيم الباقي، وصرف الرغبة عن الفاني، والجد في الطلب عند التواني ،

وفي المعاملات: همة باعثة على الاستقامة في العمل، مع دوام المراقبة وقوة الثقة باللّه في التوكل والتسليم. وفي الاخلاق:

صرف الهمة بالكلية، إلى احراز السعادات والكمالات.

وفي الأصول: همة جاذبة صاحبها إلى جناب الحق، بقوة اليقين، وروح الانس، مانعة عن الفتور في السير، والزيغ في القصد.

ودرجتها في الأحوال: صيرورة الهموم هما واحدا، باستيلاء العشق.

وفي الولايات: همة تتصاعد عن الأحوال والمقامات إلى حضرة الأسماء والصفات.

وفي الحقائق: همة تعلو الصفات، وتنحو عن النعوت نحو الذات ،

وفي النهايات: لا همة الا التأثر بمؤثرية الحق في جميع الممكنات، كقوله تعالى: وما رميت إذ رميت. ولكن اللّه رمى.

وقوله: وإذ تخرج الموتى باذني. وهناك [ في النهايات ] ينمحق التعمل والتكسب، ويصفو عن شوبة الحدث، وينفتح الطريق، ويتسع، ويترقى القلب، إلى مقام السر. فيكون السائر مصحوبا محمولا في السير، كراكب البحر يسار به ولا يدري.

قال اللّه تعالى” سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ “[ 17 / 1 ] وتتوالى عليه الأحوال بمحض الموهبة، وتتوافر عليه الالطاف، بحكم السابقة والمتعة “. ( جامع الأصول. الكمشخانوي ص 207 ).

( 6 ) الهمة تخلق ما يكون له وجود خارجها، وهذا ما يميزها عن “ السحر “ أيضا. .. الصنف الثالث في خرق العادة.

انظر “ كرامة “

( 7 ) انظر تفسير عفيفي على هذا النص، فصوص ج 2 ص ص 78 - 82

( 8 ) يراجع بشأن همة:

- الطوسي: اللمع ص 425 ( الهم )

- الغزالي: مدخل السلوك ص 42

: أيها الولد ص 165: سر العالمين ص 42، 114

- نجم الدين كبرى: فوائح الجمال رقم 13 ( الهمة - القدرة ).

- ابن الفارض: الديوان ص 171[ ولي همّة تعلو، إذا ما ذكرتها * وروح بذكراها، إذا رخصت، تغلو ]كما يراجع: - هذا المعجم مادة: ممد الهمم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!