موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

مواقع النجوم
ومطالع أهلة الأسرار والعلوم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

منزل كيفية السماع من الحق

 

 


وهو من مقامات السالكين وهو منزل عظيم المنفعة وهو من منازل القلب وله تعلق بحضرة السمع ولكن هذا موضعه وهو مزلة قدم لمن لا تحصيل له ولا شيخ يرشده وكثير من أهل زماننا زلت به قدم الغرور في مهواة من التلف عند دخولهم في هذا المقام وتبيينه أن في هذا الطريق الشريف مقام يخرج فيه المريد على أن يسمع من الحق ولا يرى أن أحدا في الوجود يخاطبه غير الله تعالى فهو ممتثل لكل ما يؤمر به وممن تحقق في هذا المقام خير النساج حين خرج بهذ الخاطر لنيل هذا المقام وتحصيله فابتلي من حينه بأن لقيه إنسان فقال له أنت عبدي واسمك خير فسمع ذلك من الحق واستعمله الرجل في النسج أعواما ثم بعد ذلك قال له ما أنت عبدي ولا اسمك خير وأنا إن شاء الله أبين لك كيفية التحقيق في هذ المقام حتى لا تزل فيه قدمك بمن الله عز وجلّ. . . فاعلم يا بني أن هذا المقام إذا وفقك الله لتحصيله فإن كنت معك فقد كفاك الله مكره وإن لم أكن معك فقد يسر الله على لساني تخليصك من مكر هذا المنزل وذلك أن الإنسان يريد أن لا يسمع شيء عن نفسه أصلا ولا مما يقوم في خاطره لكونه ذلك الشيء من هواه وهو غير متحقق في الطريق فيكون أبدا أسيرا لهواه وإن سعي في خير ألا ترى ذا النون كيف قال كل فعل لا يكون عن أثر فهو هوى للنفس نعم ولو حملت الجبال الراسيات على أكتافك وإن ارتكبت من الشدائد ما لم يركبه أحد فلست هناك لأنك ما تصرفت في هذا كله إلاّ بإرادتك وعن هوى نفسك وليس ذلك على النفس بشديد وإنما الذي يعظم عليها ويعسر جدا انقيادها لغيرها لكونها جبلت على الرئاسة وطلب التقدم فإذا تقدم عليها وصارت مرؤوسة تحت قهر غيرها وسلطانه جارية في أمورها على إرادته واقفة عند حدودها من أمره ونهيه صعب عليها ذلك وأشتد وإن كان يسيرا وهذا المنزل الذي نحن بصدده هو للنفس موت من إرادتها ومن شروطه دون غيره من المنازل أن لا يفعله ولا يدخل فيه من ليس له شيخ فهو طبيبه لما فيه من العلل القائمة بسلاكه وقد تحقق في هذا المقام الشيخان الجليلان أبو عبد الله الغزال الذي كان بالمرية (رحمه الله) وأبو مدين الذي كان بيجاية واعلم يا بني أن الدخول في هذا المقام وفي أي مقام كان إنما ذلك عقد يربطه الإنسان مع الله عزّ وجلّ ويلزمه نفسه فالزم الوفاء به ولا تنقضه فتكون من الخاسرين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه وحال الداخلين في هذ المقام على نوعين منهم من يبتلي فيه ومنهم من لا يبتلي فمن لم يبتل فيه فقد عصمه حاله واغتني به ويتخيل من ذوقه أن حقيقة هذا المقام يعطي ذلك وأنه لا يبتلي فيه أحد أصلا فينكر الإبتلاء فيه وهذا تصور منه ولكنه صادق فإنه صوفي فلا يدعي إلاّ فيما ذاقه وشاهده فقط ولا ينطق إلاّ بحاله وبهذا يجيبك إن سألته عن إنكاره فيقال له وجودك صحيح وحكمك عليه بأنه كذلك ولا بد فذوقك خطأ فاجتنبه وارجع عنه وقف عند ذلك واسكت عما خرج عن علمك وسلم كما سلّم لك والذين يبتليهم الله عزّ وجلّ على قسمين منهم من يبتلي اعتناء وتتميما وبر وإرتقاء وزيادة علم ومنهم من يبتلي ليرد إلى أسفل سافلين وصورة الإبتلاء في هذا المقام أن تتعرض له جارية تأمره بأن يواقعه أو تأمره بشرب كأس من خمر أو بقتل إنسان أو بأمر ما حرم عليه شرعا فإن فعل شيئا من هذا فقد عصي وغوي وتردى في أسفل سافلين وإن أبى عن فعل ذلك فقد ناقض عهده مع الله تعالى الذي عقد معد لا يركب محرما ولا يأتيه فيسلم له المقام ولا يتبعض له حتى يسمع من الحق في شيء ولا يسمع في شيء آخر وهذا لا تطلبه المنزلة بل يسمع منه في كل شيء فإن للقائل هنا أن يقول إنما يخرج هذ الطالب ويصدق نيته على إمتثال ما يخاطبه به الحق ما لم يؤمر في ذلك الخطاب بإرتكاب محرم فيقال له ليس كما تقول إنما يعقد نيته على السماع من الله مطلقا من غير تقييد فإن قال كيف يصح هذا فنقول أن المريد إذا أراد أن يبقى على عهده في هذ المقام ولا يرتكب محرما إن ابتلاه الله به فيقول للقائل له أشرب هذا الخمر أو أزن بهذه الجارية وإن لم تفعل فقد نكثت عهدك مع الله فيقول هيهات بل أنا متحقق في سماعي من الحق من خارج لا من نفسي ذلك أن الحق سبحانه وتعالى قد خاطبني وكلمني على لسان نبيه محمد (ص) أن لا أفعل ما ذكرت وقلت عند سماعي لهذا الخطاب النبوي سمعت وأطعت وعاهدت الله على هذا فأنا ما زلت في سماعي من الحق متحققا في مقامي فإنه القائل وما ينطق عن الهوى ولكني لما تحققت بهذا المقام في هذا السماع أو أدّعيته أراد الحق أن يبتليني ليقف من ذلك على نفسي بما فيها فوجدني والحمد لله قائما بذلك العهد الذي كنت قد عاهدته عليه عند ما سمعته منه وهذا الخطاب الذي جاء بشرب هذا الخمر وفعل ما حرمت على فعله إنما سمعته من الحق ولكن سماع ابتلاه منه إلى حل أقف عند حده أم لا الذي أسمعنيه على لسان المعصوم قال الله تعالى: ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ اَلْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ واَلصّابِرِينَ ونَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ، وقال تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً .

فلا أبرح عن هذا المقام ولا أخرج عن عهدي فيهما معا أعني في الخطابين المتناقضين وجمعت بينهما والحمد لله ونظرت خطاب العصمة من أم الكتاب الذي عنده ونظرت الخطاب الإبتلائي من لوم المحو والإثبات وكيف وقد قال تعالى: ما يُبَدَّلُ اَلْقَوْلُ لَدَيَّ ولما قال لي هذا علمت أن كل خطاب يخالف ما قاله لي على لسان المعصوم إنما هو خطاب إبتلاء ولو لا ما أتي في مقام السماع من الحق بقلب الشخص الذي خوطبت على لسانه بهذ المنكر أنه شيطان في هذه المقالة لكن حقيقة هذا المقام تمنع من هذا فقد صح لي والحمد لله الخطابان السماع من الحق والوفاء بالعهد وإنما يسمع الصوفي هذ المقام ويمتثل ما يسمع إنما ذلك في الأمور المباحات كلها فيكون في ذلك خارجا عن هوى نفسه بإمتثاله بذلك عن أمر غيره مثل أن يقول له رجل أحفر لي بئرا أو أحفظ لي بستانا أو أخذ هذه الرسالة وسر بها إلى فلان إلى مدينة كذا هذا كله مباح له فعله وتركه شرعا فيلزمه هذا المقام أن يفعله على هذا الحد يسمع من الحق فيفعل ألا ترى خيرا النساج كيف قال له أنت عبدي واسمك خير فاستعمله في النسج أعواما ثم سرحه وكان ذلك مباحا لخير فلو أراد الرجل أن يبيعه لم يتركه خير لذلك فإنه كان يقع في محرم وهو بيع الحر الذي لم يجوز الشرع بيعه ولكن استعمله ثم أطلقه بعد ذلك فهذ فهو التلخيص العلمي وهو أسنى من الحالي وأكمل فتحقق هذا فإنه من منازل القلوب العلمية إذ لم تر فيه غير الله مناجيا والحمد لله رب العالمين.


uvxYRtKsjkc

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!