موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

تـأويل القرآن الكريم

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو للشيخ عبد الرزاق القاشاني

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 68-71 من سورة البقرة

﴿ وإذْ قال موسى لِقومِه إن الله يَأمركم أنْ تذبحوا بَقرةً ﴾ هي النفس الحيوانية، وذبحها قمع هواها الذي هو حياتها ومنعها عن أفعالها الخاصة بها بشفرة سكين الرياضة ﴿ قالوا أتتخذنا ﴾ مهزوّاً بنا، وتستخفنا لنطيعك ونتسخر لك كما جاء في حق فرعون: فاستخف قومه فأطاعوه. ﴿ قال أعوذُ بالله أنْ أكونَ مِن الجاهلين ﴾ الاستخفاف والاستهزاء وطلب الترؤس هو فعل الجهال. ﴿ قالوا ادْعُ لنَا ربك يُبين لنا ما هِيَ ﴾ أي: سل لنا ربّك ما هي ﴿ إنهَا بقرةٌ لا فارِضٌ ﴾ أي: غير مسنّة لزوال استعدادها ورسوخ اعتقادها وضراوتها بعاداتها كما قيل: الصوفيّ بعد الأربعين بارد. ﴿ ولا بِكْرٌ ﴾ أي: فتيّة، لقصور استعدادها عما يراد منها وعسر احتمالها للرّياضة لغلبة القوى الطبيعية وقوتها فيها ﴿ عَوَانٌ ﴾ نصفة ﴿ بين ﴾ ما ذكر ﴿ صفراء ﴾ لأن لون الجسم أسود لعدم النورية فيه أصلاً، ولون النفس النباتية أخضر لظهور النورية فيها، وغلبة السواد عليها لعدم إدراكها، ولون القلب أبيض لتجرّده عن الجسم، وقوّة إدراكه، وكمال نوريته. فلزم أن يكون لون النفس الحيوانية في الحيوانات العجم أحمر لتركب نورية إدراكها وسواد تعلقها بالجسم، إذ الحمرة لون بين البياض والسواد ومركب منهما، لكن السواد فيه أكثر. وفي الإنسان أصفر لغلبة نورية إدراكها بمجاورة القلب، إذ الصفرة حمرة عليها البياض ﴿ فاقعٌ لونها ﴾ لصفاء استعدادها وشعشعان شعاع نور القلب عليها ﴿ تسر الناظرينَ ﴾ لقوة نور استعدادها وتشعشعها والناظرون هم الكاملون المطلعون على الاستعدادات لوجوب محبتهم للمستعدّين المستبصرين وذوقهم بحضورهم. ﴿ إنّ البقَرَ تشابه علينا ﴾ لكثرة البقر الموصوف بهذه الصفة، أي: كثرة أصناف المستعدّين وما كل مستعدّ طالباً. كما قيل: ما كلّ طبع قابلاً ولا كل قابل طالباً، ولا كلّ طالب صابراً، ولا كلّ صابر واجداً. ﴿ وإنّا إنْ شاء الله لمهتدون ﴾ إلى ذبح هذه البقرة. وقولهم: إن شاء الله، دليل على استعدادهم لعلمهم بأن الأمور متعلقة بمشيئة الله، ميسّرة بتوفيقه. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو لم يستثنوا لما ظفروا بها أبد الدهر ". ﴿ لا ذَلولٌ ﴾ غير مذللة، منقادة لأمر الشرع ﴿ تثيرُ ﴾ أرض الاستعداد بالأعمال الصالحة والعبادات ﴿ ولا تسقي ﴾ حرث المعارف والحكم التي فيها بالقوّة باستقاء ماء العلوم الكسبية والأفكار الثاقبة، لعدم احتياج مثل هذه البقرة إلى الذبح ﴿ مُسلمةٌ ﴾ سلمها أهلها لترعى، غير مسوسة برسوم وعادات وشرائع وآداب ﴿ لا شِيةَ فيها ﴾ أي: لم يرسخ فيها اعتقاد ومذهب لعدم صلاحيتها للذبح. ﴿ جِئتَ بالحقِ ﴾ الثابت في بيان المستعد المشتاق، الطالب للكمال ﴿ فذبحوها وما كادوا يَفعلون ﴾ لكثرة سؤالاتهم ومبالغاتهم وتعمقهم في البحث والتفتيش عن حالها، وفضول كلامهم في بيانها التي تدلّ على عدم انقياد النفس بالسرعة، وإبائها للرياضة، وغلبة الفضول عليها، وتعذر مطلوبهم، وتأخرهم عنه بسبب ذلك. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لكفتهم، ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم " ، أي: لو لم يكن منهم كثرة فضول البحث والسؤال لما عزّ عليهم مطلوبهم لقوّة قبولهم وإرادتهم، فكان سلس القياد، سهل الانقياد. ونهى صلى الله عليه وسلم عن كثرة السؤال، وقال: " إنما هلك من كان قبلكم بكثرة السؤال " قال الله تعالى:لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } [المائدة، الآية: 101]. وقيل في قصتها: إنّ شيخاً من بني إسرائيل نتجت له عجلة على هذه الصفة، وكان له ابن طفل، فجاء بها إلى عجوز وقال: إنها لهذا الطفل، سلميها في مرعاها عساها تنفعه إذا بلغ. فلما وقعت هذه الواقعة وسعى بنو إسرائيل في طلب البقرة أربعين سنة سمعت العجوز بها، فأخبرت ابنها بما فعل أبوه وقد ترعرع، فجاء إلى المرعى فوجدها، فأتى بها فساوموه في شرائها ومنعته العجوز عن بيعها حتى اشتروها بملء مسكها ذهباً. فالشيخ هو الروح، والعجوز الطبيعة الجسمانية، وابنه الطفل هو العقل الذي هو نتيجة الروح، والشابّ المقتول هو القلب. سلّم شيخ الروح عجل النفس إلى عجوز الطبع ليرعى في مرعى اللذت الطبيعية حتى يكبر عسى طفل العقل أن ينتفع بها وقت البلوغ في انتزاع المعقولات من محسوساتها واستعمال الفكر الذي هو من قواها في اكتساب العلوم العقلية. وهو الذي جاء بها من المرعى وسعي بني إسرائيل أربعين سنة إشارة إلى السير إلى الله بالأعمال والآداب والتخلق بالأخلاق، إلى أوان البلوغ الحقيقي، وتجرّد القلب، كما قال الله تعالى:بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } [الأحقاف، الآية: 15]. ومساومتهم إياها في شرائها إشارة غلى طلب القوى الروحانية المنوّرة بنور الهداية الشرعية والإرادة، وانتزاعها من العقل المشوب بالوهم، واستعباد العقل إياها بالمعقولات القياسية، وتسخيرها بالفكريات، وحجبها عن نور الهداية الشرعية بالقياسات العقلية، وعدم تحليتها بالشرعيات. وهذا هو الموجب لتشدّدهم في السؤال وتأخرهم وتباطئهم في الامتثال. ومنع العجوز إياه هو ممانعة الطبع في الانقياد للشرع، وموافقة العقل إياه في ذلك لرعاية العقل جانب الطبع في مصالح المعاش وترفيهه إياه، وترخيصه والتوسيع عليه أكثر من الشرع. وبيعها بملء مسكها ذهباً إشارة إلى تحليها بعد الذبح والسلخ بالعلوم النافعة الشرعية والعقلية الخلقية والأحكام الفرعية الدينية، واشتمال صورتها عليها التي توافق العقل والطبع وتنفعهما باستعمالهما إياها في تحصيل مصالح المعاش والمباغي الطبيعية والمطالب العقلية العملية بإذن الشرع من الوجه الحلال والتصرّف المباح وأنواع الرخص في جميع التمتعات بعد حصول الكمال وتمام السلوك.

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!