The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد

أبو طالب المكي (المتوفى: 386هـ)

الفصل الثامن عشر كتاب ذكر الوصف المكروه من نعت الغافلين

 

 


الفصل الثامن عشر كتاب ذكر الوصف المكروه من نعت الغافلين

فإذا خالف التالي هذا الوصف الذي شرحناه أو كان على ضد ذلك من السهو والغفلة والعمى والحيرة محدثاً لنفسه مصغياً إلى هواه ووسوسة عدوّه متوهماً للظنون عاكفاً على الأماني حقت عليه أن يكون بمعاني ما قال الله عزّ وجلّ: (وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلاّ أَمَانِيَّ) البقرة: 78 يعني إلا تلاوة القرآن لا غير وإن هم إلا يظنون فوصفهم بالظن وهو ضد اليقين، كما أخبر عن الظانين في قولهم: إن نظن إلا ظنّاً وما نحن بمستيقنين وبمعنى ما قال: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ في السَّمَواتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) يوسف: 105، فالقرآن من أجل آيات الأرضين والسموات الدالة على فاطرهما ومنزله، وكان يوصف من يهدده بعلمه فيه عند استماعه لكلامه العزيز متهاوناً به مناجياً لغيره أن يقول تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى) الإسراء: 47، وبمثل من يسمع وقلبه مشغول عن المسموع بما يضره عما ينفعه حتى إذا خرج عن الكلام سأل من حضر بقلبه ماذا فهم من الخطاب الذي كان هو عنه بغفلته قد غاب وقد كان حاضراً بجسمه حجة عليه فمن ذلك قوله عزّ وجلّ: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتّى إِذاَ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) محمد: 16، قال الله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذينَ طَبَعَ الله عَلى قُلُوبِهِمْ) محمد: 16 أي عن فقه الخطاب فلم تسمعه القلوب ولم تعه واتبعوا أهواءهم يعني أباطيلهم وظنونهم الكاذبة، ويقال: إن العبد إذا تلا القرآن واستقام نظر الله إليه برحمته فإذا قرأ القرآن وخلط ناداه الله عزّ وجلّ ما لك ولكلامي وأنت معرض عني دع عنك كلامي إن لم تتب إليّ.

وروينا في الإسرائيليات أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيه موسى وداود عليهما السلام مر عصاة بني إسرائيل أن لا يذكروني فإني آليت على نفسي أن أذكر من ذكرني وإني أذكرهم بلعنة وكان بوصف من أخبر عنه إذ يقول تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَذْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا) الأعراف: 169 الآيَة، وهذا وصفهم الظن الكاذب والرجاء المختلف اللذان لم يفترقا إلى خوف وإشفاق عصوا خالقهم عاجلاً وتمنوا عليه المغفرة آجلاً جهلاً منهم بحكمته وإعراضاً عن أحكامه، قال الله عزّ وجلّ: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ ميثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لاَ يَقُولُوا عَلَى الله إلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فيهِ) الأعراف: 169، ثم أخبر عن علمهم بذلك علم قول وخبر لا علم يقين ومعاينة، قال سبحانه: (وَدَرَسُوا مَا فِيهِ) الأعراف: 169 أي قرؤوا هذا وعلموه ولم يعملوا به فلم ينتفعوا بشيء منه، فكان هذا توبيخاً لهم وتقريعاً كقوله تعالى: (قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ) البقرة: 93 وفيها وجه غريب ودرسوا ما فيه أي محوه بترك العمل به والفهم له من قولك: درست الريح الآثار إذا محتها وخط دارس وربع دارس إذا محي وعفي أثره وهذا المعنى مواطئ لقوله تعالى: (نَبَذَ فَريقٌ مِنَ الَّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ الله وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) البقرة: 101 واتبعوا ما تتلو الشياطين أي ما تتبع وتهوى ومواطئ لقوله تعالى: (فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرُوْا بِهِ ثَمَناً قَليلاً فَبِئسَ مَا يَشْتَروُنَ) آل عمران: 187 فسمي ترك العمل منهم به في كل حالة طرحاً له وإلقاء ونفياً له وبيعاً له وبالدنيا اشتراء وكل آية في التهدد والوعيد فللخائفين منها وعظ وتخويف وللغافلين عنها وصف وتعريف علمه من علمه كقوله تعالى في ذكر النار: (ذلِكَ يُخَوِّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّْقُونِ) الزمر: 16، وقال في خبرها أعدت للكافرين، وقال بعض السلف: إن العبد ليفتتح سورة فتصلّي عليه الملائكة حتى يفرغ منها وإن العبد ليفتتح سورة فتلعنه حتى يفرغ منها، فقيل: وكيف ذلك؟ قال إذا أحل حلالها وحرم حرامها صلت عليه وإلا لعنته، وقال بعض العلماء: إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم يقول ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم ألا لعنة الله على الكاذبين وهو منهم، وقال سفيان في قوله تعالى: (سَأَصرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذينَ يَتَكَبَّرُونَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) الأعراف: 146، قال: أصرف عنهم فهم القرآن، وفي الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا عظمت أمتي الدنيا والدرهم نزع منها هيبة الإسلام وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرموا بركة الوحي، قال الفضيل: حرموا فهم القرآن وفي الأخبار من ذم قراءة البطالين أكثر من أن تذكر، فمنها ما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال أكثر منافقي أمتي قراؤها، وكان الحسن يقول: إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملاً فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله وإن من كان قبلكم رأوه رسائل أتتهم من ربّهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار، وكان ابن مسعود من قبله يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملاً إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفاً وقد أسقط العمل به.

وفي حديث ابن عمر وحديث جندب لقد عشنا برهة من دهرنا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرها وما ينبغي أن يقف عليه منها كما تعلمون أنتم القرآن، ثم بعد لقد رأيت رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرآ ما بين فاتحته إلى خاتمته لا يدري ما أمره ولا زجره ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه فينثره نثر الدقل وهذا كما قال لأن المراد والمقصود بالقرآن الائتمار لأوامره والانتهاء عن زواجره إذ حفظ حدوده مفترض ومسؤول عنه العبد ومعاقب عليه وليس حفظ حروفه فريضة ولا عقاب على العبد إذا لم يحفظ ما وسعه منه قال الله عزّ وجلّ: (إنَّا سَنُلْقي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقيلاً) المزمل: 5 أي العمل به ثقيل وإلا فقد يسره للذكرى، ومن ذلك الخبر المأثور عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ولانت له جلودكم فإذا اختلفتم فلستم تقرؤونه وفي بعضها فإذا اختلفتم فقوموا عنه.

وحدثني شيخ فاضل قرأت عليه القرآن قال: قرأت القرآن على شيخ لي فلما ختمت رجعت إليه لأقرأ فانتهرني وقال: جعلت القرآن عليّ عملاً اذهب فأقرأ على الله عزّ وجلّ فانظر ماذا يسمعك منه ويفهمك عنه وقد كان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من لا يحفظ إلا الجزئ والجزءَين والسور المعدودة وسورتين وكان من يحفظ الحزب منه وهو السبع أو البقرة والأنعام علماً فيهم، وقبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عشرين ألف صحابي لم يقرؤوا القرآن غير نظر فلم يحفظ القرآن كله منهم إلا ستة اختلف منهم في اثنين، وقال بعضهم: ولم يكن جمعه من الخلفاء الأربعة أحد، وختم ابن عباس على أبي بن كعب وقرأ عبد الرحمن ابن عوف على ابن عباس وقرأ عثمان بن عفان على زيد بن ثابت وقرأ أهل الصفة على أبي هريرة، وكلهم كان متبعاً لأوامره مجتنباً لزواجره عالماً به فقيهاً فيه، وقال يوسف بن أسباط: وقد قيل له إذا ختمت القرآن بأي شيء تدعو؟ فقال بأي شيء أدعو أستغفر الله عزّ وجلّ مائة مرة من تلاوتي، وكان يقول: إني لأهم بقراءة القرآن فإذا ذكرت ما فيه خشيت المقت فأعدل إلى التسبيح والإستغفار وأعلم أن للعبد في قراءة القرآن بحسب ما له من تعظيمه والفهم له والمشاهدة منه والمعاملة به لأنه من أكبر شعائر الله في خلقه وأعظم آياته في أرضه الدالات عليه وأسبغ نعمه الكاملة علينا وللعبد من التعظيم له بقدر تقواه، وله من فهم الخطاب وتعظيم الكلام على نحو ما أعطي من معرفة المتكلم وهيبته وإجلاله فإذا عظم المتكلم في قلبه وكبر في فهمه أنعم تدبر كلامه وأطال الفكر في خطابه وأكثر ترداده وتكريره على قلبه وأسرع بذكره عند النازلة به والحاجة إليه فاتقى وحذى ولذلك قال سبحانه: (وَاذْكُرُوا مَا فيهِ لَعَلَكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 63 وقال كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون ولعلهم يتذكرون لأن كل كلام موقوف على قائله يعظم بتعظيمه ويقع في القلب بعلو مكانه أو يهون بسهولة شأنه، قال الله عزّ وجلّ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيءْ) الشورى: 11 في العظمة والسلطان وليس ككلامه كلام في الأحكام والبيان، وقرأت في سورة الحنين من التوراة: يا عبدي أما تستحي مني يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرؤه وتتدبره حرفاً حرفاً حتى لا يفوتك شيء منه، وهذا كتابي أنزلته إليك أنظر كم وصلت لك فيه من القول وكم كررت عليك فيه فتأملت طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه، أفكنت أهون عليك من بعض إخوانك أي عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه أن كف وها أنا ذا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني فجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك أو كما قال وإنما خف القيام على أهل الليل لفهم الخطاب وثقل على أهل النوم لانفصام القلوب عن الفقه وشدة الحجاب كما قال تعالى: (ثَقُلَتْ في السَّمَواتِ وَالأَرْضِ) الأعراف: 187 أى خفي علمها يعني الساعة فثقلت عليهم فسمي ما خفي علمه ثقيلاً والله أعلم.


4hFnTkfUWdo

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de manière semi-automatique !