موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

رسالة روح القدس في مناصحة النفس

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[أويس القرني (رضي الله عنه)]

 

 


روينا من حديث أبي بكر محمد بن أحمد قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثن عبيد اللّه بن عبد الكريم قال حدثن سعيد بن أسيد بن موسى قال حدثنا ضمرة بن ربيعة عن أصبغ بن زيد قال كان أويس القرني إذا مشى يقول هذه ليلة الركوع فيركع حتى يصبح وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الطعام والثياب ثم يقول اللهم من مات جوعا فل تؤاخذني به ومن مات عريانا فل تؤاخذني به ناشدتك اللّه يا نفس هل اتصفت بهذه الحالة قطعت الليل بسجدة واحدة ثم لم ترفعي حتى الفجر واستصحبت أن لا تبيتي إلّ مثل هذا المبيت كما استصحبه أويس وقلت للّه مثل ما قاله ؟ قالت لا واللّه كل ذلك لم يكن ولكني يلوح لي من وراء هذا الكلام بوارق من الحقائق عسى أن تنبهني عليها قلت لها نعم أويس هذا كان متمكنا في مقامه على بينة من ربه وعلامة عارفا بحركاته المستأنفة على يقين من تحصيل أحواله السالفة وكانت ليلة السجود عنده معروفة وليلة الركوع عنده كذلك وغير ذلك من الأفعال ومن هن يعرف تمكنه فإن أبا يزيد وهو من الأقطاب ومن كبار الأئمة لم يحصل له هذا التمييز فإنه كان يقول إني أستقبل الليلة أطلب قطعها راكعا وساجدا فأقف في صلاتي فلا أركع أو أركع فلا أسجد أو أسجد فلا أرفع فكم بين من يأتي قصدا وبين من يمشي فيفتح له فهذه حالة صلاة أويس وأما كونه يتصدق بطعامه وشرابه وثيابه ثم يقول اللهم من مات جوعا فل تؤاخذني به ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به ينبه على مقامه الأعلى وقطبيته المثلى وهذه حالة إمام وصاحبها على الغاية في المقام فيعطي ما ملك ويتضرع لمن استخلفه على عبيده بالرحمة لهم والشفقة عليهم قال اللّه تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ وقال له لما دعا على رعل وذكوان وعصية إن اللّه لم يبعثك سبابا ولا لعانا وإنم بعثك رحمة للعالمين ولم يبعثك عذابا والمكمل من سبقت رحمته غضبه قالت النفس ي سيدي أرفق علي ولا تعجل فقد ظهر لي في مسألة أويس هذا أمر خرج الحلاج فيه فوقه وذلك أن الحلاج (رضي اللّه عنه) قال مخبرا عن حالته إذا قعد الرجل عشرين يوما دون غذاء ثم جاءه طعام فعرف أن في البلد من هو أحوج منه لذلك الطعام فأكله ولم يؤثر ذلك المحتاج فقد سقط وهذا مقام عال كما رأيته وهذا أويس (رضي اللّه عنه) ما كان يتصدق إلّا بفضل طعامه وثيابه فيأخذ حاجته أولا ثم يعطي ما يفضل كل ليلة عن قوته وهو يعلم أن ثم جائع ولم يعطه وهذا كما رأيته قلت لها يا نفس ما أنت إلّا اعترضت اعتراض من لا يفري الحقائق ولكنك جهلت المقام فاسمعي الجواب واعلمي أو أويس هو الإمام الذي لا يلحق لتعلمي أيتها النفس أن العارف إذا كان صاحب حال مثل الحلاج فرق بين نفسه وبين غيره فعامل نفسه بالشدة والقهر والعذاب وعامل نفس غيره بالإيثار والرحمة والشفقة وإذا كان العارف صاحب مقام وتمكين وقوة صارت نفسه عنه أجنبية لا فرق عنده بينها وبين نفوس العالم فما يلزمه في حق نفوس الغير من الرحمة والشفقة يلزمه في حق نفسه لكونها صارت عنه أجنبية وارتفع هو علويا وبقيت هي مع أبناء جنسها سفلية فلزمه العطف عليها كما لزمه العطف على غيرها فإن صاحب الصدقة العارف إذا خرج بصدقته ولقي أول مسكين يدفع إليه الصدقة فإن تركه ومضي إلى مسكين آخر ولم يدفع فقد انتقل من رضى ربه إلى هوى نفسه وخرج من ديوانهم فإنها مثل الرسالة لا يخص بها شخصا أول من يلقاه يقول له قل لا إله إلّ اللّه ولا شك أن هذا العارف إذا وهبه الباري رزقا يعرف أنه مرسول إلى عالم النفوس الحيوانية فينزل من حضرة عقله إلى أرض النفوس ليؤدي إليهم ذلك القدر الذي وجه به فأول نفس تلقاه نفسه لا نفس غيره وسبب ذلك أن نفوس الغير غير ملازمة له ولا متعلقة به لأنها لا تعرفه ونفسه متعلقة به ملازمة لبابه فلا يفتحه إلّا عليها فتطلب أمانتها منه فيقدمها على غيرها لأنها أول سائل.

وإلى هذا السر أشار الشارع بقوله أبدأ بنفسك ثم بمن تعول والأقربون أولى بالمعروف لتعلقهم بك ولزومهم بابك والغير لا يتعلق بك ولا يلازمك ملازمة نفسك وأهلك فلما تأخروا كما هي الأسرار سواء تخرج من عند الحق على باب الرحمة فأي قلب وجه متعرضا سائلا عند الباب دفع إليه حظه من الأسرار والحكم وحظه منها على قدر م يرى فيه من التعطش والجوع والذلة والافتقار وهم خاصة اللّه وإلى هذا المقام أشار المشايخ وعليه حرضت الشريعة بقولها تعرضو لنفحات اللّه ومن تأخر ومن نسي نسي فأنظركم بين المنزلتين منزلة الحلاج ومنزلة أويس وأنظر هذا المقام على علوه وسموه كيف اشترك في الظاهر صاحبه مع أحوال العامة فإن العامة أول ما تجود على نفسها، ولا يتعدى جوده إلى غيرها وإنم يتصرفون تحت حكم هذه الحقيقة وهم لا يشعرون ولما أعموا عن هذا السر وصاروا مثل البهائم لا يعرفون مواقع أسرار العالم مع اللّه حرصوا على الإيثار ومدحوا به وهو مقام الحلاج الذي ذكرت عنه ورأيت أنه غاية فهكذا فلتغزل الحقائق وتحاك حلل الرقائق فقالت النفس هذا شيء واللّه ما قرع قط سمعي من غيرك وإن هذا لهو الحق المبين ولمثل هذا فليعمل العاملون وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون ولقد شرحت صدرا ورفعت في المعارف قدرا ولكن بقيت عليك في المسألة تمشية إيضاح حقيقة وهي لعمري دقيقة وهي قولك إن اللّه بعث النبي وقد استسقى فاستسقى فسقى ثم استسقى في المقام الآخر فأبى وقال أغيث كغيث الكفار فاختار لهم الشدة على الرخاء وهو من باب بسط العذاب وقبض الآلاء قلت صدقت يا نفس قد أثبت ذلك في الحجة البيضاء قالت فأودعني إيّاه في هذه العجالة الغراء قلت لها نعم خرج مالك في موطأه عن شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر عن أنس بن مالك (رضي اللّه عنه) أنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول اللّه هلكت المواشي وتقطعت السبل فادع اللّه لنا فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فمطرنا إلى الجمعة قال فجاء رجل إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول اللّه تهدمت البيوت وانقطعت السبل وهلكت المواشي، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اللّهم ظهور الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر قال فانجابت عن المدينة انجياب الثوب يا أهل القلوب المحجوبة عن الاطلاع على ما أودع في هذه الألفاظ من الغيوب.

شعر:

لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!