موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين

للشيخ يوسف النبهاني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المسألة الخامسة عشر في أنه هل الأفضل الصدقة فرضا ونفلا أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم * | * المسألة السادسة عشر في أنه هل الأفضل قراءة القرآن أو الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

المسألة الخامسة عشر في أنه هل الأفضل الصدقة فرضا ونفلا أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

قال أبو عبد الله الرصاع في (تحفة الأخيار) هذا لم أقف عليه في حديث بل رأيت فيه أثرا ذكره بعض العلماء غير مسند دل على أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أفضل من صدقة الفرض والنافلة

وسئل بعض العلماء بجامع دمشق عن صلاة العبد على نبيه عليه الصلاة والسلام هل هي أفضل من صدقة الفرض أم صدقة الفرض أفضل فقال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من صدقة الفرض

فقال السائل كيف يقال أن الصلاة أفضل من صدقة الفرض الواجب في المال فقال له الشيخ نعم ليس الفرض الذي ذكره الله تعالى وصلى فيه بنفسه وأتت به ملائكته وأمر به عبده كالفرض الذي أوجبه على عبده وحده ونقل هذا الحافظ السخاوي في (القول البديع) وأقره

المسألة السادسة عشر في أنه هل الأفضل قراءة القرآن أو الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

قال الجزري في آخر (مفتاح الحصن) سئلت مرة وأنا مجاور بالمدينة المنورة أيهما أفضل قراءة القرآن أم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟

فأجبت بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المواطن التي ورد النص فيها أفضل ولا يقوم غيرها مقامها وأما في غير ذلك فالقرآن أفضل وينبغي الإكثار من الصلاة والتلاوة ولا يقصر في ذلك إلا محروم. أ. هـ

وقال ابن حجر في (شرح العباب) التلاوة أفضل الذكر العام الذي لم يخص بوقت أو محل أما ما خص بذلك بأن ورد الشرع فيه ولو من طريق ضعيف فيما يظهر فهو أفضل لتنصيص الشارع عليه. أ. هـ

وقال في (حاشية إيضاح المناسك) عند قول الإمام النووي في الباب السادس منه المسألة الثالثة

يستحب إذا توجه إلى زيارته صلى الله عليه وسلم أن يكثر من الصلاة والتسليم عليه في طريقه فإذا وقع بصره على أشجار المدينة وحرمها وما يعرف بها زاد من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم ويسأل الله تعالى أن ينفعه بزيارته وأن يتقبلها منه.

قال قوله وأن يكثر من الصلاة عليه إلخ هل الإكثار منها أفضل منه بقراءة القرآن أو عكسه وكذا يقال في ليلة الجمعة ونحوها مما طلب فيه الإكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم أو هما مستويان

كل محتمل وكلامهم في باب الجمعة ربما يوميء إلى الأخير (يقصد أنهما مستويان التلاوة والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم)

والظاهر أن الإكثار من الصلاة والسلام عليه في ذلك أفضل لأن ذلك ذكر طلب في محل مخصوص وقد قالوا أن القراءة إنما تكون أفضل من الذكر الذي لم يخص أما ما يخص فهو أفضل منها وهذا منه انتهت عبارته.

وقال الإمام الغزالي تلاوة القرآن أفضل للخلق كلهم إلا الذاهب إلى الله تعالى فمداومته على الذكر أولى. أ. هـ

وقال في (ذخيرة المعاد) قال بعض العارفين أن الحال يختلف بحسب اختلاف الذاكر فمتى وجد أنسا صادقا بالقرآن كان الإشتغال به أفضل أو بغيره من الأذكار فهو أولى قال وهذا مسلك عدل إذ لا ريب أنه طهرت النفس من درن الرعونات وصفت من أكدار الأغيار والشهوات وانجلت عن بصيرتها غشاوة الكثائف المانعة من نفوذ نورها إلى الحقائق فصارت مدركة لغامض أسرار الغيوب اللائق انكشافها لها بإذن الوهاب الخالق يوافق صاحب هذه النفس الطاهرة وارد الوقت بما يطلبه منه من أي نوع كان من قراءة وذكر وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حينئذ من رجال [والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا] فليلج حضرة القرب من أبواب مفتوحة حسبما يدعوه هاتف العناية إلى الملاحظة لجميع شؤونه فلا يستغرق وقته إلا بما يطلبه منه وارده

فالأولى في حقه بكنه الهمة والقلب الحاضر الإقبال على التلاوة فالكتاب العزيز الجامع لأصناف الدلالة على من أنزله تعالى مراعيا حقوق القرآن معطي التلاوة حقها حافظا حضرة الحرمة التي دعي لها

وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي من أنجح وسائل الطالبين وأنفع الأسباب الموصلة إلى مقامات السابقين فينبغي أيضا اغتنام بركتها بالإشتغال بها أيضا حسبما يمكن مع كمال الحضور وملاحظة المصلى عليه والتأهل بالتأدب الحقيقي لما يقتضيه سلطان حضرتها مما لديه صلى الله عليه وسلم

وأما ما ذكروه من أفضلية الإشتغال بالأذكار المخصوصة بوقت على الإشتغال بالتلاوة في ذلك الوقت فلا تنافي أفضلية ذات القرآن الكريم على سائر الأذكار كما أفصحت به الأحاديث الثابتة المعروفة في مظانها من كتب السنة المطهرة لأن ثواب إتباعه صلى الله عليه وسلم يربو على ثواب الإشتغال بالذكر الحكيم كما نصوا عليه وسر ذلك أن جميع الأذكار إنما منَّ الله تعالى بها لمعالجة الأمراض الكامنة في بواطن الخلق المكونة من توارد آثار الأغيار على صفحات القلوب والطبيب أدرى بموقع الدواء ونجاحه وإخراج عرق الداء من أصله على ما ينبغي ويليق وهو الطبيب الأعظم والحكيم الأكرم صلى الله عليه وسلم فلذلك كان إتباعه أشرف وأجدى مما يتخيله القاصرون أنه أزكى لديه بحسب ما تقتضيه ظنونهم وتتخيله خيالاتهم الغير معصومة وشتان ما بين من عصمه الله في جميع أحواله وعلومه وظنونه وتولى أمره في سائر شؤونه صلى الله عليه وسلم وبين من جعله هدفا لنبال الخطأ ونوع له أنواع المتشابهات ابتلاء وفتنة فمن آمن بأنه صلى الله عليه وسلم إمام العارفين معرفة صادقة بما يصلح لكل إنسان في كل زمن وما يطلبه منه وقته وحاله وما يوجب إسباغ النعم الإلهية ودوامها عليه ظاهرا وباطنا عاجلا وآجلا صرح بمفهومه وظنونه وعلومه وكشوفاته واعترف بأن الناكب عن سنته في طريق العلوم وسبيل الأعمال وصراط الأذكار ومنهج الدعوات وشرعة الإسلام يكون محروما شقيا وضالا مضلا تاركا للإتباع متمسكا بالإبتداع وفقنا الله لإتباعه وجعلنا من كمل أتباعه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أ. هـ

وقال الشيخ أبو العباس التيجاني كما نقله عن إملائه تلميذه على حرازم في (جواهر المعاني) عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام أخبره عن الله تعالى أنه عز وجل يقول [من صلى عليك صليت عليه] قال صلى الله عليه وسلم [وحق لمن صلى الله عليه أن لا يعذبه بالنار]

ومن هذه الحيثية أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في حق الفاسق أفضل له من تلاوة القرآن لأنها شافعة له في إفاضة رضا الرب عليه ومحقها لذنوبه وإدخاله في زمرة أهل السعادة الأخروية ولا كذلك القرآن فإنه وإن كان أفضل منها فإنه محل القرب والحضرة الإلهية يحق لمن حل فيها أن لا يتجاسر بشيء من سوء الأدب ومن تجاسر فيها بسوء الأدب استحق من الله اللعن والطرد والغضب لأن حملة القرآن أهل الله فهم المؤاخذون أكثر من غيرهم بأقل من مثاقيل الذر إلا أن تكون له من الله عناية سابقة بمحض الفضل فتكون له عصمة من ذلك فبان لك أن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الفاسق أنفع له من تلاوة القرآن فإن القرآن هو مرتبة النبوة يقتضي الطهارة والصفاء وتوفيه الآداب المرضية والتخلق بالأخلاق الروحانية فلذا يتضرر العامة بتلاوته لبعدهم عن ذلك وأما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فليس فيها إلا التلفظ بها باستصحاب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم بحالة تليق بتاليها من الطهارة الحسية ثوبا وجسدا ومكانا وتلاوتها باللفظ المعهود في الشرع من غير لحن فإن الله سبحانه وتعالى ضمن لتاليها أن يصلي عليه ومن صلى الله عليه مرة لا يعذبه. أ. هـ

فائدة: سئل الشهاب الرملي هل الأفضل الإستغفار أو الإشتغال بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أو يفرق بين من غلبت طاعاته فالصلاة له أفضل أم معاصيه فالإستغفار له أفضل؟

فأجاب بأن الإشتغال بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الإشتغال بالإستغفار مطلقا. انتهى من فتاويه



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!