موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين

للشيخ يوسف النبهاني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الباب الثالث فيما ورد عن الأنبياء والعلماء في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

الباب الثالث فيما ورد عن الأنبياء والعلماء في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

١ - روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال [أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام أني جعلت فيك عشرة آلاف سمع حتى سمعت كلامي وعشرة آلاف لسان حتى أجبتني وأحب ما تكون إلي وأقربه إذا أكثرت الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم] أخرجه أبو القاسم القشيري في (الرسالة).

٢ - وفي (شفاء الأسقام) عن الحافظ أبي نعيم أنه قال ذكر في بعض الأخبار [أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام يا موسى لولا من يحمدني ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت من الأرض حبة] وذكر أشياء كثيرة إلى أن قال [يا موسى أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك ومن وسواس قلبك إلى قلبك ومن روحك إلى بدنك ومن نور بصرك إلى عينك قال نعم يا رب قال فأكثر من الصلاة على محمد نبيي] ونقله الحافظ السخاوي وشراح الدلائل بنحو هذا.

٣ - وفي (مسالك الحنفاء) وغيره [أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام يا موسى أتحب أن لا ينالك من عطش يوم القيامة قال إلهي نعم قال فأكثر من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم] رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه عن كعب الأحبار.

٤ - قال الحافظ السخاوي ويروى في بعض الأخبار [أنه كان في بني اسرائيل عبد مسرف على نفسه فلما مات رموا به فأوحى الله إلى نبيه موسى عليه السلام أن غسله وصل عليه فإني قد غفرت له قال يا رب وبم ذلك قال إنه فتح التوراه يوما فوجد فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم فصلى عليه قد غفرت له بذلك]

٥ - قال أبو محمد جبر في كتابه (الملاذ والاعتصام) وروي أيضا [أن موسى عليه السلام ضرب بعصاه البحر عند العبور عشر مرات فلم ينفلق فأوحى الله إليه أن صل على محمد وعلى آله فصلى وضرب البحر فانفلق]

٦ - وقال أيضا روي في بعض الأخبار [أن الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام وفتح عينيه نظر إلى العرش فرأى اسم محمد عليه الصلاة والسلام مكتوبا على سرادق العرش فقال يا رب هل أحد أكرم عليك مني قال نعم هذا اسم نبي من ولدك أكرم عليَّ منك ولولا هو ما خلقت السموات والأرض والجنة والنار فلما خلق الله سبحانه حواء من ضلعه رفع بصره فرأى خلقا ما يشبهه خلق وقد كان ركب الله فيه الشهوة فقال عند ذلك يا رب ما هي قال حواء قال فزوجنيها قال فأمهرها قال وما مهرها قال أن تصلي على صاحب الاسم عشر مرات قال فإن فعلت زوجتنيها قال نعم قال فصلى على محمد صلى الله عليه وسلم عشر مرات فكان ذلك صداق حواء رضي الله عنها]

أخرجه صاحب (الشرف) قال وفي رواية أخرى من غير كتاب (الشرف) مرفوعة لوهب بن منبه قال [لم خلق الله عز وجل آدم عليه السلام ونفخ فيه الروح فتح عينيه فنظر إلى باب الجنة فإذا عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال يا رب هل تخلق خلقا أكرم عليك مني قال نعم يا آدم نبيا من ذريتك من أجله خلقت الجنة والنار فلما خلق الله حواء ونظر إلى خلق لا يشبه خلقا وركب فيه الشهوة قال يا رب ما هي قال حواء قال يا رب زوجني منها قال هات مهرها قال يا رب وما مهرها قال تصلي على صاحب هذا الاسم عشر مرات قال يا رب إن فعلت أتزوجنيها قال نعم فصلى على محمد عشر مرات فكان المهر]

٧ - قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه [الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمحق للخطايا من الماء للنار والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من مهج الأنفس أو قال ضرب السيف في سبيل الله] رواه النميري وابن بشكوال موقوفا عليه رضي الله عنه.

٨ - قال علي رضي الله عنه [من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم ذلك النور بين الخلق كلهم لوسعهم] أخرجه أبو نعيم في (الحلية)

٩ - وذكر أبو محمد جبر وغيره عن علي رضي الله عنه أيضا أنه قال [لولا أن أنسى ذكر الله ما تقربت إلى الله إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم]

١٠ - وقالت عائشة رضي الله عنها [زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم] رواه النميري

١١ - وقال أبو محمد جبر قال أبو هريرة رضي الله عنه [الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي الطريق إلى الجنة]

١٢ - وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه [لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم]

وقال لزيد بن وهب [يا زيد لا تدع إذا كان يوم الجمعة أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة تقول {اللهم صل على محمد النبي الأمي} رواه التيمي في الترغيب.

١٣ - وعن حذيفة رضي الله عنه قال [الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدرك الرجل وولده وولد ولده] رواه ابن بشكوال.

١٤ - ونقل أبو محمد جبر عن أبي شعيب قال [كتب عمر بن عبد العزيز أن انشروا العلم يوم الجمعة فإن غائلة العلم النسيان وأكثروا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة].

١٥ - وقال وهب بن منبه [الصلاة على النبي عبادة] أخرجه التيمي في ترغيبه والنميري وابن بشكوال.

١٦ - وروى أبو القاسم التيمي أيضا في (الترغيب) من طريق على بن الحسين بن علي رضي الله عنهم قال [علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم]

١٧ - [وذكر المجد اللغوي عن جعفر الصادق قال [إذا كان يوم الخميس عند العصر أهبط الله ملائكة من السماء إلى الأرض معهم صحائف من فضة بأيديهم أقلام من ذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم وتلك الليلة ومن الغد إلى غروب الشمس]

١٨ - وقال الشافعي رضي الله عنه [أحب أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه حمد الله والثناء عليه سبحانه وتعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم]

وقال رضي الله تعالى عنه في (الأم) [أحب أن يكثر المرء الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حال]

١٩ - وذكر أبو محمد جبر عن عبد الله بن عيسى قال [كان يقال من قرأ القرآن وصلى على محمد صلى الله عليه وسلم ودعا فقد التمس الخير من مظانه] وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه.

٢٠ - وفي (القول البديع) قال أبو غسان [من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة مرة في اليوم كان كمن داوم على العبادة طول الليل والنهار]

٢١ - وقال ابن النعمان [الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم باجماع أهل العلم من أفضل الأعمال وبها ينال المرء الفوز في الحال والمآل]

٢٢ - وقال الحليمي في كتاب (شعب الإيمان) [إن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم من شعب الإيمان] وقرر أن التعظيم منزلة فوق المحبة ثم قال [فحق علينا أن نحبه ونجله ونعظمه أكثر وأوفر من إجلال كل عبد سيده وكل ولد والده] قال [وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى] ثم ذكر الآيات والأحاديث وما كان من فعل الصحابة معه صلى الله عليه وسلم الدال على كمال تعظيمه وتبجيله في كل حال وبكل وجه ثم قال [وهذا من الذين رزقوا مشاهدته وأما اليوم فمن تعظيمه الصلاة والسلام عليه كلما جرى ذكره صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فأمر عباده بها بعد إخبارهم أن ملائكته يصلون لتنبيههم على أن الملائكة مع انفكاكهم عن التقيد بشريعته يتقربون إلى الله تعالى بالصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم فنحن أولى وأحق وأحرى وأخلق]

٢٣ - وقال العارف الصاوي في (حاشيته على الجلالين) [اعلم أن العلماء اتفقوا على وجوب الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم] وذكر الخلاف في تعيين الواجب ثم قال [وبالجملة فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم توصل إلى الله تعالى من غير شيخ لأن الشيخ والسند فيها صاحبها لأنها تعرض عليه ويصلي الله على المصلي بخلاف غيرها من الأذكار فلابد فيها من الشيخ العارف وإلا دخلها الشيطان ولا ينتفع صاحبها بها]

٢٤ - وقال الحليمي [المقصود بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التقرب إلى الله تعالى بامتثال أمره وقضاء حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا]

٢٥ - وقال العز بن عبد السلام [ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة منا له فإن مثلنا لا يشفع لمثله ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا فإن عجزنا عنها كافيناه بالدعاء فأرشدنا الله لمَّا علم عجزنا عن مكافأة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة عليه لتكون صلاتنا عليه مكافأة لإحسانه إلينا وأفضاله علينا إذ لا إحسان أفضل من إحسانه صلى الله عليه وسلم]

٢٦ - وقال أبو محمد المرجاني [صلاتك عليه في الحقيقة لمَّا كان نفعها عائد عليك صرت في الحقيقة داعيا لنفسك]

٢٧ - وقال ابن العربي [فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه لدلالة ذلك على نصوح العقيدة وخلوص النية وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والإحترام للواسطة الكريمة]

٢٨ - وقال السخاوي عن بعضهم [من أعظم شعب الإيمان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم محبة له وأداء لحقه وتوقيرا له وتعظيما والمواظبة عليها من باب أداء شكره صلى الله عليه وسلم وشكره واجب لما عظم منه من الإنعام فإنه سبب نجاتنا من الجحيم ودخولنا في دار النعيم وإدراكنا الفوز بأيسر الأسباب ونيلنا السعادة من كل الأبواب ووصولنا إلى المراتب السنية والمناقب العلية بلا حجاب {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}

٢٩ - وقال الأقليشي [أي علم أرفع وأي وسيلة أشفع وأي عمل أنفع من الصلاة على من صلى الله عليه وجميع ملائكته وخصه بالقربة العظيمة منه في دنياه وآخرته فالصلاة عليه أعظم نور وهي التجارة التي لا تبور وهي كانت هجيري الأولياء في المساء والبكور فكن مثابرا على الصلاة على نييك فبذلك تتطهر من غيك ويزكو منك العمل وتبلغ غاية الأمل ويضيء نور قلبك وتنال مرضاة ربك وتأمن من الأهوال يوم المخاوف والأوجال صلى الله عليه وسلم تسليما كما كرمه برسالته وخلته تكريما وعلَّمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما]

٣٠ - وقال الحافظ السخاوي قال العراقي [لم يقتصر سبحانه وتعالى في الصلاة على نبيه بأن يصلى على المصلي عليه بالواحدة عشرا بل زاده على ذلك رفع عشر درجات وحط عنه عشر سيئات كما في حديث أنس رضي الله عنه وزاده أيضا على ذلك كتابة عشر حسنات كما في حديث أبي بردة بن نيار رضي الله عنه وزاد في حديث البراء رضي الله عنه وكن له كعتق عشر رقاب وفي هذه الأحاديث دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة الله تعالى على المصلي وتضعيف الحسنات وتكفير السيئات ورفع الدرجات وعتق الرقاب فأكثر من الصلاة على سيد السادات ومعدن السعادات فإنها وسيلة لنيل المسرات وذريعة لأنفس الصلات ومنع المضرات ولك بكل صلاة صليتها عليه عشر صلوات يصليها عليك جبار الأرضين والسموات مع حط عشر سيئات ورفع عشر درجات وصلاة الملائكة الكرام عليك في دار المقام صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا] أ. هـ

٣١ - وقال القسطلاني [الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مشروعة في جميع العبادات على اختلاف الأوقات في الجٌمَع والجماعات والخطب والصلوات وسائر التقلبات والتصرفات حتى في المعاملات والمبايعات وعقود المناكحات خصوصا في خلوات السلوك عند الأذكار والدعوات إذ بها دخولها في أبواب الإجابات]

٣٢ - وقال الإمام الشعراني في كتاب (تنبيه المغترين) الذي ألفه في بيان أخلاق السلف الصالح [ومن أخلاقهم رضي الله عنهم عدم غفلتهم عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مجلس جلسوه عملا بقوله صلى الله عليه وسلم {لا يجلس قوم مجالسكم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم تِرَة (أي تبعة ونقصا يوم القيامة)]

وقال رضي الله عنه في كتاب (لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية) وهو العهود الكبرى [أٌخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نكثر من الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا ونهار ونذكِّر إخواننا ما في ذلك من الأجر والثواب ونرغبهم فيه كل الترغيب إظهارا لمحبته صلى الله عليه وسلم و أن يجعلوا لهم وردا كل يوم وليلة صباحا ومساء من ألف صلاة إلى عشرة آلاف صلاة كان ذلك من أفضل الأعمال ويحتاج المصلي إلى طهارة وحضور مع الله لأنها مناجاة لله كالصلاة ذات الركوع والسجود وإن لم تكن الطهارة لها شرطا في صحتها منه وصاحبها جالس بين يدي الله عز وجل في محل القرب يسأله أن يصلي على نبيه وإن كان الفضل لمحمد صلى الله عليه وسلم أصالة فإنه هو الذي سنَّ له أن يصلي عليه ليحصل للمصلي الصلاة من الله تعالى فمن واظب على ما ذكرناه كان له أجر عظيم وهي من أولى ما يتقرب به إليه صلى الله عليه وسلم وما في الوجود من جعل الله تعالى له الحل والربط دنيا وأخرى مثله صلى الله عليه وسلم فمن خدمه على الصدق والمحبة والصفاء دانت له رقاب الجبابرة وأكرمه جميع المؤمنين كما ترى ذلك فيمن كان مقربا عند ملوك الدنيا ومن خدم السيد خدمته العبيد وكانت هذه طريقة شيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى الشيخ نور الدين الشوني نسبة إلى بلدة اسمها شوني قريبة من بلد سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وكذلك كانت طريقة الشيخ العارف بالله أحمد الزواوي المدفون بدمنهور من أعمال البحيرة فكان ورد الشيخ نور الدين الشوني كل يوم عشرة آلاف وكان ورد الشيخ أحمد الزواوي أربعين ألف صلاة وقد حكى الثعلبي في كتاب (العرائس) [إن لله تعالى خلقا وراء جبل قاف لا يعلم عددهم إلا الله ليس لهم عبادة إلا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم]

٣٣ - وقال سيدي أبو العباس التيجاني في شرح قوله [اللهم واجعل صلاتنا عليه مفتاحا] [طلب المصلي من الله تعالى أن تكون صلاته عليه صلى الله عليه وسلم مفتاحا لما انغلق من أبواب الغيوب والمعارف الأنوار والأسرار لمَّا كان صلى الله عليه وسلم هو المفتاح في هذا الميدان كانت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم جديرة بهذا عند الله تعالى فمن انعزل عنها وانقطع من جميع السالكين انقطع وطرد وليس له في القرب من الله تعالى نصيب انتهى من كتاب (جواهر المعاني)

٣٤ - وقال في كتاب (حواهر المعاني) أيضا [ومما كتب به يعني شيخه ابا العباس المذكور إلى بعض الطلبة بعد البسملة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد فالذي أعظك به وأوصيك بع عليك بالله عز وجل في سرك وعلانيتك بتصفية قلبك من مخالفة أمره والتعويل على الله بقلبك والرضا بحكمه في جميع أمورك والصبر لمجاري مقاديره في كل أحوالك واستعن على جميع ذلك بالإكثار من ذكر الله على قدر الإستطاعة بحضور قلبك فهو معين لك على جميع ما أوصيتك به وأكبر ذكر الله فائدة وأعظمه جدوى وعائدة هي الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع حضور القلب فإنها متكفلة بجميع مطالب الدنيا والآخرة دفعا وجلبا في كل شيء وأن من أكثر استعمالها كان من أكبر أصفياء الله. أ. هـ

وقال رضي الله عنه من رسالة أخرى إلى كافة الإخوان أينما كانوا [واعلمو أن التقوى قد صعب مٌرامها وتناءت بعد أن يمد بيد أحد خطامها وكلَّت الهِمم دونها فلا يصل أحد أساسها واحتكامها إلا الفرد الشاذ النادر لما طبعت عليه القلوب والنفوس من الإدبار عن الله تعالى وعن أمره بكل وجه واعتبار ووحلها في أحوال البشرية وحلالا مطمع لها في الإنفكاك عنه وهذا حال أهل العصر في كل بلد من كل ما على الأرض إلا الشاذ النادر الذي عصمه الله تعالى وبسبب ما ذكرنا هاج بحر الأهوال والفتن وطما بحر المصائب والمحن وغرق الناس فيه كل الغرق وصار العبد كلما سأل النجاة من مصيبة وعصم منها اكتنفته المصائب وفي هذا قيل سيأتي على الناس زمان تتراكم فيه بحور المحن والفتن فلا ينفع فيها إلا دعاء كدعاء الغريق وليكن ملازمتكم الأمر المنجي مما ذكرنا أو المطفيء لأكثر نيرانه وهو {كثرة الإستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر لا إله إلا الله مجردة وذكر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وقول حسبنا الله ونعم الوكيل} فإنه بقدر الإكثار من الأذكار تتناءى عن العبد كثرة المصائب والشرور والأوزار وبقدر تقليله منها يقل بعده عن المصائب والشرور] انتهى.

٣٥ - وقال في (القول البديع) [كما أن الله تعالى قرن ذكر نبينا بذكره في الشهادتين وفي جعل طاعته طاعته ومحبته محبته كذلك قرن ثواب الصلاة عليه بذكره تعالى فكما أنه قال {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} وقال {إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه} كما ثبت في الصحيح كذلك فعل في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأن قابل صلاة العبد عليه بأن يصلي عليه عشرا وكذلك إذا سلم عليه يسلم عليه عشرا فله الحمد والفضل]

قال في (الدر المنضود) بعد نقله ذلك وهي أيضا عبارة (القول البديع) مع زيادة [وبهذا علم الجواب عما يقال كل حسنة بعشرة أمثالها بالنص فما مزية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وإيضاحه أن لها مزية وهي أن يجبرها بعشر درجات من الجنة وهي بصلاة الله تعالى عليه عشرا وصلاة الله تعالى على العبد مرة أعظم من حسنة مضاعفة على أنه تعالى لم يقتصر على ذلك بل ضم إليه رفع عشر درجات وحط عشر سيئات وكتابة عشر حسنات وكونها له كعتق عشر رقاب فتأمل شرف هذه العبادة وعظم تميزها على غيرها بأضعاف مضاعفة ولعل ذلك يحملك على الإكثار منها لتفوز بخيري الدنيا والآخرة ومن علامات صلاة الله تعالى على عبده أن يٌزينه بأنوار الإيمان وبحلية التوفيق ويتوجه بتاج الصدق ويٌسقط عن نفسه الأهواء والإرادات الباطلة ويٌبدِّله بها الرضا بالمقدور]

٣٦ - وقال ابن عطاء الله كما نقله عنه السيد أحمد دحلان في (تقريب الأصول) [من كان يٌكثر من ذكر الله تعالى لا يقطع عنه لطفه أبدا ولا يكله إلى غيره فمن فاته الصيام والقيام فليكثر من ذكر الله تعالى ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم {من صلى عليَّ مرة واحدة صلى الله عليه عشرا} فلو فعل الإنسان جميع الطاعات مدة عمره ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة لرجحت تلك الصلاة الواحدة على كل ما عمله في جميع عمره من الطاعات لأنك تصلي عليه حسب وسعك والله يصلي عليك على حسب ربوبيته فعطية القوم على قدر أقدارهم هذا إذا كانت صلاة واحدة فكيف إذا صلى عليك عشرا بكل صلاة فما أحسن عيش من أطاع الله بذكره وبالصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم].أ. هـ

٣٧ - ونقل في موضع آخر من الكتاب المذكور عن سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه أنه قال [من أحصن الحصون من الوقوع في المعاصي الإستغفار والإلتجاء إلى الله تعالى قال الله تعالى {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}] قال [ومثل الإستغفار كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضَّلها بعضهم على الإستغفار والأولى الجمع بينهما فيكثر من كل منهما ومن التهليل والتسبيح وبقية الأذكار وتلاوة القرآن واعلم أن شأن النفس السآمة والملل فإذا انتقل من نوع من الأذكار إلى نوع آخر منها تندفع عنها السآمة والملل].أ. هـ

٣٨ - وقال الحافظ السخاوي [أفاد بعضهم أن ذاكر النبي صلى الله عليه وسلم يٌعد من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات والغافل عن ذكره يٌعد من الغافلين]

٣٩ - وقال الإمام الشعراني في الباب التاسع من كتابه (المنن الكبرى) [ومما أنعم الله تبارك وتعالى به عليَّ احترامي لكل من رأيته يذكر الله تعالى أو يصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه صار بذلك من جلساء الحق جل وعلا أو من جلساء رسوله صلى الله عليه وسلم فلو أني احتجت لإستعماله في حاجة من حوائجي وهو مشغول بما ذٌكر لتكلفت الصبر عن تلك الحاجة أو اتقاضاها بنفسي إن أمكن ولا أستعمله بما يشغله عما هو فيه أبدا أدبا مني مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ولو أن ذلك الشخص علم احتياجي وترك ما هو فيه للقيام بمصلحتي لمنعته ولو أنه فارق ذلك المجلس وآذانِّي لا أقابله بنظير ذلك أبدا أدبا مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وسلم وربما غفر الله تعالى له كل معصية جناها فيصير مغفورا له ومن كان مغفورا له لا ينبغي مؤاخذته ثم إن طلبت العوض على ذلك طلبته من سيده تعالى لا من العبد وتأمل يا أخي من يجالس الملوك في الدنيا كيف يحترمه الناس ويخافون من تغير خاطر السلطان عليهم بسببه ولو فعل معهم ذلك الجليس ما فعل لا يقابلونه بشيء إكراما للسلطان فالله أولى وأحق والحمد لله رب العالمين] أ. هـ

٤٠ - وقال القسطلاني في أول (مسالم الحنفا) في حديث أنس رضي الله عنه [لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين] لو كان في كل منبت شعرة منا محبة له صلوات الله وسلامه عليه لكان بعض بعض ما يستحقه علينا وقد علمت أن {من أحب شيئا أكثر من ذكره} كما في (مسند الفردوس) من حديث عائشة رضي الله عنها فالمحبون قد اشتغلت قلوبهم بذكر المحبوب عن اللذات وانقطعت أوهامهم عن عارض دواعي الشهوات وإنَّ أولى وأعلى وأغلى وأفضل وأكمل وأبهى وأشهى وأزهر وأنور ما ذكرت به هذا المحبوب الكريم الرسول العظيم الصلاة عليه والتسليم زاده الله تعالى تشريفا وتكريما من فضله العميم لأنهما سبب لدوام محبته وزيادتها وتضاعفها إذ هي عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا بها لأن العبد كلما أكثر من ذكر محبوبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه تضاعف حبه له وتزايد شوقه واستولى على جميع قلبه ولا شيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا أسَرَّ لقلبه من ذكره واستحضار محاسنه فإذا قوى هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه فيصير هجيراه الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في المساء والبكور ويفوز بالتجارة التي لا تبور ويقتبس من مشكاة لطائف أنواره أعظم نور.

هذا وإن الشيخ نور الدين الشَّونِيَّ بفتح الشين المعجمة وسكون الواو بعدها نون مكسورة نسبة إلى بلد بجزيرة بني نصر الأحمدي متعه الله على ممر الساعات بموارد أنسه وأسكننا وإياه في حظيرة قدسه ممن استولى عليه ذكر هذا المحبوب الكريم والرسول العظيم فلم يزل الصلاة عليه دأبه ليله ونهاره وشعاره ودثاره صرف في ذلك عمره وقصَّر عليه أمره حتى فاض عليه من أنوار ذكر المصطفى ما أرجو أن يكون به من أهل الصفا وقد روى لي مما رأي في المنام أنه عليه الصلاة والسلام بشره بمبشرات له فيها جملة من المسرات إلى غير ذلك مما لعله كان سببا لعكوفه عليها ليلتي الجمعة والإثنين بالجامع الأزهى والأزهر والفوز من الثواب بالحظ الأوفى الأوفر فازدحمت عليه الرواد لينهلوا من صافي زلال الأوراد فأضات مصابيح الجامع الأزهر بأضواء صلاته وفاز كل من المصلين بأنوار صلاته فلو شممت نفائس أنفاسهم النفيسة واستنشقت نفحاتها وسمعت بإذن واعية ترنمها بأنواع الصلوات بنغماتها لأشرقت فيك الأنوار وأشرفتْ على سِرك سرائر الأسرار ولرٌجِىَ أن تٌسقى من حظيرة القدس من رحيق الأنس بكأس الصفا ويٌكال لك بمكيال الوفا وتٌشفى من ألم الجفا والله ما سمعت سماع صلاة قط أطرب من سماعه ولا اجتمعت اجتماعا لذلك أنفع عندي من اجتماعه فهنيئا لمن جاهد نفسه في ذلك على اتباعه ليكون من جملة أشياعه فانظر بعين بصيرتك ترَ أنوار الصلاة من ثناياه قد لمعت وكواكب أهل السهر من عيون أعيان همته العلية قد طلعت وصٌبح الفلاح من مشرق صلاته قد لاح وعٌرف شذا أذكاره قد فاح ومؤذن السماح على منابر الوصول بمحبته قد باح ولسان حاله يقول أبشر علي فقد لمعت فيك بوارق النور العلي ومٌنِحْتَ في سابق سوابق القدم بأنك للصلاة المحمدية من جملة الخدم] أ. هـ

٤١ - وقال في (جواهر المعاني) نقلا عن إملاء شيخه أبي العباس التيجاني رضي الله عنه [(فائدة) في اعتبار كثرة الملائكة وأنهم أكثر جند الله وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم {أنه قال أطت السماء (أي صوتت) وحق لها أن تئط ما فيهاموضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع} وروي {أن بني آدم عشر الجن والجن وبنوا آدم عشر حيوانات البر وهؤلاء كلهم عشر الطير وهؤلاء كلهم عشر حيوانات البحر وكل هؤلاء عشر ملائكة الأرض الموكلين وكل هؤلاء عشر ملائكة السماء الدنيا وكل هؤلاء عشر ملائكة الثانية ثم على هذا الترتيب إلى السابعة ثم الكل في مقابلة ملائكة الكرسي نزر قليل ثم هؤلاء عشر ملائكة السرادق الواحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة ألف سرادق طول السرادق وعرضه وسعته إذا قوبلت به السموات والأرض وما بينهما فإنها تكون شيئا يسيرا وقدرا صغيرا وما من مقدار موضع قدم منها إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم لهم زجل بالتسبيح والتقديس ثم كل هؤلاء في مقابلة الملائكة الذين يحفون حول العرش كالقطرات في البحر ولا يعلم عددهم إلا الله تعالى} وقيل {حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون به مهللين ومكبرين ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام قد وضوعوا أيديهم على عواتقهم رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ومن ورائهم مائة ألف صف قد وضعوا الايمان على الشمائل ما منهم أحد إلا وهو يسبح بما لم يسبح به الآخر ثم كل هؤلاء في ملائكة اللوح الذين هم أشياع إسرافيل عليه السلام نزر قليل} وقيل {بين القائمتين من قوائم العرش خفقان الطير المٌسرع ثمانين ألف عام} وقيل في عظم العرش {أن له ثلاثمائة وستة وستين قائمة قدر كل قائمة كالدنيا ستون ألف مرة وبين القائمتين ستون ألف صحراء في كل صحراء ستون ألف عالم وفوق العرش سبعون حجابا كل حجاب سبعون ألف عام وبين كل حجاب وحجاب سبعون ألف عام} وكل ذلك معمور بالملائكة الكرام وكذا ما فوق الحجب السبعين من عالم

الرَّقَّا فهؤلاء الملائكة كلهم يصلون عشرا على من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة هكذا دائما أبدا كثرا وقلل] انتهت عبارة جواهر المعاني.

٤٢ - وقال في الكتاب المذكور أيضا [وسألته رضي الله عنه يعني شيخه المذكور عن معنى قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فأجاب رضي الله عنه بقوله: معناه اتقوا الله وخافوه من شدة عقابه وابتغوا إليه الوسيلة وهي الأعمال الصالحات التي فيها رضاه سبحانه وتعالى ويؤخذ من هذه الآية على طريق الإشارة وابتغوا غليه الوسيلة التي تنقطعون بها عن غيره لتتصلوا به ولا وسيلة اعظم من النبي صلى الله عليه وسلم ولا وسيلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم].أ. هـ

٤٣ - ونقل الشيخ عمر بن سعيد صاحب كتاب (الرماح) عن كتاب (الفتح المبين) والظاهر أن هذا الكتاب المنقول عنه هو (الفتح المبين في مدح شفيع المذنبين) لعبد العزيز علي المكي الزمزمي المتوفي سنة ٩٦٣ هـ قال رحمه الله [الصلاة على سيد السادات من أهم المهمات في جميع الأوقات لمن يريد القرب من رب الأرضين والسماوات وإنها تجلب الأسرار والفتوحات وتصفي البواطن من جميع الكدورات وإنها تتأكد في حق أهل البداية وأرباب الإرادات وأصحاب النهايات ويستوي في الإحتياج إليها الطالب والسالك والمريد المقارب فالطالب تربيه والعارف تبقيه بعد ما تفنيه

وإن شئت قلت الطالب تعينه على السلوك والمريد ترفعه عن الشكوك والعارف تقول له ها أنت وربك

وإن شئت قلت الطالب تزيده قوة والمريد تكسبه الفتوة والعارف تمسكه في مقام الهيبة

وإن شئت قلت الطالب تحمله والمريد تكمله والعارف تلونه

وإن شئت قلت الطالب تحبب إليه الأعمال والمريد تكسبه الأحوال والعارف تثبته في مقامات الرجال

وإن شئت قلت الطالب تكسبه استناره والمريد تمده بالعباره والعارف تغنيه عن الإشاره

وإن شئت قلت الطالب يقوى بها إيقانه والمريد يكثر منها إيمانه والعارف يزداد منها عيانه

وإن شئت قلت الطالب تثبته والمريد تزينه والعارف تعينه

وإن شئت قلت الطالب تكسبه الأطراق والمريد تفيض عليه الإشراق والعارف تؤيده عند التلاق

وإن شئت قلت الطالب تزداد بها أنواره والمريد تفيض منها أسراره والعارف يستوي لربه ليله ونهاره

وإن شئت قلت الطالب تحبب إليه الأعمال والمريد تصحح لديه الأحوال والعارف تؤيده عند الوصال

وإن شئت قلت الطالب تزيده تشوقا والمريد تطربه تملقا والعارف يستمد منها تحققا

وإن شئت قلت الطالب تكسبه النشاط والمريد تحميه من الإنحطاط والعارف يتأدب بها على البساط

وإن شئت قلت الطالب تكسبه الأنوار والمريد تكشف له الأستار والعارف تلزمه الإضطرار ولا يكون له مع غير الله قرار

وإن شئت قلت الطالب تشوقه بالمنامات والمريد تحققه بالكرامات والعارف تحوله في المقامات

وإن شئت قلت الطالب تؤيده بالثبوت والمريد تطلعه على غيب الملكوت والعارف تهيمه بالجبروت

وإن شئت قلت الطالب تشوقه إلى اللقا والمريد تدعوه للملتقى والعارف تزيده تحققا] أ. هـ

هذا بعض ما ورد من كلام العارفين في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترغيب فيها نثرا وسيأتي كثير من ذلك مفرقا في الأبواب الآتية

٤٤ - ومما ورد في فضلها والترغيب في فيها من النظم قول الحافظ أبي اليمن بن عساكر رحمه الله تعالى كما في (نفح الطيب)

ألا إن الصلاة على الرسول***** شفاء للقلوب من الغليلِِ

فصلِّ عليه إن الله صلى***** عليه ولا تكونن بالبخيلِ

وصلِّ عليه قد صلت عليه***** ملائكة السماء بجبرئيلِ

ألا إن الصلاة عليه نور***** لدى الظلمات في اليوم المهول

وتثقيل لميزان خفيف ***** وتخفيف من الوز الثقيل

إذا صليت صلى الله عشرا ***** بواحدة عليك على الرسول

وتحظى بالشفاعة يوم تجفى***** ومالك من مٌقيل أو مٌنيل

فأكثرْ أو أقلْ فأنت تٌجزى***** بذلك من كثير أو قليل

فصلِّ عليه تجز جزاء ضعف***** وتجز مضاعف الأجر الجزيل

وأولى الناس أكثرهم صلاة***** عليه به وأحرى بالقبول

وأنجاهم من الأهوال عبد***** بها لهج بلا قال وقيل

فكن لهجا بذكراه حفيِّا *****بلقياه ومنصبه الجليل

وصلِّ مدى الزمان على رسول***** كريم مصطفى بَرٌ وصولِ

وصلِّ على حبيب حاز فضلا *****مدى شأ والكلام مع الجليل

وآتاه الوسيلة مستجيبا***** وبلغه نهاية كل سول

وأزلفه وشفعه ليأوى***** إليه الناس في ظل ظليل

وأطد شرعه وحمى حماه***** وأيده بواضحة الدليل

وشرفه ولم يبرح شريفا***** فيجمع جملة المجد الأثيل

وزاد محبة شرفا وفخرا *****بتفضيل وتنويل جزيل

وزاد علاه منه بطول عمر *****قصىٌ من مواهبه طويل

وأوردنا عليه الحوض وفدا *****لنروى بالرُّوا من سلسبيل

٤٥ - وقال رحمه الله تعالى

أدم الصلاة على النبي المصطفى***** تخلص بذاك من الجحيم ونارها

وتولَّ إقبالا عليها كلما *****هتف المؤذن مشعرا بشعارها

فالفخر أجمعه له فتلقه ***** من نوبة الأسحار فوق منارها

٤٦ - وقال أبو عبد الله بن الجيان رحمه الله وهو من (نفح الطيب) أيضا

إذا أملت من مولاك قربا ***** فجدد ذكر خير الأنبياء

وصلِّ عليه أول كل قول ***** وآخره بصبح والمساء

فإن محمدا على البرايا ***** محلا في السيادة والعلاء

لواء الحمد في يمنى يديه ***** وكل الناس من تحت اللواء

فحدث عن دلائله ففيها ***** شفاء للنهى من كل داء

ولست بنا قل للعشر منها ***** وهل تفنى الزواخر بالدلاء

فقل للسامعين قفوا فهذا ***** فخار ليس يحصر بانتهاء

براهين البسيطة ليس تحصى ***** فدونكمُ براهين السماء

٤٧ - وما أحسن قوله

أيذهب يوم لم أكفر ذنوبه ***** بذكر شفيع بالذنوب مشفع

ولم أقضِ في حق الصلاة فريضة ***** على ذي مقام في الحساب مرفع

أرجى لديه النفع في صدق حبه ***** ومن يرتجي المختار لا شك ينفع

وأهدي إلى مثواه مني تحية ***** إذا قصدت باب الرضا لم تدفع

٤٨ - وقال أبو سعيد محمد بن الهيثمي السلمي كما في (مصباح الظلام) لأبي عبد الله بن النعمان

أما الصلاة على النبي فسيرة ***** مرضية تمحى بها الآثام

وبها ينال المرء عز شفاعة ***** يشا بها الإعزاز والإكرام

كن للصلاة على النبي ملازما ***** فصلاته لك جنة وسلام

٤٩ - ولأبي حفص عمر بن عثمان كما في (مصباح الظلام) أيضا

أيا من أتى ذنبا وقارف زلة **ومن يرتجي الرحمى من الله والقربى

تعاهد صلاة الله في كل ساعة **على خير مبعوث وأكرم من نبا

فتكفيك هما أي هم تخافه **وتكفيك ذنبا جئت أعظم به ذنبا

ومن لم يكن يفعل فإن دعاءه ** يجد قبل أن يرقى إلى ربه حجبا

عليه صلاة الله ما لاح بارق ** وما طاف بالبيت الحجيج وما لبى

٥٠ - وقال في (مصباح الظلام) أيضا أنشدني الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي المصري لنفسه

ألا أيها الراجي المثوبة والأجرا **وتكفير ذنب سالف أنقض الظهرا

عليك بإكثار الصلاة مواظبا **على أحمد الهادي شفيع الورى طرا

وأفضل خلق الله من نسل آدم ** وأزكاهم فرعا وأشرفهم نجرا

فقد صح أن الله جل جلاله ** يصلي على من قالها مرة عشرا

فصلى عليه الله ما جنت الدجى ** وطلعت الأفلاك في أفقها فجرا

٥١ - وقال ابن أبي حجلة من قصيدة له

صلوا عليه كلما صليتم ** لتروا به يوم النجاة نجاحا

صلوا عليه كل ليلة جمعة ** صلوا عليه عشية وصباحا

صلوا عليه كلما ذكر اسمه ** في كل حين غدوة ورواحا

فعلى الصحيح صلاتكم فرض إذا ** ذكر اسمه وسمعتموه صراحا

صلى عليه الله ما شب الدجى ** وبدا مشيب الصبح فيه ولاحا

٥٢ - وقال الفاضل شعبان الآثاري صاحب (شفاء الأسقام) وهو في حجم كراسة

وجاء في الجمعة الغرا وليلتها *** عنه من الخير تأجيل وتعجيل

فمن صلى على المختار واحدة *** يأتيه عشر من المولى وتمثيل

٥٣ - وقال أبو القاسم سعد بن محمد رحمه الله

أطلق لسانك بالصلاة على النبي *** الهاشمي الأبطحي محمد

واجعل شعارك ذاك تنج به غدا *** إن النجاة بها ستحصل في غد

٥٤ - وقلت في المزدوجة التي نظمت بها المولد النبوي وسميتها (النظم البديع في مولد الشفيع صلى الله عليه وسلم)

أكثر من الصلاة والسلام ** على النبي المصطفى التهامي

خير البرايا سيد الأنام ** مشرع الحلال والحرام

وأصل كل سؤدد ومجد

فكل من صلى عليه مرة ** صلى بها الله عليه عشرة

قد صح في الحديث هذا جهرة ** رواه مسلم فنال شهرة

وكان حقا سالما من نقد

ولو يصلي الله ربي واحدة ***** لعدلت آلاف ألف زائده

فانظر إذا كم ذا بها من فائدة ***** وكم بها أنوار أجر صاعده

فاحرص عليها إن تكن ذا رشد



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!