بحدودها فهذا معنى سرّ القدر فإنه التوقيف عينه وبه تميّزت الأشياء وبه تميّز الخالق من المخلوق والمُحدَث من القديم فتميّز المُحدَث بنعتٍ ثابتٍ يُعلم ويُشهد وما تميّز القديم من المحدَث بنعتٍ ثبوتي يُعلم بل تميّز بسلب ما تميّز به المحدَث عنه لا غير، فهو المعلوم سبحانه المجهول فلا يُعلم إلا هو ولا يُجهل إلا هو فسبحان من كان العلم به عين الجهل به وكان الجهل به عين العلم به، وأعظم من هذا التمييز لا يكون ولا أوضح منه لمن عقل واستبصر.[1]

خالص بن أحمد (حلب)

وفي حلب أيضاً التقى الشيخ محي الدين بابي القاسم الغافقي، فيذكر ابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" أن ابن خالص بن عبد الله بن خالص أبا القاسم بن أبي العباس الغافقي الإشبيلي ثم الشقري، قدم حلب وصحب بها محمد بن علي ابن العربي، وتوجه منها صحبته إلى بلد الروم، وكان شاعراً مجيداً كتب عنه رشيد الدين محمد بن الحافظ عبد العظيم المنذري.[2]

(قراءة) كتاب التجليات (حلب 606/1209)

كما أوضح الدكتور عثمان يحيى في تصنيفه لكتب الشيخ محي الدين،[3] وفي تحقيقه لكتاب التجليات الإلهية وشرح ابن سودكين له،[4] فإن هذا الكتاب المهم قد تم تأليفه قبل سنة 606 وأنه قد تمت قراءته في حلب في هذه السنة، وربما كان التأليف أيضاً في نفس السنة في حلب أيضاً، حيث يقول نص السماع: "قرأ علي كتاب التجليات صاحبنا البرهان أبو محمد عبد الله علي بن أحمد الخولاني، وكتبه المصنّف سنة ست وستماية بمدينة حلب."

ويعدّ كتاب التجليات من أهم الكتب التي كتبها الشيخ محي الدين وقد تم نشره في مجموعة الرسائل التي طبعت في حيدر آباد سنة 1948، وهناك شروح كثيرة على هذا الكتاب منها ما حققه الدكتور عثمان يحيى كما ذكرنا وهو لابن سودكين النوري. وقد بيّن عثمان يحيى في بداية تحقيقه أن تعليقات ابن سودكين على كتاب التجليات تمت بعد سنة 610 بقليل وذلك أن بعض الفقهاء قد انتقدوا هذا الكتاب واعتبروه ظلماً وعدواناً ولم يكن الشيخ محي الدين موجوداً بحلب، فلما جاء استأذنه بشرحه ففعل وقام ابن سودكين بكتابته. فهذا يعني، كما يقول عثمان يحيى، أنّ هذه التعليقات إنما هي في الحقيقة من كلام ابن العربي ولكن بقلم ابن سودكين.

[1] الفتوحات المكية: ج3ص182.

[2] بغية الطلب في تاريخ حلب: ص 1300.

[3] مؤلفات ابن عربي: ص232.

[4] التجليات الإلهية وتعليقات ابن سودكين عليها، تحقيق عثمان إسماعيل يحيى، مركز نشر دانشـ ـاهي، طهران 1988.