موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب شق الجيب بعلم الغيب

يسمى أيضاً: در الدرر فى معرفة العالم الأكبر

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

يحوي هذا الكتاب الكثير من أقوال الشيخ الأكبر وأشعاره، ولكن لا يمكن تأكيد صحة نسبة هذا الكتاب بكامله إلى الشيخ محي الدين ابن العربي. أغلب الظنّ أنه لكاتب لاحق وقد نقل من كتب الشيخ الأكبر.

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


كتاب شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدرر

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين ، الذي وفقني للسباحة في علم اليقين ، وقوّاني على إخراج الدرر من أصداف العبارات ، والاستعارات العجيبة ، والأوضاع الجديدة ، الواردة على قلبي بإلهام ربي ، وهي في الحقيقة درر عوارفه في حق العارفين .

والصلاة على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

وبعد

فلما فرغت من كتاب اليقين بالتماس الولد العزيز الأعز محسن الدين ، وقد رغب في حفظه ، ووافقه الولد العزيز ذو النسب الصحيح والحسب الصريح زين العابدين ، زينهما اللّه بإخلاص المخلصين ، فخطر ببالي في أثناء اشتغالي بالصلاة ، بين العشائين ، أن ألتقط منه ما يحتاج إليه طالب معرفة العالم الكبير ، وأسمّيه :

بـ « شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدرر » .

فاستخرت اللّه تعالى فيه فوجدت شرح الصدر . فعافصتني هذه الخطبة نشرت بعد الفراغ عن صلاة العشاء ،

وقلت :اعلم يا طالب درة المعرفة ، أنّ الشيء الذي يصدق إطلاق القدم عليه لا يخلو من أن يكون مستغنيا بجميع الوجوه عن غيره أو لا .

فإن يكن فهو ذات اللّه الأحد الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .

وله القدم على الصفات ثابت من حيث الذات .

وهذا القدم عبارة عن ما لا يسبقه شيء بالسبقات السبع :

الذاتية ،

 والمصدرية ،

والعلية ،

والمكانية ،

والزمانية ،

والرّتبيّة ،

والطبيعية .

وإن لم يكن مستغنيا بجميع الوجوه عن غيره فلا يخلو من أن يكون داخلا تحت أمر كن بالإيجاد والإفاضة أو لا .

 

فإن يكن داخلا فلا يخلو من أن يكون سرمديا أو لا . فإن يكن داخلا فهي الصفات المفتقرات في القيام إلى الذات ، ولها القدم ثابت على قيام الأفعال من حيث المصدري ، وإن يكن فهي الأفعال المفتقرات في صدورها إلى مصادرها ، ولها القدم ثابت على الآثار الظاهرة بسببها من حيث العلى .

والعبارة عن هذين القدمين هي أن لا يكونا داخلين تحت الأمر . فإن لم يكن سرمديا فلا يخلو من أن يكون مسبوقا بزمان إفاقي أو لا ،

فإن لم يكن فهي بالبسائط الحقيقية التي وجدت بالفيض الإيجادي بلا واسطة ، المفتقرة إلى فيض الإيجاد والإبقاء ، والنسبة التي وجدت بالفيض الأمري بواسطة العقل ، المفتقرة إلى فيض الأمر ، ووساطة العقل ،

وهذا القدم عبارة عن ما لا يسبقه الزمان الإفاقي ، وإن كان مسبوقا فهو كالمتولدات المفتقرة إلى مفرداتها بالتركيب ، وإلى فيوض المفردات الإيجادية والأمرية ، وإلى المؤلّفات كلها . وهذا القدم عبارة عن طول الزمان كالعرجون القديم ، والبينونات القديمة .

ثم اعلم أن الآثار الظاهرة بسبب العقل الصادر عن الصفة الدّال عليها اسم الموجد الخلاق ، الثابتة للذات حين تجلّيه ليعرف ممكن الوجود ، وهو عبارة عما يكون متساوي الطرفين في الجواز ،

وهو على قسمين:

- مقوم نفسه . - وغير مقوم نفسه .

فالمقوم نفسه على قسمين :

- مفرد . - وغير مفرد .

فالمفرد المعبر عنه بالجوهر على قسمين :

- إيجادي . - وأمري .

فالإيجادي : الذي هو البسيط الحقيقي لا يخلو من أن يكون قابلا لنقوش الفيوض المتواترة ، الفائضة من حضرة الحق المتعالي أو لا .

فإن يكن فهو اللوح المحفوظ المعبر عنه بالعقل ، الذي هو أثر أول فيض مخصوص بالحكمة وظلها . وقد أشار النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى أوليته في مرتبته بقوله :

« أول ما خلق اللّه العقل ». أورده العجلوني في كشف الخفاء والديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب  وأورده غيرهما .

 

وهو أول شيء عقل به بعقال الإمكان ، بحيث عقل نفسه وموجده ، وأنه مأمور بالاستفاضة في المرتبة اللوحية ، وبالإفاضة في مرتبة الخلافة ، وإن لم يكن قابلا لنقوش الفيوض لا يخلو من أن يكون ملاقيا للّوح أو لا ، فإن يكون فهو المداد المعبر عنه بالنور المحمدي ،

المشار إليه وإلى أوليته بقوله : « أول ما خلق اللّه نوري » 

وفي حديث آخر : « فإن المداد نوري »  

وهو أثر أول فيض مخصوص بالقدرة وظلها .

وإن لم يكن ملاقيا للّوح فلا يخلو من أن يكون أقرب الأوليات إلى حضرة الحق المتعالي أو لا .

فإن لم يكن فهو الدواة المعبّر عنه بالروح الأحمدية المشار إلى أوليتها في مرتبتها بقوله : « أول ما خلق اللّه روحي »  .

وهو أثر أول فيض مخصوص بالإرادة وظلها ، وإن يكن أقرب الأوليات إلى اللّه تعالى فهو القلم المعبر عنه بالخفي عند عارفي أرباب الطريقة من الصوفية المشار إلى أوليته في مرتبته بقوله : « أول ما خلق اللّه القلم » .

 

ثم النون : وهي الدواة ، وهو أثر أول فيض مخصوص بالعلم وظلّه .

وتيقن بأن العلم ما لم يفض لم تتيقظ الإرادة ، وما لم تتيقظ الإرادة لم تنتبه القدرة ، وما لم تنتبه القدرة لم تتقن الحكمة للقدر المقدر والمراد المعلوم .

فالحكمة متقنة للقدر المقدور .

والقدرة منبعثة بأمر الإرادة المخصصة لما في العلم .

والعلم منتظر لتجلي اللّه الأحد الواحد .

والأمري : لا يخلو من أن يكون قابلا للتأليف أو لا .

فإن لم يكن فهو جوهر النفس المعبر عنه بالعرش الفائض من لوح العقل بأمر الحق ، من حيث تعقّله موجده فصار ظل القلم .

وإن يكن فلا يخلو من أن يكون ذا فعل أو لا .

فإن يكن فهو جوهر الصور ؛ الفائض من لوح العقل بأمر الحق ، من حيث تعقله ؛ أنه مأمور بالإفاضة فصار ظل الدواة .

وإن لم يكن فهو جوهر المادة الفائض من لوح العقل بأمر الحق من حيث تعقله أنه مأمور بالاستفاضة .

فصار ظل المداد غير المفرد المعبر عنه بالجسم . وهو عبارة عما يصدق عليه إطلاق التأليف والتركيب الحاصل من فيض أمر العقل .

وهو على قسمين :

- مؤلف .

- ومركب .

فالمؤلّف : عبارة عما وجد من ائتلاف جوهري الصورة والمادة لا في زمان إفاقي .

والمركّب : عبارة عما وجد من جوهرين فصاعدا في زمان إفاقي مفتقرا إلى الفيوض الفلكية ونيّراتها وما فوقها .

والزمان الآفاقي : عبارة عن بدء حركة الأفلاك وتعداد أوقاتها .

والزمان الأنفسي : عبارة عن مقادير اللّه تعالى .

وقد أشار اللّه تعالى في آية واحدة إلى هذين الزمانين بقوله :فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ[ السجدة : 5 ] .

فاليوم إشارة إلى الزمان الآفاقي الأنفسي .

وألف سنة مما تعدون إشارة إلى الزمان .

والذي غير مقوم نفسه عرض ، وهو لا يخلو من أن يجوز طرآنه على الممكنات كلها أولا .

فإن يجز فهو الضعيف اللاحق بالوجود عند دخوله تحت ذل التكوين وتقيده بقيد الإمكان .

وإن لم يجز فلا يخلو من أن يبقى مع من يقوم به كبقائه أو لا .

فإن يبق فهو كالحيّز للمفردات المعبّر عنها بالجواهر والمكان للأجسام المركبة والمؤلفة ، وما يختص بالمؤلفات كتدوير الأفلاك ، وإن لم يبق فهو كضوء الشمع على الجدار ، وصفرة الخجل ، وحمرة الوجل ، والغضب حالة الجدل ، مما يختص بالمركبات . وهو ما لا يبقى زمانين .

- والحيّز : عبارة عما ظهر مع كل موجود مفرد ، بحيث لا يسع فيه غيره .

- والمكان : عبارة عما ظهر مع الجسم ، بحيث لا يسع فيه غيره كالطبع .



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!