موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تمهيد

 

 


اعلم وفقك الله لطاعته أن الله سبحانه قد شاء أن يبرر العالم في الشفعية لينفرد سبحانه بالوترية.

فيصبح اسم الواحد الفرد، ويتميز السيد من العبد.

ولما وقفت، أوقفكم الله، على حقائق نفوسكم، وأطلعكم على ما أودعه فيكم من لطيف حكمته وغریب صنعته.

على قوله تعالى : "وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهار، ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"

"خلقكم من تراب" 17 سورة غافر .

ثم قال "ومن طين" 20 سورة الأنعام. وهو امتزاج الماء والتراب.

ثم قال جل اسمه "من حمأ مسنون" 28 سورة الحجر.

وهو المتغير الريح، وهو الجزء الهوائي الذي فيه .

ثم قال : "خلق الإنسان من صلصال کالفخار" 14 سورة الرحمن.

وهو الجزء الناري، وهذه حكمة منه سبحانه " يخلق ما يشاء وهو العليم القدير" 54 سورة الروم .

وكما أن في العالم رياحة أربعة : شمالا وجنوبا وصبة ودبور .

، ففي الإنسان أربع قوى : جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة .

وكما أن في العالم سباعا وشياطين وبهائم، ففي الإنسان الافتراس وطلب القهر والغلبة والغضب والحقد والحسد والفجور والأكل والشرب والنكاح والتمتع .

كما قال عز وجل : "يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم" 12 سورة محمد.

وكما أن في العالم ملائكة بررة سفرة. ففي الإنسان طهارة وطاعة واستقامة .

وكما أن في العالم من يظهر للأبصار ومن يخفى، ففي الإنسان ظاهر و باطن : عالم الحس وعالم القلب، فظاهره ملك وباطنه ملكوت .

وكما أن في العالم سماء وأرضا ففي الإنسان علو وسفل.

وامش بهذا الاعتبار على العالم تجد النسخة الإلهية صحيحة ما اختل حرف ولا نقص معنى.

ولم تجد له في مقابلة الأزل إلا الأبد وهو غير متناهي الطرف الآخر شرعا.

وسبق في علم قديم باق ببقاء الله عز وجل.

قال العبد وجرت المتصوفة عادة رضي الله عنهم في هذا النظر والاعتبار مجری العرب في كلامها من الاستعارات والمجاز بأدني شبه وأيسر صفة تجمع بينهما؛ وفي القرآن من هذ القبيل كثير إذ القرآن جار على لغة العرب.

كما قال عم: "وإنما أنزل القرآن بلساني لسان عربي مبين".

ومثله قوله تعالى : "واشتعل الرأس شيبا" 4 سورة مريم .

"كسراب بقيعة" 39 سورة النور.

"کرماد اشتدت به الريح" 18 سورة إبراهيم .

"كمثل صفوان عليه تراب" [البقرة : 264]، "جدارا يريد أن ينقض" [الكهف: 77]، "واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها" [يوسف : 82]، "فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا" [الأعراف: 143].

فلم تزل الصوفية رضي الله عنها في نظرها واعتبارها على هذا المنهج، فلنلخص لك ولنقرب عليك كيف تنظر العالم في الإنسان على ما تقدم.

وذلك أن تنظر إلى ما خرج عنك من الموجودات : فإذا وقعت عينك على موجود ما فاطلب الصفة التي غلبت على ذلك الموجود حتى [شهر بها ].

وإذا عرفت تلك الصفة التي أنبأت عنه ودلت عليه فإما صفة نفسية له وإما صفة غالبة عليه.

ثم تنظر تلك الصفة بعينها فتجدها في الإنسان لا محالة، فتطلق على الإنسان عند مشاهدة تلك الصفة [اسم الذي هو صفته ؛ مثل البلادة التي هي غالبة على الحمار دون غيره من الحيوان، فنقول في الإنسان حمارة إذا رأيناه بلیدا؛ أو أسدا إذا رأيناه شديدة طالب الافتراس.

ومثل هذا النظر أيضا في الأسرار الشريفة مثل أن تنظر إلى الشمس والقمر.

فتجعل الشمس الروح والقمر النفس , ذلك أن النفس ذات الكمال ونقص حسب ما يرد في داخل هذا الكتاب ، فكمالها بالعقل والعلم، ونقصها بالجهل والشهوات .

وكما أن نقص القمر قد يكون سبه في الكسوف الأرض، وهو الأسفل من العالم، كذلك نقص النفس إنما هو من ارتكاب الشهوات ومحلها أسفل سافلين .

وكما أشرقت الأرض بنور الشمس كذلك أشرقت الأجسام بنور الروح، فكشفت الأشياء على م هي عليه، إلى أمثال هذا مما يطول ذكره.

قال المؤلف رضي الله عنه : ولما أردنا أن نأخذ في مقابلة النسختين العالم الأكبر والأصغر على الإطلاق في جميع الأسرار العامة والخاصة، رأينا أن ذلك يطول، وغرضنا من العلوم ما يوصل إلى النجاة في الاخرة إذ الدنيا فانية دائرة.

فعدلنا إلى أمر يكون فيه النجاة، ويتمشى معه المراد الذي بنينا عليه كتابنا وهو أن نظرنا الإنسان فوجدناه مكلفة مسخرة بين وعد ووعيد، فسعينا في نجاته مما توعد به وتخليصه لما وعد الله إليه .

فإضطرنا الحال في إقامة القسطاس عليه من العالم الأكبر، فقلنا أين ظهرت الحكمة من

الخطاب والوعد والوعيد من العالم الكبيرا، فرأينا ذلك في حضرة الأمر والنهي وحضرة الإمامة ومقر الخلافة.

فوجدنا الخليفة شاهدة فيه ظهرت الحكمة وآثار الأسماء، وعلى يديه تنفعل أكثر المكونات المخلوقة للباري تعالى .

فتقصينا الأثر و أمعنا النظر في حظ الإنسان من هذه الحضرة الإمامية ، فوجدنا في الإنسان خليفة ووزيرة وقاضيا وكاتبا وقابض خراج وجبايات وأعوانا ومقابلة أعداء ، وقتلا وأسرا، إلى أمثال هذا مما يليق بحضرة الخلافة التي هي محل الإرث.

وفي الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام)، وانتشرت راياتها ولاحت أعلامها وأذعن الكل لسلطانها ؛ ثم خفيت بعد الأنبياء صلوات الله على محمد وعليهم فلا تظهر أبدا إلى يوم القيامة عموما.

لكن قد تظهر خصوصا : فالقطب معلوم غیر معين وهو خليفة الزمان، ومحل النظر والتجلي، ومنه تصدر الآثار على ظاهر العالم وباطنه ؛ وبه يرحم الله من يرحم و يعذب من يعذب .

وله صفات إن اجتمعت في خليفة عصر فهو القطب، وعليه مدار الأمر الإلهي.

وإن لم تجتمع فهو غيره؛ ومنه تكون المادة الملك ذلك الزمان، وهذا كله في الإنسان موجود.

ونحن إن شاء الله نورده في هذا المجموع أحسن إيراد، مختصرة كافية مقنعة، والله ينفع العبد بما قصد، ويسلك به الطريق الأقوم الأسد والله أعلم.


QdukCb3ysAE

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!