The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنبياء (21)

 

 


الآية: 1 من سورة الأنبياء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)

اعلم أنه ما أتي على أحد إلا من الغفلة عما يجب عليه من الحقوق ، التي أوجب الشرع عليه أداءها ، فمن أحضرها نصب عينيه وسعى جهده في أدائها ، ثم حالت بينه وبين أدائها موانع تقيم له العذر عند اللّه ، فقد وفي الأمر حقه ووفى اللّه بذمته ، ولا حرج عليه ولا جناح ، ولا خاطبه الحق بوجوب حق عليه مع ذلك المانع ، وأما إذا تغافل حتى أوجب له ذلك التغافل الغفلة آخذه اللّه بها ، فإنه متعمل قاصد فيما يحول بينه وبين ما أوجب اللّه عليه فعله وتركه ، فما بقي لظهور الساعة ؟ ووجود آدم من شروط اقترابها ، فهذا أوان الساعة قد اقترب ، ولو أزال الناس الغفلة لتنبهوا ، ولو تنبهوا لسمعوا خطاب البهائم .

[سورة الأنبياء (21) : آية 2]

ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)

[ وصف الذكر وهو القرآن ]

«ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ» ليس الذكر إلا القرآن ، وما هو إلا كلام اللّه المنعوت بالقدم فالذي جاءهم إنما هو المتكلم به ، «مِنْ رَبِّهِمْ» من سيدهم ومالكهم ومصلحهم ومغذيهم «مُحْدَثٍ» فوصف الحق الذكر بالحدوث وإن كان كلامه قديما ، فحدث عندنا الذكر لا في نفسه تعالى ، والذكر هنا هو المتكلم به لا عين الكلام ،

فالكلام موصوف بالقدم لأنه راجع إلى ذات المتكلم إذا أردت كلام اللّه ، والمتكلم به ما هو عين الكلام ، وقد يكون المتكلم به معنى وقد يكون غير معنى ،

ثم إن ذلك المعنى قد يكون قديما وقد يكون حادثا ، فالمتكلم به أيضا لا يلزم قدمه ولا حدوثه إلا من حيث إسماع المخاطب ، فإنه سمع أمرا لم يكن سمعه قبل ذلك فقد حدث عنده ، فعلى الحقيقة إتيان الذكر على من أتى عليه هو حادث بلا شك ،

لأن ذلك الإتيان الخاص لم يكن موصوفا بالوجود ، وإن كان الآتي أقدم من إتيانه لا من


حيث إتيانه بل من حيث عينه ، فكلام اللّه قديم من كونه صفة المتكلم به وهو اللّه ، ووصف بأنه محدث الإتيان والنزول أي حدث عندهم بإتيانه كما تقول حدث عندنا ضيف ، فإنه لا يدل ذلك أنه لم يكن له وجود قبل ذلك ، ولما كان القرآن في حقنا نزل نعت اللّه الذكر هنا بالحدوث ، لأنه نزل على محدث لأنه حدث عنده ما لم يكن يعلمه ،

فهو محدث عنده بلا شك ولا ريب ، فكلام اللّه المنعوت بالقدم حدث عندهم حين سمعوه فهو محدث الإتيان قديم بالعين ، وجاء في مواد حادثة ما وقع السمع ولا تعلق إلا بها بما دلت عليه هذه الأخبار ، والذي دلت عليه منه ما هو موصوف بالقدم ومنه ما هو موصوف بالحدوث ، فله الحدوث من وجه وله القدم من وجه ،

فإن قلت هذا الحادث هل هو محدث في نفسه أوليس بمحدث ، قلنا اعلم أن كلام الحادث محدث وكلام اللّه له الحدوث والقدم ، فله عموم الصفة فإن له الإحاطة ولنا التقييد ، فلا يضاف الحدوث إلى كلام اللّه إلا إذا كتبه الحادث أو تلاه ، ولا يضاف القدم إلى كلام الحادث إلا إذا تكلم به اللّه عند من أسمعه كلامه ، كموسى عليه السلام ومن شاء اللّه من عباده في الدنيا والآخرة وأهل السعادة وأهل الشقاء ،

وإن قلنا في هذا الحادث إنه صفة الحق التي يستحقها قلنا بقدمها بلا شك ، فإنه يتعالى أن تقوم الصفات الحادثات به فكلام الحق قديم في نفسه قديم بالنسبة إليه ، محدث أيضا ، كما قال عند من أنزل عليه من حيث تعلق علمهم به ، فإنه لا يعلم الكون المحدث إلا محدث مثله ، لأنه لا يعلم الشيء إلا بصفته النفسية ، فعلمنا باللّه محال ،

فما تعلق العلم إلا بمحدث ، ومن وجه آخر يحتمل أن يكون قوله تعالى : «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ» أي أحدثت بعض هذه الأمور السؤالات ، فهو الذكر المحدث لما حدث وقد كان له الوجود ، وعين المخاطب مفقود (إلا استمعوه وهم يلعبون) فذم من لم يتلقاه بالقبول ، ومن هذه الآية ثبت حدوث القرآن عندهم لا في عينه ، فنعلم أن القرآن مجدد الإنزال على قلوب التالين له دائما أبدا ، لا يتلوه من يتلوه إلا عن تجديد تنزل من اللّه الحكيم الحميد ، وقلوب التالين لنزوله عرش يستوي عليها في نزوله إذا أنزل ،

وبحسب ما يكون عليه القلب المتخذ عرشا لاستواء القرآن عليه من الصفة يظهر القرآن بتلك الصفة في نزوله ، وذلك في حق بعض التالين ،

وفي حق بعضهم تكون الصفة للقرآن فيظهر عرش القلب بها عند نزوله عليه ، فقرآن عظيم لعرش عظيم ، وقرآن كريم لعرش كريم ، وقرآن مجيد لعرش مجيد ، فكل قرآن مستو على عرشه


بالصفة الجامعة بينهما ، فلكل قلب قرآن من حيث صفته مجدد الإنزال لا مجدد العين - راجع سورة البقرة آية 122 –

ولما كان الاسم الرب لا يرد إلا مقيدا فإذا كان حدوث القرآن في الإنزال على القلب من الرب ينزل مقيدا ولا بد ، فيكون عند ذلك قرآنا كريما ، أو قرآنا مجيدا ، أو قرآنا عظيما ، ويكون القلب النازل عليه بمثل ما نزل عليه من الصفة عرشا عظيما ، أو عرشا كريما ، وإذا حدث نزوله من الرحمن على القلب «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ» لم يتقيد بإضافة أمر خاص ،

فكان القلب له عرشا غير مقيد بصفة خاصة ، بل له مجموع الصفات والأسماء ، فإن الاسم الرحمن له الإطلاق فكما أن الرحمن له الأسماء الحسنى ، لهذا العرش النعوت العلى بمجموعها فإن القرآن إذا نزل على قلب عبد وظهر فيه حكمه واستوى عليه بجميع ما هو عليه مطلقا كان خلقا لهذا القلب ، فما من آية في القرآن إلا ولها حكم في قلب هذا العبد ، لأن القرآن لهذا نزل ، ليحكم لا ليحكم عليه .


المراجع:

(1) الفتوحات ج 3 / 380 - 48 - كتاب التراجم

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!