The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنبياء (21)

 

 


الآيات: 106-107 من سورة الأنبياء

إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (106) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107)

[ رحمة للعالمين ]

ما كان السبب في إنزال هذه الآية إلا أنّه لمّا اشتد قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في اللّه وغيرته على الحق ، وكان في مقام الغيرة على جناب اللّه تعالى وما يستحقه ، أخذ يقنت في صلاته شهرا كاملا وهو القنوت ، يدعو على طائفة من عباد اللّه بالهلاك والعذاب والانتقام في قصة رعل وذكوان وعصية عصت اللّه ورسوله ، فكان يقول اللهم عليك بفلان وفلان ، وذكر ما كان منهم فأنزل اللّه عليه وحيه بواسطة الروح الأمين ، يا محمد إن اللّه يقول لك ما أرسلك سبابا ول


لعانا ، أي طرادا ، أي لا تطرد عن رحمتي من بعثتك إليه ، وإنما بعثك رحمة ، أي لترحم مثل هؤلاء ، كأنه يقول له : بدل دعائك عليهم كنت تدعوني لهم .

وأوحى اللّه تعالى إليه في ذلك لما علم من إجابته إياه إذا دعاه في أمر ، فنهاه عن الدعاء عليهم وسبهم وما يكرهون إبقاء لهم ورحمة بهم ، كما قال صلّى اللّه عليه وسلم حين جرحوه اللهم اهد قومي إنهم لا يعلمون ثم تلا عليه جبريل عليه السلام كلام ربه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) فعتب الحق رسوله صلّى اللّه عليه وسلم في حق المشرك الذي أخبر أنه لا يغفر له بهذه الآية ، وما خص مؤمنا من غيره ، فلم يقل تعالى «للمؤمنين خاصة» فلم يخص الحق مؤمنا من كافر بل قال «وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ» أي لترحمهم ، لأنك صاحب القرآن الذي ينطق بأن رحمتي وسعت كل شيء ، فعم العالم ولم يخص عالما من عالم ، فدخل المطيع والعاصي والمؤمن والكافر والموحد والمشرك في هذا الخطاب وكل مسمى العالم ، أي لترحمهم وتدعوني لهم لا عليهم ، فإنك إذا دعوتني لهم ربما وفقتهم لطاعتي ، فترى سرور عينك وقرتها في طاعة ، وإذا لعنتهم ودعوت عليهم وأجبت دعاءك فيهم لم يتمكن أن آخذهم إلا بأن يزيدوا طغيانا وإثما مبينا ، وذلك كله إنما يكون بدعائك عليهم ، فكأنك أمرتهم بالزيادة في الطغيان الذي نؤاخذهم به ، فتنبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لما أدبه به ربه ، فقال صلّى اللّه عليه وسلم إن اللّه أدبني فأحسن أدبي ، وقد صح عنه صلّى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول : (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) ونهي عن الدعاء عليهم ، قام ليلة إلى الصباح لا يتلو فيها إلا قوله تعالى : «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وهو قول عيسى عليه السلام ، فإنه صلّى اللّه عليه وسلم مرسل إلى جميع الناس كافة ليرحمهم بأنواع وجوه الرحمة ، ومن وجوه الرحمة أن يدعو لهم بالتوفيق والهداية ، فلا أحد ممن بعث إليه يبقى شقيا ولو بقي في النار فإنها ترجع عليه بردا وسلاما ، فإنه من حين بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم انطلق على جميع من في الأرض من الناس أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، فعمت العالم رحمته صلّى اللّه عليه وسلم التي أرسل بها ، فإن اللّه أخبر أنه أرسله ليرحم العالم ، وما خص عالما من عالم ، فأعلمنا اللّه أنه أرسله صلّى اللّه عليه وسلم بالرحمة وجعله رحمة للعالمين ، فمن لم تنله رحمته فما ذلك من جهته ، وإنما ذلك من جهة القابل ، فهو كالنور الشمسي أفاض شعاعه على الأرض ، فمن استتر منه في كن أو ظل جدار فهو الذي لم يقبل انتشار النور عليه ، وعدل عنه ، فلم يرجع إلى الشمس من ذلك منع ، وكانت هذه الآية في الدنيا عنوان حكم الآخرة ، لأنه إذا كان من


أشرك به يعتب رسوله صلّى اللّه عليه وسلم في الدعاء عليهم ، فكيف يكون فعله فيهم إذا تولى سبحانه الحكم فيهم بنفسه ، وقد علمنا أنه تعالى ما ندبنا إلى خلق كريم إلا كان هو أولى به ، ففي هذه الآية تنبيه على رحمة اللّه بعباده ، لأنهم على كل حال عباده ، معترفون به معتقدون لكبريائه ، طالبون القربة إليه ، لكنهم جهلوا طريق القربة ولم يوفوا النظر حقه .

- وجه آخر - (وَما أَرْسَلْناكَ) وما أرسل إلا بالعلم (إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) فجعل إرساله رحمة ، فهو علم يعطي السعادة في لين ، قال تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) .


المراجع:

(107) الفتوحات ج 2 / 411 - ج 3 / 519 ، 567 - ج 2 / 127 - ج 3 / 567 ، 519 - ج 1 / 215 - ج 4 / 163 - ج 2 / 127 - ج 3 / 116 ، 93 ، 398- ج 1 / 210 - ج 3 / 567 ، 568 ، 519 - ج 2 / 127 - ج 3 / 143 ، 144 ، 519 -ح 2 / 411 ، 420

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!