موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الحج (22)

 

 


الآية: 29 من سورة الحج

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)

" ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ» أي ليلقوا الوسخ ، وإزالة الشعث من الحاج لحفظ القوى مما ينالها من الضرر لسد المسام وانعكاس الأبخرة ، المؤذية لها المؤثرة فيها وما في معناها ، لأن الطهارة والنظافة مقصودة للشارع لأنه القدوس ، «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ» التطوع قد يكون واجبا بإيجاب اللّه إذا أوجبه العبد على نفسه كالنذر ، فإن اللّه أوجبه بإيجاب العبد

- نصيحة -لا تزد في العهود ويكفيك ما جبرت عليه ، ولهذا كره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم النذر وأوجب الوفاء به ،لأنه من فضول الإنسان

"وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ " الطواف ثلاثة ، طواف القدوم وطواف الإفاضة ويقال له طواف الزيارة وطواف الوداع ،

وقد أجمع العلماء على أن الواجب من هذه الأطواف الثلاثة هو طواف الإفاضة ، فإن المعرّف إذا قدم مكة بعد الرمي أجزأه طواف الإفاضة عن طواف القدوم وصح حجه وإن المودع إذا طاف في زعمه طواف الوداع ولم يكن طاف طواف الإفاضة كان ذلك الطواف طواف إفاضة أجزأ عن طواف الوداع ، لأنه طواف بالبيت معمول به في وقت طواف الوجوب الذي هو الإفاضة ، فقبله اللّه طواف إفاضة وأجزأ عن طواف الوداع ، والمتمتع إن لم يكن قارنا فعليه طوافان ، وإن كان قارنا فطواف واحد ، والمكي عليه طواف واحد ،

وليست الطهارة شرطا في صحة الطواف ، فإنه يجوز الطواف بغير وضوء للرجل والمرأة ، إلا أن تكون حائضا فإنها لا تطوف ، وإن طافت لا يجزئها وهي عاصية لورود النص في ذلك ، وما ورد شرع بالطهارة للطواف إلا ما ورد في الحائض خاصة ، وما كل عبادة يشترط فيها هذه الطهارة الظاهرة ، ويجوز الطواف


في الأوقات كلها وبعد صلاة الصبح والعصر ، إلا أني أكره الدخول في الصلاة حال الطلوع وحال الغروب إلا أن يكون قد أحرم بها قبل حال الطلوع والغروب ، وصفة الطواف أن يجعل البيت على يساره ويبتدئ فيقبل الحجر الأسود إن قدر عليه ، ثم يسجد عليه أو يشير إليه إن لم يتمكن له الوصول إليه ، ويتأخّر عنه قليلا بحيث أن يدخله في الطواف بالمرور عليه ، ثم يمشي إلى أن ينتهي إليه يفعل ذلك سبع مرات ، يقبل الحجر في كل مرة ويمس الركن اليماني الذي قبل ركن الحجر بيده ولا يقبله ، فإن كان في طواف القدوم فيرمل ثلاثة أشواط ويمشي أربعة أشواط ، ولكن في أشواط رمله يمشي قليلا بين الركنين اليمانين ويقول : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ» إلى أن تفرغ الأشواط السبعة ، كل ذلك بقلب حاضر مع اللّه ويتخيل أنه في تلك العبادة كالحافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم ، فيلزم التسبيح في طوافه والتحميد والتهليل وقول لا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم ، جاء في الخبر أن جبريل طاف بآدم حين أنزله اللّه بالكعبة ، فسأله آدم ما كنتم تقولون في طوافكم بهذا البيت ، فقال جبريل عليه السلام كنا نقول في طوافنا بهذا البيت سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ، فقال آدم لجبريل عليهما السلام وأزيدكم أن

[ ولا حول ولا قوة إلا باللّه ]

فبقيت سنة في الذكر في الطواف لبنيه ولكل طائف به إلى يوم القيامة ، فأخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن هذه الكلمة أعطيها آدم من كنز من تحت العرش .

واعلم أن اللّه لما نسب العرش إلى نفسه وجعله محل الاستواء الرحماني جعل الملائكة حافين به من حول العرش بمنزلة الحرس حرس الملك والملازمين بابه لتنفيذ أوامره ، وجعل اللّه الكعبة بيته ، ونصب الطائفين به على ذلك الأسلوب ، وتميز البيت على العرش وعلى الضراح وسائر البيوت الأربعة عشر بأمر ، ما نقل إلينا أنه في العرش ولا في غير هذا من البيوت ، وهو الحجر الأسود يمين اللّه في الأرض لنبايعه في كل شوط مبايعة رضوان وبشرى بقبول ما كان منا في كل شوط مما هو لنا أو علينا ، فما لنا فقبول وما علينا فغفران ، فإذا انتهينا إلى اليمين الذي هو الحجر استشعرنا من اللّه سبحانه بالقبول فبايعناه وقبلنا يمينه المضافة إليه قبلة قبول وفرح واستبشار ، هكذا في كل شوط ، فإن كثر الازدحام أشرنا إليه إعلاما بأنا نريد تقبيله ، وإعلاما بعجزنا عن الوصول إليه ولا نقف ننتظر النوبة حتى تصل إلينا فنقبله ، لأنه لو أراد ذلك منا ما شرع لنا الإشارة إليه إذا لم نقدر عليه فعلمنا أنه يريد منا اتصال المشي في السبعة


الأشواط من غير أن يتخللها وقوف إلا قدر التقبيل في مرورنا إذا وجدنا السبيل إليه ، وكل طواف قدوم فيه رمل هكذا السنة لمن أراد أن يتبعها ، وأجمع العلماء على أن الركوع بعد الطواف من سنن الطواف ، وهو أن يركع ركعتين ، والأولى أن يصلي عند انقضاء كل أسبوع (أي سبعة أشواط) فإن جمع أسابيع فلا ينصرف إلا عن وتر ، فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم ما انصرف من الطواف إلا عن وتر فإنه انصرف عن سبعة أشواط أو عن طواف واحد ، فإن زاد فينصرف عن ثلاثة أسابيع وهي واحد وعشرون شوطا ولا ينصرف عن أسبوعين ، فإنه شفع ، وبالأشواط الأربعة عشر شوطا وهي شفع فجاء بخلاف السنة في طوافه من كل وجه ، والأولى أن لا يؤخر الركعتين عن أسبوعهما ، وليصلهما عند انقضاء الأسبوع

- إشارة-طواف القدوم يقابل طواف الوداع ، فهو كالاسم الأول والآخر ، وطواف الإفاضة بينهما برزخ ، فلطواف الزيارة وجه إلى طواف الوداع ووجه إلى طواف القدوم ، كالعقل إذا أقبل على اللّه بالاستفادة ، وطواف الوداع إذا أراد الخروج إلى النفس بالإفادة ، والبرزخ أبدا أقوى في الحكم لجمعه بين الطرفين ، فيتصور في أي صورة شاء ، ويقوم في حكم أي طرف أراد ، ويجزئ عنهما ، فله الاقتدار التام ، والرمل إسراع في نفس الخير إلى الخير فهو خير في خير.


المراجع:

(29) الفتوحات ج 1 / 721 ، 685 ، 590 -ح 3 / 230 - ج 1 / 718">718 - ج 3 / 520 - ج 1 / 718">718 ، 708 ، 702

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!