The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الفرقان (25)

 

 


الآيات: 68-70 من سورة الفرقان

وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (68) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (69) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70)


اعلم أنه لما لم يتمكن للتائب أن يرد عليه وارد التوبة إلا حتى ينتبه من سنة الغفلة ، فيعرف ما هو فيه من الأعمال التي مآلها إلى هلاكه وعطبه ، خاف ورأى أنه في أسر هواه ، وأنه مقتول بسيف أعماله القبيحة ، فقال له حاجب الباب الإلهي : قد رسم الملك أنك إذا أقلعت عن هذه المخالفات ، ورجعت إليه ووقفت عند حدوده ومراسمه ، أنه يعطيك الأمان من عقابه ، ويحسن إليك ويكون من جملة إحسانه أن كل قبيح أتيته يرد صورته حسنة ، ثم أعطاه التوقيع الإلهي ، فإذا مكتوب فيه «وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ . . .» الآيات ، إلى قوله «إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» وذلك نتيجة العمل الصالح فيقع التبديل ، فيبدل اللّه سيئاته حسنات ، حتى يود لو أنه أتى جميع الكبائر الواقعة في العالم من العالم ، وهذا من الكرم الإلهي ، فلا بد لطائفة من التبديل كبير بكبير ، ومن الناس من يبدله له بالتوبة والعمل الصالح ، ومن الناس من يبدله له بعد أخذ العقوبة حقها منه ، وسبب إنفاذ الوعيد في حق طائفة حكم المشيئة الإلهية ،

فإذا انتهت المدة طلبت المشيئة في أولئك تبديل العذاب الذي كانوا فيه بالنعيم المماثل له ، فإن حكم المشيئة أقوى من حكم الأمر ، وقد وقع التبديل بالأمر فهو بالإرادة أحق بالوقوع ، ولولا ما بين السيئ والحسن مناسبة تقتضي جمعهما في عين واحدة يكون بها حسنا سيئا ما قبل التبديل ، ومثال ذلك : شخص في غاية الجمال طرأ عليه وسخ من غبار ،

فنظف من ذلك الوسخ العارض ، فبان جماله ، ثم كسي بزة حسنة فاخرة ، تضاعف بها جماله وحسنه ، ولهذا وصف الذنوب بالمغفرة وهي الستر ، وما وصفها بذهاب العين ، وإنما يسترها بثوب الحسن الذي يكسوها به ، لأنه تعالى لا يرد ما أوجده إلى عدم ، بل يوجد على الدوام ولا يعدم . وستر اللّه هذا العلم عن بعض عباده ، وأطلع عليه من شاء من عباده ، وهو من علم الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا ، ولذلك قال الحق «وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً»

- الوجه الأول -أي يستر عمن يشاء الوقوف على مثل هذا كشف

- الوجه الثاني -غفورا لذنوبهم السابقة ، أي سترها عنهم ، فإن اللّه تعالى إذا قبل توبة عبده أنساه ذنبه فلم يذكّره إياه ، فإنه إن ذكره أحضره بينه وبين الحق ، وهو قبيح الصورة ، فجعل بينه وبين الحق صورة قبيحة تؤذن بالبعد فهذا فائدة النسيان ،

والستر من الحق على نوعين :

إما أن يستر الذنوب جملة واحدة ،

وإما أن تبدل بحسنة فتحسن صورة تلك السيئة بالتوبة ، فتظهر له حسنة ، وذلك ليسرع العبد


في الرجعة إلى اللّه «رَحِيماً» بذلك الستر ، رحمة به لمعنى علمه سبحانه لم يعيّنه لنا ، والتبديل على وجوه :

- الوجه الأول -اعلم أنه ما من كلمة يتكلم بها العبد إلا ويخلق اللّه من تلك الكلمة ملكا ، فإن كانت خيرا كان ملك رحمة ، وإن كانت شرا كان ملك نقمة ، فإن تاب إلى اللّه وتلفظ بتوبته خلق اللّه من تلك اللفظة ملك رحمة ، وخلع من المعنى الذي دل عليه ذلك اللفظ بالتوبة الذي قام بقلب ذلك التائب على ذلك الملك الذي كان خلقه من كلمة الشر خلعة رحمة ، وواخى بينه وبين الملك الذي خلقه من كلمة التوبة ، وهو قوله : تبت إلى اللّه ؛ فإن كانت التوبة عامة ، خلع على كل ملك نقمة كان مخلوقا لذلك العبد من كلمات شره خلع رحمة ، وجعل مصاحبا للملك المخلوق من لفظة توبته ، فإنه إذا قال العبد : تبت إليك من كل شيء لا يرضيك ؛ كان في هذه اللفظة من الخير جميعة كل شيء من الشر ، فخلق من هذا اللفظ ملائكة كثيرة بعدد كلمات الشر التي كانت منه ، فإن الإنسان أعطي لفظا يدل على الأفراد ، وأعطي لفظا يدل على الاثنين ، وأعطي لفظا يدل على الكثرة ، فلفظة كل تدل على الكثرة ، فعلم أن قوله «تبت إلى اللّه من كل شيء» ، أنه تبت إلى اللّه من كذا ، تبت إلى اللّه من كذا ، تبت إلى اللّه من كذا ، فلهذا خلق اللّه من كلمة الجمع ملائكة بعدد ما تعمه تلك الكلمة ، وإنما قلنا بأن الملائكة المخلوقة من كلمة الشر يخلع عليها خلع الخير ، وترجع ملائكة رحمة في حق هذا التائب ، ويصاحب بينها وبين الملائكة المخلوقة من لفظة التوبة عن ذلك الشر ، لقوله تعالى «فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» فجعل التبديل في عين السيئة

- الوجه الثاني -من أنسأ اللّه في أجله بعد توبته فعمل عملا صالحا بدل اللّه سيئاته حسنات ، أي ما كان يتصرف به من السوء عاد يتصرف فيه حسنا ، فبدّل اللّه فعله بما وفقه إليه من طاعته ورحمته ، وغفر له جميع ما كان وقع منه قبل ذلك ، ولم يؤاخذه بشيء منه . –

- الوجه الثالث -في حق أهل الشهود الذي يرون ويشهدون الأفعال كلها للّه ، فما كان من حسن أضافوه إليه تعالى خلقا فيهم ، وأضافوه إليهم من كونهم محلا لظهوره ، وإن كان سيئا أضافوه إليهم بإضافة اللّه ، فيكونون حاكين قول اللّه ، فيريهم اللّه حسن ما في ذلك المسمى سوءا بأن يريه عين ما كان يراه سيئة حسنة ، وقد كان حسنها غائبا عنه بحكم الشرع ، فلما وصل إلى موضع ارتفاع الأحكام ، وهو الدار الآخرة ، رأى عند كشف الغطاء حسن ما في الأعمال كلها ، لأنه ينكشف له أن العامل هو اللّه لا غيره ،


فهي أعماله تعالى ، وأعماله كلها كاملة الحسن ، لا نقض فيها ولا قبح ، فإن السوء والقبح الذي كان ينسب إليها إنما كان ذلك بمخالفة حكم اللّه لا أعيانها ، فبدل اللّه سيئاتهم حسنات ، وما هو إلا تبديل الحكم لا تبديل العين ، فمن حكم في نفسه لنفسه ، وندم في يومه على ما فرط فيه من أمسه ، ليجبر بذلك ما فاته ، ويحيي منه بالندم ما أماته ، فإذا أقامه من قبره ، فذلك أوان نشره ، وأوان حشره ، فيبدل اللّه سيئاته حسنات ، وينقل من أسفل درجاته إلى أعلى الدرجات ، حتى يود لو أنه أتى بقراب الأرض خطايا ، أو لو حمل ذنوب البرايا ، لما يعاينه من حسن التحويل ، وجميل صور التبديل ، فيفوز بالحسنيين ، وهنالك يعلم ما أخفى له فيه من قرة عين ، ففاز في الدنيا باتباع الهوى ، وفي الآخرة بجنة المأوى ، فمن الناس من إذا حرم رحم ، وجوزي جزاء من عصم ، فجزاء بعض المذنبين أعظم من جزاء المحسنين ، ولا سيما أهل الكبائر ، والمنتظرين حلول الدوائر ، وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء . لما نزلت هذه الآية قال وحشي قاتل حمزة رضي اللّه عنه : ومن لي بأن أوفق إلى العمل الصالح الذي اشترطه علينا في التبديل ؟

فجاءه الجواب : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)

فقال وحشي : وما أدري هل أنا ممن شاء أن يغفر له أم لا ؟

فجاءه الجواب : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فلما قرأ وحشي هذا قال :الآن فأسلم ، ولهذا قال حاجب الباب الإلهي وهو الشارع

[ إن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ] فيبدل سيئاته حسنات بالتوبة والعمل الصالح .


المراجع:

(70) الفتوحات ج 1 / 255">255 - ج 4 / 123 - ج 3 / 352 - ج 2 / 141 - ج 4 / 240 - ج 3 / 352 - ج 2 / 141 ، 492 ، 141 ، 639 - ج 4 / 27 ، 34 -ح 3 / 403 - ج 4 / 34 - ج 2 / 639 - ج 1 / 255">255 ، 256 ، 417

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!