The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 201-203 من سورة البقرة

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (201) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (202) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)

إن الناس اختلفوا في الإعادة من المؤمنين القائلين بحشر الأجسام ، ونحن نثبت الحشر في النشأة الروحانية المعنوية مع الحشر المحسوس في الأجسام المحسوسة ، والميزان المحسوس

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

من عرفات ، ويكون الناس هنا من بقي على ملة إبراهيم في الوقوف بعرفة في ذلك اليوم ، وعلى هذا أكثر أهل التأويل ، وفيه بعد في سياق الآية وإن كان صحيح المعنى ، والذي ذهبنا إليه أقرب بالمساق ، ثم قال : «وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ» إشعار بما كان عليه من الخطأ من وقف يوم عرفة بجمع ، وقد يكون الاستغفار طلبا من العباد إلى اللّه أن يضمن التبعات عنهم لأربابها بإرضاء الخصوم ، حتى ينقلبوا من حجهم مطهرين من جميع الذنوب ، وما أمرهم بالاستغفار في هذا الموطن إلا وهو يغفر لهم ، ولو لم يكن كذلك لم يكن للاستغفار المأمور به على التعيين فائدة ، فقال : «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ» إذا استغفر تموه «رَحِيمٌ» بكم حيث أمركم أن تستغفروه ، ثم قال :

(201) «فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ» في هذا المساق إشعار ونوع حجّة لمن لا يرى أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج ، لأنه ما ذكره على التعيين كما ذكر الإحرام بفرض الحج ، وذكر عرفات وذكر المزدلفة يقوي من احتج بالحديث في أنه من لم يدرك من الليل المزدلفة ولا صلى مع الإمام صلاة الصبح لم يدرك الحج ، فما ذكر إلا هؤلاء وما بقي أدخله في ذكر المناسك ، فقال: «فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ» الآية ، يقال : منسك بكسر السين وهو الاسم ومنسكا بفتح

والصراط المحسوس ، والنار والجنة المحسوستين ، فإن كل ذلك حق ، وأعظم في القدرة ، فإن ثمّ نشأتين ، نشأة الأجسام ونشأة الأرواح وهي النشأة المعنوية ، ولولا أن الشرع عرّف بانقضاء هذه الدار ، وأن كل نفس ذائقة الموت ، وعرف بالإعادة ، وعرف بالدار الآخرة ،

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
السين ، يقال نسك ينسك نسكا ونسيكة ومنسكا إذا ذبح نسكه بفتح السين ، ويجمع على مناسك ، والنسك أيضا العبادة والزهد ، والمنسك الموضع المشروع للعبادة فيه ، ومناسك الحج من ذلك ، فإنها أماكن مخصوصة وأفعال مخصوصة ، وهي ما بين فرض وسنة واستحباب ، فقال تعالى : «فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ» أي الأفعال التي شرعناها لكم في أماكنها ، على حد ما شرعناها من واجب وغيره «فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ» يدل على أن عادتهم كانت جارية منهم في ذلك الزمان بعد فراغ المناسك يذكرون آباءهم ويفتخرون بأنسابهم ، ويقومون النسابون في ذلك الوقت فيذكرون الأنساب ، وحكاية أبي بكر الصديق مع الأعرابي مذكورة بحضور النبي عليه السلام ، فلما كان لهم بذكر آبائهم في ذلك الموطن شدة عناية ، قال اللّه لهم : «فَاذْكُرُوا اللَّهَ» مثل ذكركم آباءكم ، أي افتخروا باللّه واذكروا نعمه عليكم كما تذكرون آباءكم «أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً» يقول : بل أكثر ذكرا ، لأن الذي تنسبونه لآبائكم من الفخر الذي تفخرون به إنما هو من عطائي ونعمتي ، وأنا أحق بالذكر ، وإنما قرر ذكر الآباء بالخير من البر بالوالدين والإحسان لهم ، وقد قرر الشارع ذلك لعباده فقال : (أَنِ اشْكُرْ لِي) وهو قوله : «أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً» (وَلِوالِدَيْكَ) وهو قوله : «كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ» وقال: (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) ولم يخص سبحانه بهذا الذكر الذي أمرنا به ذكرا من ذكر ، لكن نبه بما ذكر بعد ذلك أن الدعاء من الذكر المطلوب هنا ، إذ كان من دعاك فقد ذكرك ، وليس كل من ذكر دعا ، فقال تعالى : «فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ» (202) «وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ» يقول : فمن الناس «مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا» يطلب من اللّه خيرا في الدنيا ، وما له في الدعاء في خير الآخرة «مِنْ خَلاقٍ» أي من نصيب ، وهذا حالة من اشتدت ضرورته في الدنيا حتى أنسته الآخرة ، فأخبر اللّه تعالى عنه أنه ما جعل للآخرة في دعائه نصيبا و «منهم» يعني من الناس «مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً» أي حالة حسنة في كل شيء ومن كل شيء «وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً» أي حالة حسنة كذلك ، «وَقِنا عَذابَ النَّارِ» يعم عذاب الدنيا والآخرة ، إذ يجمعهما العذاب ، فإن النار قد تكون في الدنيا رحمة لإصلاح معايش الناس ، فالمسئول الوقاية من عذابها ، ومن خصص التأويل بحسنة دون حسنة فقد قيد ما أطلقه اللّه في الإخبار عنهم ، والناس يسألون بحسب أغراضهم ،

وعرف أن الإقامة فيها في النشأة الآخرة إلى غير ما نهاية ما عرفنا ذلك ، وما خرجنا في كل حال من موت وإقامة وبعث أخروي وجنان ونعيم ونار وعذاب بأكل محسوس وشرب محسوس ونكاح محسوس ولباس على المجرى الطبيعي ، فعلم اللّه أوسع وأتم ، والجمع بين العقل والحس والمعقول والمحسوس أعظم في القدرة وأتم في الكمال الإلهي ، فالأولى بكل ناصح نفسه الرجوع إلى ما قالته الأنبياء والرسل على الوجهين المعقول والمحسوس ، إذ لا دليل للعقل يحيل ما جاءت به الشرائع ، فألزم الإيمان نفسك تربح وتسعد إن شاء اللّه.

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
وأما من ذهب من أهل التأويل إلى أن القائلين «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ» أنهم الذين لا رغبة لهم فيما عند ربهم من الأجر والثواب في الآخرة عن قصد ، فما هم بمؤمنين ولا قضى هذا منسكا مشروعا قط ، والظاهر أن الحق سبحانه ما قسم إلا الذين قضوا مناسكهم ، وقوله : (203) «أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا» يعم الفريقين ، وأما الفريق الثاني فلا شك فيه ، وأما الفريق الأول الذين غفلوا عن طلب خير الآخرة لشغلهم بما غلب عليهم من ضيق الدنيا ، فأخبر تعالى أن لهم نصيبا في الآخرة مما كسبوه من الأعمال في الحج ، وما لهم من حيث دعاؤهم في الآخرة نصيب ، وأما الآخرون فلهم نصيب من أعمالهم ولهم نصيب في الآخرة أيضا من دعائهم في ذلك ، ثم نبه سبحانه بقوله : «وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ» لتعجيل نيل ما كسبوه من أعمالهم ، أخبر أنه يحاسبهم سريعا ليفضوا إلى نعيمهم ، فهي بشرى لهم سرعة الحساب لمن يحاسب ، وفيه فائدة أخرى ليتنبه طالب الدنيا بأنه محاسب على ما يؤتيه اللّه منها ، فيكون معظم طلبه ما يتعلق بجانب الآخرة ويقلل من ذكر طلب الدنيا ، إذ الدنيا جواز ليس له منها إلا سد جوعة وستر عورة بأي نوع كان ، (204) «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ» الأيام المعدودات هي أيام التشريق ، وهي أربعة أيام بيوم النحر ، وإنما أمر اللّه بالذكر في هذه الأيام فإنها كما قال عليه السلام : [ أيام أكل وشرب وبعال ]

وهذه أسباب مؤدية إلى الغفلة عن ما يجب علينا من شكر اللّه على ما أعاننا عليه من قضاء مناسكه ، وما أسبغ علينا من نعمه التي كان حرمها علينا في حجنا ، وأمرنا بالذكر وشرع في هذه الأيام التكبير إدبار الصلوات والدعاء عند رمي الجمار ، وقسم الجمار على الأيام كلها ، كل ذلك حتى لا نغفل ، ولم يقيد الذكر في هذه الأيام المعدودات كما قيده في الأيام المعلومات على ما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء اللّه ، وأرسل الذكر هنا مطلقا حتى يعم جميع الأذكار بجميع النعم ، إذ كان عقيب فراغ من عبادات جمة ونعم متوالية ، فسبحان العليم الحكيم ، مرتب الأمور مواضعها ، وقوله: «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» يريد يومين بعد يوم


المراجع:

(203) الفتوحات ج 1 / 311 ، 312

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!