The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة العنكبوت (29)

 

 


الآيات: 15-20 من سورة العنكبوت

فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (15) وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (18) وَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)


اعلم أن الذات الإلهية منزهة عن أن يكون لها بعالم الكون والخلق والأمر مناسبة أو تعلق بنوع ما من الأنواع ، لأن الحقيقة تأبى ذلك ، مع كون أصل الأشياء كلها وجود الحق تعالى ، إذ لو لم يكن هذا الأصل الإلهي موجودا ، والحق المخلوق به معقولا ، لما صح هذا الفرع المحدث الكائن بعد أن لم يكن ، ولما تصور ، فإذا نظرنا العالم على ما هو عليه ، وعرفنا حقيقته ومورده ومصدره ، ونظرنا ما الحاكم المؤثر في هذا العالم ، نجد أن الأسماء الحسنى ظهرت في العالم كله ظهورا لا خفاء به كليا ، وحصلت فيه آثارها وأحكامها لا بذواتها ولكن بأمثالها لا بحقائقها لكن برقائقها .

[ بدء الخلق : إيجاز البيان بضرب من الإجمال ]

إيجاز البيان بضرب من الإجمال : بدء الخلق الهباء وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية الرحمانية ، ولا أين يحصرها لعدم التحيز - ومم وجد ؟

وجد من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم - وفيم وجد ؟

في الهباء- وعلى أي مثال وجد ؟ على الصورة المعلومة في نفس الحق - ولم وجد ؟

لإظهار الحقائق الإلهية ، فأوجد العالم سبحانه ليظهر سلطان الأسماء ، فإن قدرة بلا مقدور ، وجودا بلا عطاء ، ورزّاقا بلا مرزوق ، ومغيثا بلا مغاث ، ورحيما بلا مرحوم ، حقائق معطلة التأثير - وما غايته ؟

التخلص من المزجة فيعرف كل عالم حظه من منشئه من غير امتزاج ، فغايته إظهار حقائقه ، ومعرفة أفلاك الأكبر من العالم وهو ما عدا الإنسان ، والعالم الأصغر يعني الإنسان ، روح العالم وعلته وسببه


وأفلاكه ومقاماته وحركاته وتفصيل طبقاته .

ونظمنا في ترتيب نضد العالم .

الحمد للّه الذي بوجوده *** ظهر الوجود وعالم الهيمان

والعنصر الأعلى الذي بوجوده *** ظهرت ذوات عوالم الإمكان

من غير ترتيب فلا متقدم *** فيه ولا متأخر بالآن

حتى إذا شاء المهيمن أن يرى *** ما كان معلوما من الأكوان

فتح القدير عوالم الديوان *** بوجود روح ثم روح ثان

ثم الهباء كذا الهيولى ثم جسم قابل *** لعوالم الأفلاك والأركان

فأداره فلكا عظيما واسمه الع *** رش الكريم ومستوى الرحمن

يتلوه كرسي انقسام كلامه *** فتلوح من أقسامه القدمان

من بعده فلك البروج وبعده *** فلك الكواكب مصدر الأزمان

ثم النزول مع الخلاء لمركز *** ليقيم فيه قواعد البنيان

فأدار أرضا ثم ماء فوقه ***كرة الهواء وعنصر النيران

من فوقه فلك الهلال وفوقه *** فلك يضاف لكاتب الديوان

من فوقه فلك لزهرة فوقه *** فلك الغزالة مصدر الملوان

من فوقه المريخ ثم المشتري *** ثم الذي يعزى إلى كيوان

ولكل جسم ما يشاكل طبعه *** خلق يسمى العالم النوراني

فهم الملائكة الكرام شعارهم *** حفظ الوجود من اسمه المحسان

فتحركت نحو الكمال فولدت *** عند التحرك عالم الشيطان

ثم المعادن والنبات وبعده *** جاءت لنا بعوالم الحيوان

والغاية القصوى ظهور جسومنا *** في عالم التركيب والأبدان

لما استوت وتعدلت أركانه *** نفخ الإله لطيفة الإنسان

وكساه صورته فعاد خليفة *** يعنو له الأملاك والثقلان

وبدورة الفلك المحيط وحكمه *** أبدى لنا في عالم الحدثان

في جوف هذا الأرض ماء أسودا *** نتنا لأهل الشرك والطغيان


يجري على متن الرياح وعندها *** ظلمات سخط القاهر الديان

دارت بصخرة مركز سلطانه*** الروح الإلهي العظيم الشأن

فهذا ترتيب الوضع الذي أنشأ اللّه عليه العالم ابتداء ، واعلم أن التفاضل في المعلومات على وجوه ، أعمها التأثير ، فكل مؤثر أفضل من أكثر المؤثر فيه ، من حيث ذلك التأثير خاصة ، وقد يكون المفضول أفضل منه من وجه آخر ، وكذلك فضل العلة على معلولها ، والشرط على مشروطه ، والحقيقة على المحقق ، والدليل على المدلول من حيث ما هو مدلول لا من حيث عينه ، وقد يكون الفضل بعموم التعلق على ما هو أخص تعلقا منه كالعالم والقادر ، ولما كان الوجود كله فاضلا مفضولا ، أدى ذلك إلى المساواة ، وأن يقال:

لا فاضل ولا مفضول ، بل وجود شريف كامل ، تام لا نقص فيه ، ولا سيما وليس في المخلوقات على اختلاف ضروبها أمر إلا وهو مستند إلى حقيقة ونسبة إلهية ، ولا تفاضل في اللّه ، لأن الأمر لا يفضل نفسه ، فلا مفاضلة بين العالم من هذا الوجه ، وهو الذي يرجع إليه الأمر من قبل ومن بعد ، وعليه عوّل أهل الجمع والوجود وبهذا سموا أهل الجمع لأنهم أهل عين واحدة كما قال تعالى: (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) فمن كشف الأمر على ما هو عليه علم ما ذكرناه في ترتيب العالم [ راجع سورة الفرقان الآية 2 ] .

[ سورة العنكبوت (29) : الآيات 21 إلى 27]

يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (22) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (23) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (25)

فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)


إسحاق عليه السلام موهوب من غير سؤال ، وإسماعيل عليه السلام جمع له بين الكسب والوهب ، فهو مكسوب من جهة سؤال إبراهيم عليه السلام (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) موهوب من جهة الفداء (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) «وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا» وهو قول كل نبي (إن أجري إلا على على اللّه) أجر التبليغ فآتاه اللّه أجره في الدنيا بأن نجاه من النار ، فجعلها عليه بردا وسلاما «وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» للأجر ما نقصه كونه في الدنيا قد حصله بما يناله في الآخرة شيء . ولما كان الصلاح من خصائص العبودية ، وذكر تعالى عن أنبيائه أنهم من الصالحين ،

ذكر عن إبراهيم الخليل «وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» من أجل الثلاثة الأمور التي صدرت منه في الدنيا ، وهي قوله عن زوجته سارة :إنها أخته بتأويل ، وقوله : إني سقيم اعتذارا ، وقوله : بل فعله كبيرهم إقامة حجة ، فبهذه الثلاثة يعتذر يوم القيامة للناس إذا سألوه أن يسأل ربه فتح باب الشفاعة ، فلهذا ذكر صلاحه في الآخرة إذ لم يؤاخذه بذلك .


المراجع:

(20) كتاب إنشاء الدوائر - الفتوحات ج 1 / 118 ، 120 - كتاب عقلة المستوفز

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!