The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الروم (30)

 

 


الآية: 8 من سورة الروم

وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (8)

[ الحق المخلوق به ]

اعلم أن الموجودات هي كلمات اللّه التي لا تنفد ، قال تعالى في وجود عيسى عليه السلام إنه كلمته ألقاها إلى مريم وهو عيسى ، واعلم أن اللّه سبحانه ما استوى على عرشه إلا بالاسم الرحمن ، إعلاما بذلك أنه ما أراد بالإيجاد إلا الرحمة بالموجودين ، ولم يذكر غيره من الأسماء ، وذكر الاستواء على أعظم المخلوقات إحاطة من عالم الأجسام ، ولما ذكر اللّه عن نفسه أن له كلاما ذكر أن له نفسا من الاسم الرحمن الذي به استوى على العرش ، فلما علمنا أن له نفسا وأن له كلاما وأن الموجودات كلماته ، علمنا أن اللّه ما أعلمنا بذلك إلا لنقف على حقائق الأمور بأنا على الصورة «وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ» فنقبل جميع ما تنسبه الألوهة إليها على ألسنة رسلها وكتبها المنزلة ، فلما عرفنا اللّه أنه باطن وظاهر ، وله نفس وكلمة وكلمات ، نظرنا ما ظهر من ذلك ، ولم ينسب إلى ذاته النفس وما يحدث عنه ؟

فقلنا : عين النفس هو العماء ، فهو نفس المتنفس المقصود بالعبارة عنه ما يتنزل منزلة الريح ، وإنما يتنزل منزلة البخار ، فالنفس هذا حقيقته حيث كان ، فكان عنه العماء ، فكان ربنا قبل خلق الخلق في عماء ، وهو النفس الإلهي ، وأبرز في هذا النفس الإلهي افتتاح الوجود بالكون ، إذ كان ولا شيء معه ، فأوجد العالم وفتح صورته في العماء ، وهو النفس الذي


هو الحق المخلوق به مراتب العالم وأعيانه ، وأبان منازله ، فجعل منه عالم الأجسام وعالم الأرواح ، وجعل في النفس الإلهي علة الإيجاد من جانب الرحمة بالخلق ، ليخرجهم من شر العدم إلى خير الوجود ، فلو تفكر الإنسان في نفسه وفي الصورة التي خلق عليها ، وكونه ذا نفس وحروف وكلمات ، ذا ظاهر وباطن ، وتفكّر في كل ما يتعلق بعلم الحروف وما يتكون عنها من الكلمات ، لعلم أنه الحق وأن الإنسان الكامل أقامه الحق برزخا بين الحق والعالم ، فيظهر بالأسماء الإلهية فيكون حقا ، ويظهر بحقيقة الإمكان فيكون خلقا ، وكما أن الحضرة الإلهية على ثلاث مراتب : باطن وظاهر ، ووسط وهو ما يتميز به الظاهر عن الباطن وينفصل عنه ، وهو البرزخ فله وجه إلى الباطن ووجه إلى الظاهر ، كذلك جعل الإنسان على ثلاث مراتب ، عقل وحس وهما طرفان ، وخيال وهو البرزخ الوسط بين المعنى والحس «وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ» فيروا الإنسان الكامل المختصر الظاهر بحقائق الكون كله حديثه وقديمه «ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما» الثلاث مراتب «إِلَّا بِالْحَقِّ»

- الوجه الأول -وهو نفس الرحمن ؛

- الوجه الثاني -باعتبار الإنسان هو المخلوق على الصورة الإلهية ، فيكون الإنسان الكامل هو الحق المخلوق به ، أي المخلوق بسببه العالم ، فإن الإنسان أكمل الموجودات وهو الغاية ، ولما كانت الغاية هي المطلوبة بالخلق المتقدم عليها ، فما خلق ما تقدم عليها إلا لأجلها وظهور عينها ، ولولاها ما ظهر ما تقدمها ، فالغاية هو الأمر المخلوق بسببه ما تقدم من أسباب ظهوره ، وهو الإنسان الكامل ؛ وإنما قلنا : الكامل لأن اسم الإنسان قد يطلق على المشبه به في الصورة ، وهو على الحقيقة حيوان في شكل إنسان ، ففي الإنسان الكامل قوة كل موجود في العالم وله جميع المراتب ، ولهذا اختص ، ومده بالصورة فجمع بين الحقائق الإلهية وهي الأسماء وبين حقائق العالم ، فإنه آخر موجود ، وما انته لوجوده النفس الرحماني حتى جاء معه بقوة مراتب العالم كله ، فيظهر بالإنسان ما لا يظهر بجزء جزء من العالم ولا بكل اسم اسم من الحقائق الإلهية ، فكان الإنسان أكمل الموجودات ، فكل ما سوى الإنسان خلق إلا الإنسان فإنه خلق وحق «وَأَجَلٍ مُسَمًّى» كل أمر حادث في الدنيا قيل أجله كذا في الدنيا ، لأن كل ما في الدنيا يجري إلى أجل مسمى فتنتهي فيه المدة بالأجل ، فخاتمة ذلك الشيء ما ينتهي إليه حكمه ، فانتهاء الأنفاس في الحيوان آخر نفس يكون منه عند انتقاله إلى البرزخ ، ثم تنتهي المدة في البرزخ إلى الفصل بينه وبين البعث ،


ثم تنتهي المدة في القيامة إلى الفصل بينها وبين دخول الدارين ، ثم تنتهي المدة في النار في حق من هو فيها من أهل الجنة إلى الفصل الذي بين الإقامة فيها والخروج منها بالشفاعة والمنة ، ثم تنتهي المدة في عذاب أهل النار الذين لا يخرجون منها إلى الفصل بين حال العذاب وبين حصول حكم الرحمة التي وسعت كل شيء ، فهم يتنعمون في النار باختلاف أمزجتهم ، ثم لا يبقى بعد ذلك أجل ظاهر بالمدة ، ولكن آجال خفية دقيقة ، وذلك أن المحدث الدائم العين ، من شأنه تقلب الأحوال عليه ليلزمه الافتقار إلى دوام الوجود له دائما ، فلا تفارق أحواله الآجال ، فلا يزال في أحواله بين سابقة وخاتمة «وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ» .


المراجع:

(8) الفتوحات ج 2 / 390 ، 396 -ح 3 / 512

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!