The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الروم (30)

 

 


الآية: 23 من سورة الروم


وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)

من نظر إلى حسن نظم القرآن وجمعه ، ولما ذا قدم ما كان ينبغي في النظر العقلي في ظاهر الأمر أن يكون على غير هذا النظم ، فإن النهار لابتغاء الفضل والليل للمنام ، تبين له من خلف ستار هذه الآية وحسن العبارة عنها الرافعة سترها ،

وهو قوله : «مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ» أمر زائد على ما يفهم منه في العموم بقرائن الأحوال في ابتغاء الفضل للنهار والمنام لليل ، وهو أن اللّه نبه بهذه الآية على أن نشأة الآخرة الحسية لا تشبه هذه النشأة الدنياوية ، وأنها ليست بعينها ، بل تركيب آخر ومزاج آخر ، كما وردت به الشرائع والتعريفات النبوية في مزاج تلك الدار ، وإن كانت هذه الجواهر عينها بلا شك ، فإنها التي تبعثر في القبور وتنشر ، ولكن يختلف التركيب والمزاج بأعراض وصفات تليق بتلك الدار لا تليق بهذه الدار ، وإن كانت الصورة واحدة في العين والسمع والأذن والفم واليدين والرجلين بكمال النشأة ، ولكن الاختلاف بيّن ، فمنه ما يشعر به ويحس ومنه ما لا يشعر به ، ولما كانت صورة الإنشاء في الدار الآخرة على صورة هذه النشأة ، لم يشعر بما أشرنا إليه ، ولما كان الحكم يختلف عرفنا أن المزاج اختلف ، فهذا الفرق بين حظ الحس والعقل ، فقال تعالى :[ «وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ . . .» الآية ]

«وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ» ولم يذكر اليقظة وهي من جملة الآيات ، فذكر المنام دون اليقظة في حال الدنيا ، فدل على أن اليقظة لا تكون إلا عند الموت ، وأن الإنسان نائم أبدا ما لم يمت ، فذكر أنه في منام بالليل والنهار في يقظته ونومه ،

وفي الخبر [ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ] ألا ترى أنه لم يأت بالباء في قوله تعالى : «وَالنَّهارِ» واكتفى بباء الليل ، ليحقق بهذه المشاركة أنه يريد المنام في حال اليقظة المعتادة ، فحذفها مما يقوي الوجه الذي أبرزناه في هذه الآية ، فالمنام هو ما يكون فيه النائم في حال نومه ،

فإذا استيقظ يقول :

رأيت كذا وكذا ، فدل أن الإنسان في منام ما دام في هذه النشأة في الدنيا إلى أن يموت ، فلم يعتبر الحق اليقظة المعتادة عندنا في العموم ، بل جعل الإنسان في منام في نومه ويقظته كما أوردناه في الخبر النبوي من قوله صلّى اللّه عليه وسلم : [ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ] فوصفهم بالنوم في الحياة الدنيا ، والعامة لا تعرف النوم في المعتاد إلا ما جرت به العادة أن يسمى نوما ، فنبه النبي صلّى اللّه عليه وسلم بل صرح أن الإنسان في منام ما دام في الحياة الدنيا حتى ينتبه في الآخرة ، والموت أول أحوال الآخرة ، فصدّقه اللّه بما جاء به في قوله تعالى : «وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ» وهو النوم العادي «وَالنَّهارِ» وهو هذا المنام الذي صرح به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، ولهذ


جعل الدنيا عبرة جسرا يعبر ، أي تعبر كما تعبّر الرؤيا التي يراها الإنسان في نومه ، فكما أن الذي يراه الرائي في حال نومه ما هو مراد لنفسه إنما هو مراد لغيره ، فيعبر من تلك الصورة المرئية في حال النوم إلى معناها المراد بها في عالم اليقظة إذا استيقظ من نومه ، كذلك حال الإنسان في الدنيا ما هو مطلوب للدنيا ، فكل ما يراه من حال وقول وعمل في الدنيا إنما هو مطلوب للآخرة ، فهناك يعبر ويظهر له ما رآه في الدنيا ، كما يظهر له في الدنيا إذا استيقظ ما رآه في المنام ، فالدنيا جسر يعبر ولا يعمر ، كالإنسان في حال ما يراه من نومه يعبّر ولا يعمّر ، فإنه إذا استيقظ لا يجد شيئا مما رآه ، من خير يراه أو شر ، وديار وبناء وسفر ، وأحوال حسنة أو سيئة ،

فلا بد أن يعبّر له العارف بالعبارة ما رآه فيقول له : تدل رؤياك لكذا ، على كذا ، فكذلك الحياة الدنيا منام ، إذا انتقل إلى الآخرة بالموت لم ينتقل معه شيء مما كان في يده وفي حسه ، من دار وأهل ومال ، كما كان حين استيقظ من نومه لم ير شيئا في يده مما كان له حاصلا في رؤياه في حال نومه ،

فلهذا قال تعالى : إننا في منام بالليل والنهار ، وفي الآخرة تكون اليقظة ،

وهناك تعبر الرؤيا ، فمن نور اللّه عين بصيرته وعبر رؤياه هنا قبل الموت أفلح ، ويكون فيها مثل من رأى رؤيا ثم رأى في رؤياه أنه استيقظ ، فيقص ما رآه وهو في النوم على حاله على بعض الناس الذين يراهم في نومه فيقول : رأيت كذا وكذا ، فيفسره ويعبره له ذلك الشخص بما يراه في علمه بذلك ، فإذا استيقظ حينئذ يظهر له أنه لم يزل في منام ، في حال الرؤيا وفي حال التعبير لها ، وهو أصح التعبير ،

وكذلك الفطن اللبيب في هذه الدار مع كونه في منامه يرى أنه استيقظ ، فيعبر رؤياه في منامه لينتبه ويزدجر ويسلك الطريق الأسدّ ، فإذا استيقظ بالموت حمد رؤياه ، وفرح بمنامه وأثمرت له رؤياه خيرا ، فلهذه الحقيقة ما ذكر اللّه في هذه الآية اليقظة وذكر المنام ، وأضافه إلينا بالليل والنهار ، وكان ابتغاء الفضل فيه في حق من رأى في نومه أنه استيقظ في نومه فيعبر رؤياه ، وهي حال الدنيا ، فهذا تفصيل آيات المنام بالليل والنهار والابتغاء من الفضل ، وجعله «لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» *أي يفهمون عن اللّه ، فهم أهل الفهم عن اللّه ، فإن اللّه تعالى قال : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) أي لا يفهمون .


المراجع:

(23) الفتوحات ج 1 / 207 ، 206 ، 208

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!