موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الروم (30)

 

 


الآية: 30 من سورة الروم

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30)

[ الفطرة ]

" فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً» أي مائلا في جميع أحوالك من اللّه إلى اللّه عن مشاهدة وعيان ، ومن نفسك إلى اللّه عن أمر اللّه وإيثار لجناب اللّه ، ومن كل ما ينبغي أن يحال عنه عن أمر اللّه «فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها» إن الإيمان الأصلي هو الفطرة التي فطر الناس عليها ، وهو شهادتهم له سبحانه بالوحدانية في الأخذ الميثاقي ،

فكل مولود يولد على ذلك الميثاق ، ولكن لما حصل في حصر الطبيعة بهذا الجسم محل النسيان جهل الحالة التي كان عليها مع ربّه ونسيها ، فافتقر إلى النظر في الأدلة على وحدانية خالقه ، إذا بلغ إلى الحالة التي يعطيها النظر ، وإن لم يبلغ هذا الحد فحكمه حكم والديه ، فإن كانا مؤمنين أخذ بتوحيد اللّه تعالى منهما تقليدا ، وإن كانا على أي دين كان ألحق بهما ، فالفطرة التي فطر الناس عليها هي (لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) فكل مولود يولد على هذه الفطرة ؛ وفطرة كل شيء هو ما يقع به الفصل بين الصور فيقال : هذا ليس هذا ، إذ قد يقال : هذا عين هذا من حيث ما يقع به الاشتراك ، ففطرة اللّه التي فطر الناس عليها كونهم عبيده ، فمن أحوال الفطرة التي فطر اللّه الخلق عليها أن لا يعبدوا إلا اللّه ، فبقوا على تلك الفطرة في توحيد اللّه ، فما جعلوا مع اللّه مسمى آخر هو اللّه ، بل جعلوا آلهة على طريق القربة إلى اللّه ، ولهذا قال :

سموهم ؛ فإنهم إذا سموهم بان أنهم ما عبدوا إلا اللّه ، فما عبد كل عابد إلا اللّه في المحل الذي نسب الألوهية له ، فصح بقاء التوحيد للّه الذي أقروا به في الميثاق وأن الفطرة مستصحبة «لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ» -

-الوجه الأول -وهو الفطرة وهو ما شهد به للّه في أول مرة

- الوجه الثاني" لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ» أي التبديل للّه ليس للخلق تبديل ، وقد يكون معناه لا تبديل لخلق اللّه من كونه أعطى كل شيء خلقه ، وخلق اللّه كلماته فلا تبديل لخلق ، لا تبديل لكلمات اللّه ، وإنما التبديل للّه ، فيسوغ في هذه الآية أن خلق اللّه هي كلمات اللّه ، فهي عبارة عن الموجودات ،

كما قال في عيسى عليه السلام إنه كلمته ألقاها إلى مريم ، فنفى أن يكون للموجودات تبديل ، بل التبديل للّه ، ولا سيما وظاهر الآية يدل على هذا التأويل ،


أي ليس لهم في الفطرة تبديل ، وهذه بشرى من اللّه بأن اللّه ما فطرنا إلا على الإقرار بربوبيته ، فما يتبدل ذلك الإقرار بما ظهر من الشرك بعد ذلك في بعض الناس ، لأن اللّه نفى عنهم أن يكون لهم تبديل في ذلك بل هم على فطرتهم ، وإليها يعود المشرك يوم القيامة عند تبري الشركاء منهم ، وإذا لم يضف التبديل إليهم فهي بشرى في حقهم بمآلهم إلى الرحمة ،

وإن سكنوا النار فبحكم كونها دارا لا كونها دار عذاب وآلام ، بل يجعلهم اللّه على مزاج يتنعمون به في النار ، بحيث لو دخلوا الجنة بذلك المزاج تألموا لعدم موافقة مزاجهم لما هي عليه الجنة من الاعتدال .


المراجع:

(30) الفتوحات ج 1 / 722 - ج 2 / 616 - ج 2 / 70 - ج 3 / 24 - ج 2 / 69 ، 534 - ج 4 / 347 - ج 3 / 117 ، 255 ، 230 - ج 2 / 534

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!