موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأحزاب (33)

 

 


الآية: 33 من سورة الأحزاب

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33)

[ «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ . . .» الآية ]

«يا نِساءَ النَّبِيِّ» أعلمهن أن ذلك كله مما ورد في هذه الآية وما قبلها بكونهن أزواجه صلّى اللّه عليه وسلم حتى لا ينسبن إلى قبيح ، فيعود ذلك العار على بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» الرجس هو القذر عند العرب ، هكذا حكى الفراء ، والمعني به هنا الفحش «وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» من دنس الأقوال المنسوبة إلى الفحش ، فطهر اللّه رسوله صلّى اللّه عليه وسلم وأهل بيته تطهيرا ليذهب عنهم الرجس وهو كل ما يشينهم ، فلا يضاف إليهم إلا مطهر ، مثل سلمان الفارسي الذي قال فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم [ سلمان منا أهل البيت ]

وشهد اللّه لهم بالتطهير وذهاب الرجس عنهم ، وإذا كان لا يضاف إليهم إلا مطهر مقدس ، وحصلت لهم العناية الإلهية بمجرد الإضافة ، فما ظنك بأهل البيت في نفوسهم ؟ فهم المطهرون بل هم عين الطهارة ، فهذه الآية تدل على أن اللّه قد شرك أهل البيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) وأي وسخ وقذر أقذر من الذنوب وأوسخ ، فلا رجس أرجس من المعاصي ، وقد طهر اللّه أهل البيت تطهيرا ، وهو خبر والخبر لا يدخله النسخ ، وخبر اللّه صدق وقد سبقت به الإرادة الإلهية ، فكل ما ينسب إلى أهل البيت مما يقدح فيما أخبر اللّه به عنهم من التطهير وذهاب الرجس ،


فإنما ينسب إليهم من حيث اعتقاد الذي ينسبه ، لأنه رجس بالنسبة إليه ، وذلك الفعل عينه ارتفع حكم الرجس عنه في حق أهل البيت ، فطهر اللّه سبحانه نبيه صلّى اللّه عليه وسلم بالمغفرة من الذنوب ودخل الشرفاء أولاد فاطمة كلهم ومن هو من أهل البيت مثل سلمان الفارسي إلى يوم القيامة في حكم هذه الآية من الغفران ، فهم المطهرون اختصاصا من اللّه وعناية بهم ، لشرف محمد صلّى اللّه عليه وسلم وعناية اللّه به ، ولا يظهر حكم هذا الشرف لأهل البيت إلا في الدار الآخرة ، فإنهم يحشرون مغفورا لهم ، وأما في الدنيا فمن أتى منهم حدا أقيم عليه ، وينبغي لكل مسلم مؤمن باللّه وبما أنزله أن يصدق اللّه تعالى في قوله : «لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فأخبر اللّه تعالى أنه طهرهم وأذهب عنهم الرجس ، وخبره صدق ، وهذا يدل على عصمة أهل البيت في حركاتهم ، وحفظ اللّه لهم في ذلك ، وليس ذلك لغيرهم ، فيعتقد في جميع ما يصدر من أهل البيت أن اللّه قد عفا عنهم فيه ، فلا ينبغي لمسلم أن يلحق المذمة بهم ، ولا ما يشنأ أعراض من قد شهد اللّه بتطهيره وذهاب الرجس عنه ، لا بعمل عملوه ولا بخير قدموه ، بل سابق عناية من اللّه بهم ، فبالنسبة لحقوقنا وما لنا أن نطالبهم به ، فنحن مخيرون إن شئنا أخذنا وإن شئنا تركنا ، والترك أفضل عموما ، فكيف في أهل البيت ؟ فإذا نزلنا عن طلب حقوقنا وعفونا عنهم في ذلك ، أي فيما أصابوا منا كانت لنا بذلك عند اللّه اليد العظمى والمكانة الزلفى ، فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم ما طلب منّا عن أمر اللّه إلا المودة في القربى ، وفيه سر صلة الرحم ، ومن لم يقبل سؤال نبيه فيما سأل فيه مما هو قادر عليه بأي وجه يلقاه غدا أو يرجو شفاعته ؟ وهو ما أسعف نبيه صلّى اللّه عليه وسلم فيما طلب منه من المودة في قرابته ، فكيف بأهل بيته ؟ فهم أخصّ قرابته ، وأرجو أن يكون عقب علي بن أبي طالب وسلمان تلحقهم العناية كما ألحقت أولاد الحسن والحسين وعقبهم وموالي أهل البيت لقوله صلّى اللّه عليه وسلم:

[ مولى القوم منهم ] فإن رحمة اللّه واسعة واعلم أن الشياطين ألقت إلى أهل البدع والأهواء أصلا صحيحا لا يشكون فيه ، ثم طرأت عليهم التلبيسات من عدم الفهم حتى ضلوا ، وأكثر ما ظهر ذلك في الشيعة ولا سيما الإمامية منهم ، فدخلت عليهم شياطين الجن أولا بحب أهل البيت واستفراغ الحب فيهم ، ورأوا أن ذلك من أسنى القربات إلى اللّه ، وكذلك هو ، لو وقفوا ولا يزيدون عليه ، إلا أنهم تعدوا من حب أهل البيت إلى طريقين : منهم من تعدّى إلى بغض الصحابة وسبهم حيث لم يقدموهم ، وتخيلوا أن أهل البيت أولى بهذه المناصب


الدنيوية ، فكان منهم ما قد عرف واستفاض ، وطائفة زادت إلى سب الصحابة القدح في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وفي جبريل عليه السلام وفي اللّه جل جلاله ، حيث لم ينصوا على رتبتهم وتقديمهم في الخلافة ، حتى أنشد بعضهم [ ما كان من بعث الأمين أمينا ]

وهذا كله واقع من أصل صحيح ، وهو حبّ أهل البيت ، أنتج في نظرهم فاسدا فضلوا وأضلوا ، فانظر ما أدى إليه الغلو في الدين ، أخرجهم عن الحدّ فانعكس أمرهم إلى الضد - إشارة - إذا كانت عناية اللّه بأهل البيت النبوي المحمدي كما ذكر اللّه في كتابه لنا ، فما ظنك بأهل القرآن الذين هم أهل اللّه وخاصته ؟ وأقل الأهلية في ذلك حمل حروفه محفوظة في الصدور ، فإن تخلّق بما حمل وتحقق به وكان من صفاته فبخ على بخ ،

ومن عناية اللّه تعالى بسلمان الفارسي أن قال فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ سلمان منّا أهل البيت ] وإذا كانت منزلة مخلوق عند اللّه بهذه المثابة بأن يشرف المضاف إليهم بشرفهم ، وشرفهم ليس لأنفسهم ، وإنما اللّه تعالى هو الذي اجتباهم وكساهم حلة الشرف ، كيف يا ولي بمن أضيف إلى من له الحمد والمجد والشرف لنفسه وذاته ؟ فهو المجيد سبحانه وتعالى ، فالمضاف إليه من عباده الذين هم عباده ، وهم الذين لا سلطان لمخلوق عليهم في الآخرة ، وما تجد في القرآن عبادا مضافين إليه سبحانه إلا السعداء خاصة ، وجاء اللفظ في غيرهم بالعباد ، فما ظنك بالمعصومين المحفوظين منهم القائمين بحدود سيدهم الواقفين عند مراسمه ؟ فشرفهم أعلى وأتم .


المراجع:

(33) الفتوحات ج 2 / 126 - ج 1 / 196">196">196">196">196">196">196">196 - ج 2 / 126 - ج 1 / 196">196">196">196">196">196">196">196 - ج 2 / 513 - ج 1 / 196">196">196">196">196">196">196">196 - إيجاز البيان آية 231 - الفتوحات ج 1 / 196">196">196">196">196">196">196">196 ، 282 - كتاب الإسفار - الفتوحات ج 1 / 197

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!