موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة فاطر (35)

 

 


الآيات: 21-24 من سورة فاطر

وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (21) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (24)

[ الخلق كله أمم ، وفي كل أمة نذير من جنسها ]

" وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ» كل أمة على حسب ما تعطيه حقيقتها وتقبل رقيقتها ، فإن اللّه تعالى يقول : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ)

فألحق البهائم بالأمم وحكم بذلك وعمّ ، وكل أمة في أفقها ناطقة وفي أوجها عاشقة ، فليس في الوجود جماد ولا حيوان إلا ناطق بلسان ، لسان ذات لا لسان حال ، والقائل بخلاف هذا قائل محال ،

وفي كل أمة من الأمم نذير من جنسها على حسب نفسها ، فعمت الشرائع جميع الخلائق ،

فنكّر الأمة ونكّر النذير ، والنذير قد يكون لكل واحد منهم نذير في ذاته ، وقد يكون للنوع من جنسه ، لا بد من ذلك ، من حيث لا يعلمه ولا يشهده إلا من أشهده اللّه ،

وهذه الآية ليست بنص في الرسالة إنما هي نص أن في كل أمة عالما باللّه وبأمور الآخرة ، وذلك هو النبي لا الرسول ، ولو كان الرسول لقال : إليها ، ولم يقل : فيها ،

ونحن نقول : إنه كان فيما قبل نوح عليه السلام - وهو أول رسول - أنبياء عالمون باللّه ، ومن شاء وافقهم ودخل معهم في دينهم وتحت حكم شريعتهم كان ، ومن لم يشأ لم يكلف ذلك ،

وكان إدريس عليه السلام منهم ، وما من شيء في الوجود إلا وهو أمة من الأمم ، فإنه تعالى ما يعذب ابتداء ولكن يعذب جزاء ، فإن الرحمة لا تقتضي في العذاب إلا الجزاء للتطهير ، ولولا التطهير ما وقع العذاب ،

وقد [ قال صلّى اللّه عليه وسلم في الكلاب : إنها أمة من الأمم ]

فعمت الرسالة الإلهية جميع الأمم ، صغيرهم وكبيرهم ، فما من أمة إلا وهي تحت خطاب إلهي على لسان نذير بعث إليها منها وفيها ، فإن كل جنس من خلق اللّه أمة من الأمم ، فطرهم اللّه على عبادة تخصهم أوحى بها إليهم في نفوسهم ، فرسولهم من ذواتهم ،

إعلام من اللّه بإلهام خاص جبلهم عليه ، كعلم بعض الحيوانات بأشياء يقصر عن إدراكها المهندس النحرير ، وعلمهم على الإطلاق بمنافعهم فيما يتناولونه من الحشائش والمآكل وتجنب ما يضرهم من ذلك ، كل ذلك


في فطرتهم ، أما قوله تعالى : «نَذِيرٌ» أي يقوم بسياستها لبقاء المصلحة في حقها ، سواء كان ذلك الشرع إلهيا أو سياسيا ، على كل حال تقع المصلحة به ، في القرن الذي يظهر فيه ، وذلك بالنسبة للبشر ، فهو إما نذير بأمر اللّه وإرادته ، أو نذير بإرادة اللّه لا بوحي نزل عليه يعلم به أنه من عند اللّه ، فما من طائفة إلا وهي تحت ناموس شرعي حكمي أو وضع حكمي ، فلا تخلو أمة من مخالفة تقع منها لناموسها كان ما كان ، فقد عمت النواميس جميع الأمم.

[سورة فاطر (35) : آية 25]

وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (25)

ولما أراد اللّه إصلاح خلقه *** وكان بهم داء الطمأنينة اصطفى

إماما كريما منهم متطلعا *** لأسرار أرواح العلى متشوف

فأنزله فيهم طبيبا محكما *** أمينا عليما بالسقام وبالشف

وجاء بآيات تؤيد صدقه *** تراها برأي العين إن كنت منصف

فأنقذنا من لفح نار تسعرت *** وكنا لعمر اللّه منها على شف

وأظهر أسرارا وأبدى سبيلها *** لتحصيلها من بعد ما كان قد عف

[ سبب وضع الشريعة في العالم ]

سبب وضع الشريعة في العالم أمران فيهما سران :

الأمر الواحد صلاح العالم ، وهو منهج الأنبياء ،ويؤيده قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) ، وسره أن نصر المؤمنين حق عليه ، والأمر الآخر ، إثبات ذل العبودية ، وظهور عز الربوبية ، وسره حكم سلطان اسميه (المعز المذل) ،

فتنبه لما رمزناه ، وفك المعمّى الذي لغزناه ، الطمأنينة بما لا حقيقة له توجب التكليف ، وما ثمّ شيء إلا وله حقيقة فقد لزمك الوقوف ، ما من أمة إلا قد اطمأنت ، فلما جاءتها الرسالة أنّت لعبئها ثم حنّت ، لولا الوعيد والوعد ، ما سعي في الوفاء بالعهد ،

فالحقائق لها رقائق ، غاب عنها أهل العلائق والعوائق ، والحال علاقة المريد ، وحب الكشف نهاية من لم يذق لذة المزيد ، وكل من شاهد أمرا ليس ذلك المشهود عليه ، فذلك


الأمر فيه وراجع إليه ، فليحذر أن يقول : إنه في الكون الخارج لا محالة ، فيثبت عند المحققين محاله ، ومن لم يفرق بين نفسه وغيره ، فلا يميز بين شره وخيره ، فهذا سبب وضع الشرع ، الموافق للعقل والطبع .


المراجع:

(24) كتاب عنقاء مغرب - إيجاز البيان الفاتحة آية 4 - الفتوحات ج 3 / 491 ، 50 ، 352 - ج 1/ 147 - ج 3 / 153 ، 388

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!