The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة يس (36)

 

 


الآية: 39 من سورة يس

وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)

[ بحث في فلك المنازل ]

«وَالْقَمَرَ» ولم يسمه بدرا ولا هلالا ، فإنه في هاتين الحالتين ما له سوى منزلة واحدة بل اثنتين ، فلا يصدق قوله «مَنازِلَ» إلا في القمر ، فللقمر درج التداني والتدلي ، وله الأخذ بالزيادة والنقص ، فهو يتغير في أحواله «قَدَّرْناهُ مَنازِلَ» مقادير التقاسيم التي في فلك البروج ، عيّنها الحق تعالى لنا ، إذ لم يميزه البصر بهذه المنازل المعينة في الفلك المكوكب ، واسمه فلك المنازل ، وهو من تقدير العزيز العليم ، وجعلها ثماني وعشرين منزلة ، مقسمة على اثني عشر برجا ، فلكل برج منزلتان وثلث ، والقمر أحد السبعة الجواري التي في السماوات السبع ، والتي تقطع في فلك البروج بين سريع وبطيء ، ويوم كل كوكب منها بقدر قطعه فلك البروج ، فأسرعها قطعا القمر ، فإن يومه ثمانية وعشرون يوما من أيام الدورة الكبرى التي تقدر بها هذه الأيام ، وهي الأيام المعهودة عند الناس ، فأقصر أيام لكواكب يوم القمر ، ومقداره ثمانية وعشرون يوما مما تعدون -بحث في فلك المنازل - هو في جوف الفلك الأطلس الذي هو السماء ذات البروج كحلقة في فلاة ، وهذا الفلك أرض الجنة ، والأطلس سماؤها ، وبينهما فضاء لا يعلم منتهاه إلا من أعلمه اللّه ، وعيّن اللّه في مقعر هذا الفلك ثماني وعشرين منزلة مع ما أضاف إلى هذه الكواكب التي سميت منازل لقطع السيارة فيها ، ولا فرق بينها وبين سائر الكواكب الأخرى التي ليست بمنازل في سيرها ، وفيما يختص به من الأحكام في نزولها الذي ذكرناه في البروج قال تعالى: «وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ» يعني هذه المنازل المعينة في الفلك المكوكب ، وهي كالمنطقة بين الكواكب


من الشرطين إلى الرشا ، وهي تقديرات وفروض في هذا الجسم ، ولا تعرف أعيان هذه المقادير إلا بهذه الكواكب ، كما أنه ما عرفت أنها منازل إلا بنزول السيارة فيها ، ولولا ذلك ما تميزت عن سائر الكواكب إلا بأشخاصها ، وكواكب المنازل تتكون من كوكب واحد كالصرفة ، إلى اثنين كالذراع ، إلى ثلاثة كالبطين والشرطين ، إلى أربعة كالجبهة ، إلى خمسة كالعوالي ، إلى ستة كالدبران ، إلى سبعة كالثريا ، إلى تسعة كالنعائم ،

وليس للثمانية وجود في المنازل ، والسيارة لا نزول لها ولا سكون ، بل هي قاطعة أبدا ، وقد يكون مرورها على عين كواكب المنزلة ،

وقد يكون فوقها وتحتها ، على الخلاف الذي في حد المنزلة ما هو ، فسميت منزلة مجازا ، فإن الذي يحل فيها لا استقرار له ، وإنه سابح كما كان قبل وصوله إليها في سباحته ، فراعى المسمي ما يراه البصر من ذلك ، فإنه لا يدرك الحركة ببصره إلا بعد المفارقة ، فبذلك القدر يسميها منزلة ،

لأنه حظ البصر فغلّبه وجعل اللّه لكل كوكب من هذه الكواكب قطعا في الفلك الأطلس ،

ليحصل من الخزائن التي في بروجه وبأيدي ملائكته الاثني عشر من علوم التأثير ما تعطيه حقيقة كل كوكب ، وجعلها على طبائع مختلفة ،

والنور الذي فيها وفي سائر السيارة من نور الشمس ، وبسباحة هذه الكواكب تحدث أفلاكا في هذا الفلك أي طرقا ، وجعل اللّه في جوف هذا الفلك سبع سماوات طباقا ، أجساما شفافة ،

وجعل في كل سماء منها كوكبا وهي الجواري ، منها القمر في السماء الدنيا ، وأوحى في كل سماء أمرها ،

وجعل إمضاء الأمور التي أودعها السماوات في عالم الأركان عند سباحة هذه الجواري ،

وجعلهم نوابا متصرفين بأمر الحق لتنفيذ هذه الأمور التي أخذوها من خزائن البروج في السنة بكمالها ، وقدّر لها المنازل المعلومة التي في الفلك المكوكب ،

وجعل لها اقترنات وافتراقات ، كل ذلك بتقدير العزيز العليم ، وجعل اللّه بين السماء السابعة والفلك المكوكب كراسي عليها صور كصور الثقلين ، وستور مرفوعة بأيدي ملائكة مطهرة ليس لهم إلا مراقبة تلك الصور ، وبأيديهم تلك الستور ،

فإذا نظر الملك إلى الصورة قد سمجت وتغيرت عما كانت عليه من الحسن أرسل الستر بينها وبين سائر الصور ، فلا يعرفون ما طرأ ، ولا يزال الملك من اللّه مراقبا تلك الصورة ،

فإذا رأى تلك الصورة قد زال عنها ذلك القبح وحسنت رفع الستر فظهرت في أحسن زينة ، وتسبيح تلك الصور وهؤلاء الأرواح الملكية الموكلة بالستور

[ سبحان من


أظهر الجميل وستر القبيح ]

وخلق تعالى في كل سماء عالما من الأرواح والملائكة يعمرونها ، فأما الملائكة فهم السفراء النازلون بمصالح العالم ، وما يحدث عن حركات الكواكب كلها وعن حركة الأطلس لا علم لهؤلاء السفرة بذلك حتى تحدث ، فلكل واحد منهم مقام معلوم لا يتعداه ،

وباقي العالم شغلهم التسبيح والصلاة والثناء على اللّه تعالى ، كل ذلك تقدير من العزيز العليم .

[ سورة يس (36) : آية 40]

لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)

الفلك لا يكون إلا مستديرا ، ففي كل سماء فلك وهو الذي تحدثه سباحة كوكب ذلك السماء ، فالكواكب تسبح في أفلاكها ، لكل فلك كوكب ، فعدد الأفلاك بعدد الكواكب ، لذلك قال تعالى : «وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ»

والأفلاك لولا سباحة الكواكب ما ظهر لها عين في السماوات ، فهي فيها كالطرق في الأرض ، يحدث كونها طريقا بالماشي فيها ، فهي أرض من حيث عينها ،

وطريق من حيث المشي فيها ، ودل ذلك على أن الكواكب السابحة تقطع في الثابتة ،

والثابتة والسابحة تقطع في الفلك المحيط ، فدل على أن الكواكب الثابتة تقطع في فلك البروج الأطلس ، والفلك الشيء المستدير ،

فالكواكب تقطع في فلك واحد وهو فلك البروج ، ولكل واحد منها فلك يخصه يسبح فيه ، لا يشاركه فيه غيره ، وهكذا كل موجود له طريق يخصه لا يسلك عليها أحد غيره روحا وطبعا ، فلا يجتمع اثنان في مزاج واحد أبدا ،

ولا يجتمع اثنان في منزلة واحدة أبدا ، فالأمر في جميع المخلوقات وإن جمعهم مقام فإنه يفرقهم مقام

- إشارة لا تفسير - «لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ» في علو المرتبة والشرف ، فالشمس تشير إلى عالم الشهادة والقمر إلى عالم الغيب ، فإن آية القمر ممحوة عن العالم الظاهر ، وآية الشمس ظاهرة ، فكان ذلك للعارفين تقوية لكتم آياتهم التي أعطاهم اللّه في بواطنهم وأجراها فيهم.

[سورة يس (36) : الآيات 41 إلى 51]

وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (44)


وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)

وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (46) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُو نُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (48) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51)

[من أين ضل القائلون بالتناسخ ؟ ]

اعلم أن الصور أوجده اللّه على صورة القرن ، وسمي بالصور من باب تسمية الشيء باسم الشيء ، إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب ، فإن الروح إذا أعرض عن هذا الجسم الذي كانت حياته به ، تجلى على صورة من الصور الذي هو البرزخ ، وهو بالصاد جمع صورة ، فحييت به تلك الصورة في البرزخ ، فلما كان هذا القرن محلا لجميع الصور البرزخية التي تنتقل إليها الأرواح بعد الموت وفي النوم ، سمي صورا جمع صورة ، وشكله شكل القرن أعلاه واسع وأسفله ضيق ، على شكل العالم ، أين سعة العرش من ضيق الأرض ؟ وتنتقل القوى مع الروح إلى تلك الصورة البرزخية نوما وموتا ، ولهذا تكون درّاكة بجميع القوى سواء ، ومن هنا زل القائلون بالتناسخ لما رأوا أو سمعوا أن الأنبياء قد نبهت على انتقال الأرواح إلى هذه الصور البرزخية ، وتكون فيها على صورة الأخلاق ، كقوله صلّى اللّه عليه وسلم في نسمة المؤمن:

إنه طير أخضر ، فرأى أهل التناسخ تلك الأخلاق في الحيوانات ، فتخيلوا في قول الأنبياء والرسل والعلماء أن ذلك راجع إلى هذه الحيوانات التي في الدار الدنيا ، وأنها ترجع إلى التخليص ، وذكروا ما قد علمت من مذهبهم ، فأخطئوا في النظر وفي تأويل أقوال الرسل وما جاء في ذلك من الكتب المنزلة ، فما أتي عليهم إلا من سوء التأويل في القول الصحيح .



المراجع:

(39) الفتوحات ج 3 / 111 - ج 2 / 440 - ج 3 / 436 - ج 2 / 440 - ج 3 / 436 - ج 2 / 431 - ج 3 / 436 ، 438

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!