المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
إشارات في تفسير القرآن الكريم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى
سورة ص (38)
الآية: 5 من سورة ص
جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (5)
[ الإله لا يكون بالجعل ]
قال المشركون لما دعوا إلى توحيد الإله في ألوهته بقوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) أكثروا التعجب
وقالوا : «جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً» فهي حكاية اللّه لنا عن المشرك أنه قال هكذا ، إما لفظا وإما معنى ، والمشرك هو من جعل مع اللّه إلها آخر من واحد فما زاد ، وكان ذلك من أجل اعتقادهم فيما عبدوه أنهم آلهة دون اللّه ، المشهود له عندهم بالعظمة على الجميع ،
والذي قالوا فيه (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى)
" إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ» فالناس يحملون هذا القول على أنه من قول الكفار ، حيث دعاهم إلى توحيد إله وهم يعتقدون كثرتها ، وما علموا أن جعل الألوهية من الكثيرين أعجب ، ففي الحقيقة ليس العجب ممن وحّد ،
وإنما العجب ممن كثر الآلهة بلا دليل ولا برهان ، وهذا القول عندنا من قول الحق ، أو قول الرسول ،
وأما قول الكفار فانته في قوله «إِلهاً واحِداً» والتعجب أنه بأول العقل يعلم الإنسان أن الإله لا يكون بجعل جاعل ، فإنه إله لنفسه ،
ولهذا وقع التوبيخ بقوله تعالى : (تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) والإله في ضرورة العقل لا يتأثر ، وقد كان هذا خشبة يلعب بها أو حجرا يستجمر به ، ثم أخذه وجعله إلها يذل ويفتقر إليه ويدعوه خوفا وطمعا ، فمن مثل هذا يقع التعجب مع وجود العقل عندهم ، فوقع التعجب من ذلك ، ليعلم من حجب العقول عن إدراك ما هو لها بديهي وضروري ، ذلك لتعلموا أن الأمور بيد اللّه ، وأن الحكم فيها للّه ، وأن العقول لا تعقل بنفسها ، وإنما تعقل ما تعقله بما يلقي إليها ربها وخالقها ، ولهذا تتفاوت درجاتها ، فمن عقل مجعول عليه قفل ، ومن عقل محبوس في كنّ ، ومن عقل طلع على مرآته صدأ ، فلو كانت العقول تعقل لنفسها ، لما أنكرت توحيد موجدها في قوم وعقلته في قوم ، والحد والحقيقة فيها على السواء ، فلهذا جعلنا قوله تعالى «إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ» ليس من قول الكفار بل قال اللّه عند قولهم «جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً» «إن هذا لشيء عجاب» حيث جعلوا الإله الواحد آلهة ، وخصوص وصفه أنه إله ، وبه يتميز ، فلا يتكثر بما به يتميز ، ويشهد لهذا النظر قولهم فيم
حكى اللّه عنهم (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى) فهم يعلمون أنهم نصبوهم آلهة ، ولهذا وقع الذم عليهم بقوله (تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ ؟) والإله من له الخلق والأمر من قبل ومن بعد. واعلم أنّ اللّه تعالى عصم لفظ «اللَّهِ» أن يطلق على أحد ، وما عصم لفظ إله ، فكثرت الآلهة في العالم لقبولها التنكير ، واللّه واحد معروف لا يجهل ،
أقرت بذلك عبدة الآلهة فقالت : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى)
وما قالت : إلى إله كبير هو أكبر منها ؛ ولهذا أنكروا ما جاء به صلّى اللّه عليه وسلم في القرآن والسنة من أنه إله واحد من إطلاق الإله عليه ، وما أنكروا اللّه ، ولو أنكروه ما كانوا مشركين ، فبمن يشركون إذا أنكروه ؟
فما أشركوا إلا بإله لا باللّه ، فقالوا : «جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً ؟»
وما قالوا : أجعل الآلهة اللّه ؟ فإن اللّه ليس عند المشركين بالجعل .
ومن ذلك قول السامري (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى) في الجعل ، ولم يقل : هذا اللّه الذي يدعوكم إليه موسى ؛ وقول فرعون (لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى)
ولم يقل : إلى اللّه الذي يدعو إليه موسى عليه السلام ؛
وقال : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) .
المراجع:
(5) الفتوحات ج 2 / 590 - إيجاز البيان آية 163 - الفتوحات ج 4 / 254 ، 106 - ج 2 / 590 ، 409 - ج 3 / 94 ، 248 - ج 2 / 590 ، 591 - ج 4 / 254 - ج 3 / 178البحث في التفسير
بعض كتب الشيخ الأكبر
[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]
شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:
[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]
شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:
[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]
بعض الكتب الأخرى:
[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]
بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:
[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]