المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
إشارات في تفسير القرآن الكريم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى
سورة ص (38)
الآية: 44 من سورة ص
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
[ الشكوى إلى اللّه لا تقدح في الصبر ]
" وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ» لا تعود لسانك الحنث ، وبر يمينك ولو بالضغث ، وهو قبضة الحشيش ، وجعلت الكفارة في أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم لسترهم عما يعرض لهم من العقوبة في الحنث ، والكفارة عبادة والأمر بها أمر بالحنث إذا رأى خيرا مما حلف عليه ، فراعى الإيمان «إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً» لا يرفع اسم الصبر عن العبد إذا حل به بلاء فسأل اللّه تعالى في رفع ذلك البلاء ،
كما فعل أيوب عليه السلام فقال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) وأثنى اللّه عليه فقال : «إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ» فما قص الحق عليك أمر أيوب عليه السلام إلا لتهتدي بهداه ،
إذا كان الرسول سيد البشر يقال له (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) فما ظنك بالتابع ؟ ولذلك إذا ابتلاك الحق بضر فاسأله رفعه عنك ، ولا تقاومه بالصبر عليه ، وما سماك صابرا إلا لكونك حبست نفسك عن سؤال غير الحق في كشف الضر الذي أنزله بك «إِنَّهُ أَوَّابٌ» أي رجّاع إلينا فيما ابتليناه به ، وأثنى عليه بالعبودية ،
وهذا يدل على أن الشكوى إلى اللّه لا تقدح في الصبر ، بل من آداب العبودية الشكوى إلى اللّه في رفع الضر والبلاء ، فليس الصبر حبس النفس عن الشكوى إلى اللّه في رفع البلاء أو دفعه ، وإنما الصبر حبس النفس عن الشكوى إلى غير اللّه ، والركون إلى ذلك
[إشارة :أعظم الفتن الخبر «خلق اللّه آدم على صورته» ]
الغير- إشارة -أعظم الفتن التي فتن اللّه بها الإنسان تعريفه إياه بأن خلقه على صورته ، ليرى هل يقف مع عبوديته وإمكانه ؟
أو يزهو من أجل مكانة صورته ؟
إذ ليس له من الصورة إلا حكم الأسماء ، فيتحكم في العالم تحكم المستخلف القائم بصورة الحق على الكمال وكذلك
من تأييد هذه الفتنة ، قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم يحكيه عن ربه : إن العبد إذا تقرب إلى اللّه بالنوافل أحبه ، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، وذكر اليد والرجل - الحديث –
وإذا علم العبد أنه بهذه المثابة يسمع بالحق ويبصر بالحق ويبطش بالحق ويسعى بالحق لا بنفسه ، وبقي مع هذا النعت الإلهي عبدا محضا فقيرا ، ويكون شهوده من الحق وهو بهذه المثابة ، كون الحق ينزل إلى عباده بالفرح بتوبتهم ، والتبشيش لمن يأتي إلى بيته ، والتعجب من الشاب الذي قمع هواه ، واتصافه بالجوع نيابة عن جوع عبده ،
وبالظمإ نيابة عن ظمأ عبده ، وبالمرض نيابة عن مرض عبده ، مع علمه بما تقتضيه عزة ربوبيته وكبريائه في ألوهيته ، فما أثر هذا النزول في جبروته الأعظم ولا في كبريائه الأنزه الأقدم ،
كذلك العبد إذا أقامه الحق نائبا فيما ينبغي للرب تعالى يقول العبد : ومن كمال الصورة التي قال إنه خلقني عليها أن لا يغيب عني مقام إمكاني ، ومنزلة عبوديتي ، وصفة فقري وحاجتي ، كما كان الحق في حال نزوله إلى صفتنا حاضرا في كبريائه وعظمته ،
فيكون الحق مع العبد إذا وفّى بهذه الصفة ، يثني عليه بأنه نعم العبد إنه أواب ، حيث لم يؤثر فيه هذه الولاية الإلهية ولا أخرجته عن فقره واضطراره ؛ ومن تجاوز حدّه في التقريب انعكس إلى الضد ، وهو البعد من اللّه والمقت ، فاحذر نفسك فإن الفتنة بالاتساع أعظم من الفتنة بالحرج والضيق ، فإن كنت صاحب غرض ،
وتحس بمرض وألم فاحبس نفسك عن الشكوى لغير من آلمك بحكمه عليك ، كما فعل أيوب عليه السلام ، وهو الأدب الإلهي الذي علمه أنبياءه ورسله ، فإنه ما آلمك وحكم عليك بخلاف غرضك إلا لتسأله في رفع ذلك عنك ،
فإن من لم يشك إلى اللّه مع الإحساس بالبلاء وعدم موافقة الغرض فقد قاوم القهر الإلهي ،
فالأدب كل الأدب في الشكوى إلى اللّه في رفعه لا إلى غيره ، ويبقى عليه اسم الصبر كما قال تعالى في رسوله أيوب عليه السلام «إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً» في وقت الاضطراب والركون إلى الأسباب ، فلم يضطرب ولا ركن إلى شيء غير اللّه ، إلا إلينا ، لا إلى سبب من الأسباب . فإنه لا بد طبعا عند الإحساس من الاضطراب وتغير المزاج ، بخلاف الآلام النفسية إذا وردت الأمور التي من شأنها أن تتألم النفوس عند ورودها ، فقد يتلقاها بعض العباد ولا أثر لها فيه على ظاهره ، والأمور المؤلمة إذا أحسّ بها تحرك لها طبعا ، إلا إن شغله عنها أمر يزيل إحساسه ، وكلامنا في ذلك مع الإحساس كأيوب وذي النون سلام اللّه عليهم.
المراجع:
(44) كتاب الإسراء - كتاب نقش الفصوص - الفتوحات ج 2 / 206 - ج 4 / 408 - ج 2 / 29 ، 206، 189 - ج 4 / 143البحث في التفسير
بعض كتب الشيخ الأكبر
[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]
شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:
[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]
شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:
[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]
بعض الكتب الأخرى:
[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]
بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:
[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]