موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الزمر (39)

 

 


الآية: 68 من سورة الزمر

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (68)

[ بحث في الصور ]

لا يزال كلام اللّه من حين نزوله يتلى حروفا وأصواتا إلى أن يرفع من الصدور ويمحى


من المصاحف ، فلا يبقى مترجم يقبل نزول القرآن عليه من قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) فإذا بقيت صورة جسم الإنسان مثل أجسام الحيوان ، وزالت الصورة الإلهية بالتجريد ،

وهي صورة الإنسان الكامل الذي قال فيه الحق [ إن اللّه خلق آدم على صورته ] نفخ في الصور ، فصعق من في السماوات والأرض إلى يوم النشور ، وهو يوم الظهور ، الذي لا ضد له ،

وأما قوله تعالى : «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ» يحتمل أن تكون الملائكة ، ويحتمل أن تكون الأرواح «وَمَنْ فِي الْأَرْضِ» فالصعق يقع على من في السماوات والأرض ، بما في ذلك أرواح البشر التي سبق أن فارقت الأجساد ، فيصعق العالم أصحاب السماع «إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ» من خلقه ومن هذه الأرواح ، لذلك لم يكن الأجل المسمى

في قوله تعالى : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) هو الموت ، لأنه استثنى لا يصعقون فلا يموتون ، فإما أن يكونوا على حقائق لا تقبل الموت ، فيكون استثناء منقطعا ، وإما أن يكونوا على مزاج يقبل الموت ولكن لم يسمعوا النفخ ، فلم يدركهم فلم يصعقوا ، فيكون استثناء متصل «ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى» فثنّى النفخ ، وتسمى نفخة البعث ونفخة الفزع ، فيفيقون ويفزعون إلى ربهم ، والملائكة ليست لهم آخرة ، فإنهم لا يموتون فيبعثون ، ولكن صعق وإفاقة «فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ» - بحث في الصور - سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن الصور : ما هو ؟ فقال صلّى اللّه عليه وسلم : [ هو قرن من نور ألقمه إسرافيل ] فأخبر أن شكله شكل القرن ، فوصف بالسعة والضيق ، فإن القرن واسع ضيق ، ولتعلم أن اللّه سبحانه إذا قبض الأرواح من هذه الأجسام الطبيعية - حيث كانت - والعنصرية ، أودعها صورا جسدية في مجموع هذا القرن النوري ، فجميع ما يدركه الإنسان بعد الموت في البرزخ من الأمور ، إنما يدركه بعين الصورة التي هو فيها في القرن وبنورها ، وهو إدراك حقيقي ، ومن الصور هنالك ما هي مقيدة عن التصرف ، ومنها ما هي مطلقة كأرواح الأنبياء كلهم وأرواح الشهداء ، ومنها ما يكون لها نظر إلى عالم الدنيا في هذه الدار ، ومنها ما يتجلى للنائم في حضرة الخيال التي هي فيه ، وهو الذي تصدق رؤياه أبدا ، وكذلك قوم فرعون يعرضون على النار في تلك الصور غدوة وعشية ، ولا يدخلونها ، فإنهم محبوسون في ذلك القرن وفي تلك الصورة ، ويوم القيامة يدخلون أشد العذاب ، وهو العذاب المحسوس لا المتخيل ، الذي كان لهم في حال موتهم بالعرض ، وكل إنسان في البرزخ مرهون بكسبه محبوس في صور


[ بحث في الحشر ]

أعماله إلى أن يبعث يوم القيامة من تلك الصور في النشأة الآخرة - بحث في الحشر - اعلم أن الروح الإنساني أوجده اللّه حين أوجده مدبرا لصورة طبيعية حسية له ، سواء كان في الدنيا أو في البرزخ أو في الدار الآخرة أو حيث كان ، فأول صورة لبستها الصورة التي أخذ عليه فيها الميثاق بالإقرار بربوبية الحق عليه ، ثم إنه حشر من تلك الصورة إلى هذه الصورة الجسمية الدنياوية ، وحبس بها في رابع شهر من تكوين صورة جسده في بطن أمه إلى ساعة موته ، فإذا مات حشر إلى صورة أخرى من حين موته إلى وقت سؤاله ، فإذا جاء وقت سؤاله حشر من تلك الصورة إلى جسده الموصوف بالموت ، فيحيا به ويؤخذ بأسماع الناس وأبصارهم عن حياته بذلك الروح ، إلا من خصه اللّه تعالى بالكشف عن ذلك من نبي أو ولي من الثقلين ، وأما سائر الحيوان فإنهم يشاهدون حياته وما هو فيه عينا ، ثم يحشر بعد السؤال إلى صورة أخرى في البرزخ يمسك فيها - بل تلك الصورة هي عين البرزخ ، والنوم في ذلك على السواء - إلى نفخة البعث ، فيبعث من تلك الصورة ويحشر إلى الصورة التي كان فارقها في الدنيا إن كان بقي عليه سؤال ، فإن لم يكن من أهل ذلك الصنف حشر إلى الصورة التي يدخل بها الجنة ، والمسؤول يوم القيامة إذا فرغ من سؤاله حشر في الصورة التي يدخل بها الجنة أو النار ، وأهل النار كلهم مسؤولون ، فإذا دخل السعداء الجنة واستقروا فيها ثم دعوا إلى الرؤية وبادروا ، حشروا في صورة لا تصلح إلا للرؤية ، فإذا عادوا حشروا في صورة تصلح للجنة ، وفي كل صورة ينسى صورته التي كان عليها ، ويرجع حكمه إلى حكم الصورة التي انتقل إليها وحشر فيها ، فإذا دخل سوق الجنة ورأى ما فيه من الصور ، فأية صورة رآها واستحسنها حشر فيها ، فلا يزال في الجنة دائما يحشر من صورة إلى صورة إلى ما لا نهاية له ، ليعلم بذلك الاتساع الإلهي ، ولو تفطنت لعرفت أنك الآن كذلك ، تحشر في كل نفس في صورة الحال التي أنت عليها ، ولكن يحجبك عن ذلك رؤيتك المعهودة ، وإن كنت تحس بانتقالك في أحوالك التي عليها تتصرف في ظاهرك وباطنك ، ولكن لا تعلم أنها صور لروحك تدخل فيها في كل آن وتحشر فيها ، واعلم أن الأرواح لما كانت حياتها ذاتية لها لم يصح فيها موت البتة ، ولما كانت الحياة في الأجسام بالعرض قام بها الموت والفناء ، فإن حياة الجسم الظاهرة من آثار حياة الروح كنور الشمس الذي في الأرض من الشمس ، فإذا مضت الشمس تبعها نورها وبقيت الأرض مظلمة ،


كذلك الروح إذا رحل عن الجسم إلى عالمه الذي جاء منه ، تبعته الحياة المنتشرة منه في الجسم الحي ، وبقي الجسم في صورة الجماد في رأى العين ، فيقال : مات فلان ؛ وتقول الحقيقة:

رجع إلى أصله (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) كما رجع الروح أيضا إلى أصله حتى البعث والنشور ، ويكون من الروح تجل للجسم بطريق العشق ، فتلتئم أجزاؤه وتتركب أعضاؤه بحياة لطيفة جدا ، تحرك الأعضاء للتأليف ، اكتسبته من التفات الروح ، فإذا استوت البنية وقامت النشأة الترابية ، تجلى له الروح بالرقيقة الإسرافيلية في الصور المحيط ، فتسري الحياة في أعضائه ، فيقوم شخصا سويا كما كان أول مرة «ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ» .


المراجع:

(68) الفتوحات ج 3 / 108 ، 135 - ج 2 / 41 - ج 3 / 22 - ج 2 / 587 - ج 3 / 190 ، 22 - ج 4 / 160 - ج 1 / 316- ج 2 / 627 - ج 1 / 55

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!