موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة غافر (40)

 

 


الآيات: 4-7 من سورة غافر

ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (5) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (6) الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (7)


[ استغفار الملائكة للمؤمنين : ] «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا» هؤلاء الملائكة من ملائكة التسخير ، أثنى اللّه عليهم بأنهم يسبحون بحمد ربهم استفتاحا إيثارا لجناب اللّه ، ثم بعد ذلك يستغفرون ، وهو الذي يليق بهم تقديم جناب اللّه ، فسخرهم اللّه لنصرة المؤمنين إذا أذنبوا وتوجهت عليهم أسماء الانتقام الإلهية ، وتوجهت في مقامات تلك الأسماء أسماء الغفران والعفو والتجاوز عن السيئات ، فتقول الملائكة – كما أخبرنا اللّه بقوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ)

أيضا تصلي عليكم بما شرع لها من ذلك - مستغفرة في حق المؤمن العاصي غير التائب «رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً» اتكالا على علم اللّه فيما قصدوه من ذلك الكلام ، أدبا مع اللّه سبحانه ، حيث أنه استحق جناب اللّه أن يغار من أجله ، ويدعى على من عصاه ولم يقم بأمره وما ينبغي لجلاله ، فإن الملائكة أهل أدب مع اللّه فقالو:" رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً " بقولك (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)

وهؤلاء العصاة من الداخلين في عموم لفظة

[ كل ] فقام هذا الصنف من الملائكة في مقام الأدب ، الذي حكم عليهم بهذا القول إيثارا للجناب الإلهي على الخلق ، ولهذا قدموا وأخروا فيما أخبر اللّه عنهم في قوله «رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً» وأخروا أيضا قولهم «وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ» وفيه روائح طلب المغفرة للمسيئين ، لأن اللّه ما علق المغفرة إلا بالذنب ، حيث علّقها ، وقدمت الملائكة الرحمة على العلم لأنه تعالى أحب أن يعرف

وقال (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وأما قولهم [ علما ]

فمن قوله تعالى (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) وهذا تعريض تنبيه على أن الحق بهذه المثابة ، كما أخبر عن نفسه ، وقدمت ذكر الرحمة على العلم في دعائها لموضع حاجة العباد إليها ، وأدبا مع اللّه ، فإن اللّه قدمها في العطاء على العلم ،

فقال لما ذكر عبده خضر : (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) قدمت


الملائكة الرحمة ، وسكتت عن ذكر العصاة في دعائها ، فإن اللّه وسع كل شيء رحمة وعلما ، وهو القائل (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) ولم يجر للغضب ذكر في هذه السعة الإلهية والرحمانية ، فلا بد من مآل العالم إلى الرحمة ، لأنه لا بد للعالم من الرجوع إلى اللّه ، فإنه القائل (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) فإذا انتهت رجعته إليه عاد الأمر إلى البدء والمبدأ والمبدي ، والمبدأ رحمة وسعت كل شيء ، والمبدئ وسع كل شيء رحمة وعلما ،

فعرف الأمر في عوده في الرحمة ، فيأمن من تسرمد العذاب على خلق اللّه ، فمن علم سعة اللّه علم سعة رحمته فلم يدخلها تحت الحجر ولا قصرها على موجود دون موجود ، فمنتهى علمه سبحانه منتهى رحمته فيمن يقبل الرحمة ، وكل ما سوى اللّه قابل لها بلا شك ،

ولولا سبق الرحمة الشاملة العامة الامتنانية لتسرمد العذاب على من ينفي رحمة اللّه من هذه السعة التي ذكر اللّه فيها ، ولكن سبق الرحمة جعله أن يبدو له من اللّه من الرحمة به مع هذا الاعتقاد ما لم يكن يحتسبه ، فما آخذه اللّه بجهله ، لأنه صاحب شبهة في فهمه ، فعين بصيرته مطموس ، وعقله في قيد جهله محبوس ،

ثم دعت الملائكة لمن تاب من المؤمنين بقولهم : «ربنافَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ» فصرحوا بذكرهم لما كان هؤلاء قد قاموا في مقام القرب الإلهي بالتوبة ، وقرعوا بابها في رجعتهم إلى اللّه ، والملائكة حجبة الحق ، فطلبوا من اللّه المغفرة لهم لما اتصفوا بالتوبة ، فقدموا الدعاء بالمغفرة للذين تابوا واتبعوا سبيل اللّه ،

واللّه يقول : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) وأي إحسان أعظم ممن تاب واتبع سبيله .

ثم إن الملائكة لما عرفت أن بين الجنة والنار منزلة متوسطة وهي الأعراف ، فمن كان في هذه المنزلة ما هو في النار ولا في الجنة ، وعلمت من لطف اللّه بعباده أنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ،

فقالت : «وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ» فالملائكة أهل علم وأدب ، فإنهم علموا أصل الأدب الإلهي الذي طلبه الحق من عباده ، فوقفوا على مقصود الحق من خلقه الخلق ، وهو إنما خلق الخلق له تعالى ، وإنه أعطى كل شيء خلقه ، فما أعطاه إلا ما يصلح أن يكون له تعالى ، ولو لم يكن الأمر كما وقع لتعطل من الحضرة الإلهية أسماء كثيرة لا يظهر لها حكم ،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ لو لم تذنبوا لجاء اللّه بقوم يذنبون ، فيستغفرون فيغفر اللّه لهم ] فنبه أن كل أمر يقع في العالم إنما هو لإظهار حكم اسم إلهي ، ثم قالت الملائكة .


المراجع:

(7) الفتوحات ج 2 / 250 - ج 1 / 540 - ج 2 / 250 - ج 3 / 166 - ج 4 / 256 - ج 3 / 166 - ج 1 / 504 - ج 2 / 250 - ج 3 / 120 - ج 4 / 200 - ج 3 / 127 ، 120 - ج 2 / 250 - ج 3 / 166 - ج 2 / 250 ، 96

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!